من وحي القبور
من وحي القبور
_ _ _ _ _ _ _
استيقظت في صبيحة العيد على وقع صوت رهيب ليس من لغة صاحبها و لا من صوته ..
صوت تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم , إنه نداء :
( الله أكبر , الله أكبر )
لكن الناس عندما ألفوا هذه الكلمة جهلوا معناها فغدوا لا
يسمعونها إلا كما يسمعون الكلام العادي ..
فأخذتني خواطري إلى المسجد
فعرفت والله من معنى المسجد ما لم أعرف حتى كأني لم أدخله من قبل ..
و انكشف لي المسجد في نوره الروحي عن معان أدخلتني من الدنيا إلى عالم روحي آخر
و من ثم حملت نفسي مع الناس إلى المقبرة و قد مات لي من الخواطر موتى لا ميت واحد ,
فكنت أمشي و في فكري جنازة بمشيعيها و معنى يبكي و معنى يبكى عليه ..
ذهبت أزور أمواتي الأعزاء لأحيا معهم في الموت ساعة أعرض
فيها أمر الدنيا على أمر الآخرة فأنسى و أذكر ثم أنظر فأعتبر .
فأخرجت الذاكرة أفراحها القديمة لتجعلها مادة جديدة لأحزانها
و عاد بي الخيال إلى زمن مضى و كأن دهرا كاملا خلق بحوادثه و أيامه ..
جلست في المقبرة و أطرقت أفكر في هذا الموت الذي يهدم كل جميل في حياتنا
فعجبت من أمر الناس الذين يجعلون الحياة مدة نزاع و هي مدة عمل ..
فما هي هذه القبور .. ?
إني وجدتها كلمة الصدق الوحيدة التي لا نستطيع أن نعايشها ..
فكل ما حولها يتكذب و يتأول و ليس فيها إلا معناها لا يدخله كذب و لا يعتريه تأويل ..
إن القبر هي الكلمة التي لا تموت و إن ماتت كل المعاني السامية في دنيا الأحياء
فيبقى القبر مذكرا و شارحا لمعانيها ..
نظرت من حولي فوجدت المقابر بأسماء كانت بيننا نازلوها فيما مضى ..
و كان بينهم من عايدته في العيد الماضي بل سرت معه إلى المقابر نفسها ..
فوجدت في القبر معنى إلغاء الزمان , و من يفهم هذا استطاع أن ينتصر على
أيامه و أن يسقط منها أوقات الشر و الإثم و أن يميت في نفسه خواطر السوء
و ينشئ للإرادة فعلها القوي الثابت ..
فشعرت حينها بقيمة الحياة ..
و استشعرت معاني ثلاثة هي ثلاثة أرواح لا تصلح روح الإنسان في الأرض إلا بها :
روح الطبيعة في جمالها
و روح المسجد في طهارته
و روح القبر في موعظته .
ثم لملمت دموعي و استجمعت خواطري التي تبعثرت على التراب الذي سيضمني يوما
و عدت إلى الحياة ..
و السلام عليكم
عماد
صبيحة عيد الفطر
كل التقدير و الشكر على مرورك و دعائك لنا أختنا روشدار
نسأل الله أن ننتفع بعلمنا
و بارك الله بك وجزاك خيرا
وصف جميل عماد
هذه هي الحياة أناس قادمون وأناس راحلون
شكرا سوزدل
أجل هذه هي الحياة
و السعيد من اعتبر من مواقفها لتكون له زادا يوم القيامة
كل التقدير
ليتني املك ولو قليلا من الأيمان الذي بداخلك اخ عماد
تأثرنا كثيرا ونحن نتأمل عباراتك
وفي الوقت نفسه كنت تلهمنا قوة كبيرة بالتمسك بالحياة رغم الأحزان والفقدان
و نحن نتمنى أن تلقى كلماتنا كل الارتياح من قبلكم
و أن يظهر تأثيرها فينا و فيكم لما فيه خيرنا و صلاحنا
مع كل التقدير على ذوقك أختنا جاني
أن هذه الحياة الدنيا مليئة
بالأحزان كما بالأفراح
ومقابل الحياة نجد الموت ...
جزاك الله كل خير اخ عماد
مرور من جانبك جميل perisanim
فالحياة تحتوي النقيضين من كل شيئ
و السعيد من استطاع ان يوازن بينها و يتعظ من أحزانها
ليوظفها في خدمة سعادته
أشكرك
شكراً اخ عماد على هالموضوع الحلو و التعبير الجميل
للأسف اكتر الناس ما بتتذكر الموت و القبر غير لما بيروحوا على عزا او يحضروا جنازه
فالموت و القبر يجب ان يكونا حاضرين في الذاكره
لإننا جميعاً سنراه من دون شك
فالذين نذهب الى عزاهم و نحضر جنازاتهم ,سيأتي يوماً ونلاقي نفس ما لقوه
و لماذا تتأسف أخي زورداريسا ?
فكلنا لا نتذكر الموت إلا نادرا و في لحظات مؤثرة تؤدي مفعولها
و خاصة في مناسبة تعزية أو زيارة للقبور و حينها ترق قلوبنا
و نتعطش إلى استرجاع ذكريات من سبقونا و يحفزنا ذكر الموت
للعمل المثمر في الحياة
و من ثم يبقى دور الضمير في إيقاظ الشعور بمسؤلياتنا تجاه أنفسنا و الآخرين إلى جانب تأدية حق الله على أكمل وجه
مع كل الشكر لمرورك
و لماذا تتأسف أخي زورداريسا ?
