ابن الراوندي

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 13 سنة 29 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/07/2006

يعتبر ابن الراوندي واحدا من أهم دعاة الفكر اللاديني في العصر العباسي في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة ، وقد عُرف بجرأته في التشكيك بعقائد الاسلام بل وانكار النبوة ووجود الخالق حتى لم يبق شك في الحاده وردته في التكييف الفقهي الاسلامي ، ورغم ذلك فإن أحداً لم يتعرض لابن الراوندي بسوء، واكتفى فقهاء ذلك العصر بالرد على آرائه المعلنة ، وقد بلغت شهرته حدا جعلت كبار الكتاب والمفكرين في عصره يتبارون في الرد عليه ونقض كتبه ..
فمن هو ابن الراوندي ؟؟؟

هو أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي، نسبة إلى قرية راوند الواقعة بين إصفهان وكاشان في فارس ، ولد في عام 210 هجري ، وتوفي في ريعان الشباب في الأربعين من العمر سنة 250 تقريبا ( على خلاف بين الرواة في تاريخ وفاته ) .

وكانت في قريته هذه مدرسة إسلامية، فالتحق بها ودرس مقدمات العلوم حتى اعتزم النزوح عنها إلى مدينة (الري) .

ولا نعرف من أيام دراسته هناك إلا أنه كان طالباً مجداً، أظفره اجتهاده بإعجاب أساتذته والمحيطين به في مدرسة الري، كما إننا لا نعرف شيئاً عن أساتذته والدروس التي تلقاها في الري والمدة التي قضاها في هذه المدينة على وجه التحديد، وإن كنا نعرف عنه أنه كان في تلك الفترة طيب السيرة، نقي السريرة، محافظاً على الفرائض الدينية، لا يقصر في شيء منها، مقيماً على السنن المرعية والآداب العامة. وفي هذه المدينة ألف كتابه (الابتداء والإعادة) ويعتبر هذا الكتاب وكتابه الثاني الموسوم (الأسماء والأحكام) دليلاً على صدق انتمائه إلى الإسلام وعمق إيمانه .

ثم انتقل بعد ذلك الى بغداد العاصمة السياسية والفكرية والثقافية .. وهناك عمل في نسخ الكتب مما زاد من سعة ثقافته واطلاعه .

ومن خلال استعرضنا السريع لأقوال أصحاب السير والتواريخ، يتبين أن ابن الراوندي كان من الشخصيات العلمية البارزة، ومن أعلام المعتزلة في القرن الثالث الهجري، اذ أيد المعتزلة، ووضع لهم الكتاب تلو الكتاب للدفاع عن آرائهم الكلامية والفلسفية، ولكنه انفصل عنهم فيما بعد ، فأخذ ينتقد آراءهم ومناهجهم ويرد عليهم، ومن أشهر كتبه التي الفها في الرد على المعتزلة كتاب ( فضيحة المعتزلة ) الذي كتبه ردا على كتاب ( فضيلة المعتزلة ) للجاحظ .. وبدأت تظهر عليه الميول الشيعية حتى اصبح شيعيا مدافعا عن الشيعة ، وألف في ذلك كتابا سماه ( الإمامة ) وكان ابن الرواندي الى ذلك الحين شيعيا متمسكا بالاسلام ، الا أن هذه الفترة لم تدم طويلا، فقد التقى بشخص ترك فيه تأثيرا فكريا كبيرا الا وهو أبو عيسى الوراق الملحد الذي دفعه الى ترك الشيعة واختيار طريق الالحاد واللادينية .. فكان أبو عيسى الوراق استاذه في الالحاد .. واعتبارا من هذه الفترة بدأ ابن الرواندي يكتب كتبه الالحادية النقدية الشهيرة التي جعلته علما من أعلام الالحاد في تاريخ الاسلام .

وقد كتب ابن الراوندي عدة كتب ، وهذه قائمة ببعضها ، كما ذكرها الخياط في ثنايا رده على ابن الراوندي في كتابه (الانتصار) وسائر المؤرخين، ونبدأ بالكتب التي وضعها وهو مع المعتزلة، ثم الكتب التي وضعها بعد أن هجرهم واختلف معهم، أو كما يقول ابن البلخي الكتب التي وضعها وهو ملحد وزنديق:

1ـ كتاب الابتداء والإعادة (ذكره ابن البلخي)

2ـ كتاب الأسماء والأحكام (ذكره ابن البلخي)

3ـ كتاب خلق القرآن (ذكره ابن البلخي وابن النديم)

4ـ كتاب البقاء والفناء (ذكره ابن البلخي)

5ـ كتاب لا شيء إلا موجود (ذكره ابن البلخي)

6ـ كتاب الطبائع في الكيمياء (ذكره الانتصار وابن المرتضى)

7ـ كتاب اللؤلؤ (ذكره ابن البلخي)

وبعد انفصاله عن المعتزلة واختلافه معهم ألف الكتب الآتية:

8 ـ كتاب الإمامة (ذكره الانتصار وابن المرتضى)

9ـ كتاب فضيحة المعتزلة: وقد وضع الخياط كتاب (الانتصار) رداً عليه.

