شكراً جزيلاً evdel ..بأنتظار المزيد...

بانتظار المزيد لك كل الشكر...............

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة الثانية

ويقوم المسنون والعجائز منهم بجمع الشباب حولهم، وبيان ما يجب عليهم معرفته من أمور الدنيا, ويروون عليهم الحكايات والحوادث السالفة وقصص المعارك، وكيف وأين جرت، ويحدثونهم عن أساليب القتال وعاداته.
وتقوم العجائز بجمع الفتيات والتحدث إليهن عن تدبير المنزل وواجبات المرأة, ويقدمن إليهن النصح والإرشاد تماماً كما يفعل الملا مع طلابه.
ولا يخرج الشباب عن طاعة المسنين, و إذا صادف أحدهم عويصة، فإنه يستشير شيخاً من شيوخ القبيلة، ويفعل ما أن يأمره به ذلك الشيخ.
والأكراد، حضراً كانوا، أو بدواً، شديدو الطاعة لحكامهم وسادتهم, وحتى لو كان حاكمهم مسيحياً، فإنهم يطيعونه, لكنهم يحسدون بني جلدتهم إن تبوؤا مركز السيادة، فلا ينزلون على حكم أحد منهم، ولا يطيعونه, بل يسعون قطعاً إلى تدبير فتنة وإثارتها.
وإن أحسن امرؤ إلى أحد من الأكراد, فإن الكردي لن ينسى إحسانه، بل يتحدث به دائماً في المجالس وبين الناس. والإساءة كذلك، يحدث بها الكردي أينما ذهب.
وهو لا يقابل الإحسان إلا بالإحسان، ولا الإساءة إلا بالإساءة، فهم يقولون: لا الإحسان يضيع ولا الإساءة تضيع.
وهم لا يتهيبون من الكلام ورد الجواب، حتى لو كانوا في حضرة حاكم، فإنهم يقولون الحق ولا يخافون، ولو عذبوهم، ولو ذهبوا بهم إلى القتل، فإنهم لا يتنصلون من كلمة الحق, أي إنهم شجعان جسورون، ليسوا كغيرهم من القبائل التي تخاف القتل.
وهم أصحاب خيول وجياد أصيلة, وثمة أربعة أنواع منها عندهم. هي كحيل, حد, سكلاوى, ومعينك. ويوجد نوع النجدي، ولكن بنسبة قليلة.
وكل فارس حربي، لديه طبنجتان على خصره، بالإضافة إلى طبنجتين أخريين في الحزام وبندقية من نوع "قربينه"(3), مع رمح وسيف وثلاث من أسنة الرماح معلقة على جانب الفرس. والخلاصة أن الفارس الحربي يملك عشر قطع من آلات القتال.
وفي الأكراد فرسان مهرة يمتطون جيادهم بسرعة فائقة، ويطلقون النار بدون توقف, وجيادهم مدربة على خوض المعارك, وهم على ظهورها ليلاً نهاراً، حتى لا تخذلهم في الحروب.
وجيادهم الأصيلة مقيدة خوف اللصوص والسلب، ولا تكون المفاتيح إلا في يد أصحابها. والجياد مسرجة على الدوام ملجمة ليلاً نهاراً، وأسلحتهم مهيأة دائماً, فإذا اقتضى الأمر، وثبوا على ظهور جيادهم، وهم في أتم الاستعداد. وهم يقدمون الشعير والعلف لجيادهم الحربية, ولا يدخلونها الإسطبلات، بل يربطونها إلى خيامهم، إذ يقع في اليوم الواحد اشتباك أو اثنان. وفي الربيع يتسلحون جيداً، قبل أن يتركوا خيامهم، ويبقون كذلك حتى يصلوا إلى المنازل التي سيخيمون عندها، ويرتاحوا من أحمال الأسلحة.

هوامش :
3ـ قربينه, نوع من المسدسات أو البنادق القديمة، وهي كلمة فرنسية كما في قاموس شمس الدين سامي باللغة التركية العثمانية ويقال إنها إيطالية.

