فلسفة (صوموا تصحوا)
الذين يعانون من الوزن الزائد (over weight) يعرفون وهم في مسيرة الصراع معه لما ذاقوه من مشاكل السمنة من ارتفاع ضغط وسكري ومشاكل قلبية فضلا عن المشاكل النفسية والاجتماعية ....يعرفون حق المعرفة أن معقل الجمل أو مربط الفرس في المشكلة هو ذلك التحول الذي حصل مع الزمن لمفهوم الغذاء من الحاجة إلى الشهوة مثلما يقول غاندي بان مركز الذوق في الدماغ وليس اللسان ...ومن هذا الباب بالذات تأتي أهمية ما قاله الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام عندما أعادنا إلى فلسفة الحاجة في الطعام وانه بحسب ابن ادم لقيمات يقمن عوده وشر الأوعية التي تملا هي البطون ...عندما يتحول مفهوم الطعام من الحاجة إلى الشهوة لا نعود نأكل لأننا جوعى بل لأننا نستلذ بالطعام مع كل ما يساعد على ذلك من إعلام وحياة قليلة الحركة ووجبات سريعة .... كل من عانى في طريقه لتخفيف الوزن يعلم تهافت برامج الحميات إذا لم يصاحبها بناء إرادة وصبر بحيث تستعيد السيطرة على نفسك لتكون مالكها لا مملوكها ...ونقترب من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا نأكل إلا عند الإحساس بالجوع ونقوم قبل الشبع ونقتصر على ما يلينا من المائدة ....
ولكن كيف يكون الصيام مدخلا إلى هذا كله ؟
كل المبادئ الإسلامية تعمل كما الإسلام ككل على جبهتين معا الروح والجسد فالإسلام دين الدنيا والآخرة ولكل مبدأ روحي باب جسدي لابد من طرقه للتنعم بحديقة الروح وكذلك الصيام ...انه مدرسة لتحطيم صنم شهوة الطعام فأنت ترى ما تحب من أطايب الطعام ولكنك تتجنبها احتراما لشيء معنوي وهكذا تفعل مع شهواتك النفسية ويوما بعد يوم تنهي ثلثك الأول فتستشعر الرحمة ومن ثم ثلثك الثاني فتستشعر التخفف من الذنوب التي استزلك الشيطان بها حتى صار له سلطان عليك يسيرك كيفما شاء ضد رغبتك فتذوق المغفرة ثم تنعتق من نار رغباتك وشهواتك وتصبح سيد نفسك ويخنس الشيطان لتخرج من الشهر مكبرا الله بعد أن تصاغرت الآلهة ومصافحا الملائكة بعد أن استشف كل شيء وكشف عنك الغطاء فبصرك اليوم حديد ...
إن الصيام فرصة للتخلص من الرغبة إلى الطعام مع اشتداد الجوع لا فرصة لجعل الطعام أكثر لذة بسبب تضافر الجوع مع تنوع الطعام ..
ومن هنا نفهم الحكمة من توصية الرسول أن نفطر على ماء وتمر ومن ثم نصلي وبعدها نكتفى بالقليل حتى إذا كسرت شهوة الأكل يمكنك الإكثار في السحر لتتقوى على صيام اليوم الثاني ...
فالله لن يفعل شيئا بعذابنا إن شكرنا و سيعطينا الدنيا والآخرة ويترك لنا اسماعيلنا إذا طلقنا الدنيا وهممنا بذبح إسماعيل فمن حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق فهي لهم في الحياة الدنيا خالصة دون الكافرين يوم القيامة أو خالصة من منغصات الدنيا وشوائبها
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و المومنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون
والحمد لله
خورشيد الإحساء
22\8\2008-08-21