ما الذي يحدث لنا في الامتحانات….؟
مع قدوم أيار,وآخر أيام الربيع ,يبدأ العد التنازلي للامتحانات,وندخل مرحلة الفحوص العملية,كما التحضير للنظري,يبدأ أيضا ً...وتبدأ مغامراتنا نحن الطلاب بالتزامن مع ذلك,وترى كل امرؤ يقوم بإخراج مواهبه على كافة الصعد, الرياضية منها و الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية و الفنية و العاطفية...
فالذي لا يفقه بالرياضة شيئا ً,تراه قد بدء متابعة مباريات كرة القدم,اللعبة الأكثر شعبية في العالم,وتجده يختار فريقا ًيخسر دوما ً,ليجعله شماعة ً يعلق عليها فشله وكآبته ومزاجه المعكر,فعندما يخسر الريال من البارسا ,يعلن الحداد رسميا ً وعندما كاد برشلونة يخرج من أبطال أوروبا بالخسارة أمام تشلسي,كاد قلبه يتوقف عن الخفقان,وهكذا في كل عرس له قرص (أخونا)...وهو الذي كان يشجع الحكم من قبل,ولكنك تراه اليوم محللاً رياضيا ً,وقد يجرؤ ويحلل ركلات الجزاء الخمس المستحقة لتشلسي على برشلونة,وينزعج لحال الكرة السورية أيضا ً...
وأخونا مو بس بيفهم بالرياضة,كمان بالاقتصاد مو بطال حالو...فهو الذي لا يعرف الدولار من اليورو ,ولكنك تراه يحلّل الأزمة الاقتصادية العالمية وافلاس كبرى شركات السيارات,و البنوك و المصارف العالمية,ويفسر ارتفاع أسعار الخضروات و العدس و الرز و البيض و اللحم,ويربطه بارتفاع سعر برميل النفط , ويشرح تأثير غلاء الأسعار على المعيشة في المجتمع المعدوم الدخل,ويوضح دورة الرأسمالية,وكيف و صلت للذروة ولابد من الانحدار أن يبدأ,فطقت برأس الفقراء إلي متلنا,ويبين لك صحة نظرية ماركس الذي وصف لنا هذه الحالة قبل الأوان ولكننا لم نرد عليه....وستجده يربط لك ذلك بالسياسة,وكيف بدأت القوى اليسارية بالصعود مرة أخرى إلى سدّة الحكم في أمريكا اللاتينية,وكيف كُسرت شوكة أمريكا في العالم,وكيف واجهت القاعدة,ويتحدث لك عن معتقل غوانتانامو وخليج الخنازير....وفجأة على سيرة الخنازير يقلب الموجة إلى الطبية,عن انفلونزا الخنازير,وأعراضها,وطرق الوقاية منها,ونصائح أخوية بالابتعاد عن التجمعات الشبابية,كحضور مباريات الدوري الإسباني في السينما,أو حضور فيلم عمر وسلمى في السينما الطلابية...وحتى إذا شئت لا تحضر المحاضرات النظرية الغير المهمة.. المهم صحتك بالدنيا...وعلى غفلة من الزمن تراه يتكلم عن الأجواء الفنية باعتباره جاب سيرة السينما...ويبدأ بعد أسماء ممثلين و ممثلات,فنانين و فنانات,أغاني جميلة و أخرى هابطات,المهم ملئ الفراغ بالكلمات,ويحكي لك حكاية السلم الموسيقي و العرابيات....هو الذي لا يعرف القرار من الجواب في الغناء....كما تراه يمر مرور الكرام على الرحلات و الحفلات التي شارك فيها خلال هذا العام,وكيف يلاحظ (أخونا) النفور بين الشباب و الشابات...ويشرح الأزمة بين الطرفين,وشد كل طرف اللحاف إلى جنبه,ورميه الكرة في ملعب الآخر... وهو بدوره يرمي الكرة في ملعب الطرف الثالث,الذي لا محل له من الإعراب ,في كل الموضوع....ويدخل في تفاصيل حبّه ومعاناته مع الحبيبة,و يعدّ على أصابعه العلاقات العاطفية التي مرّ بها مذ أن كان في مستجداً في الجامعة و حتى يومه هذا و هو على باب الاستنفاذ ...ويستذكر حينها ذكريات الطفولة و الحارة والمدرسة الابتدائية الإعدادية و الثانوية ,والمقالب التي كان يدبرها للأساتذة و الآنسات ... وسيحدثك بكل تأكيد عن مشكلة السكن,والعدد الغير متوافق مع مساحة الغرفة,و عن معاناة الطبخ و الجلي و الشطف...وفي نهاية السهرة بعد عن أفرغ ما بجعبته من كلام سيقول لك... دي لو ...خلينا ندرس شوي ضيعنا وقت كتير....!
وستراه بعد ان عاد لغرفته تنفتح قريحته للكتابة,فلا يجد مساحة بيضاء على الورقة,إلا وكتب عليها شعرا ً أو خاطرة أو أشياء لا تخطر ببال أحد......
كل هذا و أكثر,فقط في سبيل الهرب من واقع الدراسة...والسؤال هو :لماذا..؟؟؟؟؟