شباب كورد: حوار خاص مع المفكر و السياسي السوري عبد الرزاق عيد /الجزء الأول/ :

لا يوجد ردود
مشترك منذ تاريخ: 13/04/2012

 خاص شباب كورد :د. عبد الرزاق عيد

لا أعتقد أن أحداً يجهل من هو عبد الرزاق عيد ,فهو  كاتب مفكر و باحث و سياسي سوري ,نشط في معارضة النظام السوري قبل اندلاع الثورة السورية 2011 و حتى الآن من خلال لجان إحياء المجتمع المدني و إعلان دمشق . كما يترأس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر وبالتالي يترأس أول مجموعة منظمة معارضة لنظام بشار الأسد في سوريا و يعتبر من الليبراليين السوريين .

ولد عبد الرزاق عيد في مدينة أريحا في محافظة إدلب في 10 سبتمبر 1950، والده عبد الرحمن عيد رئيس رابطة رجال الثورة في

حلب وإدلب وسليل عائلة شيوخ أزهريين.

انتقلت عائلته للعيش في مدينة حلب في أواخر الخمسينيات حيث كانت طفولته ونشأته.

حصل على شهادة ” الليسانس ” قسم اللغة العربية”في جامعة حلب عام 1974؛ أرفقها بشهادة ” دبلوم الدراسات المعمقة

في النقد الأدبي الحديث المتصل بالسرديات وتحليل النص وعلم المناهج”، من جامعة السوربون في باريس بتاريخ29 حزيران 1981

كما حصل على شهادة الدكتوراه في “النقد الأدبي الحديث ” بأطروحة عنوانها ” عالم قصص زكريا تامر” المقدمة للمناقشة

 بتاريخ18 شباط 1983 في جامعة السوربون أيضًا.

هدد بالقتل عدة مرات وخطف عام 2007 وحوّل إلى محاكمة عسكرية عام 2003 ووجه له أحد أعضاء مجلس الشعب السوري

تهمة الخيانة العظمى عام 2002، شارك بافتتاح عدة منتديات ثقافية في سوريا كان أشهرها منتدى الأتاسي في دمشق ومنتدى

الكواكبي في حلب خلال مرحلة إعلان دمشق ,وهو مقيم في فرنسا منذ 2008 بصفة لاجئ سياسي؛ له عدد من المؤلفات

والمشاركات حول وضع الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان في سوريا

نذكر من مؤلفاته :

 الثقافة الوطنية: الحداثة ومشكلة الهوية، حلب 1995.

يسألونك عن المجتمع المدني: ربيع دمشق الموؤد، القاهرة 2003

هدم الهدم: إدارة الظهر للأب السياسي والثقافي والتراثي، بيروت 2008  .

و قد كان لنا مع الدكتور عبدالرزاق الحوار التالي :

شباب كورد: شكراً لك أستاذي الكريم على قبولك دعوتنا للحوار معك ….

 د.عيد : أهلاً و سهلاً بكم .

شباب كورد:  أستاذنا الكريم ,بداية  ما رأيك بمصطلح الربيع العربي (أليس من الأفضل أن نسميه الربيع الديمقراطي ) لأن العديد من شعوب المنطقة شاركت فيه كالأمازيغ و الكورد ؟؟

د.عيد :  الربيع العربي ليس تسمية قومية ، بل هو تسمية جيو سياسية !!!

شباب كورد:  لماذا انطلق الربيع الديمقراطي –برأيك-في المنطقة في هذا الوقت بالذات ؟

د.عيد :  لأنها غدت استثناء ديكتاتوريا في العالم ، والعالم العربي يشكل استثاء في شدة الاستثناء الطغياني عالميا …

شباب كورد:  لو لم يحرق البوعزيزي نفسه ,هل كانت هذه الثورات لتولد ؟؟

د.عيد :  لو لم يحق البوعزيزي نفسه ، لكان غيره قد فعل ذلك …حيث عملية الحرق تحمل دلالة رمزية على أن ثمة مرحلة سياسية في المنطقة ،قد حكم عليها التاريخ بالحرق …

شباب كورد:  هل هي ثورات شعبية بامتياز أم خطة أمريكية لرسم ملامح جديدة للشرق الأوسط ؟؟

د.عيد :  هل يمكن للشعب السوري الذي قدم كل هذه التضحيات الملحمية العظيمة …..عشرات آلاف الشهداء وعشرات آلاف المفقودين –لا نعرف عدد القتلى بينهم – أن يكون بذلك ينفذ خطة أمريكية لرسم ملامح شرق أوسط جديد ??!!

