مسعود البارزاني

4 ردود [اخر رد]
صورة  ramiosman's
User offline. Last seen 12 سنة 9 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 06/11/2008

المقدمة
     جاءت فكرة كتابة هذه الدراسة من شعوري وإحساسي بأهمية دراسة التاريخ النضالي للشعب الكوردي وإلقاء الضوء على الدور الوطني للبارزانيين اللذين ساهموا في صناعة وصياغة العديد من منعطفاته.
     وإنني في الوقت الذي أضع هذه الدراسة بين أيدي القراء الأعزاء والمهتمين بقضية الشعب الكوردي، فأنني أقر بأنني لست كاتبا أو باحثا متخصصا ولا مؤرخا، ولكنني حاولت أن أدون الأحداث موضوعيا ومنصفا وعملت جاهدا التجرد من أية انحيازات في مواجهة هذا المشروع.
     و لا بد لي أن أؤكد بأن البارزاني الخالد رغم حياته المليئة بالبطولات والتضحيات والصعاب في سبيل تقدم وتحرر الشعب الكوردي، هذه الحياة التي تعد وانعكاساتها جزءاً هاماً من التاريخ السياسي للشعب الكوردي إلا أنه لم يكن يحبذ فكرة تدوين ونشر مذكراته والأحداث التي واجهها في حياته.
     وفي بحثنا نود أن نلقي بعض الأضواء على انتفاضة بارزان الأولى بشيء من التفصيل، وننقل الحقائق والمعلومات التي سمعناها من الذين اشتركوا في تلك الأحداث.
     ولان هذه الانتفاضة كانت امتداداً لكفاح الشعب الكوردي وظلت صفحاتها مطوية وتفاصيلها مجهولة للعديد من أبناء شعبنا وللعالم، وما كتب عنها كان من قبل ضباط عراقيين اشتركوا في تلك العمليات أو موظفين بريطانيين كانوا يعملون في العراق وللحقيقة نقـول أن ما كتب عن هذه الانتفاضة لم يكتب بإنصاف وموضوعية.
     ومن الخطأ أن نتوقع من الضباط الذين خدموا تحت قيادة الضباط البريطانيين وتربوا على أيديهم أن يكتبوا الحقيقة وكذلك البريطانيين فكلهم كتبوا عنها وفـق وجهات النظر الرسمية والمصالح المرتبطة بها ولا تتفق مع مجريات الأوضاع وعدالة الانتفاضة القومية.
     ومن موقعي في الحركة القومية التحررية الكوردية المعاصرة أرى لزاما علي وواجبا مقدسا أن أحاول توضيح الجوانب المخفية والغامضة من هذه الانتفاضة التي مهدت لانتفاضات وثورات بارزان اللاحقة.
     وفي اعتقادي لا يمكن لأي مناضل أن يساهم في نضال شعبه ما لم يدرس بتمعن تاريخه، لأن حاضر أي شعب هو وليد ماضيه، ومستقبل كل شعب هو وليد حاضره.
مسعود البارزاني
 
 
 
