الإنسانية بوصفها هوية مفقودة...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 6 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

الفيلسوف الروسي نيقولا برديائيف في النصف الأول من القرن التاسع عشر قال في مؤلفه " عصور وسطى جديدة " أن : "التاريخ الحديث أصبح مشروعا فاشلا..عجز عن تمجيد الإنسان ذلك التمجيد الذي كان وعد به. وعود الإنسانية لم توف إذ وجد الإنسان نفسه في خضم هذا منهكاً ضائعاً.. صار قادراً على الاستناد إلى أي نزعة جماعية كانت. ما أدى إلى اختفاء الفردية البشرية.. حيث أن الإنسان ما عاد قادراً على احتمال وحدته وعزلته المطلقة " الفردية البشرية في مقولته خلاصتها هي الإنساينة ولا شك أن تخاذل التاريخ عن وعوده خرجت بنتائج مؤسفة للإنسان وخصوصاً في إنسانيته .. كذلك التطور السريع " الغير طبيعي " في تقنيات الكون وتكنولوجياته الشائكة أحدثت نتائج مضاعفة نحو الأسوأ في إنسانيته.. حيث أصبحت بالغة الهشاشة في مختلف جوانبها حيث برنارد جيمس – في كتابٍ له بعنوان "موت التقدم " يقول :
 أن شعوراً باليأس يملأ الأجواء .. شعوراً بأن الإنسان تّم إقحامه بالعصا نتيجة العلوم والتكينولوجيا في عصر بالغ الهشاشة " فقد معه نقطة الارتكاز الحقيقي وهي الإنسانية .
ومن جانب آخر لعبد الفتاح كيليطو تساءل مهم وجميل حول الإنسان العربي في كتابه الموسوم بـ ( الكتابة والتناسخ ) حيث يقول: " العربي قديماً حين يتيه ليلاً ويضل طريقه ماذا يفعل لاشك أنه سؤال مفتوح مصراعيه على عدة إجابات وحلول مقترحة تطرح عدة وسائل ليهتدي بها هذا المفقود..
والطريقة الوحيدة التي لا تخطر ببال ولكنها حقيقة تقول أنه سيأخذ في النباح يعوي وينبح " يسري المسافر إذن وهو ينبح.. فإذا كانت بالجوار كلاب.. فأنها ستأخذ في النباح دلالة على وجود ديار وناس يقطنونها.. حتى يهتدي المرء إلى طريقه.. لا مفر من النباح.. لكي يعود إنساناً.. ينبغي أن يتحول كلباً " هذه القصة / الحادثة القديمة في مفهومها العام ترمز إلى أهمية و خطورة إيجاد حل إينا كان وطريقة لعودة الإنسان إلى هويته حين يفقدها.. حيث تساءل كيليطو يقول ( هل العودة إلى إنساينة الإنسان تتطلب أن يتحول الإنسان كلباً ؟ ) يمكنني أن أقول جداً يتطلب الضياع ورهبته ذلك يصر وبقوة الفقد على هذا التحول كـ أحد الحلول الممكنة.. فـ أنا أشعر الآن أن أهله هذه البدوي المسكين وقومه الوالهون لا شك أنهم يأخذون في النباح رغبة منهم في عودة الابن الضال.. يعلو و يعلو نشيج الصحراء نباحاً حزين يستجدي الإنساينة أن تعود...

في النهاية أقدم لكم من مسرحية أنكليزية ( حدود 1596) جوقة القسس حيث تقول :

" يا لحالة الإنسان البائسة
جاءت حسب قانون .. وقيدت بآخر
ولدت عبثاً .. ولكنها منعت الزهو به
خلقت مريضة.. وأمرت أن تكون سليمة
ما الذي تقصده الطبيعة بهذه القوانين المنوعة
الهوى والعقل يسببان انقسام الذات:
أهي سمة في القوة أم جلال فيها
أن تحدث الأذى لكيما تصفح عنه
الطبيعة نفسها تسيء إلى نفسها
إذ تكره تلك الأخطاء التي تعطيها بنفسها
إذ كيف يتأتى للمرء إلا يفعل شيئاً
لم تقصر الطبيعة في فعله.. ثم تعاقب عليه
طاغية مع الآخرين.. مع نفسها غير عادلة
تحتم أموراً صعبة مستعصية
تمنعنا من كل ما تعلم أنه مشتهى
تجعل الآلام سهلة والثواب غير ميسور
لو كانت الطبيعة لا تبتهج بالدماء
لجعلت المسالك إلى الخير أكثر سهولة