ــــــ

يبتع .... إن شاء الله ... في الحلقة الثالثة

rojava,
Hemrin,
شكرا لكما على المرور والتشجيع

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة الثالثة

إن معظم الأكراد الأثرياء يضعون أموالهم بصفة أمانة لدى أصدقائهم من التجار في المدن، وعندما يحتاجون إليها، يذهبون لإحضارها. فهم لا يأمنون على أموالهم في مضاربهم، خوفاً من اللصوص والأعداء, وهم أنفسهم يقولون: لا قيمة لثرواتنا في مضاربنا، سواء كنا مصطافين أم مشتين, فلو كانت ثروتنا قطعان غنم وأتى عليها شتاء قارس لأبادها جميعاً, وربما تعرضت للنهب في غمضة عين، لم يبق لها من أثر.
وبنات الأكراد يتعلمن كفتيانهم, ولهن ملا يعلمهن. أما نساؤهم اللواتي في أواسط العمر، فأغلبهن يدخن الغلايين. ويخالطن الرجال في مجالسهم. وهن قليلات الصلاة, لأنهن مشغولات بأعمال المنزل. إنهن لا يكنسن في الليل، ويعتبرن ذلك أمراً جالباً للنحس, ولا ينفخن في المصابيح والسرج, وكذلك لا ينظرن إلى وجوههن في المرايا, ولا ينقلن المواعين، ولا يرمين الزبالة, فهذه الأمور عندهن تعتبر نحساً، إذا جرت في الليل.
وكذلك لا يغتسلن إذا حل الليل، وفي أيام الأربعاء، ولا يغسلن أطفالهن، لاعتقادهن أن ذلك يسبب الأمراض, وكذلك لا يفصحن عن ممتلكاتهن، ولا يدعن أحداً ممن يحذرن قدرته على الإصابة بالعي .
في الأكراد عجائز يعالجن المرضى من الأطفال وغيرهم بالخبز والملح, إذ ترمي العجوز المداوية بخبز وملح قرأت عليه، إلى الكلاب, و تدعي أن المرض سيصيب تلك الكلاب التي تناولت ذلك الخبز والملح، وأن المرضى سيمثلون للشفاء(4).
إن السجايا الجاهلية كثيرة بين الأكراد.
وهم يحبون المال كثيراً, وقد حدث مرة أو اثنتين أن رجلا كان يملك ألف رأس من الغنم أتى عليها شتاء شديد فأتلفها جميعاً، ولم يبق منها شيئاً، فخرج صاحب الغنم ممتطياً جواده شاكي السلاح, ونزل إلى الساحات مطلقاً النار باتجاه السماء قائلاً، والعياذ بالله: يا الله, لقد أبدت قطيعي, فأين أنت؟ تعال، لنتقاتل, ثم خر من الجواد ومات!!.
وهكذا ثمة أفاعيل جاهلية كثيرة منتشرة بين الأكراد, فعندما يموت منهم رجل عزيز على قلوبهم، يقولون، والعياذ بالله: ماذا فعلت يا الله؟ لقد قتلت فلاناً. والخلاصة أنهم يعصون الله كثيراً.
وفي المعارك عندما يرى أب أن ابنه قد قتل, أو أخ أن أخاه قد قتلـ يسرع ذلك الأب أوالأخ ويرتمي على جثة ابنه أو أخيه فيقتل أيضاً.
وحالما يولد بينهم طفل, يغسلونه بالماء البارد قبل كل شيء، ليقوى أمام البرد في اعتقادهم. ومعظم الأكراد يكتفون بزوجة واحدة, والنادر بين آغواتهم من له زوجتان أو ثلاث, والطلاق لديهم عيب كبير ومكروه أشد الكراهية, ولا يقع إلا قليلاً, ونساؤهم لا يأخذن نصيبهن من الميراث، بل يهبنه للورثة الذكور, فقبض الميراث من الأمور المعيبة لديهن, كذلك يعتبرنه مجلبة للنحس، قائلات إن من تأخذ من الميراث يصبح مالها ميراثا (أي تموت), لذلك فهن يبتعدن عن الميراث وعن ثياب الميت.
وهم يحتفلون بالمولد (المولد النبوي)، حيث تقوم النساء في طرف بتهيئة الطعام وإشعال البخور. وبقوم الرجال بذلك في طرف آخر.

هوامش :
4ـ في الحكايات الشعبية الكوردية نلاحظ أن النسوة العجائز هن اللواتي يمارسن مهنة الطب, ونجد في مم وزين أحمد الخاني، أن عجوز القصر تتخذ هيئة الطبيبة التي تشرف على تشخيص مرض العشاق في الملحمة.

