ثورة قوس قزح

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 5 سنة 23 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/04/2012

اتخذت بعض الثورات رموزا والوانا معينة ,لتصبح فيما بعد تسمية تطلق على هذه الثورات... كالثورة البرتقالية في اوكرانيا والزعفران في بورما والوردية في جورجيا والتوليب او الاقحوان في قرقيزيا والارز في لبنان والثورة الخضراء في ايران ( ضد تسلط الملالي) والزرقاء في الكويت ( الداعية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية) والثورة القرمزية في التيبت ضد ديكتاتور الصين..
فاذا اردنا ان نطلق لونا ما على الثورة السورية... فايها سيكون اللون الانسب لثورة اقرب ما تكون الى قوس قزح ؟؟
لقد ارخت مظاهرات الجمعة الاخيرة المسماة ب ( وكفى بالله نصيرا ) الستار على انقسام الشارع السوري المنتفض والذي يقود ثورته بنفسه حيث يفتقر الى القيادة الموحدة .. الى تيارين رئيسيين يجمعهما هدف واحد وهو اسقاط النظام... , تيار ديني مسيّس بقوالبه الفكرية المحددة , له دستوره وقائده وتشريعه وتصّوره المسبق عن شكل الدولة القادمة . وقوالبه الفكرية هذه لا تخضع لأي تبديل او تغيير او تعديل... فهي قوالب منزّلة من السماء , وان مجرد توجيه النقد اليها يعد كفرا وهرطقة وخروجا عن الملّة. وهذا التيار بدوره يتشعب الى فروع واتجاهات عديدة ومختلفة لكنها متفقة من حيث المبدأ ومن حيث المآل.
اما التيار الآخر فهو ما يمكن تسميته بالتيار الشعبي الذي يمثل البقية الباقية من السوريين المنتمين الى مختلف القوميات والاثنيات والطوائف الاخرى... ولكم ان تتصوروا حجم وشكل التباينات التي يتسم بها هذا التيار .. غير ان القاسم المشترك الوحيد بينها هو رفض قيام سورية الجديدة على اسس دينية محضة... اي رفضهم للدولة الدينية او ما يسمى بدولة الخلافة...
كل ذلك اعطى للثورة طابعا او لونا رماديا... هذا اللون الذي يخلق التردد والحيرة.. سواء للمتفرجين من خارج اسوار الوطن ام ممن هم داخلها سواء من المتفرجين ام المشاركين فيها.. فمن جهة, يخشى التيار الأول من تولي التيار الشعبي دفة الحكم بعد سقوط النظام.ذلك التيار الشعبي..بمفاهيمه وبدعه (المنافية للدين) بحسب مفاهيم اتباعه , كبدعة الديموقراطية والعلمانية والتعددية وما اليها من هرطقات... وفي الجهة الاخرى تتملك التيار الشعبي القشعريرة من مجرد تصور تحول سوريا الى دولة خلافة اسلامية .. فيتراءى لهم ملا عمر وهو يجلد النساء ويجز رؤوس المرتدين والكفرة من اهل اللحى والذقون وغيرهم ...
ولكي اكون منصفا وعلى قدر من احترام الرأي الآخر فانني اعتقد بان كلا التيارين لديهما الحق في امتلاك تلك الهواجس والمخاوف .. وهذا بحد ذاته هو المشكلة المرعبة الاساسية في الموضوع... فاذا كان كلا الطرفين يدعيان بانهما يملكان الحق فان من الصعوبة بمكان استعمال العقل والمنطق كثيرا في هذه الحالة لاقناع اي منهما للتخلي عن مخاوفه تجاه الآخر...خاصة اذا كانت اوامر التشدد والتمسك بالرأي والعقيدة ... قادمة من السماء ..فهذا لا يركع الا لله وذاك لن يركع مطلقا مهما بلغت التضحيات...
وهنا لا ادعي بانني املك الحل لهذه المعضلة لكنني اؤمن بان لغة الحرب ستبدأ فعليا عندما تتعطل فرص الحوار و السلام.. واؤمن ايضا بان الصراع بين هذين التيارين وشيك جدا.. ولذلك فان على التيار الذي سميناه مجازا بالتيار الشعبي ان يتقارب ويوحد صفوفه وطاقاته قدر الامكان.. وان يشكل تفاهما وطنيا قادرا على اقناع الشارع باهمية صناديق الاقتراع ودورها الحاسم في تحديد مسار الأمور .. بشرط ان لا يكون هذا التفاهم موجها ضد التيار الآخر مباشرة حتى لا تحدث صراعات وصدامات قبل الأوان , بل ضد السياسة التي تلبس لبوس الدين او بالعكس.. وتشكيل قوة سياسية بمقدورها ان تكسب ثقة الشارع بحيث تتمكن من توجيهه نحو الاهداف المرجوة باقل قدر ممكن من الخسائر سواء من جانب الطغمة الحاكمة ام من جانب الخصوم السياسيين ...
انها بحق ثورة ( قوس قزح) رغم ان البعض يريدونها سوداء قاتمة لا تشبه الربيع في اي شيء.. متناسين ان الامطار الربيعية حينما تهطل فانها لا تميز بين ارض مزروعة بالقطن او اخرى مزروعة بالشعير... وان الربيع هو ربيع الجميع

شيركوه كنعان عكيد