الفصل الأول
الحركة القومية الكوردية
خلال وبعد الحرب العالمية الاولى
     لا أظن أن شعبـا ذاق ما ذاقه الشعب الكوردي ولا يزال من مرارة الظلم والاضطهاد. ومع كل ذلك لم يأخذ الأكراد العبر والتجارب من دروس الماضي، وظـلت القضية الكوردية طـوال حـقب التـاريخ أسيرة صراع القوى المتنازعة على منطقة الشرق الأوسط وعملت هذه القوى لا سيما الاستعمارية منـها، على تقديم مصالحها على عدالة القضية الكوردية وعقد الصفقات والمساومات على حسـاب آمال ومعاناة الشعب الكوردي وتضحياته الجسـام.
     انتهاء الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية نهضت شعوب المنطقة مطـالبة بالحرية والاسـتقلال، وكان طـبيعيأ أن يطالب الشعب الكوردي بحقوقه غير منقوصة شـأنه في ذلك شـأن شعوب المنطـقة الأخرى.
  وبعد
     جـاءت معاهدة سيفر عام 1920 مشجعة لآمال الأكراد وجاء في المادة 64 من المعاهدة ما يلي:
     "وفـي مدة سنة من هذه المعاهدة إذا طـلب الأكراد في المناطق المذكورة في المادة 62 من مجلس العصبة الاستقلال وأثبتوا أن أكثرية الأكراد تريد ذلك، ووافق مجلس العصبة على أهلية الأكراد للاستـقلال، وأوصى بذلك فإن تركيـا تتعهد منذ الآن بتنفيذ هذه التوصيات ولا تتمسك بأي حق في هذه الأقاليم. ويتـفق على تفاصيل هذا التنازل ما بين تركيا وقوى الحلفاء الأساسية. وإذا وقع هذا التنازل، لا تعترض قوى الحلفاء على دخول سكان كوردستان من الأكراد التابعين حتى الآن لولاية الموصل، في هذه الدولة الكوردية".
     كانت منطقة كوردستان العراق برمتها تقع ضمن حدود ولاية الموصل. وكانت قد اكتشفت كميات هائلة من النفط في حقول باباكركر بكركوك، مما زاد من قيمة هذه المنطقة وعمق الصراع عليها بين بريطانيا وتركيا أكثر. وتدفق النفط لأول مرة في باباكركر بكركوك في 15 /10 /1927.
     وعندما تصلب موقف الأتراك وأصروا على مطالبتهم بولاية الموصل واعتبارها جزء من الأراضي التركية، قررت بريطانيا اللجوء إلى استخدام القضية الكوردية كعامل ضغط ناجح على تركيا. ويبدو أن الاستعمار البريطاني لم يكن صادقأ أبدا في وعوده مع الشيخ محمود الحفيد بمنح كوردستان الاستقلال. وحتى عنـدما كان يقوم بخطوات عملية لاستقلال كوردستان لم يكن موقفه واضحأ فيما إذا كان يعتبر كركوك وحقولها الغنية بالنفط ضمن أراضي كوردستان أم لا؟
     وفي معاهدة لوزان عام 1923، تنكر الحلفاء لمعاهدة سيفر، وتصلب موقف الدولة الكمالية حيال الأكراد أكثر من السابق، وفي هذه المعاهدة المشـؤومة قضي على كل أمل للأكراد بنيل حقوقهم كما وعدوهم.
     نصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من معاهدة لوزان على إحالة الخلاف حول الحدود العراقية التركية وعائدية ولاية الموصل إلى عصبة الأمم إذا عجزت الحكومتان التركية والبريطانية عن إيجاد حل ودي بينهما خلال تسعة شهور من تاريخ إبرام تلك المعاهدة.
     وكانت ولاية الموصل داخلة في منطقة النفوذ الفرنسي حسب الاتفاقيات السرية التي كانت قد عقدت بين الاستعمارين البريطاني والفرنسي. ولكن فرنسا قد تنازلت عن الموصل لحليفتها بريطانيا منذ سنة 1919، وتم هذا التنازل بشكله النهائي في مؤتمر ((سان ريمو)) سنة 1920، أما الحكومة التركية ظـلت تطالب بولاية الموصل.
     وبعد أن عجزت بريطانيا وتركيا عن إيجاد حل للمشكلة، تولت عصبة الأمم المهمة فقررت في 30 /9 /1924، تعيين لجنة دولية مؤلفة من (الكونت تيليكي رئيس وزراء هنغاري سابق والكولونيل بوليس من بلجيكا وفيرسن وزير مفوض سويدي) يساعدهم عدد من الخبراء. وذلك لدرس مشكلة الموصل درسا تاما من جميع وجوهها وتقديم التوصيات إلى عصبة الأمم حتى تستطيع إصدار قرارها على ضوئها.
     ووصلت اللجنة إلى بغداد في 16 /12 /1924 وفي اليوم التالي ذهبت إلى الموصل وبعد شهرين من التجوال في المنطقة والاطلاع على آراء أبنائها، رفعت تقريرا إلى عصبة الأمم يؤكد صلاحية ((خط بروكسل )) وأوصت بضم المنطقة جنوب خط بروكسل كلية إلى العراق على أن يلاحظ الشرطان التاليان:
      1- أن يبقى العراق تحت الانتداب البريطاني لمدة خمسة وعشرين عاما.
      2- أن تراعى مصالح الأكراد في الشؤون الإدارية، وعلى أن يكون لغة التـقاضي والتعليم في مدارس اللغة الكوردية، التي يجب أن تعتبر اللغة الرسمية هناك. وإلا فقد يكون أكثر نفعا أن تبقى المنطقة تحت السيادة التركية.
     حظيت توصيات اللجنة بموافقة عصبة الأمم. إلا أن مصالح الأكراد كما أوصت اللجنة لم تراعى لا بل ضربت من قبل بريطانيا والحكومتين التركية والعراقية. وكرس تقسيم كوردستان على النحو الذي نراه اليوم.
     وبقيت تركيا غير معترفة بقرار عصبة الأمم وبخط بروكسل ولكن بالأخير خضع الأتراك للضغوط البريطانية على مضض في 5 /6 /1926، تم التوقيع على معاهدة ثلاثية بين العراق وبريطانيا وتركيا وبعد هذه المعاهدة اعترفت تركيا بخط بروكسل وبذلك كرس تقسيم كوردستان، وتم وضع الأسس للتعاون المشترك بين الأطراف الموقعة على المعاهدة في جميع المجالات، وبالأخص في مجال محاربة وضرب الحركة القومية التحررية الكوردية. وجاء حلف السنتو امتدادأ لهذه السياسات والتوجهات. ونلاحظ أن التعاون بينهم لا يزال قائمأ حتى يومنا هذا ضد أي نهوض للحركة القومية الكوردية.
     اذا يمكن القول بأن معاهدة لوزان وما أعقبتها من أحداث وتطورات وخاصة ما سميت بمشكلة ولاية الموصل، سارت كلها ضد مصالح الأكراد. وسويت الخلافات بين الغاصبين على حساب حقوق الشعب الكوردي المظلوم.
     وبحل مشكلة ولاية الموصل، استقرت سياسة الاستـعمار البريطـاني في الشرق الأوسط، وتحقق له ما أراد. ومنذ ذلك اليوم وقف وما يزال يقف حتى يومنا هذا إلى جانب مضطهدي الشعب الكوردي.
     إن الأكراد وباعتراف أدموندز المستشار السياسي لوزارة الداخلية العراقية ورده في كتابه (كورد وترك وعرب) أنقذوا كيان الحكومة العراقية لدى ذهاب لجنة عصبة الأمم إلى كوردستان لاستفتاء آراء المواطنين حول ولاية الموصل وعائديتها.
     فيقول:
     ((وكان الكورد على العموم مرتاحين جدأ للقيود التي وضعت على الجائزة وقد ختمت رسالة (للسير هنري دوبس) بعثت بها إليه في ذلك الحين، أصف له استعداد السليمانية الرائع لخوض المعركة وختمت رسالتي بالفقرة التالية:
     إن زيارة اللجنة أعطت زخما شديدأ للشعور الوطني الكوردي الذي جرف في طريقه عددأ كبيرأ من المستائين الذين كان أكثرنا تفاؤلا يتوقع وقوفهم إلى جانب تركيا، فإذا بهذا الشعور يدفعهم إلى المعسكر المعادي للترك. إن الاستجوابات الطويلة كادت كلها وعلى حد سواء تكون ذات اتجاه قومي غلاب لكنها لم تتخذ طابع الانفصال بصورة عامة... وان كورد السليمانية وجهوا مايمكن وصفه بالضربة القاصمة في المعركة الدائرة للمحافظة على كيان العراق. وانهم لعلى إدراك تام بما فعلوا أترى ستفتح العراق عينيها بهذه المناسبة، وتتبنى سياسة كريمة بعيدة النظر إزاء الكورد؟
     إن تقرير لجنة العصبة جاء مؤيدأ لأماني الكورد. وبعد أن أنقذوا العراق في لحظة من أخطر اللحظات التي مرت به باتخاذ قرار تصديق المعاهدة الانكلو - عراقية في تلك الليلة التاريخية ليلة 10/ حزيران/1924، عادوا لينقذوا البلاد من تجزئة قتالة بوقفتهم الخالدة في السليمانية اليوم.
