مجد ..من غرفة العمليات إلى العالم الآخر بواسطة '' خطأ طبي ''
طبيب التخدير للأهل " لم نخطئ .. إنه أمر الله "
توفي الشاب مجد مصري ( 14 ) عاماً في غرفة العمليات بمشفى الأطفال التخصصي ( الخاص ) بمدينة حلب , أثناء إجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية , امتدت لثلث ساعة تقريباً , ليسلم بعدها مجد إلى أهله على نقالة في الممر , وقد فارق الحياة .
سيريانيوز في بيت مجد ..
أكثر من عشرين شخصاً , كانوا بانتظارنا في بيت مجد حيث عاش طفولته ولم يمهله الموت ليعيش فيه شبابه وصباه , الحزن كان سيد الموقف , ولكن كان هنالك إلى جانب الحزن شعور بالنقمة على ما جرى , والطريقة التي " قتل " فيها مجد على حد قول جميع من كان حاضراً .
أبو مجد يروي لنا بشكل متقطع ما بين الدمع والكلام , ما جرى " لقد شعر محمد بألم شديد في بطنه عصر يوم الجمعة , مما دفعنا لإجراء التحاليل اللازمة له , ثم اسعافه إلى مشفى الأطفال التخصصي , حيث قرر الطبيب إجراء عملية الزائدة لمجد , حتى دون أن يطلع على التحاليل الجاهزة لدينا , وبفحص لم يستمر سوى لبرهة قصيرة " .
يسكت أبو مجد ليكمل الدكتور عبدالله تلجبيني ( أحد أقارب مجد )" إن مجد مات مقتولاً , في غرفة العمليات تفتقر إلى أبسط مقومات التعقيم , لا جهاز مونيتور , لا لباس عمليات , إنها يمكن أن تسمى أي شيء إلا غرفة عمليات جراحية " .
اتهامات بالجملة ..وكلام عن وجود " قطة" في غرفة العمليات
تحدث أقارب مجد وأصدقاء والده عن الكثير من الإهمال والتقصير في المشفى , حيث قال عمه " إن الطبيب الجراح لم يكن يرتدي زي العمليات " , وكيف أن " الحوّاسة كانت تساعد الطبيب في غرفة العمليات " , الأمر الذي لم ينكره الطبيب في لقائه مع الأهل ( في حديث مسجل حصلنا على نسخة منه ) حيث قال " صحيح أن ان الحواسة كانت تساعدنا , إلا أنه كان هنالك ممرضة أيضاً " .
وأضاف الدكتور عبدالله " لقد اتصلت بمدير المشفى بعد دفن مجد , وأخبرني بالحرف الواحد أنه هنالك جريمة قتل قد وقعت وهي ناجمة عن خطأ طبي من الطبيب المخدر " .
وكشف تلجبيني عن أن غرفة العمليات لم تكن تحتوي على مونيتور , وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال إنه قد رأى " قطة سوداء " في غرفة العمليات, وأيده بذلك كل من كان حاضراً .
وأكمل حديثه بالقول " إن مجد أدخل إلى غرفة العمليات بملابسه نفسها , حيث قاموا بفتح زر واحد في بنطاله فقط , ورفع القميص الذي كان يرتديه إلى أعلى , وهي نفس الحالة التي سلمونا فيها جسده الصغير بعد موته " .
وأورد الأهل الكثير من الكلام عن تجاوزات أخرى , منها أن الأهل لم يقوموا بالتوقيع بالموافقة على إجراء العمل الجراحي كما جرت العادة , وأنهم لم يعلموا سبب الوفاة حتى , وماذا جرى خلال العشرين دقيقة في غرفة العمليات , سوى أن الطبيب أخبرهم " إن العملية كانت ناجحة مئة بالمئة , إلا أن مجد مات قضاء وقدراً " .
وقال أبو مجد إن أكثر ما حزّ في نفسه , هو جواب طبيب التخدير له حين أصر على معرفة أين وقع الخطأ وهو أن الخطأ ليس خطأهم ولكنه " أمر الله " .
وصول إلى كل شيء في المشفى .. إلا المدير
وفي المشفى , وبدون أي صعوبة , نزلنا إلى غرفة العمليات في الطابق السفلي , وتجولنا فيها دون أن يسألنا أي شخص ماذا تفعلون أو كيف وصلتم إلى هنا ( ولم نتمكن من التصوير بسبب ظروف الإضاءة ) .
بل وأكثر من ذلك , رأينا القطة السوداء التي وصفها الأهل ,ولكنها لم تكن انذاك في غرفة العمليات , وإنما كانت تنام في الطابق العلوي ( في بهو الاستقبال) , وفي محاولة للقاء مدير المشفى الدكتور وجيه جمعة , للاستفسار عن جملة الاتهامات التي وجهها اهل مجد للمشفى وعن الشريط المسجل الذي يتضمن نوعاً من " الإدانة " في قضية مجد , تعامل معنا المدير بإستراتيجية " اهلا وسهلا بس هلق أنا مشغول ..بتصل فيكن بس أفضى " و في محاولة أخرى " أنا بالسيارة ..بس وصلت رح اتصل فيكن " .
