الانطواء ( Introversion ) :

الانطواء رغبة تتكون في ضمير انسان ما تجعله يميل لترك زملائه وأصدقائه والعاملين معه وللبعد عنهم والانفراد بنفسه

فيخف نشاطه الاجتماعي والانفعالي والأدبي ويصبح متشبثا بعبارات وأمثلة معينة تتمحور حول فائدة الانطواء والبعد عن أضرار الناس

وقد لوحظ أن هذا السلوك ينتشر لدى كبار السن ولدى الشباب أيضا في المجتمعات المكبوتة المقهورة اجتماعيا وماديا وسياسيا , حيث

تنتشر المخاوف والهواجس من الرقيب العتيد الذي يحاسب على كل هفوة , ويلقي بالسجن والتعذيب بكل من يتحدث , وينقد السياسة والاقتصاد

وحيث تكسر الاتهامات بالخيانة والعمالة , وتكثر الأحكام الجائرة والاغتيالات والمؤامرات . ويزداد الخوف والشك من الغريب والقريب والصديق

والعدو . وينتج عن ذلك محاولة جادة للمرء للسيطرة على دوافعه ورغباته ووزن كلماته قبل النطق بها , كما تتأكد الرغبة في الانزواء والانطواء

على النفس وتتكامل المخاوف حتى تصبح مرضية وواضحة , ويساعد على زيادتها الدعاية لتنفيذ بعض الأمثلة الشعبية مثل : ( ما دخلنا . ولا تتدخل فيما

لا يعنيك . وخربت وعمرت بسيطة .. )

أما عند الأطفال فان أسبابا شبيهة بما سبق تكون موجهة من الوالدين ومن المحيط تجاه الطفل بالاضافة لما يسمعه من قصص وأحاديث مرتبطة بأسباب

الانطواء عند الكبار . كل ذلك يؤدي الى الانطواء عند الطفل : فشدة الوالدين في معاملة الطفل ورغبتهما في وقايته من السقوط والمرض والعدوى , وبأن

يكون مهذبا مؤدبا , كما وأن التشديد عليه في كل مناسبة والافراط في توجيهه وارشاده وتعليمه الخير ...كل تلك الأساليب تؤدي به الى الانزواء والبعد والاختباء

في أحد الأماكن , وقد يرغب بتقليص الصلة بينه وبين والديه ورفاقه . ويزداد الكبت عنده على نشاطات اللعب والحركة والأعمال الصبيانية , ولكن الأمور

المكبوتة تؤدي الى صراع ونزاع نفسي , يسبب عند الطفل مشاكل أخرى على رأسها اصابته بالمخاوف والمخاوف الليلية والكذب والعدوان , وتمنعه من اكتساب

خبرات جديدة صحيحة في المجالات المكبوتة الى تعويضات خاطئة تكون نتائجها أسوأ على مستقبله من الانطواء ... فكبت الغضب والغيرة بالتوجيه السيء قد يؤدي

في المستقبل الى ظهور السايكوباتية أو الجنوح والاجرام ,

وان التوجيهات الدينية المفرطة والمملة والتخويف من العذاب والجحيم وانتقام الرب , ومن الاصابة بكسور أو عاهات أو أمراض مستقبلا , اذا ثابر الطفل على

اللعب والنشاط , كل ذلك يتجه بالطفل نحو الاقلال من فعاليته ونشاطه .

المعالجة :

يمكن للتوجيه السليم والثقافة المتزنة لدى الوالدين . واتاحة المجال للطفل للتعبير عن أوهامه ومخاوفه واحباطاته في جو عائلي دافء مليء بالحب ومقدر لظرف

الطفل وطبيعته لاصلاح الحالة , وتوجيه الطفل الوجهة الصالحة . ويحب تشجيع الطفل المنزوي وتهيئة الأجواء الصحيحة لاقامة علاقات بينه وبين الاخرين والتحدث

معه وطلب الجواب منه ومداعبته والتسامح معه اذا كان سبب انزوائه الاحساس بأنه مزعج وغير مرغوب به . وعدم توجيه اللوم والتوبيخ والعقاب الشديد له بسبب

انزوائه وانطوائه وتقصيره , بل معالجته بالتشجيع والجوائز والحوافز والقصص التي تبعده عن حالة الانطواء هذه .