     إن قادة الرأي العام الكوردي يحق لهم أن يختالوا على الملأ، ويفخروا بأنفسهم على دولة أبوا أن يكونوا لها مواطنين أذلة )).
     بطبيعة الحال لم يقبل الأكراد بالقرارات المجحفة بحقهم والتي أدت إلى هدر حقوقهم وتقسيم وطنهم، وهذا الموقف لم يتفق مع مصالح الاستعمار البريطاني ولا مع مصالح الدولتين التركية والعراقية. وقاموا بثورات متلاحقة متحدين إرادة الاستعمار والغاصبين ولكن ثوراتهم قمعت بقسوة. ففي تركيا نكل مصطفى كمال أتاتورك بالأكراد شر تنكيل في حين أنه نجح في تأسيس الجمهورية التركية وطرد اليونان من الأراضي التركية وانتزع اعتراف الحلفاء بجمهوريته بمساعدة الأكراد. لقد قطع مصطفى كمال وعودأ سخية للأكراد في بداية الأمر ولكنه تنصل منها بعد ثبات موقفه وتعزيز مركزه.
     وخير وصف لتلك الحالة والفترة السوداء هو ما دونه الزعيم الهندي الراحل (جواهر لال نهرو) في رسالة له إلى ابنته الراحلة (انديرا غاندي) فكتب يقول:
     "وقضى كمال باشا بعد ثورة عام 1925 على الأكراد بلا رحمة وأقام محاكم الاستقلال الخاصة لمحاكمتهم بالألوف واعدم الزعيمان الكورديان الشيخ سعيد والدكتور فؤاد وغيرهما، الذين ماتوا وأمنية استقلال كوردستان لا تفارقهم . . . وهكذا نرى الأتراك الذين حاربوا مؤخرأ للحصول على حريتهم، سحقوا الأكراد لمطالبتهم بحريتهم فما أغرب تحول القومية من دفاع عن الوطن، إلى هجوم لسلب حرية الغير. وفي عام 1929 ثار الأكراد ثانية، ولكن ثورتهم سحقت ولو إلى حين، إذ كيف يمكن أن تخمد إلى الأبد ثورة قوم يكافحون من أجل الحرية، وهم مستعدون لدفع الثمن ؟‍‍‍‍‍‍‌‌!".
     وأما في إيران كانت الحركة الكوردية في حالة غليان أيضا، ولكن هي الأخرى تعرضت للقمع والتنكيل على أيدي قوات رضا شاه بهلولي، وحدث هناك ما حدث في تركيا والعراق.
     وفي العراق ولأول مرة في التاريخ تشكلت دولة كوردية وعين الشيخ محمود الحفيد ملكا لكوردستان، ولكن سرعان ما انقلب عليه الإنكليز فأرسلوا الميجر (سون) حاكما سياسيا إلى السليمانية للحد من نفوذ الشيخ محمود والتآمر عليه. فثار الشيخ محمود واعتقل جميع الموظفين البريطانيين في 20 /5 /1919 وبعد شهرين وقع أسيرا بيد القوات البريطانية بعد إصابته بجروح في معركة دربندي بازيان ونفي على إثرها إلى الهند. وبعد تصلب موقف الأتراك والضغط الجماهيري المتصاعد اضطر الاستعمار البريطاني إعادة الشيخ محمود إلى السليمانية والاعلان عن تتويجه ملكا لكوردستان في 14 /9 /1922.
     استمرت ثورة الشيخ محمود بين مد وجزر حتى عام 1931، وكانت الأنظار متوجهة إليه باعتباره زعيم الحركة القومية الكوردية وكان بحق زعيما ورمزا خلده نضاله ومواقفه الوطنية في تاريخ الشعب الكوردي.
     غضب الإنكليز أيما غضب على كل من أظهر الولاء للشيخ محمود وأبدي استعداده للتضامن معه ودعمه، وكان الشيخ أحمد البارزاني أول من شخصه الإنكليز للقضاء عليه وعلى عشيرة بارزان بسبب مواقفه المشرفة ورفضه الخضوع لحكم الإنكليز.
     فتعرضت بارزان في 9 /12 /1931 إلى هجوم غادر من قبل حامية (بله )، وأدى هذا الاعتداء الغادر إلى انتفاضة بارزان
الفصل الثاني
موجز عن تاريخ عشيرة بارزان
     سميت عشيرة بارزان نسبة إلى قرية بارزان مركز المشيخة. وينتسب شيوخ بارزان إلى سلالة أمراء العمادية حيث نزح جدهم مسعود إلى قرية هفنكا القريبة من بارزان وأستقر هناك وتزوج من إحدى فتيات القرية فخلف إبناً وسماه سعيد وبقي هو الآخر هناك حتى أنتقل حفيده الشيخ تاج الدين وكان هذا الأخير عالماً دينياً موهوباً فألتف حوله عدد كبير من المريدين وأسس تكية بارزان وعاش فيها حتى وافته المنية فخلفه ابنه الشيخ عبدالرحمن وبعد وفاته خلفه آبه الشيخ عبدالله الذي كان قد اشتهر بالزهد والتقوى وأرسل ابنه الشيخ عبدالسلام إلى مدرسة (نهرية) لتلقي علومه الدينية على يد الشيخ الكبير (سيد طه النهري) وبعد وفاة والده أدار هو شؤون تكية بارزان وزاد عدد مريديه ازديادا كبيراً وأسس مدرسة دينية في بارزان ذاع صيتها في أنحاء المنطقة فكان يتوافد عليها الطلاب بأعداد غفيرة. وبقي على علاقة حميمة مع السيد طه النهري. وفي إحدى زياراته للتكايا قام حضرة مولانا خالد النقشبندي بزيارة تكية بارزان وجعل الشيخ عبدالسلام خليفته وأخذه معه إلى نهري لزيارة سيد طه الذي أصبح هو الآخر خليفة مولانا خالد.
     توفي الشيخ عبدالسلام في 1872، وألف كتاباً قيماً عن الفقه الإسلامي قبل وفاته بثلاثة أعوام. وبعده تسلم ابنه الشيخ محمد المشيخة واشتهر بزهده وتقواه حتى أصبح يضرب به المثل في ورعه. وكان قد درس على يد والده. وأصبحت تكية بارزان في عهده ملجأ للمظلومين من أبناء العشائر المجاورة لبارزان، وأدى ذلك إلى قيام رؤساء العشائر بتقديم شكاوى إلى السلطات العثمانية ضد الشيخ محمد. فنفته السلطات العثمانية إلى مدينة بدليس في كوردستان تركيا وسجن هناك لمدة سنة وبعد عودته إلى بارزان لم يعش طويلا حيث وافته المنية عام 1903 وخلف خمسة أولاد وهم (الشيخ عبدالسلام، الشيخ أحمد، محمد صديق، بابو، الملا مصطفى).
     الموقع الجغرافي لمنطقة بارزان ــــــــ
      تقع منطقة بارزان في أقصى الشمال من كوردستان العراق ضمن حدود محافظة أربيل الإدارية. مركزها قضاء ميركه سور، وينقسم القضاء إلى ثلاثة نواحي هي (ميركه سور _ بارزان _ شيروان).
     يحدها من الشرق قضاء رواندوز ومن الغرب قضاء العمادية ومن الجنوب قضاء عقرة ومن الشمال الحدود التركية.
     يشتغل أهل المنطقة بالزراعة وتربية المواشي والأغنام. وعدد قراها (400) وعدد سكانها (35000 _ 40000) نسمة حسب إحصائية ثورة أيلول في أواخر الستينات. وهي منطقة جبلية وعرة صعبة العبور يشقها من الغرب نهر الزاب الكبير ماراً بجنوب بارزان حتى يمر من (كه لي بيخمة) ويلتقي بنهر دجلة جنوب الموصل، ونهر روكوجك من الشمال مارا بوسط المنطقة ويلتقي بالزاب الكبير قرب ريزان. ومن جبالها المعروفة (جبل شيرين المطل على بارزان وبوتين وبيران وقلندر وبرادوست وزه رده نه وكورى هورى).
     بارزان في ظل زعامة الشيخ عبدالسلام ـــ
     أصبحت عشيرة بارزان مهيوبة الجانب في عهد الشيخ عبدالسلام الذي برز بسرعة كزعيم ديني ووطني في آن واحد ولاحظه الجميع زعيماً من طراز جديد، فقد أجرى إصلاحات اجتماعية هامة في منطقته، وحتى ذلك الحين لم يكن كل البارزانيين متفقين على الارتباط بمشيخة بارزان ولكن بعد ذلك هب الجميع يعلنون ولائهم وتأييدهم الكاملين للشيخ عبدالسلام وأصبحت العشائر التالية متفقة على زعامته وراضية بإجراءاته الإصلاحية: (شيروانى- دولومرى- مزورى- به روزى- نزارى- كه ردى- هركي بنه جى) ومنذ ذلك الوقت أصبحت تسمية بارزانى تشمل أبناء هذه العشائر.
     ومن المفيد أن نتطرق إلى تلك الإصلاحات التي تدل على سعة أفقه:
     1- إلغاء الملكية.
     2- توزيع الأراضي على الفلاحين.
     3- إلغاء المهر والزواج القسري.
     4- تنظيم العلاقات الاجتماعية على أساس من العدل والمساواة.
     5- تشييد مسجد في كل قرية لأداء الفرائض الدينية فيه والاستفادة منه كمركز للاجتماعات والمشاورات وحل المشاكل بين أهل القرية.