ورغم أني أعتبر نفسي من أكثر الصحافيين في سيريانيوز " نقّاً " وإصراراً على أخذ تصريح , إلا أن إصرار الدكتور جمعة على عدم الاستجابة , كان أقوى , وبالنتيجة لم يعد يرد على أي مكالمة ترد إلى جهازه الخليوي , حتى لحظة كتابة التحقيق.
طبيب الجراحة .. الموضوع قضاء وقدر
وفي اتصال لسيريانيوز مع الدكتور محمد بطيخ أخصائي الجراحة العامة والذي اجرى العمل الجراحي لمجد , نفى أن تكون الوفاة ناجمة عن خطأ طبي , فعملية الزائدة الدودية هي عملية بسيطة , وهي " ليست عملاً جراحياً معقداً " على حد قول بطيخ .
وأضاف بطيخ " إن العمل الجراحي كان ناجحاً مئة بالمئة " .
ورفض أيضاً الكلام عن أي إهمال أو خطأ في عملية التخدير, وأن الوفاة كانت " قضاء وقدراً , نحن لا نستطيع التحكم بالقضاء والقدر " وكلام الدكتور بطيخ هذا " يتناقض " مع ما ذكره في وقت سابق حول موضوع التخدير ( وذلك في الشريط المسجل ) .
طبيب التخدير .. إنه أمر الله
وقال الدكتور ناظم بيازيد أخصائي التخدير المسؤول عن تخدير مجد " إن جرعة التخدير صحيحة مئة بالمئة " .
وأضاف بيازيد أنه أمضى أكثر من ثلاثين عاماً من عمره " بالصنعة " دون أي خطأ تخديري يذكر . وأنه ليس هنالك " سبب علمي " للوفاة , وأن ما حدث هو " أمر الله " .
وأن الوفاة كانت بسبب " جلطة على القلب " .
وأشار إلى أن مجد استيقظ بعد العمل الجراحي قائلاً " فتح مجد عينيه وحرك يديه وتشاهد ثم مات " .
ولم نتمكن بسبب عدم تعاون إدارة المشفى , من الحصول على تقرير الوفاة لنتبين " سبب الوفاة الذي كتب على التقرير " .
بينما قد ننتظر تحقيقاً قد يفتح لمعرفة السبب الحقيقي لوفاة هذا الشاب .
خبير قانوني " الموضوع سيمر دون محاسبة "
وعن وجهة نظر القانون حول مثل هذه الحادثة , قال المحامي علاء السيد " عادة تشكل لجنة طبية من ثلاثة أطباء بينهم طبيب شرعي لتحديد مسؤولية الجراح أو المخدر أو مسؤولية المشفى عن الوفاة وتحديد فيما إذا كانت الوفاة ناجمة عن إهمال أو تقصير" .
وتنص المادة 550 من قانون العقوبات السوري على " من سبب موت أحد من إهمال أو قلة احتراز , عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات " .
وقلل خبير قانوني فضل عدم ذكر اسمه من إمكانية محاسبة المقصرين والمهملين , وأشار إلى أن " الموضوع سيمر دون محاسبة " .
ووضح الخبير " بأن مثل هذه الجرائم , عادة ما يشملها العفو العام حتى لو ثبت الجرم ويكتفى بالتعويض المادي , وبما أن العفو يصدر كل سنة أو سنتين , فهو يشمل كل هذه القضايا , والتي تمتد مدة محاكماتها عادة إلى سنوات "
أمنية لوالد مجد ..
أحمد مصري مهندس ديكور , يشترط في كل ديكور يصممه وينفذه , أن يكون العلم السوري جزءاً من هذا التصميم , بكى , ثم قال إن " مجد قد رحل .. ولكني أتمنى أن يكون مجد اخر الراحلين .. وأن يتوقف الجزارون عن قتل أبنائنا في المشافي , فالإهمال والاستهتار وصل إلى أعلى درجاته , وصل إلى النفس البشرية " .
وتمنى المصري أن يتم تحديث القوانين الخاصة بمعاقبة المسؤولين عن مثل هذه الحادثة , ليتوقف ما أسماه بـ " مسلسل القتل في المشافي الخاصة " .
عبد الله عبد الوهاب _ سيريانيوز
Re: مجد ..من غرفة العمليات إلى العالم الآخر بواسطة '' خطأ طبي ''
هناك شعب تعداده يقارب العشرين مليون مواطن سوري في غرفة العناية المشددة و الكادر الطبي يشابه
جداً الكادر الموجود في تلك المشفى و قتل هذا الطفل يماثل تماماً قتل هذا الشعب
و اغضب يا وطن عالوطن
ارسل تعليق