لقد وجهنا خير المرسلين الرسول الكريم محمد (ص) الى قيمة الوقت وأهميته وحضنا على اكتساب العمل الطيب النافع قبل فوات الاوان

وقبل أن يندم الانسان حيث لا ينفعه الندم واذا كانت الطبيعة لم تهبنا حياة طويلة وأعمارا مديدة كأعمار الأمم الماضية فالواجب علينا أن

نغتنم العمل الصالح في هذه المدة القليلة وألا نضيعها عبثا ونفرط فيها .

هذا يقضي عمره في جمع المال وادخاره وهذا يصرف أوقاته في التلهي بالملاذ والشهوات في غفلة مسترسلة وهذا لم يرزق القناعة بما عنده

وهذا يخاطر بنفسه ويلقي بها في المهالك لربح يربحه أو غنيمة يحصل عليها وهذا يسلم نفسه الى الكسل والاسترخاء والخمول فيذهب عمره سدى

وكأنه لم يعش في هذه الحياة وتجد اخرون من الناس ليس لهم مقصد معين ولا مسلك مألوف ولا غرض مقصود ولا هدف واضح فهم يسيرون مع

كل ريح ويندفعون مع كل تيار وينتقلون من عمل الى عمل بدون اتمامه ولا اجتناء فائدة منه فتراهم حيارى بأنفسهم يقضون الحياة بين التردد والتذبذب

وفتور الهمم وانحلال العزائم . الى كل هذا يشير الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه في كلماته الجزلة الجامعة بادروا أي سارعوا واحرصوا على

وقتكم وقدروه قدره ولا تدعوه يذهب بغير عمل صالح يعود عليكم بالنفع المشروع في دنياكم وتكسبون به رضاء ربكم في اخرتكم .

ومن أروع الصور التي عرض فيها رسول الله (ص) الى قيمة الوقت قوله : ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره

فيم أفناه , وعن شبابه فيم أبلاه , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه , وعن علمه ماذا عمل فيه ؟.)

اذن ليس في الوجود أغلى من الوقت واذا كانت الحكمة تقول : ( الوقت من ذهب ) فان هذا صحيح من حيث القيم المادية للذين لا يقيسون الوجود الا بها

أما اذا نظرنا الى أبعد من ذلك وجدنا أن الوقت هو الحياة ذاتها وهل حياتك أيها الانسان في هذا الوجود شيء غير الوقت الذي يمضي بين الوفاة والميلاد ؟

وقد يذهب الذهب وينفد ولكنك تستطيع الحصول عليه مرة اخرى ولكن الوقت الذاهب والزمن الفائت لا تستطيع له اعادة أو ارجاعا فالوقت اذن أغلى من

الماس واغلى من كل جوهر وعرض لانه هو الحياة .