فكلنا لا نتذكر الموت إلا نادرا و في لحظات مؤثرة تؤدي مفعولها
و خاصة في مناسبة تعزية أو زيارة للقبور و حينها ترق قلوبنا
و نتعطش إلى استرجاع ذكريات من سبقونا و يحفزنا ذكر الموت
للعمل المثمر في الحياة
و من ثم يبقى دور الضمير في إيقاظ الشعور بمسؤلياتنا تجاه أنفسنا و الآخرين إلى جانب تأدية حق الله على أكمل وجه
مع كل الشكر لمرورك
شوكتي أخذتها
زينتها .. رصعتها
و أضفت أشواكا" حكيمة
و اصطدت في منطقتي
ألم تشم رائحتي
في عشبها .. و شوكها
سلام عليك من أصحاب القبور:
نحن السابقون
و انتم اللاحقون
نقلت رسالتنا
و أديت المهمة
يا عمدة مدينة القبور
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب و تدمع العين و تذكر الآخرة و لا تقولوا هجرا .
أحسنت يا عماد .. وفقك الله لمزيد من الإحسان.
نعم و على غرار ما قاله د بهاء الدين سأقول بدوري
لكن من منظار آخر
أحسنت عماد
و أنا أرى درر البلاغة
و أتبين عنبر البيان
و أستنشق زهور الأدب
ف بصرف النظر عن خشوع المناسبة و نحن نركن حيال مقالتك هذه
و هي رادعة لكل من تسول له نفسه أن يسهى عن هذه الحقيقة الماثلة
أمام العين و حيال السمع ، آناء الليل و أطراف النهار
حقيقة الموت ، و مُحيا القبور ..!
لا شك أضمحل و قد وقعت على وصف بديع ، و سرد رائع ممزوج بهيبة الحدث
و إنكسار النفس و هي تعي المآل ..
و تتدبر العبر ..!
عماد :
كلماتك تتصف بالكدح العقلي
و الفيض الوجداني الرقيق
و أنتم من القلة الذين يتفجروا فكراً و وجداناً ، و أناقة أدبية
فضلاً عن روعة البيان ، و جمال العرض
فالسعادة كل السعادة أن نجد في زمن الخواء ، و عهد السخف
عدة من أناس أخر ، اعتنقوا الأصالة مذهباً
و اتخذوا الرزين ديدناً
و ها هو العماد يعيد لنا مجد الأوائل من العظماء ممن لم تجرفهم تيارات العصرنة و هي واهية ركيكة ..
و لم تزعزه أمواج الحداثة و هي تُبتَر من جذورها ..
فمحال أن يتخلى عن رسالته الأدبية المفعمة بالروح الإسلامية
بل ظل
حتى العظم ملازماً المنهج الإسلامي في كل القضايا
التي تناولها من شؤون أدبية و اجتماعية ، و إعلامية
و لم يقع و نرجو له الثبات
ما بين براثن الأفكار الساذجة و الهدامة ..
حقاً نحتاج لأمثاله و هم مثال يحتذا للغر الذي ضل الطريق و هو يهيم في أودية
الهوى و الملذات و التحرر
و التعبيرات الفوضوية الجوفاء
سلمت من أخٍ كريم وضعنا قبالة هذه الحقيقة
و نياط الفؤاد تُقَطَع هلعاً من مرأى المشهد
العفو و الغفران و : gul تخرج من هيبة الطرح
؟
( إني وجدتها كلمة الصدق الوحيدة التي لا نستطيع أن نعايشها ..)
الاخ العزيز عماد
هدوء كلماتك تسكن كل موجات الامنا
الام تظهر عندما تنتصر الحياة
والام تختفي حين ينتصر الموت
فتربط الموت بالحياة على اوتار
زيارة المقابر تتعلق كلماتك نقية
صافية وبروعة بالغة تنساب
ابداعا فكريا معبرا...
شكرا على رقي كلماتك
العقراوي
تحياتي عماد الغالي على هذا التصوير الفني الجميل لمشهد يخافه كل الناس ..
وقفت ذات يوم على قبر في قمة تلة في إحدى قرى جزيرتنا المنسية .. وبدأ الناس يوارون جسد شاب في الأربعينات من عمره .. وهم يبكون لفراقه .. وبالوقت نفسه نظرت إلى السماء وإلى الآفاق من حولي.. فوجدت فسحة وسعة في هذا الكون على امتداد البصر.. ثم أرجعت النظر مرة أخرى إلى القبر فوجدته ضيقًا ومناقضًا لتلك الفسحة الكونية.. فأدركت حينها أن هذه الحفرة اختصرت الكون كله في ذاتها.. فمهما عشنا الحياة وانتقلنا في مرابعها وتضاريسها.. ومهما ملكنا من الأموال والعقار والأولاد .. ومهما عدلنا أو ظلمنا .. صدقنا أم كذبنا .. آمنا أم كفرنا .. فإن مصيرنا إلى هذا المختصر الذي هو بحجم أجسادنا ألا وهو (القبر).. وبعدها {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46
كم تمنيت أن يخالج كل نفس هذه الخواطر عن الموت والحياة .. مع العلم أن الشيخ الملقن لم يقصر في ذكر كثير من الحقائق .. ولكن هيهات لكل الآذان أن تسمع صوت الحق .. وهيهات لكل البصائر أن تعي حقيقة القبر والحياة ..
والسلام عليكم ورحمة الله ..
بارك الله فيك أخي عماد وأنت تستخلص من كل لحظة وموقف فكرة وعبرة .
نفعك الله بما علمك وعلمك ماينفعك
لا تكن وتراًً يعزف عليه الحياة ... بل كن عازفاً يعزف على أوتار الحياة أجمل الألحان