شباب كورد:  ما هي خصوصية الثورة السورية و هل تشابه أياً من أخواتها في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن ؟

د.عيد : هي مشابهة لكل أخواتها الثورات الأخرى في كونها ثورات شبابية ما بعد ايديولوجية، متجاوزة لمعارضاتها التقليدية التي تكيف الحياة والواقع وفق مراسيمها العقائدية ،أي تفصيل الواقع على حجم الايديولوجيا ، وليس انتاج الايديولوجيا كوعي مطابق للواقع كما فعل الشباب السوري والعربي عموما في تونس ومصر واليمن وليبيا، بانتاج منظوماتهم الفكرية وفق قانون “روح العصر” التي تستوجب أولوية الحريات وثقافة حقوق الإنسان كمثل عليا كونية تتخطى العرق والهوية والدين والمذهب، ولهذا كانت وسيلتها التقنية ( الكومبيوتر |:النت والفيسبوك ) ،أي إذا كانت الثورات الديموقراطية البورجوازية منذ قرون معادلها التقنية الصناعية (الآلة الميكانيكية) ، فإن معادل الثورات اليوم ضد الشموليات هو باختراق أسوارها الكتيمة بنورانية العقل الألكتروني (ما بعد الميكانيكا) الذي لن تقف دون اختراقاته حواجز أو أسلاك ميكانيكية سياسية أو عقائدية ….الخصوصية السورية تكمن بهذه الروح الفائقة لحد المعجزة في القدرة على افتداء الحرية بكل هذه الدماء الشابة القانية كقرنفل الحياة ….

شباب كورد:  ما هي الدولة التي تتوقع أن تنطلق فيها ثورة بعد سوريا و لماذا ؟

د.عيد :  إذا سقط جدار الطغيان البربري الوحشي (الأسدي) ، فإن الثورات الديموقراطية ستندلع في كل فضاءات الشرق الأوسط ….وقد تكون ايران هي الثانية ،لأنها الديكتاتورية الثانية –بعد البعث العراقي والسوري- في المنطقة التي تؤسس لديكتاتوريتها السياسية ، على مصفوفة عقائدية شمولية ، لكنها في الحالة الإيرانية يضاف لها (الثيوقراطية :دولة الوكالة الإلهية) التي تتخطى الشموليات الفاشية للبعث ،بكونها تصادر على الحريات الشخصية كالمأكل والملبس .. !!!

شباب كورد:  هناك مقولة لدى بعض الناس تقول بأن الناشط و السياسي خارج سوريا يتكلم فقط و يقبض ؟!!!بينما الشعب يموت …مامدى دقة هذا الكلام ؟؟

د.عيد :  ليس كل ناشط سياسي خارج سوريا يتكلم فقط ويقبض …وليس كل الشعب ف6ي الداخل يموت …التعميم في كل شيء خاطيء فكما في سوريا أناس رائعون يموتون عراة الصدور …. هناك صامتون ومؤيدون ومتكسبون وهتافون … وكذلك في الخارج كنا قبل الثورة بعدد أصابع اليد( أكرادا وعربا ) ،وبيننا من لا يستطيع أن يستفيد من جمال ربوع باريس الزاهية ولا مقاهيها المنتشرة والمغرية لأنه لا يستطيع أن يدفع حتى فاتورة فنجان القهوة …بينما اليوم نحن بالمئات …وشكرا لله …لكن بين المئات لا بد أن تجد ما يسمونهم الفرنسيون بـ (مناضلي الساعة 25) الذين يتغيون الحصاد (الغنيمة)…وعادة فإن أمثال هؤلاء المتصيدين موجودون في كل الثورات قديما وحديثا ،وليس عندنا فحسب، هم الذين يطفون على السطح عادة …في كل الأحوال ليس ثمة مجال للمقارنة بيننا نحن في الخارج مهما كانت ظروف بعضنا سيئة ، وبين شعبنا الذي سيدخل تاريخ العصر الحديث بوصفه الأكثر شجاعة وقدرة على التضحية افتداء للحرية والكرامة

شباب كورد:  في بداية الثورة شاع كلام بأن الكورد مترددون في الانضمام للثورة ,و خاصة بعد أن أعاد النظام الجنسية للذين جردوا منها في إحصاء62

 