     6- تشكيل لجنة في كل قرية تشرف على شؤون القرية من كل النواحي.
     7- تنظيم المسلحين من كل عشيرة وتعيين مسؤولين لهم. وقام أحمد آغا البيرسيافي خال البارزانى بدور كبير في تدعيم وصيانة هذه الإصلاحات وكان يعتبر هو وعشيرته القوة الأساسية بيد الشيخ عبدالسلام.
     إذن يمكننا القول بأن التاريخ النضالي لبارزان يعود إلى بداية القرن الحالي وتحديداً إلى عهد الشهيد الشيخ عبدالسلام البارزاني، بالمعنى الواقعي والملموس.
     فبرغم قصر فترة زعامته لبارزان إلا انه أثبت كفاءة عالية في زعامته الدينية والدنيوية، فبالإضافة إلى إجراءاته الإصلاحية الثورية، أقام علاقات وثيقة مع معظم القبائل الكوردية، وحظي باحترام الجميع. ولم تنحصر علاقاته بالعشائر المجاورة لمنطقة بارزان فحسب، بل تعدتها إلى بقية أنحاء كوردستان.
     شعر الشيخ عبدالسلام بالاضطهاد الذي كان يعانيه الأكراد على يد الدولة العثمانية، فنشط في البحث عن وسيلة ناجحة للخلاص من ظلم السلطات العثمانية، وقام بجولات وزيارات متعددة لرؤساء وشيوخ القبائل.
     وكان له الدور الأساسي في نشر فكرة الإصلاح السياسي بين أبناء كوردستان، فكون صلات وثيقة مع الجمعيات الكوردية الفاعلة في ذلك الوقت (كجمعية تعالي وترقى الكورد وجمعية هيفي وجمعية استقلال الكورد). كذلك كوّن علاقات جيدة مع الشيخ محمود الحفيد والشيخ عبدالقادر النهري وسمايل آغا شكاك (سمكو).
     وفي ربيع عام 1907 حضر الشيخ عبدالسلام اجتماعا هاماً عقد في دار (الشيخ نور محمد البريفكانى) زعيم التكية القادرية في قرية بريفكان. وحضره عدد كبير من زعماء القبائل الكوردية. وتقرر في هذا الاجتماع رفع برقية إلى (الباب العالي) في الاستانة متضمنة المطالب التالية:
     1- جعل اللغة الكوردية لغة رسمية في المناطق الكوردية.
     2- جعل التعليم باللغة الكوردية.
     3- يعين القائممقامون ومدراء النواحي وبقية الموظفين ممن يحسنون اللغة الكوردية.
     4- تجرى الأحكام بمقتضى الشريعة الإسلامية طالما أن دين الدولة هو الإسلام.
     5- تبقى ضريبة (بدلات الخدمة المكلفة) كما هي على أن تخصص لإصلاح الطرق وفتح المدارس في المناطق الكوردية. ((ويقول الدملوجي في كتابه (إمارة بهدينان) بأن صورة من البرقية أرسلت لكل من الشيخ عبدالقادر الشيخ عبيدالله النهري وأمين عالي بدرخان والفريق شريف باشا. وكان ذلك خلافاً لرأي الموقعين على البرقية الذين أرادوا أن تكون رسمية بحتة، إلا أن الشيخ عبدالسلام هكذا أراد)).
     و في هذا الاجتماع أقسم الجميع اليمين المقدس على التمسك بهذه المطالب والدفاع عنها، ورفعت البرقية بتوقيع الشيخ عبدالسلام نيابة عن الحضور.
     وبعد تسلم الباب العالي للبرقية اعتبرها خروجاً عن طاعة الدولة، وطلباً للانفصال، فأعلن النفير العام وتحركت القوات العسكرية في نهاية عام 1907 بقيادة الفريق (محمد فاضل باشا الداغستاني) ولم يقاومه أحد من زعماء العشائر فوقع كل الضغط على بارزان. وأمر الشيخ عبدالسلام بالدفاع والمقاومة واستمر البارزانيون في مقاومتهم لمدة شهرين. ووقف الآخرون موقف المتفرج أو راح بعضهم يتعاون مع الغزاة.
     وفي النهاية اضطر الشيخ عبدالسلام إلى ترك المنطقة وذهب إلى (تيارى) عند (المار شمعون)، الذي وفر له الملجأ واحترمه كثيرأ ومنذ ذلك الحين تكونت علاقات ودية بين بارزان والآثوريين (ونحن البارزانييون نشعر بالامتنان دوماً لهذا الموقف المشرف للمار شمعون).
     ودخل الداغستاني بقواته إلى المنطقة وأحرق القرى ونهب الأموال واعتقل حتى النساء والأطفال، وفي هذه المواجهة وقع الملا مصطفى البارزاني وعمره ثلاثة سنوات مع والدته في أسر القوات العثمانية وسجن مع والدته في سجن الموصل. واختفى عدد كبير من الرجال المسلحين في مناطق بعيدة ونائية بانتظار تعليمات الشيخ.
     عاد الشيخ عبدالسلام إلى بارزان عام 1908 وجمع رجاله حوله وتجمعوا في (ولاتى زيرى) خلف جبل شرين شمال قرية بارزان. وشنوا هجوماً مباغتا وعنيفا على الوحدات التركية المرابطة في المنطقة وتمكنوا من تطهير المنطقة برمتها، وألحقوا بخسائر فادحة بالجيش العثماني. وعلى أثر هذا الانتصار الكبير طلبت الحكومة المفاوضات، ووافق الشيخ، وتم عقد صلح عاد بموجبه المساجين ودفعت تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمنطقة. وتسلم أمير اللواء (أسعد باشا) قائد الفيلق الثاني عشر ووالي الموصل وكالة مسؤولية المنطقة. واتبع هذا سياسة منصفة معقولة بعيدة عن الحقد والإرهاب. وعادت الحياة إلى مجاريها. ولكن عندما تسلم (سليمان نظيف) مسؤولية ولاية الموصل بدأ بانتهاج سياسة الاضطهاد والإرهاب بشكل أعنف من أي وقت أخر في السابق وأرسل جيشاً جراراً في عام 1913، لاعتقال الشيخ عبدالسلام الذي ترك المنطقة مرة أخرى قاصداً كوردستان إيران وصل ضيفاً على (سيد طه بن محمد صديق النهري) وذلك في قرية رازان قرب أورميه. وخصص الباب العالي جائزة ثمينة لمن يلقي القبض عليه حياً أو ميتاً.
     وفي هذه الأثناء ذهب لزيارة (سمايل آغا شكاك) وذهبا سوية إلى تفليس وقابلا مندوب قيصر روسيا الذي وعد بدعم وإسناد الأكراد في نضالهم للتحرر من حكم العثمانيين. وفي طريق عودته وبعد أن ودعه سمايل آغا شكاك في سلماس مر بقرية (كه نكه جين) فراح صوفي عبدالله صاحب القرية يتوسل به للنـزول في قريته فلبى بطلبه ونزل بضيافته وأثناء النوم ارتكب صوفي عبدالله أبشع جريمة حيث أعتقل الشيخ عبدالسلام وحراسه الثلاثة وسلمهم إلى الأتراك في (سيرو)، وتقاضى جائزة الخيانة. ونقل الشيخ إلى الموصل وبعد محاكمة صورية رتبها سليمان نظيف حكم عليه وحراسه بالإعدام، ونفذ فيهم الحكم في 14 /12 /1914. وتوجد رواية أخرى تقول أنه أعدم في كانون الثاني 1915.
     وباستشهاده فقد الأكراد زعيماً لو قدر له البقاء على قيد الحياة إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى لكان وضع الأكراد غير ما هو عليه الآن.
     وعند استشهاد الشيخ عبدالسلام انتقل أحمد آغا البيرسيافى مع قوة تعدادها 100 مسلح إلى قرية بارزان. لحماية الشيخ أحمد وأشقائه من اعتداءات العشائر المجاورة.
     تسلم الشيخ أحمد قيادة بارزان بعد استشهاد شقيقه الشيخ عبدالسلام وكان عمره 18 عاماً وسار على نهجه وتمسك بالمباديء التي استشهد من أجلها، وواصل مسيرته بجدارة واندفاع، فاستمر في إدامة العلاقات القومية، وحافظ على الإصلاحات الاجتماعية وطورها. وأدى دوره الديني والوطني على خير وجه. وانطلاقاً من تلك المباديء فكان أول من هب لنجدة الشيخ محمود الحفيد عندما ثار ضد الاستعمار البريطاني عام 1919.
     تقديراً للدور الذي لعبه الشيخ عبدالسلام فقد أرسل الشيخ عبد القادر النهري رسالة حملها الشيخ عبدالرحمن الشرنخى إلى الشيخ أحمد اقترح عليه أن يتولى قيادة الحركة الكوردية إلا أن الشيخ أحمد رفض قبول ذلك. وأصر على أن يكون هذا الدور للشيخ عبدالقادر. وبناء على طلبه أرسل الشيخ أحمد شقيقه مصطفى البارزاني إلى كوردستان تركيا مع الشيخ عبدالرحمن الشرنخى وسـمعت بانه قد التقى مع الشيخ عبدالقادر والشيخ سعيد بيران في منطقة موش. وكان ذلك في الفترة 1917-1919.
 
