لا شيء لتخافه في هذا العالم...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 6 سنة 3 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

ها قد فاضت نفسك بالحنين وأوصلَتك لمفترق طرق لم تظنه موجوداً طوال تلك السنين... لكنك الآن تتردد وتخشى المضي في طريق حريتك فيعتريك خوفاً من الوحدة.. والمسؤولية... خوف يصاحبه الأنين... فلا تجزع وامنح قلبك وقتاً تتلاشى فيه بداخلك ذكريات ذاك الطفل الحزين. طفل لم يعلمه أحد في طفولته سوى الإعتماد على نصائح وإرشادات الآخرين..
كبر ذاك الطفل لكنه لم ينضج بعد ولا زال يركن إلى آراء الغير ويستكين..
لكن الحيوانات تكبر أيضاً.. ووحده الإنسان أمامه خيار أن يكبر أو أن ينضج كلما جرت به السنين..
والنضج معناه أن لا مكان بعد الآن فيك يهوى الإعتماد على الغير حتى أبد الآبدين..
وحين تلفحك نسائم النضج عند مطلع فجر التأمل داخل معبدك فلابد لك وأن تشعر بالخوف وبأنك وحيد حزين..
 
لطالما أحاطَت بك أحلامك وإسقاطاتك وتوقعاتك فظننت نفسك بمأمنٍ تحميك جدران أناك من الرياح..
فقد أخبروك حين كنت طفلاً بأن الحوريات والأمراء والأميرات في الخارج وبِت لياليك.. تحلم والآن ها أنت ترى قصور أحلامك تهدمها وتبددها الرياح..
ها أنت تعلم أن خارجك ظلام يجسد ما تخشاه داخلك وتخافه وتأباه ... أن خارجك أشباح وظلال وأنك سوف تنام ليلك دون أن يحميك أحد ويداريك تحت الجناح..
 
هذا الطفل لا زال يحيا فيك..
ومن حقه عليك اليوم أن تخبره بأن حتى الظلام له أبديته التي تخصه.. له صمته وعمقه وجماله..
أخبِره بأن النور يأتي ويرحل لكن الظلام باقٍ ودائماً ما يبقى فأبديته عميقة تحكي عن أبدية خصاله..
أخبره بأن النور لا يساعد على الإسترخاء فحتى تسترخي عليك أن تطفىء الأنوار.. وتستسلم بين أحضان الظلام عل مشاكلك ومشاغلك وهمومك تبتعد عنك ... هذا بعد الظلام الحقيقي الذي لم يخبرك به أحد وهذه روعة حاله..
 
أخبره أن لا يخاف من الظلام ... فلا يوجد شيء في الظلام..
أخبره أن ظلالك وأشباحك سواء كانت خارجك أو داخلك ما هي إلا انعكاس لك..
انعكاس لما يدور في خلدك..
انعكاس لا صلة له بحقيقة الظلام..
لم يكن الظلام سوى مرآتك تعكس عليها مخاوف نفسك..
الظلام ساعدك على بعث الحياة في شخصياتك وكوابيسك وذكرياتك.. لكنها ليست له... إنها لك وحدك..
 
نعم ستكون الحرية باب تخشى حين تفتحه ما تراه داخله من أشياء..
لذا كن واعياً يقظاً منتبِهاً وانظر بعمق داخل ما يثير فيك الرعب ويسبب لنفسك الداء..
والمفاجأة ستكون ثمرة تحصدها حين تجد خوفك يختفي ويتبخر بعد أن تلاقيه وجهاً لوجه.. فتجد ذلك المكان الذي لطالما رفضت دخوله داخل نفسك لأنك جعلته مخزناً لجميع أنواع مخاوفك.. قد تحول من صحراء إلى واحة ماء..
لا شيء لتخافه في هذا العالم..
لذا فلتخبر الطفل داخلك بأن رعشته لن تكون بعد اليوم رعشتك..
أن الأوان قد حان لينضج ويواجه خوفاً كان يأبى مواجهته فبغض بصره عن خوفه لن يرحل ذلك الخوف ويدعه وحده..
والمواجهة ستبعث فيك حساً يحتفل بالحرية وحريتك ستخلق فيك المسؤولية..
 
الإنسان يساعد مخاوفه حتى تكبر فتشغل حيزاً أكبر من حجمها..
لكنها ستتلاشى حين يقرر الإنسان مواجهتها والنظر لها في وجهها..
وأنت أيها الطفل لم تنظر لها قط ... أنت تفر وتجري مسرعاً إن مررت صدفة بجانبها
طوال ما مضى من السنين كنت تخلق دروع حماية تحاوط بها مخاوفك خشية النظر لها
 
لكن لا يوجد شيء لتخشاه..
وأياً كان ما تخشاه.. فلتمسك به وتتفحصه كما يتفحص العالم مبتغاه..
ولسوف تتفاجأ حين تجد خوفك ذاب كما الثلج في يوم مشمس دافىء تستقبل الطبيعة محياه
وبعد ذوبانه رحيل وبعد رحيله حرية لطفل لم يعرف يوماً قدرات قلبه وما حواه..
ومع هكذا حرية نعيم لم يكتشفوا بعد اللغة التي تعبر عن مداه....