10ـ كتاب القضيب: سماه ابن البلخي: كتاب القضيب الذهبي (ذكره ابن البلخي وابن المرتضى وابن خلكان).

11ـ كتاب التاج: (ذكره الخياط وابن البلخي وابن المرتضى وابن خلكان) وذكره ابن النديم أن أبا سهل النوبختي رد عليه في كتابه (السبك) (الفهرست ص117).

12ـ كتاب التعديل والتجوير: زعم فيه أنه من أمرض عبيده، فليس بحكيم في ما فعل بهم ولا ناظر لهم ولا رحيم بهم، كذلك من أفقرهم وابتلاهم (الانتصار ص1).

13ـ كتاب الزمرد: ذكر فيها آيات الأنبياء فطعن فيها وزعم أنها مخاريق ـحسب كلام الخياطـ (ذكره ابن البلخي وابن المرتضى وابن خلكان والخياط).

14ـ كتاب الفرند: انتقد فيه الأنبياء، وقد رد عليه أبو هاشم (أشار إلى ذلك ابن المرتضى، ويقول ابن البلخي إن الخياط رد عليه) (وجاء ذكر هذا الكتاب عند ابن البلخي وابن المرتضى وابن خلكان).

15ـ كتاب البصيرة: (ذكره أبو العباس الطبري، وقال إنه ألف هذا الكتاب نزولاً عند رغبة اليهود وطعناً في الإسلام.

16ـ كتاب الدامق: ذكره ابن البلخي وابن المرتضى .

17ـ كتاب التوحيد (ذكره الخياط في الانتصار (الفقرة 5) .

18ـ كتاب الزينة (ذكره صاحب (كشف الظنون) 5: 9).

19ـ كتاب اجتهاد الرأي (ذكره ابن النديم في (الفهرست) ص177) وأضاف أن أبا سهل النوبختي رد على هذا الكتاب.

وللأسف الشديد لم يصلنا شيء من تلك الكتب ، فقد ضاعت في جملة ما ضاع من كتب التراث ، على أن شهرتها في تلك الفترة وسطوع نجم ابن الراوندي بوصفها مفكر ملحد دفع كتاب وفقهاء ذلك العصر الى الرد عليها وتفنيد افكار مؤلفها ، وقد جرت عادة المؤلفين في تلك الردود على ذكر أقوال ابن الراوندي بالحرف ، ومن ثم الرد عليه ، وقد وصلنا من الكتب التي الفت في الرد على ابن الراوندي كتاب " الانتصار " للخياط ، وهو رد على كتاب " فضيحة المعتزلة " لابن الراوندي ، ويكاد كتاب الخياط هذا يضم النص الكامل لكتاب " فضيحة المعتزلة " فضلا عن نقول كثيرة ووافية من كتاب " الزمرد " .

أما المصدر الثاني الذي مدنا بمعلومات وافية عن مضمون كتاب " الزمرد " لابن الراوندي فهو كتاب " المجالس المؤيدية " للمؤيد في الدين الاسماعيلي ، والذي رد فيه أحد أجزائه على كتاب الزمرد ناقلا في سياق رده الكثير من هذا الكتاب مما يكفي لمعرفة محتواه بدقة كبيرة ..

ومن خلال هذين المصدرين ( الانتصار للخياط ، والمجالس المؤيدية للمؤيد الاسماعيلي ) أمكننا أن نخرج بتصور كاف وواف عن المضمون الفكري لأهم واخطر كتاب ألفه ابن الراوندي وهو " الزمرد " والذي تجاسر فيه ابن الراوندي وفي سخرية عنيفة على التشكيك في ركن الركان في الاسلام او هو النبوة ، حيث سخر فيه في العقائد الاسلامية وأنكر المعجرات الحسية ، وأكد على سمو العقل على النقل وبين أوجه تعارض الشريعة الاسلامية مع العقل ، وأنكر معجزات محمد ونقد فكرة اعجاز القرآن .

وبالطبع لم يقتصر النتاج النقدي لابن الراوندي على كتاب الزمرد هذا ، بل كتب الكثير من الكتب النقدية الأخرى مثل : كتاب " الدامغ " وهو طعن في القرآن ، وكتاب " التاج " ، بيد أننا لا نملك للآسف الشديد معرفة كافية عن مضمون هذه الكتب .