 
 
الفصل الثالث
بارزان وثورة الشيخ محمود الحفيد
     عندما اندلعت ثورة الشيخ محمود الحفيد في مايس عام 1919، ضد الاستعمار البريطاني،تضامن معه الشيخ أحمد البارزاني وبعث برسائل عديدة إلى رؤساء والشيوخ العشائر الكوردية في منطقة بادينان وحثهم على التضامن مع الشيخ محمود. ومن ناحية أخرى أرسل عدداً من المقاتلين البارزانيين للمساهمة في الثورة. فأرسل الشيخ أحمد شقيقه الملا مصطفى البارزاني على رأس عدد من المقاتلين عن طريق (دولى بياو) وعدداً آخر من المقاتلين عن طريق (منطقة بالك). واصطدمت القوتان بالعديد من الكمائن التي وضعها عملاء الإنكليز في الطريق، وسقط عدد منهم قبل وصولهم إلى السليمانية. وعندما وصلت طلائع البارزانيين كانت الثورة قد قضي عليها،ووقع الشيخ محمود أسيراً بيد الإنكليز بعد إصابته بجروح في دربندى بازيان.
     كان هذا الموقف من الشيخ أحمد البارزاني ضد مصلح ورغبات الاستعمار البريطاني. وقام بعض رؤساء العشائر بتسليم رسائل الشيخ أحمد التي أرسلها إليهم إلى الحاكم السياسي في الموصل. فثارت ثائرة المسؤولين البريطانيين وقرروا توجيه ضربة قاضية إلى بارزان وإخلائها من سكانها وإسكان الآثوريين في قراهم. ولكن الآثوريين وإن كان بينهم من قبل بهذا المخطط المنافق للإنكليز إلا أن أكثريتهم رفضوه ولم يشاءوا الإساءة إلى العلاقات التاريخية الطيبة التي كانت تربطهم بالبارزانيين. ولكن بسبب انشغال الإنكليز بأمور أخرى كثيرة أجلوا تنفيذ خطة ضرب بارزان إلى الوقت المناسب.
      مقتل الكولونيل بيل والكابتن سكوت ـــ
     وفي شهر تشرين الثاني عام 1919، قام (الكولونيل بيل) حاكم الموصل يرافقه (الكابتن سكوت) حاكم عقرة بجولة في مناطق السورجيين والزيبار وثم منطقة بارزان. واخذ يهدد الشيخ احمد بمعاقبة وفرض غرامات كبيرة على رؤساء عشائر المنطقة لأسباب مختلفة. وعندما ذهب إلى بارزان لم يستقبله الشيخ احمد بسبب تصرفاته الحمقاء وتهديداته التي لم يكن لها ما يبررها. فتصور لأنه بهذا الأسلوب يفرض هيبته ويثبت سلطاته.
     وخلال هذه الفترة اتفق رؤساء عشيرتي الزيبار والسورجية على وضع كمين للكولونيل بيل ومرافقيه في طريق عودتهم قرب قرية (بيرا كه برا) فأرسل فارس آغا الزيباري قريبه بابكر آغا الزيباري إلى بارزان طالباً من الشيخ احمد موافقته ودعمه على خطتهم. فأبدى الشيخ احمد موافقته شريطة أن يلتزموا بوعودهم في مواجهة الاحتمالات التي ستترب على هذا العمل الخطير، الذي لا شك وأنه سيدفع الإنكليز إلى اتخاذ إجراءات صارمة. وأرسل شقيقه محمد صديق البارزاني إلى بيراكه برا للاشتراك في العملية مع الآخرين وفعلاً قتل (بيل وسكوت) في كمين محكم في 14 /11 /1919.
     وفي 14 /11 /1919، شنت قوات عشائر المنطقة بالاتفاق هجوماً على بلدة عقرة واحتلوها. واستولوا على خزانة البلدة. وحدث خلاف شديد بين العشائر على كيفية تقسيم الأموال. فتأثر الشيخ احمد من هذه البادرة الخطيرة واعتبرها إشارة خطر، يجب الانتباه لها من الآن. فجمع رؤساء العشائر وقال لهم:
     (إذا كنتم مستعدين لمقاتلة بعضكم البعض بسبب مبلغ تافه كالذي وجدتموه في خزانة عقرة فكيف سيكون الحال إذا وقعت خزانة الموصل بأيديكم).
     وقرر الشيخ العودة إلى بارزان مع جميع مقاتليه من البارزانيين وترك عقرة. عائداً إلى بارزان. وأعقبتهم العشائر الأخرى فتركوا عقرة كل عائداً إلى منطقته.
      تحريض الآثوريين ــــــــــــ
     انتظرت السلطات البريطانية تترقب الأحداث والتطورات. وفي ربيع عام 1920، حرضت الآثوريين وأرسلتهم لمقاتلة الأكراد. فهرب فارس آغا الزيباري مع عوائل أقربائه وعشيرته إلى إيران والتجأ إلى سمايل أغا شكاك.وفي بارزان حدثت معارك دموية بين البارزانيين والآثوريين بقيادة أغا بطرس. واستشهد في هذه المعركة (سعيد ولى بك) أحد قادة البارزانيين المشهورين. ولكن ما لبث الطرفان أن أدركا الخطة الخبيثة التي وضعها الإنكليز وانتهى القتال. ولم تكن العلاقات بين بارزان والآثوريين سيئة في يوم ما. ولا يمكن أن ينسى موقف (المار شمعون) المشرف الذي وفر الملجأ المناسب للشيخ عبدالسلام البارزاني الشقيق الأكبر للشيخ أحمد عندما اضطر إلى ترك منطقة بارزان بعد قتال عنيف ضد هجوم الجيش العثماني على بارزان عام 1907. وذهب إلى تيارى مركز (المار شمعون).
     وبالإضافة إلى علاقات بارزان الجيدة مع الآثوريين فقد كانت علاقاتها جيدة مع الأرمن أيضاً وأرى من المناسب أن أنقل هنا ماسمعته من البارزاني حول علاقاتهم مع الأرمن.
     عندما تعرض الأرمن للمجازر الرهيبة في 1920-1921 أرسل اندرانيك باشا رسالة إلى الشيخ أحمد يستنجد به لإنقاذهم فأمر الشيخ أحمد بأن يتوجه ولى بك على رأس قوة تعدادها (200) مسلح وكنت أنا من ضمن تلك القوة تحت قيادة ولى بك وتحركنا لمساعدة الأرمن إلى أن عبرنا من مناطق عشائر الريكان والبورماريين وغيرهم الواقعين على طريقنا كنا نقول لهم بأننا نذهب لضرب الأرمن لأنه مع الأسف كانت الحكومة التركية قد خدعت الكثيرين باعتبار أن هذه الحرب هي بين المسلمين والمسيحيين وإنما تقاتل تركيا من أجل السلام.وقمنا بمساعدة الأرمن وذهبنا معهم حتى سوريا ومن بين تلك العوائل التي أنقذناها عائلة أندرانيك باشا. وعن طريق زاخو رجعنا إلى بارزان بعد أن فقدنا شهيداً في الاصطدامات التي حدثت مع الجيش التركي.
     حاول الإنكليز بعد ذلك تهدئة الشيخ أحمد البارزاني واستمالته إلى جانبهم بأي ثمن، فتارة استخدموا التهديد وتارة الإغراء.ولكن الشيخ أحمد ضل ثابتاً على موقفه ولم يخضع للاستعمار أبداً. وحتى عام 1931 توقفت العمليات العسكرية وهدأ الوضع إلى حد كبير. وعندما أرسل حاكم الموصل السياسي طلباً إلى الشيخ أحمد بعدم اعتراض سبيل السلطات الإدارية، أجابه الشيخ أحمد بالإيجاب إذا كان الهدف هو تقديم الخدمات الضرورية للمنطقة. وثم طلبوا فوج عسكري بريطاني إلى (بله) وتم ذلك أيضاً وتعهدوا بعدم تدخل الفوج في شؤون المنطقة.
     وكان الشيخ أحمد يعرب دوماً للمسؤولين البريطانيين الذين كانوا يزورونه في بارزان بأنه لا يريد مالاً ولا منصبا وإنما يريد العيش بهدوء وبحرية على أرضه. وكان يكرر دوماً بأننا نحن البارزانيون راضون بما أنعمه الله علينا من مال ورزق ولا نريد أن نَظٍلِمَ أو نُظلَم.
     علم البريطانيون أن بارزان بؤرة ثورية قابلة للانفجار في أية لحظة وأنها قوة كامنة من الخطأ الاستهانة بها. واكتشفوا مدى عمق العلاقة الحميمة بين الشيخ وأبناء عشيرته، وفشلت كل محاولاتهم لشراء الذمم وإيجاد الفرقة بين أبناء المنطقة الذين كانوا يرفضون حتى التحدث مع شرطي أو جندي حتى ولو بالنسبة لأمور اعتيادية.