ــــــ

يتبع .... إن شاء الله ... في الحلقة الرابعة

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة الرابعة : عادات العرس والزواج

وعندما يطلب أحدهم يد فتاة ويوافق أهلها على ذلك, يأخذون مقابل موافقتهم جواداً بعدته الكاملة هدية من أهل العروس, ثم يشربون الـ (شيريني)(5)، وبعد ذلك يتم تلبيس العروسين (الخواتم وما شابه ذلك).
وإن المهور غالية لديهم، وقد تبلغ مائة أو مائتين أو خمسمائة رأس من الغنم, بالإضافة إلى هدية محتمة لوالد العروس و كل أخ من أخواتها، ولا يتم الأمر دون ذلك(6).
وإذا كان صاحب العرس آغا أو ثرياً من الأثرياء, فإنه يرفق دعوته إلى كل واحد بـ (قلقند) كبير, أما المدعوون فإنهم وكل حسب طاقته يرسل لصاحب العرس رأساً أو اثنين أو عشرة رؤوس من الغنم. ثم يذهبون بأنفسهم إلى العرس(7).
وهكذا فإن صاحب العرس يجمع من المال والغنم أكثر مما يصرفه على حفلة عرسه.
أما إذا كان صاحب العرس فقيراً، فإنه يفرح أيضاً, إذ أن جميع الناس يهدونه الـ (توي بايي)(8), فتتحسن بذلك أحواله.
وإذا كان المدعو إلى حفلة العرس ذا مرتبة دنيا، ولا يملك ثروة فإنهم يهدونه الـ (كله شكر)(9) , وهنا لا بد له من رد الجميل بإهداء نعجة على سبيل (تويبايي).
والخلاصة أن لا عرس بلا هدايا, فلا بد من إهداء صاحب العرس شيئاً ما قليلاً أو كثيراً.
والنساء أيضا يهدين العروس هدايا مختلفة, كالجوارب والبسط والسجاجيد والحقائب...
وحفلات أعراسهم صاخبة, يرقصون فيها ويدبكون, وتسمى رقصتهم في العرس (بيلوته), ومغنوهم يدعون (بيريتفان)(10). وتدخل النساء والرجال, الشباب والشابات جميعاً حلقة الرقص يداً بيد. وفي أعراس الكبراء يأتون بالطبل والصرناية والكمنجة والدف والصنج. وعازف هذه الآلات يدعى (مطرب), ولكل طائفة من طوائف الأكراد مطرب خاص ولا ينبغي لهم أن يأتوا بمطرب غير مطربهم الخاص. ويدوم العرس من ثلاثة أيام إلى سبعة حسب الأحوال.
وعندما يدخل العروسان أخيراً حلقة الرقص ويرقصان, يعمد المحتفلون إلى تقديم النثار: إما غنماً أومالاً, ويجتمع بذلك كثير من المال والغنم, حيث تعطى حصة منه للمطربين وحصتان لصاحب العرس.
وجل طعام الأكراد في أعراسهم وولائمهم لحم ورز, فهم لا يعرفون كثيراً من ألوان الطعام، ولم يعتادوا على ذاك. لكنهم يسرفون في ولائمهم، ويمدون سماطاً طويلاً يضعون عليه كثيراً من اللحم والرز.
ويتناوب المدعوون على الأكل جماعات جماعات, كل جماعة تفرغ من الأكل، تحل محلها جماعة أخرى, بينما يقوم رجال بنقل الطعام إلى السماط. إلى أن ينتهي الجميع من الأكل(11).
وعندما يحين موعد إحضار العروس, تذهب امرأة من أهل العريس تسمى (بربوك)(12) إلى بيت العروس. وهناك ترافقها امرأة من أهل العروس تسمى أيضاً (بربوك) ويأتين بها إلى مكان، حيث تمتطي العروس حصاناً، بينما يلعب بضعة فرسان في المقدمة. وهكذا يأتون بالعروس فرحين إلى بيت العريس.
ويعقدون القران ويدفعان بهما إلى خلوة الزفاف التي تسمى (كردك) (13). وبعد ثلاثة أيام يقدم أهل العريس هدية لكل واحدة من الـ (بربوك) فتمضي في حال سبيلها. وبعد مدة يتبادل أهل العريس وأهل العروس الزيارات والهدايا. وإذا صادف لحظة عقد القران هطول ثلج أو مطر، قالوا إن العروس أكلت كثيراً من طعام القدور.

