فارس من زمن البالتاك...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 6 سنة 4 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

ينسدل الستار على نهار مثقل بالتعب كل حسب حياته وموقعه,وتفتح غرفة البالتاك أبوابها المصنوعة من خشب الفرض,ديوان واسع بجدران وسقف من رقائق الإلكترون,أرائك ومقاعد من وحي الفانتازيا,فناجين قهوة وقهوة بطعم الفرض الصرف,تفتح الغرفة أبوابها

كل ليلة هي إبنة قنبلتها الموقوتة,كل ليلة هي أميرة غجرية نائمة على سرير من الديناميت المتوثب أبدا

يتقاطر الضيوف المبعثرون في جهات الغربة فرادى,يرمون بأحذيتهم الوهمية خارج الديوان ويأخذون أماكنهم على الأرائك المنجدة بأصابع الخيال المترف البحت

يبدأ سيبان,سيد المفاتيح وأمين أقفال ومخازن الغرفة الفرض هذه الليلة,وكما العادة أبدا يبدأها بأغاني سيد الليل و أمير الشجن المفرط بافي فلك,أغاني نسمعها للمرة الألف دون أن نمل منها,يتركنا سيبان فريسة العزف الشجي الذي يمر كمسامير صغيرة في الزوايا البعيدة لمساحة الألم فينا,يتساقط الورد من بين أصابع الحاضرين على أرضية الديوان الواسع ليفوح عطرها الوهمي ليختلط برنين كؤوس الشاي وفناجين القهوة ويختلط بدخان التبغ المشتعل

الساعة العاشرة تماما بتوقيت عامودا,يتقاطر الضيوف بسرعة ودون موعد مسبق,يندلق أبو نسرين على عجل كما هو أبدا,بمعطفه الملوث بحبر الخبر وغبار السكر و الانسولين,ثم يدخل أبو سفيان الكردي,يربط فرسه خارج الديوان ويدخل لابسا درعا مصنوعا من جلد الخيال البري متمنطقا سيفه المصنوع من معدن السراب الصقيل

يدخل كوما الذي ما تزال تفوح منه رائحة البيتزا,حاملا كلبجات صغيرة ومفاتيح كبيرة تفوح منها رائحة صدأ الخيال وأقفال السجن المعد للخارجين عن القانون وحدود اللياقة واللباقة

يلج كاردوخ متأخرا كالعادة الى الديوان وهو يحمل في يده ميزانا ومثاقيل و أوزانا,ساعات رملية وحزما من الخيوط الملونة لربط الليلة الى جهتها,فكاردوخ أمير سحرة السماء المفترض المفتوح على بشر تلتقي خلف ستائر من خيال ووحي كائنات تهرب من برد غربتها الرطبة وتستأنس باللغة وذاكرة مذبوحة في مثلثات ذكرياتها القديمة وتعويضا للمكان الحميم والجغرافية المفقودة

خذ مكانك عزيزي فيثاغورس

أجلس في المكان الذي تختاره في الديوان وارمي وردة للجمع الحاضر الغائب

سوف يشتعل البارود في أي وقت بسبب أو من دون سبب,سيشتعل بسبب كلمة ما,بسبب حرف يقصم ظهر المفردة لتأخذ معنى معاكسا عن المقصد تماما ,أو بسبب مفردة يفسرها القارئ على هوى المساحة المربعة لتراكمه المعرفي بلغة حاول أن يتعلمها سابقا في الغرف المظلمة في وطن كانت تجوب في شوارعه سيارات الشرطة ليلا لترعب حتى الظلال

إليك نصيحتي عزيزي فيثاغورس

إياك أن تنتقد ثلاثة أشياء للكردي,شخصه حين يتكلم و زعيم حزبه وإتجاهه السياسي,فأنك تجعل نفسك عدوه مهما كانت نيتك الطيبة

عزيزي فيثاغورس,انتظر قليلا وراقبنا نحن الكرد,نحن شعب عجيب لا يوجد لنا مثيل على هذا الكوكب,فكل فرد منا يجمع في شخصه سياسيا ومحللا إستراتيجيا وناقدا وفيلسوفا وشاعرا وعالم إجتماع ومربيا تربوبا وثوريا ومؤرخا وسفاحا ومغنيا ومنظرا وفلكي,وكلنا يختلف عن الآخر لرغبة الإختلاف فقط,مدمنين على البارود المشتعل أبدا,نهوى الأشياء التي تنفجر وتحترق أبدا,نتمنى أن ندمر ونشعل كل ما يقترب قوقعة ذاتنا وكأننا مركز الفلك وكأن شخصنا هو هيولى الأشياء والشمس التي من المفترض أن تدور كل الأفلاك حولها

عزيزي فيثاغورس لحظات ويشتعل كل الديناميت

أبو سفيان الكردي في مداخلته عن الحدث المطروح على بساط المناقشة أو المناوشة لا فرق,يبدأ بتحليله للمشهد السياسي طويلا حسب رغبته ثم يعرج على التاريخ من زمن السومريين ويقصقص قماش التاريخ قميصا يناسب سقف معارفه وأهوائه,يربط التاريخ والسياسة والأخلاق وكل المنظومات الفكرية بشخصه بسرد لسيرته الذاتية التي تتخلل الحديث المتداخل العام للإيحاء ووهم المستمع بأن للتاريخ والسياسة والفكر علاقة بشكل ما بتصرفه وفكره وأمنياته

ينهض أبو نسرين المغسول بالنيتروغليسرين وينكر كل حديث أبو سفيان الكردي جملة وتفصيلا ويهدم كل قلعته التي بناه لساعة من الحديث المتفرع في كل أنواع العلوم,لتحتدم المعركة الوهمية وتستعر موقدها بين أبو سفيان الكردي وأبو نسرين وسط الديوان المشغول بخيال المستمع ورقائق السيليسيوم الناعم

ديكين عنيفين في صراعهما,تتمزق أوتار الموجة الأثيرية من عنف الصراع,مسامير فولاذية لامعة تنتزع من ترس أبو سفيان الكردي لتتدحرج على أرضية الديوان,أخبار عاجلة و إبر من الإينسولين تتطاير من ريش أبو نسرين,نقط من الحبر الهائم على وجهه وسط الجمهور الصاخب على المدرج المنسوج بأصابع الخيال

ولحظة أخرى ليتدخل كاردوخ ليوقف النزيف الغير مباح,الحدث يعلم الحكمة,للحظتين سيربط كاردوخ الجهة بخيطها الملون,ويعيد ساعة الرمل الى وجهتها ,وينطفئ البارود لحين

نحن أمة عجيبة عزيزي فيثاغورس

لن تجد مكانا يشبه هذا المكان,حيث يلتقي الليبرالي والشيوعي والقومي و المقامر والسكير والإسلامي والمريض بكل أمراض النفس ستجد المجنون بيننا والملاك والإله والقاتل والمهرب والمواطن والشاعر والأديب

نحن أمة عجيبة عزيزي فيثاغورس

بارعون في المدح الى حد الإبتزال ,بارعون في الرثاء والبكاء الى حد التقيء

عزيزي فيثاغورس

سنطفئ الليلة أيضا بقصيدة مؤلمة ما ,أو بأغنية تخرج من بين مفاتيح كاردوخ أغنية أشبه بقطعة من اللحم المنزوع من جسد خاروف مذبوح لتوه

ونقفل الليلة على غيم وريش

وليحلم كل كما يشاء,ليحلم كل حسب رغبته ويقصقص أجنحة الليل حسب فضاء رئتيه

سنأتي غدا بليلة أخرى,ورود مرمية على أرض الديوان,وديناميت مختبئ تحت سرير القدر الأبدي

لكم وردتي أيها الساهرون على الورد والبارود

عثمان حمو