     فقرر البريطانيون انتهاز أول فرصة لضرب بارزان وإزاحة ما اعتبروه عائقاً أمام تنفيذ سياستهم. سيما بعد ما علموا بوجود اتصالات بين الشيخ أحمد البارزاني وزعماء كوردستان تركيا من أمثال الشيخ سعيد بيران والشيخ عبدالقادر بن سيد عبيد الله النهري… وبالرغم من سكوت المسؤولين البريطانيين إلا أنهم كانوا في الخفاء يخططون لعمل عدائي وسمعت مرات عديدة من البارزاني يروي لنا قصة لقائه بمتصرف الموصل عام 1929-1930 حيث أرسله الشيخ إليه لمقابلته ليطلب منه العمل على سحب الفوج البريطاني من بله أو إذا تعذر سحبه كلياً، تبديله بفوج عراقي وقال:
     فرح المتصرف بهذا الاقتراح ووعد ببذل جهوده مع السلطات العليا لتنفيذه وبعد أيام جاءت الموافقة. وعندما رجعت إلى بارزان عرجت في طريقي على بله مقر الفوج البريطاني ولدى استقبال آمر الفوج لي رحب بي وقال إني مطلع على مهمتك وتلقيت أوامر من قيادتي بوجوب الاستعداد لتسليم المنطقة إلى فوج عراقي حسب طلبكم وأرجوا لكم عيشاً هنيئا مع إخوانكم المسلمين نحن الإنكليز الكفار سنترك منطقتكم وراح تشوفون الوضع.
     وأضاف عندما رجعت إلى بارزان وشرحت للشيخ أحمد ما جرى أدرك على الفور ماذا يعني كلام الضابط البريطاني وتوقع توتر الوضع وتأكد من أن الإنكليز سيضربون بارزان خلال وقت قريب.
     وبعد فترة غادر الفوج البريطاني بله وحل محله فوج عراقي بقيادة العقيد (برقي) شقيق بكر صدقي وما أن وصل بله حتى بدأ يخلق المشاكل تلو المشاكل ويقوم باستفزازات مقصودة ومدروسة.
     هجوم البرادوستيين ـــــــــــ
     ومن ناحية أخرى لجأت السلطات إلى تحريض العشائر ضد بارزان. ففي صيف عام 1931 قلم البرادوستيون بالإغارة على قرى منطقة بارزان من عشيرة شيرواني ونهبوا ممتلكات أهالي قرى (كركال،كوله ك، بابكي) وأحرقوا البيوت. كان البارزاني في ذلك الوقت يقوم بزيارة لتلك المنطقة فجمع عددا من الرجال وعقب الغزاة إلى عثر عليهم في ده شته هيرت وبعد اصطدام سريع تم استعادة أموال ومواشي أهل تلك القرى.وتكررت عملية الغزو وفي نفس المنطقة مرة أخرى في 25 /11 /1931 وفي هذه المرة أيضاً انبرى البارزانيون للغزاة حيث أرسل الشيخ أحمد البارزاني ولي بك على رأس قوة كبيرة يوم 27 /11 /1931 وفي أول اصطدام هرب البرادوستيون تاركين الأموال التي نهبوها ولم يكتف ولي بك بذلك بل واصل ملاحقتهم حتى عقر دارهم وأصيب البرادوستين بهزيمة مؤلمة في هذا القتال.
      التخطيط للهجوم على بارزان ـــــــ
     بعد هزيمة البرادوستين اتصل قائمقام الزيبار (بلة) بالشيخ احمد البارزاني باسم الحكومة العراقية معرباً عن رغبة الحكومة في إنهاء النـزاع بين البارزانيين والبرادوستين، فاستجاب الشيخ احمد لطلب الحكومة وأعرب عن استعداده لقبول أي حل تقترحه الحكومة لحل النزاع بشرط أن لا يكون منحازاً. فاجابه القايمقام معلناً استعداده للذهاب إلى المنطقة للتحقيق في الحوادث التي وقعت وطلب أن يرسل الشيخ أحد معتمدية معه. فأرسل شقيقة محمد صديق وتحركوا إلى المنطقة في 3 /12 /1931، وفي هذه الفترة كان الملا مصطفى البارزاني في مهمة أخرى خارج بارزان. فوصلت المعلومات إلى العقيد برقي بان بارزان خالية من القوات ولا يوجد عند الشيخ احمد سوى عدد قليل جداً من الحراس،فتلقى أوامر فورية بمهاجمة بارزان وأسر الشيخ أحمد، مستغلا هذه الفرصة الثمينة. وفعلاً كانت بارزان خالية من المقاتلين فقد كانوا ذاهبين إما مع ولي بك أو مع محمد صديق. وكانت خطة الحكومة تقتضي بتطويق قرية بارزان والطلب من الشيخ احمد أن يستسلم دون قيد أو شرط وعندئذ يمكن فرض كل ما تريده الحكومة من شروط على البارزانيين ولا يمكن لأي بارزاني أن يشهر السلاح بوجه الحكومة والشيخ احمد في يدها.
      معركة برقي بك ــــــــــــ
     في فجر ليلة 9 /12 /1931، قاد العقيد برقي قواته ووصلا ا إلى أطراف قرية بارزان مع أول خيوط الفجر ووزع قواته على الفور حتى تأكد من تطويق قرية بارزان وبينما كان أحد الرعاة يخرج من القرية القي القبض عليه واقتيد إلى مقر العقيد برقي الذي حمله رسالة إلى الشيخ احمد يطلب إليه الاستسلام فوراً دون قيد أو شرط. وعندما عاد الراعي إلى القرية نقل الرسالة إلى الشيخ احمد وشرح له مارآه بعينية.
     وكان الملا مصطفى قد عاد إلى بارزان مساء اليوم الماضي أي في 8 /12 /1931 ولم يكن خبر وصوله قد وصل إلى برقي بعد. وفوراً خرج الشيخ احمد من داره إلى المسجد وأرسل في طلب أخيه الملا مصطفى وكل من كان في القرية من مسلحين في تلك اللحظة واخبرهم بالموضوع واستشارهم على ما ينبغي القيام به. وتم الاتفاق على الدفاع ومقاومة المعتدين حتى آخر قطرة دم. ورد الشيخ احمد على رسالة برقي بالرفض القاطع قائلاً له إنك جئت بقواتك على بيوتنا، والدفاع حق مشروع وعلية فإننا سندافع عن أنفسنا ولن نستسلم وافعل ما تشاء. فأخذ الرجال مواقعهم واستعدوا للقتال وصعد الشيخ بنفسه إلى التلال المشرفة على بارزان وتسمى ب(كه روا بني) ومع شروق الشمس حلقت طائرة على القرية وأطلقت صلية رشاشة وبعدها مباشرة انصبت نيران الرشاشات والبنادق على قرية بارزان من كل جانب، ودارت معركة ضارية غير متكافئة استمرت حتى المساء.دافع فيها البارزانيون ببسالة عن أنفسهم وعن نسائهم وأطفالهم الذين كانوا محاصرين في بيوتهم داخل القرية وكان لابد لهم من الدفاع المستميت. وفي المساء وبهجوم عزوم قام به البارزانيون من ثلاثة اتجاهات على القوات العسكرية ولم يكن عدد البارزانيين يتجاوز الثمانين شخصاً. وبعد قتال عنيف وصل أحيانا إلى استخدام السلاح الأبيض. انهزم المعتدون شر هزيمة واستطاع العقيد برقي مع عدد قليل من قواته المشتركة في الهجوم بالإفلات والوصول إلى مقر الفوج سالمين. وتمت ملاحقتهم حتى مشارف مقر الفوج.
     ترك المعتدون جثث قتلاهم وجرحاهم وكميات كبيرة من الأسلحة في ساحات القتال. وبلغ عدد الجثث 126 جثة. كما تم أسر عدد آخر. وانتهت المعركة بانتصار البارزانيين بشكل لم يتوقعه المعتدون ابداً وغنموا كميات جيدة من الأسلحة والذخيرة.
     وخسر البارزانيون في هذه المعركة خمسة شهداء وهم:
     1- محمود زبير بارزاني.
     2- حجي بابكر هفنكي.
     3- طيب شيرو هفنكي.
     4- جيجوك هفنكي.
     5- عزيز مصطفى بياني.
     وجرح خمسة آخرون فقط.
     وعندما وصل خبر الهجوم على بارزان إلى محمد صديق أمر باحتجاز قائممقام الزيبار وحمايته المؤلفة من شرطة. وعاد مسرعاً إلى بارزان وترك قوة بقيادة حصو محمد أمين بيرسيافي في القرى المتاخمة لمنطقة البرادوستيين لحمايتها والدفاع عنها إذا تعرضت للهجوم والنهب مرة أخرى. واخذ بقية القوات معه. وقرب قرية بيدارون حاول شرطي من حماية القائممقام الهرب فأطلق عليه النار وقتل، وكان ذلك الشرطي المسيحي الوحيد من بين الحماية. فاتهمت بريطانيا خليل خوشفي بقتله لكونه مسيحي وإلا لماذا لم يقتل شرطي مسلم. وظلت تطالب بتسليم خليل خوشفي دون قيد أو شرط في كل المفاوضات التي جرت بعد ذلك وسنأتي على ذكرها في مكان آخر.
