قف و اعتبر

3 ردود [اخر رد]
صورة  به روه ر's
User offline. Last seen 7 سنة 18 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 15/09/2006

الموت

إن الموت حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حي فلا يملك لها رداً، وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:57]، إنها نهاية الحياة واحدة فالجميع سيموت لكن المصير بعد ذلك يختلف، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، وكفى به من نذير، قال : { كفى بالموت واعظاً } والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأمنيات.

ولكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، والعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه وكيف يطيب عيشه! وكيف لا يستعد له! إن المنهمك في الدنيا، المكب على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت، وإذا ذُكّر به كرهه ونفر منه، ومن لم يتذكر الموت اليوم ويستعد له فاجأه في غده وهو في غفلة من أمره وفي شغل عنه.

قال مالك بن ينار: ( لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً ). وما خاف مؤمن اليوم إلا أمن غداً بحسن اتعاظه وصلاح عمله، ولكن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد يضيع عمره في غير ما خلق له، ثم إذا فاجأه الموت صرخ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] ولماذا ترجع وتعود لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100] وأين أنت عن هذا اليوم أيها الغافل؟ ألا تعمل وأنت في سعة من أمرك وصحة في بدنك، ولم يدن منك ملك الموت بعد.

إن ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غداً، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع عنه غداً ويُترك وحيداً فريداً في قبره مرتهناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

وحيــداً فـريـداً فـي التـراب وإنمـا

قرين الفتى في القبر ما كان يعمل

ولكن ما أقل من اتعظ وما أنذر من اجتهد، إن كان من قصر أمله، وجعل الموت أمام ناظريه عمل بلا شك للآخرة واستفاد من كل لحظة من لحظات عمره في طاعة ربه وتحسر على كل وقت أضاعه بدون عمل صالح يقربه إلى الله، وهو لما قدم من عمل فرح مسرور بالانتقال إلى الدار الآخرة وهذا هو المغبوط حقاً.

قال لقمان لابنه: ( يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك ).

وقال بعض السلف: اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، وحقيق بأن يطول فكره ويعظم له استعداده، كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته، والصراط ودقته والحساب وشدته، أهوال وأهوال لا يعلم عظمها إلا بالله .

للمـوت فاعمـل بجـد أيهـا الرجــل

واعـلم بأنــك مـن دنيــاك مـرتـحـل

إلـى متى أنت فـي لهـو وفي لعب

تمسي وتصبح في اللذات مشتغل

اعمل لنفسك يا مسكيـن في مهـل

مــا دام ينفعـك التـذكـار والعـمـل

القبر

القبر هو أول منازل الآخرة فكيف بنا أهملنا بنيانه وقوضنا أركانه وليس بيننا وبين الانتقال إليه إلا أن يقال: فلان مات. قال : { ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه

} وقال عليه الصلاة والسلام: { القبر أول منازل الآخرة فمن نجا منه فما بعده أيسر منه ومن لم ينج منه فما بعده أشد منه }.

فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون

القبر أول ليلة بالله قل لي فيه ما يكـون

نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر والله سوف تعطيك حقيقة هذه الدنيا فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة.

تالله لو عاش الفتى في عمره

ألفاً من الأعـوام مالك أمـره

متـلـذذاً فيهـا بكـل نـعيـم

متنعماً فيهـا بنعمـى عصـره

ما كان ذلك كله في أن يفي

بمبيت أول ليلـة فـي قبـره

أخي الحبيب:

انظر لحال الموتى وتأمل حالهم ومآلهم فوالله إنه سيأتيك يوم مثل يومهم وسيمر عليك ما مرّ بهم، ألا فاعتبر واستعد، ولا تغفل ولا تنسى مصيرك ومآلك، فهل تصورت نفسك وأنت مكان هذا المدفون، والله إنها نعمة كبيرة أن أعطاك الله العبرة من غيرك ولم يعط غيرك العبرة منك، فأعطاك الفرصة أن تحاسب نفسك وتستعد لذلك المصرع، فهلاّ استفدت من هذه

الفرصة ما دام في الوقت مهلة، لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ [الصافات:61] وجاء في الحديث عن النبي أنه قال: { إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: ياويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق } [رواه البخاري]. فتخيل نفسك يا عبد الله وأنت محمول على الأعناق وعلى أي الحالتين تحب أن تكون.