هوامش :
5ـ شيريني من كلمة شيرين الكوردية بمعنى الحلو وتلفظ شيراني أيضاً, وهي حفلة الشراب التي تلي الاتفاق على قبول عرض الزواج.
6ـ جرت العادة في كثير من المجتمعات الكوردية أن يطلب أهل العروس هدايا من أهل العريس, ويطالب العم والخال بهدايا يسمونها خاللغي و آبلغي.
7ـ في قاموس هه نبانه بورينه للمرحوم هه زار قه لقه ندا و كه له قه ندو هي هدية علية القوم وكبرائهم على من هم أدنى مرتبة منهم. وقد كانت العادة جارية إلى وقت قريب في المجتمعات الكوردية التي لم تفسد بعد، ولم تذب تماماً في المجتمعات المدنية.
8ـ توي بايي بالباء العجمية من توي بمعنى عرس، وهي كلمة تركية على ما نعتقد، بمعنى الحصة والمعنى الإجمالي هدية العرس, وتويانه كما ورد في هه نبانه بورينه تعني ما يرفق بجهاز العروس من نقل ومازوات.
9ـ كله شكر صيغة أخرى لـ قه لقه ند، بمعنى الهدية التي يتداولها الناس في الأعراس.
10ـ بيلوته وبيريته، نوع من الرقص الجماعي يصاحبه الغناء, وكان طلبة العلم الديني يمارسون هذا النوع إلى وقت قريب، وقد ورد في مم وزين الإشارة إلى هذا النوع من الرقص.
11ـ في مم وزين إشارة إلى الإسراف في حفلات الزواج, انظر مثلاً حفلة عرس تاجدين في الأثر المذكور.
12ـ بربوك، تعني حرفيا مقدمة موكب العروس, وتلفظ بربو أيضاً, حيث يقوم وفد من أهل العريس بالذهاب إلى منزل العروس لجلبها.
13ـ المكان الذي تزف فيه العروس إلى عريسها, وتعني لغوياً زاوية في الغرفة مخصوصة للزواج.

ــــــ

يتبع .... إن شاء الله ... في الحلقة الخامسة

شديدو الطاعة لحكامهم وسادتهم, وحتى لو كان حاكمهم مسيحياً، فإنهم يطيعونه, لكنهم يحسدون بني جلدتهم إن تبوؤا مركز السيادة، فلا ينزلون على حكم أحد منهم، ولا يطيعونه, بل يسعون قطعاً إلى تدبير فتنة وإثارتها.
==================
zor spas keko ......

وعندما يطلب أحدهم يد فتاة ويوافق أهلها على ذلك, يأخذون مقابل موافقتهم جواداً بعدته الكاملة هدية من أهل العروس
=================
يعني إذا أسقطنا الحالة على زماننا هذا (بيطلعلي عند أهل العروس دبابة أو مصفحّة بكامل عتادها) :mrgreen:
شكراً كتير عزيزي...

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة الخامسة : الكريفاتي

ويحتفل الأكراد بالـ (كريفاتي), و يتم ذلك كما يلي:
يبعث الرجل (إن كان من علية القوم) إلى رجل في مثل مرتبته فرساً مجهزة بكامل عدته، أي إنني أريد أن تصبح لي كريفاً. فإذا قبل الرجل دعوة الأول, منح مكافأة للرسول الذي أتى بالفرس، ويبعث إلى الأول بجواب مفاده نعم أقبل أن أصبح لك كريفاً.
أماإذا كان الرجلان من الطبقة الوسطى أو الدنيا, فإن طالب الكريفاتي يجهز كبشاً ويزينه بدل الفرس. و هكذا تتم عملية الكريفاتي.
ويقوم أهل الولد المراد ختانه بإعداد الوليمة، والدعوة إليها يوم الختان، ويأتي الكريف أيضاً, وأخيراً يأتي المطهر ويختن الأولاد. و قوم الكريف بدفع أجرة المطهر وينفحه مكافأة وبخشيشاً.
ولمدة ثلاثة أيام، وبمعدل مرتين في اليوم, يأتي طعام الأولاد من بيت الكريف.
وعندما يقوم الأولاد ويتماثلون للشفاء, يعمد الكريف حسب إمكاناته إلى إهداء كل واحد منهم ثوباً، ويلبسه إياه. ثم يدعو والد الأولاد الكريف وعائلته إلى بيته، ويستضيفهم بضعة أيام, ويقوم أفراد عائلة الكريف بإهداء الأولاد وكل حسب طاقته، ثم ينصرفون (14).