     وصل محمد صديق مع القوات والقائممقام إلى بارزان يوم 11 /12 /1931 وفي 12 /12 أمر الشيخ احمد بإطلاق سراح القائممقام وحمايته والأسرى الذين اسروا في معركة بارزان ونقلوا بحراسة أمينة حتى مشارف بله. وحمل الشيخ احمد، القائممقام رسالة إلى المسؤولين معرباً عن اسفه للأحداث المؤلمة والضحايا وأبدى رغبته في إعادة الهدوء والأمن إلى المنطقة.
     لأسباب عديدة تظاهرت الحكومة بالموافقة على طلب الشيح احمد ومن هذه الأسباب (انشغال القوات العسكرية بقمع ثورة الشيخ محمود في السليمانية، وحلول فصل الشتاء حيث يتعثر فيه القيام بعمليات عسكرية في المنطقة، وبسبب المقاومة العنيفة التي أبداها البارزانييون والدرس البليغ الذي لقنوه للعقيد برقي بك يوم 9 /12، وتأكد للسلطات عدم قدرة فوج بله القيام بهجوم آخر إلا بقوات جديدة اكثر عدداً واحسن تسليحاً) كل هذه الأسباب دفعت الحكومة إلى التراجع مؤقتاً عن موقفها وأبدت استعدادها ورغبتها في التفاهم مع الشيخ احمد.
     ظلت المنطقة هادئة حتى ربيع عام 1932، ومع حلول فصل الربيع بدأت المعلومات تصل إلى الشيخ احمد عن نوايا الحكومة السيئة وخطواتها العملية لتحشيد قوات كبيرة في رواندوز وعقرة والعمادية تمهيداً لشن الهجوم الكبير.
     كان على الحكومة ان تعيد النظر في حساباتها فبسبب المقاومة العنيفة والبسالة التي جوبهت بها قواتها يوم 9 /12 /1931 شعرت بأن أي هجوم آخر على بارزان يتطلب تخطيطا أدق وقوات اكثر.
     نوايا الحكومة إزاء بارزان ـــــــــ
     ويؤكد هاملتون في كتابه (طريق في كوردستان) على نوايا الحكومة السيئة إزاء بارزان وتصميمها على القضاء عليها بأي ثمن فيقول:
     إذ مرة عندما جردت الحكومة حملة العام 1931 على الشيخ احمد البارزاني إني جوبهت بالرأي التالي:
     حسناً وماذا نفعل بالجيش العراقي الذي صرف على إعداده وتجهيزه المال الطائل إن لم نبعث به إلى طريقك طريق رواندوز ليتعلم فنون القتال وليتدرب بحرب يشنها على الكورد:
     واليك جوابي التالي الذي قوبل بالضحك:
     اقرب من هذه المنطقة إلى بغداد والموصل توجد مساحات شاسعة من المناطق الصحراوية الخالية التي يملكها العراق بين دول قلة وهي صالحة لتجربة البنادق ومدافع الميدان وتحريك الدبابات وتحليق الطائرات. فلتطلق المدافع هناك حيث لا يخشى أن تصيب احداً. ولكن لا ترسلوها إلى كوردستان فهناك عرب أيضا من الجنوب قد يتعرضون أيضا للإصابة.
     وهكذا يظهر أن الحكومة كانت مصممة على ضرب بارزان وبهذا المنطق الرجعي الشوفيني الحاقد تريد اختبار جيشها وتدريبه على فنون القتال في معارك ظالمة مع مواطنين لا ذنب لهم سوى كونهم لا يقرون سياسة الاضطهاد والتمييز ضدهم.
الفصل الرابع
الانتفاضة
     تحشدت قوات الحكومة في مراكز الأقضية الثلاث عقرة، عمادية، رواندوز اعتباراً من شهر آذار 1932، وأخذت تستعد للمباشرة بشن هجومها ويصف عبدالعزيز العقيلي في كتابة (حركات بارزان الأولى) هذا الاستعداد بالتحشد للتنكيل بالبارزانيين.. وهو وصف دقيق. واتخذ مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 12/1/1932 قراراً بشن هجوم واسع على منطقة بارزان لتأسيس إدارة مدنية في منطقة بارزان.
     أن هذا مبرر لا أساس له إذ أن الإدارة المدنية كانت قائمة في منطقة بارزان ولم يخالفها الشيخ احمد ولكن كما يشهد هاملتونفي كتابه ماذا كان على الحكومة أن تفعل بجيش صرفت علية أموال طائلة. إن الهدف كان القضاء على بارزان بسبب مواقفها الوطنية الثابتة. وارى من الضرورة أن انقل نص ما كتبة العقيلي في كتابة (حركات بارزان الأولى) عن التحشيد للتنكيل بالبارزانيين ليتبين لنا حجم القوات التي تم تخصيصها للهجوم وسلاحها.
     التحشد للتنكيل بالبارزانيين ــــــــ
     قرار مجلس الوزراء: بالنظر لتمادي الشيخ احمد في تمرده واستمراره على مهاجمة قرى العشائر التي لم تذعن لنفوذه، ولامتناعه عن دفع الضرائب، ولغرض لتأسيس إدارة مدنية منظمة في منطقة بارزان قرر مجلس الوزراء في جلسة المنعقدة في 12 /1 /1932 أن تشكل ناحية في كل مناطق شيروان وباروش(بارزان) ومزوري بالا وان يؤسس في كل منطقة من هذه المناطق بناية لمركز الناحية مع مخفري شرطة على أن تجري الحركات ضد الشيخ احمد البارزاني في الوقت الذي تتفق عليه وزارتا الداخلية والدفاع.
     الخطة العسكرية:
     أ- ولتنفيذ القرار أعلاه وضعت رئاسة الأركان الخطة التالية للقيام بالحركات العسكرية ضد الشيخ احمد البارزاني وتقرر بالاتفاق مع وزارة الداخلية الشروع بتنفيذها يوم 15/مارت/1932
     وجرى التحشد كما يلي:
     1- في منطقة بالكيان - قوة داي بإمرة الزعيم خليل زكي.
     مقر قوة داي.
     كتيبة الخيالة الثالثة (ناقص سرية سيافه ورعيل رشاش).
     البطرية الجبلية الثانية.
     أفواج المشاة الثاني والثالث والتاسع.
     مستشفى ميدان.
     فصيل رشاشات آلية.
     سرية نـقلية آلية.
     ثلاث سرايا نقلية حيوانات.
     رف تعاون عراقي.
     سرب قاصف بريطاني.
     قوة شرطة مؤلفة من 100شرطي مشاة و200 شرطي خيال.
     2-في عقرة: رتل عقرة.
     فوج المشاة الخامس.
     فصيل مدفعية (من البطرية الجبلية الثالثة).
     سرية سيافه ورعيل رشاش (من الكتيبة الثالثة)
     3- في كركوك:
     فوج المشاة السابع كحماية لها.
     ويجري العمل بثلاث صفحات.
     الصفحة الأولى: احتلال منطقة شيروان وفتح طرق فيها وتأسيس مركز ناحية قرب كوراتو ومخفري شرطة في بيرسياف وريزان.
     الصفحة الثانية: عبور نهر روكوجك بالقرب من جاما واحتلال منطقة مزوري بالا وتأسيس مركز ناحية ومخفري شرطة فيها ونصب جسر على نهر روكوجك قرب جاما.
     الصفحة الثالثة: احتلال منطقة بارزان وتأسيس مركز ناحية ومخفري شرطة فيها.
     ب- وهكذا يلاحظ أن الخطة كانت تستهدف تثبيت العصاة في اتجاهي بلة والعمادية والتوغل في منطقة العصيان بصورة تدريجية، من ناحية بافستيان، بغية حصر الشيخ احمد واتباعه واضطراره إما إلى التسليم أو إلى الفرار غرباً باتجاه العمادية أو شمالاً نحو الأراضي التركية. ولكي يسد بوجه هذان الاتجاهان تقرر سد الجبهة الكائنة مابين مخفر سوري ونهاية حدود منطقة الريكان بقوات الشرطة الموجودة فتلك المنطقة والتي سميت باسم (رتل بول) وأسندت قيادتها إلى المعاون عزرا.وكذلك طلبت الحكومة العراقية من الجمهورية التركية في 11 /12/ 1932 عدم قبول التجاء الشيخ احمد وأعوانه المتمردين إلى أراضيها ومنع موظفي الحدود من مساعدته بأية طريقة كانت.
     التحشد:
     في يوم 13 /3 /1932 تم تجمع القطاعات المبينة في المادة (13) أعلاه في الأماكن المعينة لها وسميت القطاعات التي تجمعت في بالكي