وقال : { والله لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون بالبكاء ولحثيتم على رؤوسكم التراب } وهذا الكلام موجه للصحابة رضي الله عنهم فكيف بك أنت أيها الغافل اللاهي تلهو وتلعب وتغني وتعصي الله صباحاً ومساء، ولا كأن أمامك موت ولا قبر ولا حشر ولا نشر، ولا كأن أمامك هذه الأهوال العظيمة، فما أقسى والله قلبك وما أقل عقلك. فتنبه لذلك أيها المسكين إن كنت تعقل وتفهم.

وجاء في الأثر أن الإنسان إذا وضع في قبره وكان فاجراً عاصياً تقول له الأرض: والله إن كنت لمن أبغض الناس إليّ وأنت تمشي على ظهري فجئت اليوم في بطني فسترى ماذا أصنع بك من غيظي، فتخيل يا عبدالله وأنت في هذا القبر الموحش المظلم يقال لك مثل هذا الكلام فحينئذ لا ينفعك ندم ولا صياح ولا بكاء ولا أنين.

وجاء في الحديث أيضاً أن الميت إذا وضع في قبره جاءه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه فإن كان ممن مات على الذنوب والمعاصي لم يوفق للإجابة فحينئذ يضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه ويضرب بمرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لهدته

وتفتح له نافذة الى النار ويرى مقعده فيها ويأتيه من حرّها وسمومها ويبقى هو في قبره في عذاب على حسب عمله، وإن كان الميت ممن أطاع الله وعمل صالحاً فإن الله يثبته ويوفقه للإجابة ويوسع له في قبره وينور له فيه، ويرى مقعده من الجنة ويفرش له في قبره خضراً إلى يوم القيامة.

فيا عبدالله أي المقعدين تريد؟ وأيهما أهون عليك طاعة الله أم تلك الأهوال التي أمامك؟! والله إن طاعة الله أهون عليك بكثير مما أمامك فما الذي يمنعك من ذلك وماذا تنتظر!.

أخي الحبيب:

هل تذكرت لحظة الفراق عندما تلقي آخر النظرات على هذه الدنيا وتستقبل الآخرة بما فيها من الأهوال والصعاب فإما أن تنتقل إلى سموم وحميم وتصلية جحيم فاعمل من الآن عملاً ينجيك بإذن الله مما أمامك من أهوال ما دام في الوقت مهلة وما دمت تستطيع ذلك لتخرج من هذه الدنيا مرتاحاً وفرحاً مسروراً بلقاء ربك، وبما أعده لك من النعيم المقيم.

ولدتك أمــك يا ابـن آدم باكـياً

والناس حـولك يضحكون سـروراً

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا

فـي يوم موتك ضاحكـاً مسروراً

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

gul
صورة  gul's
User offline. Last seen 5 سنة 27 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/10/2009