هوامش :
14ـ تلفظ كريو أيضاً، وهو من يتم ختان صبي في حجره, وينادي الكورد المسيحيين واليزيديين الذين يعيشون بين ظهرانيهم بهذا الاسم تحبباً، ربما كانت اللفظة محرفة من الكلمة العربية القريب, والكريف يرث صاحبه ويطالب بدمه، ولا يجوز الزواج بين من ترسخت فيهم علاقة الكريفاتي، كما ورد في الهوامش الفارسية على ترجمة هذا الكتاب التي قام بها عزيز محمد بور داشبندي.

ــــــ

يتبع .... إن شاء الله ... في الحلقة السادسة

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة السادسة : العلم والفقه

ولا يوجد راتب مخصص لمعلمي الأولاد كما هو معهود لدى الروميين (الأتراك). ولكنهم يبعثون أول ما يرسلون أولادهم إلى الكتاب بهدية إلى المعلم حسب قدراتهم. إلى أن يختم الولد القرآن, عندها يدعو والداه المعلم, و يهبانه حسب طاقتهما بضعة رؤوس من الغنم أو بقرة.
أما الدروس الأخرى، فإن المعلم يلقنها للأولاد بدون أجرة يتلقاها، إلا مدرسو المدارس، فلهم رواتب معينة من مال الأوقاف.
ويأتي المدرسون في الصباح الباكر إلى المدرسة، ويلقون الدروس إلى أن يقترب المساء، فيعودون إلى منازلهم ما عدا يومي العطلة وهما الثلاثاء والجمعة, فإنهم لا يأتون، بينما يقوم التلاميذ بمذاكرة دروسهم ومراجعتها وحفظها وتلاوتها. وقد جرت العادة أن يقدم كل واحد مساء ثلاثة أرغفة وآنية طعام إلى التلاميذ, وهم يحترمون الملالي كثيراً ويقدرونهم, حتى أنه إذا ضرب الملا أحد العامة أو شتمه فإن العامي لا يرفع يده ولا يرد الشتيمة.
وفي جهة بوهتان وهكاري وبهدينان وسوران, إذا لقي العامي في طريقه ملا, فإنه ينزل من دابته ويقبل يد الملا ثم يكمل سيره (15).

هوامش :
15ـ للمزيد من الاطلاع راجع كتاب ضرب زيد عمراً في مدارس عامودا وما حولها، للشيخ غفيف الحسيني، حيث نصادف تفاصيل دقيقة عن عادات الفقهاء وطلبة العلم الكورد في مدارسهم..

ــــــ

يتبع .... إن شاء الله ... في الحلقة السابعة

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة السابعة : عادات الضيافة والطعام

إن الأكراد الرحل يعاملون ضيوفهم، بأن يقودوهم مباشرة إلى الخيام, ويقوم صاحب البيت (الخيمة)، ليمسك بالركاب ويقود الفرس لربطها. وإذا لم يكن صاحب البيت موجوداً, فإن زوجته تقوم بالواجب وتأخذ بزمام فرس الضيف لتقودها وتربطها. وتذهب بالضيف إلى الخيمة وتكرم الضيف ترعاه أكثر من زوجها.
أما الأكراد الحضريون في بوهتان وهكاري وسوران, فليس لهم غرف مخصوصة للضيوف لأن المسجد هو بيت الضيافة . إذ ينزل فيه الضيوف سواء كانوا فرسانا أو راجلين من علية القوم أو من عامتهم. فأما إذا كانوا فرسانا فإن القرويين يحضرون جيادهم ويربطونها عندهم في البيت ويقدمون لها العلف , بينما يبقى الفرسان في المسجد .
وفي المساء يذهب كل قروي ومعه آنية من الطعام وخبز إلى المسجد، وبعد صلاة المغرب يمدون السماط ويضعون الطعام ويأكلون مع ضيوفهم, بعد ذلك يحضرون الفرش للنوم.
وفي مساجدهم مواقد يشعلون فيها النيران, وغرف المساجد مفروشة عادة ومجهزة كالمضافات.
أما الأكراد الحضريون في نواحي وان وموش وبايزيد, فيملكون في كل بيت مضافة للرجال حسب الحال, وإن لم يكن في بيت أحدهم مضافة, فإن الضيوف ينامون في طرف من الغرفة، بينما ينام المضيف وزوجته وعائلته في طرف آخر. ومهما يكن من أمر، فإنهم لا يردون الضيوف، ويعتبرون ذلك عاراً ومنقصة كبيرة, حتى و لو كان الضيف من الملل الأخرى.
إن الأكراد شديدو الإكرام في بيوتهم, فلا يمكن أن يفعلوا مثل غيرهم، وأن يتناولوا فواكه وطعاماً بينما ينظر إليهم أحد من بعيد. ولا بد أن يعطوا لذلك الشخص مقداراً من تلك الفواكه وذلك الطعام الذي يتناولونه, فهم يعتقدون أن شهوة الطعام لدى ذلك الرجل تتحول إلى أفعى وتزور الإنسان في الحلم، وهو مجرب عندهم، وهم لذلك شديدو الاحتراز ولا بد أن يعطوا من ينظر إليهم وهم يأكلون شيئا قليلاً أو كثيراً.
من جهة أخرى، فهم لا يأكلون حصة من سواهم, فمثلاً لو قسمت تفاحة بين شخصين, فإن أحداً منهما لا يأكل حصة صاحبه حتى لو وهبها إياه, لأنهم يعتقدون أن أكل نصيب الآخر يؤدي إلى بروز بثرة على اللسان ويتأذى منها الإنسان. و قد يصدف كثيراً أن تظهر إحدى تلك البثور على لسان شخص ما فيقول: ترى حصة من أكلت ومتى حدث ذلك؟!.
وإذا وقعت لقمة من يد أحدهم أو وجد صعوبة في ابتلاعها قال : واحسرتاه ..صاحب لي جائع في مكان ما , ثم ينسحب عن المائدة و لا يأكل.