من يترك نفسه اسير الماضي يفقد المستقبل

صورة  Derya1988's
User offline. Last seen 11 سنة 42 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 24/07/2009

الموضوع كتير طويل بس وعد اني رح اقرأو
المكتوب مبين من عنوانو اكيد موضوع مهم
وتحية تقدير لكل زعماء الأكراد وكل من يساهم في تطوير الحركة الكردية

لكي تحافظ على أحترامك لنفسك من الأفضل أن تزعج الناس بفعل ما تعرف أنه الصواب على أن ترضيهم بفعل ما تعرف أنه الخطأ.....

User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

ramiosman, العزيز..

جميل ما أسردته في هذا الباب.. ويفضل أن ينقل إلى قسم (قرأت لكم) أو (أحداث تاريخية)..

وتقبل تحياتي..

صورة  ramiosman's
User offline. Last seen 12 سنة 9 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 06/11/2008

شكرا الك كتير سوار عال الا قتراحات الحلوي
بس انا ما اعرف انقل المواضيع لغير قسم

من يترك نفسه اسير الماضي يفقد المستقبل

صورة  ramiosman's
User offline. Last seen 12 سنة 9 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 06/11/2008

شكرا الك كتير لمرورك derya :wink:

من يترك نفسه اسير الماضي يفقد المستقبل