الموت و ما ادراك ما الموت ...........
و الله انها لكلمة لو تدبرنا فيها و تركنا الخيال يجوب آفاقها لإ نخلع الفؤاد هلعاً
و لإنفطرت الروح مغشية عليها من عظيم شأنها ، وكبير وقعها .....
كيف يطيب لنا منام و يروق لنا مشرب و يهنأ لنا مأكل و هاذم اللذات بالمرصاد ، يترقب ساعة الإنقضاض ، و يتحين لحظة ان ينتزع الروح من بين اضلاعنا ........... !!
.............................. حقاً غفلنا عنه بل نتغافل عنه في الوقت الذي نتشبذ
بالدنيا التي ما دامت لا لنبي و لا لجبار و لا لصاحب مال و دور و قصور ...
كيف نسهى و هو ا قرب من حبل الوريد ، كيف ننساه و هو الماثل و بكل حضور هنا و هناك .... !!
انى التغافل عنه و قد ذكر في الاثر : ينزل عند الموت اربعة من الملائكة ملك يجذب النفس من قديميه اليمنى ، و ملك يجذبها من قدمه اليسرى و ملك يجذبها من اطراف البنان و رؤوس الاصابع و نفس المؤمن المطيع تنسل انسلال القطرة من السقاء ، و اما الفاجر فتنسل روحة كالسفود من الصوف المبلول ، و هو يظن ان بطنه قد ملئت شوكا و كأن نفسه قد ملئت شوكا
و كان السماء انطبقت على الارض و هو بينها ...........
..............................................................................و قال حكيم ثلاثة
ليس للعاقل ان ينساها : فناء الدنيا و قصر احوالها و الموت و الافات التي لا امان له منها ....
و كتب رجل الى اخ له : اما بعد : فان الدنيا حلم و الآخرة يقظه و المتوسط بينهما الموت و نحن في اضفاث احلام و السلام ................ !!
و روي ان ملك الموت مر على سليمان عليه الصلاة و السلام ، فجعل ينظر الى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا ؟ قال : ملك الموت فقال كأنه يريدني ! فمُرِ الريح ان تحملني و تلقيني في بالد الهند ، فقال ملك الموت :
كان دوام نظري اليه تعجباً منه ، اذ اُمرت ان اقبض روحه بالهند و هو عندك !!
................ حقاً الهي : ان الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ...
و لما طعن سيدنا عمر رضي الله عنه دعا بلبن فشرب منه فخرج اللبن من طعنته فقال : الله اكبر فجعل جلسائه يثنون عليه خيرا فقال : و الله لو وددت
ان اني خرجت من الدنيا كفافا كما دخلت فيها و لو كان لي اليوم جميع ما طلعت عليه الشمس و ما غربت لافتديت به من هول المطلع ......... !
و هو من هو ! فلقد قال المصطفى عليه الصلاة و السلام : لو اتى نبي بعدي
لكان عمر هو النبي ............؟!
.................................................. فما بالك بنا و قد خبطنا خبط عشواء
و اسرفنا على انفسنا و عثنا فسادا و احدثنا ذنوبا .........
لا تطمئن الى الدنيا و زينتها ............... و لو توشحت من اثوابها الحسنا
اين الاحبة و الجيران ما فعلو ................ اين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الموت كأساً غير صافية .......... فصيرتهم لاطباق الثرى رهنا

.................... اذن كفى بالموت نأياً و اغتراباً
نسأل الله تعالى ان يلهمنا رشدنا و يوفقنا لاتباع اوامره و اجتناب نواهيه
و ان يجعل الموت خير غائب ينتظر و ان يختم لنا بالخير و ان يتغمدنا برحمته
......................................................... ( و لمثل هذا فاليعمل العاملون )
جزيت اخي : به روه ر على هذه التذكرة فلابد لنا ان نكثر من ذكر هاذم اللذات...........
كما حث عليه المصطفى عليه الصلاة و السلام
................................................................... و لك اجر ما قمت به من جهد ملحوظ لعل و عسى تلقى اذن واعية و تصادف افئدة مبصرة

صورة  Shahgul's
User offline. Last seen 2 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

اللهم اجعلنا من المعتبرين ..
جزيت خيراً على هذا التذكير الذي لابد منه يا أخي ((فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى )) لعل الله ينفعنا بهذا التذكير فقليل منا من يتذكره إلا في مجالس العزاء ونسيناه أو تناسيناه كأننا سنعيش أبداً ولا حول ولا قوة إلا بالله .. والحمد لله أن الله جعل من المسلين من يذكر أخوته وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

User offline. Last seen 13 سنة 24 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 18/08/2009

قال علي (ع):اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا