تحياتي للجميع..

هذا هو قدرنا.. أن نعيش عقودًا من الزمن تحت ردح الظلم والمعاناة.. والحرمان من أدنى الحقوق الإنسانية والفكرية.. وأن نعيش في جزيرة نائية في شمال شرقي سوريا..  هذا هو قدرنا أن نعايش الظلم منذ أن خرجنا إلى الحياة.. فلا نرى غير الاستعباد لغير الله والاستبداد من البشر.. هذا هو قدرنا أن نبقى متخلفين ومتمزقين داخل العائلة الواحدة.. والمجتمع الواحد.. والقبيلة الواحدة.. والمنطقة الواحدة.. والبلد الواحد.. بسبب الاستبداد الذي يفرّق بين البشر حتى يتقوّى عليهم.. عقود من الظلام والسواد والتنكيل والاستعباد بشتى الأساليب ومختلف الأشكال..

هكذا كان قدرنا..

والحاضر الذي نعيشه أيضًا هو جزء من هذا القدر.. أن نرى معاناة تلك السنين وعذاباته تتفجر في وجه الطغيان.. فيعكر عليه أجواء اللهو والعربدة بحياة البشر.. قدرنا أن نرى شبابًا من عمر الزهور بصدور عارية تتحدى أعتى أجهزة الحرب المعاصرة.. ويطالبون بالحرية التي اغتصبت منهم.. وهي حق كل البشر وملازمة لهم منذ أن خلقهم الله.. إذ لا طعم للحياة ولا لون ولا جمال بدون هذا الحق .. الحرية.. وقد أجاد سيدنا عمر رضي الله عنه في التعبير عن هذا الحق بقوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا.. نعم كان قدرنا أن نرى في هذا العصر هذه التضحيات الكبيرة من الأطفال والشباب والنساء من أجل نيل هذا الحق الإنساني.. كان قدرنا أن نرى جثة الطفل حمزة الخطيب بعد أن مثّل بها المجرمون والمتوحشون.. أن نرى نساء مقتولات مرميات على أطراف الطرقات في بانياس.. قتلتهم رصاصات الغدر والخيانة.. وأن نرى امرأة حامل تستشهد في حمص ويولد الطفل حيًا ولا يرى أمه.. وأن نرى الطفل إبراهيم شيبان يضرب بطلقة غادرة في قلبه في وسط دمشق.. وأن نرى مناضلا حرا مثل مشعل التمو شهيدا على أرض قامشلو الطاهرة... هذا هو قدرنا..

فأسأل الله أن يجعل لنا قدرًا آخر برؤية راية الحرية والعدالة والكرامة مرفرفة في سماء سوريا.. وزوال الظلم والاستبداد والشبيحة إلى الأبد..

وتقبلوا تحياتي..