د.عيد : هذا الكلام يجب أن يرد عليه الشباب الكردي ، لأن ثورتنا ثورة شبابية (كرديا وعربيا) ، والفرق أن الساحة الكردية ممسوكة أكثر من قبل الأحزاب الكلاسيكية ، من الساحة العربية التي فرغت من السياسة والحياة السياسية والحزبية ،منذ مذابح الثمانينات …ولعل الوجه الآخر لكارثة الثمانينات عربيا ، هو نشأة جيل غير ممسوك ايديولوجيا لا من أحزاب السلطة ولا من أحزاب المعارضة ولا من سلطة ثقافة السلف الماضوية….ولهذا يقفز اليوم الشباب السوري بحرية في فضاءات القيم الليبرالية الثقافية للفكر العالمي والإنساني عبر المنظومة (النترونية ) ، التي فتحت أمام الشباب تعلم لغات حديثة ، دون أن يبقوا محكومين بواحدية اللغة القومية ( عربية أو كردية)

شباب كورد:  أحداث الثاني عشر من آذار عام 2004 ….ما رأيك بما حدث و من افتعلها و لماذا حتى الآن بعض إخواننا لا يعتبرونها انتفاضة ؟؟مثلاً سميت إحدى جمع الثورة السورية (الانتفاضة الكوردية )في كل أنحاء سوريا إلا في دير الزور بالتحديد ….لماذا برأيك؟؟

د.عيد : كتبت حينها مقالة بجريدة النهار ، تضامنت فيه مع أبنائنا من الشعب الكردي ، وأدنت فيها بربرية المحافظ والأجهزة الأمنيىة…ونبهت شعبنا السوري بكرده وعربه أن بتنبهوا لألاعيب النظام الفاشي المافيوي، لكي لا تتمكن الأجهزة الأمنية أ ن تستدرجهم لاقتتال الأخوة …بعد أن قاموا بتسعير الروح العصبوية القبلية في دير الزور التي لا تزال آثارها مستمرة حتى اليوم فيما تقولونه عن عدم تسمية الأخوة الديريين لجمعة |(الانتفاضة الكردية ) رغم أني لم أسمع من قبل بذلك !!!

وكنت حينها قد رحبت بهذه الانتفاضة الرائعة ، وباركت العمل العظيم في اسقاط صنم الطاغية الأسد ….وقلت : ستبقى هذه مأثرة كردية، وهي أن أول المحطمين للوثن الأسدي هم أخوتنا الأكراد ..وحينها سادت دعابة ما زحت فيه الشباب الأكراد في أحد لقاءاتي معهم ….أوطالبتهم ن ينقلوا على لساني (فتوى) ببشارة إلهية ،فحواها تحريم دخول جهنم على كل من ساهم في اسقاط الصنم …وأن كل مساهم بهذه المكرمة (تحطيم الوثن الأسدي) ستكون فضيلة له فيها حسنة جارية إلى يوم القيامة …وسيعفو الله عنه كل ما تقدم من ذنبه أو ما تأخر …

شباب كورد:  كيف تقيّم المجلس الوطني السوري من حيث كيفية تشكيله و أدائه لمهامه في حماية الشعب السوري ؟؟

د.عيد : المجلس هو مكتسب وطني للشعب السوري بكل فئاته وتياراته وأحزابه وقواه وشخصياته الوطنية ، هذا على مستوى وجوده وكينونته المفترضة نظريا ….لكن ثمة إجماعا وطنيا داخليا وعربيا وعالميا أن هذا المجلس لم يرتق بفعله وممارساته ودوره ومواقفه إلى المستوى المنوط به والمفترض أن ينهض به …وبسبب هذا الإجماع تشكلت (اللجنة التحضيرية لإعادة هيكلة المجلس الوطني ) باشراف دولي وعربي: عبر تمثيل عن السيد كوفي عنان ،وتمثيل عن الجامعة العربية) والتي شاركت في عضويتها لكن آلت جهودنا إلى الاخفاق الذي تحدثنا عنه في بيان انسحابنا، حيث كنا في في كل يوم نعود إلى المربع الأول دون أي مراكمة ،وكل ذلك بهدف مسايرة الموقف العربي والدولي الذي كان يرعى هذا الحوار ،وذلك للحصول على الاعتراف بشرعية المجلس ، دون إحداث أي تغيير أو هيكاة حقيقية …وكل ما قيل على وسائل الإعلام أنهم قرروا اجراء انتخابات على مستوى كل الهيئات هو كذب رخيص لا يليق بالموقع التمثيلي لقائله …

شباب كورد:  برأيك ما هي أفضل كتلة سياسية تفهم الوضع السوري الآن (المجلس الوطني السوري –هيئة التنسيق –المؤتمر الوطني للتغيير )؟؟

د.عيد :  طبعا المجلس الوطني في صيغته النظرية الافتراضية التي تحدثت عنها أعلاه ، وذلك بوصفه الأكثر تمثيلا لمكونات الشعب السوري اجتماعيا وسياسيا التي يفترض أن يكون مظلة واقية للجميع ،وللكل الوطني والسياسي …لكن مع الأسف عوضا عن أن يكون رافعة لثورة الشباب تحول إلى عبء عليها من خلال النماذج التي اختطفته ،لكنها لن تستطيع أن تختطف الثورة …فشباب على هذا المستوى من الوعي بالحرية والكرامة ، وعلى هذا المستوى من القدرة على التضحية من أجلها لن يتمكن سياسيون بيروقراطيون طامحون أن يختطفوا ثورتهم ، أو الاتجار بها ومن ثم عقد صفقة مع العصابة الأسدية على مآلاتها من أجل حيازة قطعة من جهنم المستبد على حد تعبير الكواكبي العظيم …

شباب كورد:  صرح برهان غليون بأنه لا يوجد شيء اسمه كوردستان سوريا و نحا نحوه الأستاذ حسن عبدالعظيم ….فما رأيك بهذا المصطلح ؟؟

د.عيد : هذه المسألة ينبغي أن لا تتحول إلى نقطة خلاف وتمزيق لوحدة الموقف الوطني السوري…سيما في هذه اللحظة التي دقائقها وثوانيها من الدم …. وهي موضوع خلافي حتى داخل صفوف الأخوة الأكراد ، فلا داعي للبحث عن نقاط الاختلاف مع الآخر القومي ..ما دمت لم أحسم أموري على المستوى الداخلي …نبحث عن المشترك الذي تكرس بفضل النضال الوطني والديموقراطي النشيط والشجاع للحركة الديموقراطية الكردية…حيث تحولت الحقوق الكردية بكل مفرداتها -التي لن أفصل بها لكي لا نختلف – من مسلمات برامج ومواقف أطراف الحركة الوطنية السورية (بكردها وعربها بل وكل قومياتها وأمشاجها) …وإلا فإن حديثا بمنتهى التعصب الساذج القومي الكردي،وذلك وفق ما يتحدث أحد القادة الأكراد الذين يقدمون أنفسهم كمفكرين منفتحين …يتحدث عن الثورة السورية بوصفها تعبيرا عن طموحات برنامج قومي كردي ، يقول الأخ القائد ” “علما أن الثورة قامت بالأساس في سبيل اعادة النظر بتعريف الشعب السوري وازالة آثار القمع والمخططات الشوفينية وتحقيق العدل والمساواة وازالة الغبن عن كاهل المضطهدين ( بفتح الهاء ) وبناء دولة ديموقراطية تعددية على قاعدة الشراكة الحقة.

هل الشباب السوري يقدم عشرات الألاف من الشهداء والمفقودين والمعتقلين والمهجرين والمغتصبين والمغتصبات وهو لا يعرف هويته ؟ ” وأنه يقدم كل هذه التضحيات (بحثا عن الهوية الضائعة)، هذا هراء لا يساعد أبدا في تطوير الحوار الديموقراطي بين مكونات الشعب السوري ..

، وليس ثمة مصلحة للأخوة الأكراد أن يعيدوا طرح الأسئلة حول ما أصبح من المسلمات الوطنية نحو حقوقهم ومطالبهم …لأن الإثارة الدائمة لهذه الأسئلة هي بمثابة إثارة دائمة للشكوك …الثورة على الأرض اليوم هي التي ستنقل الحق الوطني والقومي الكردي من مستوى البرامج والجدل والسجال إلى مستوى الشراكة الحقيقة التي لا يستجدي أحد من الآخر حقوقه ، بل يصنعها ويصكها صكا في جسم التاريخ وجسد الجغرافيا …وأظن أننا على أبواب وعي نوعي نسبي جديد في الوسط الشبابي (العربي والكردي) ، وعي نسبي جديد يقطع مع المطلقات الطوباوية ، يحيث يستند إلى الملموس ، في وضع أسس عمارة دولة الحق والقانون والمواطنة ، أي نبني بيتنا الداخلي وندعم أركانه ومن ثم نلتفت للطوابق الأخرى بعد أن نكون قد صبتنا هياكل وركائز المبنى الأول …وعندها فلينطلق كل واحد منا نحو أحلامه الفانتازية الرائعة ….و من يريد أن ينشد (بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان )، فلينشد ،ومن يريد أن يتغنى بجمال ربوع كردستان وروعة جبالها وعذوبة وصفاء أنهارها وهوائها العليل ، فليتغنى ما شاء له التغني …بذلك نحمي أحلامنا من أن تتحول إلى كوابيس …لكي لا يصبح حلم الواحد منا كابوسا للآخر …، فلنضع لحمنا على الأوتار-كما يقول محمود درويش- فإن صوت اللحم السوري هو الذي يغني ….فلنحول مواكب حريتنا إلى كورس واحد يردد نشيد الحرية …