ــــــ

يتبع .... إن شاء الله ... في الحلقة الثامنة

ملا محمود بايزيدي

كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم

الحلقة الثامنة : عادات متفرقة

وإذا تراقص لسان الشمعة قال صاحبها: إنهم يغتابونني.
وإذا سال السمن من يد المرأة ووقع في التنور فاشتعل, عدوه من علامات الشؤم الكبيرة وقالوا إن كبير البيت سيموت.
وكذلك فهم يحسبون أيام برد العجوز والتي يسمونها (زيب) من أيام النحس فلا يغادرون منازلهم ولا يسافرون (16).
وعندما يبقى لصوم المسيحيين خمسة عشر يوماً, يصوم شباب الأكراد العازبون فتياناً وفتيات ثلاثة أيام, حيث يفطرون كل مساء، لكنهم لا يشربون الماء و ينامون وهم ظمأى. ويقال أن كل فتاة ترى في منامها شخصاً يعطيها ماء, فإن ذلك الشخص سيكون في الحقيقة زوجها وهذه لا شبهة فيها عند الأكراد. و هم يسمون أيام صومهم تلك خدر نبي (النبي خضر).
من جهة أخرى فإنهم يصنعون الـ (بوخين)(17)، و يسكبونه في آنية خشبية يضعونها وسط الدار, ويزعمون أن أثر حصان النبي خضر يظهر على ذلك، ويكون ذلك مبعث سرور صاحب الدار، إذ يدعي أن البركة حلت في داره, ثم يصنعون من ذلك الـ (بوخين) حلوى ويوزعونها على بيوت الجيران والأقارب ويبقون قليلاً منها للتبرك بها.
ويسمي الأكراد الأربعاء الأخير من شهر شباط بالأربعاء الأسود أو الأخير, إذ يقيمون الأفراح في ذلك اليوم، ولا يتشاجرون مع أحد. و يهيئون كثيراً من الطعام في بيوتهم. وفي اعتقادهم أنه إذا عمل أحدهم في ذلك اليوم عملاً، فإنه يكثر منه في عامه المقبل.
ومن عاداتهم في الأعياد صنع الهريسة, ومن عاداتهم أن المتخاصمين يجنحون للصلح في العيد. ويتزاورون لمدة ثلاثة أيام، ويذهب سكان كل زم إلى الزم الآخر. أما الأطفال فهم يدورون على البيوت و المنازل, و يحصلون على النقود والفواكه.
إن أكراد هكاري يسمون اليوم الذي يحتفل فيه المسيحيون بـ (هيكسور) أو(كافركور) ويخرجون إلى المنتزهات نكاية فيهم.. ويصنعون الطعام و يشربون ويأكلون.
أما أكراد ناحية موش وبايزيد ووان, فإنهم أيضا يلونون البيض لأطفالهم باللون الأحمر في عيد (هيكسور) جرياً على عادة المسيحيين, ويلعب الأطفال الكرد مع الأطفال المسيحيين سوياً.

هوامش:
16ـ زيب، تعني البرد الذي هو عبارة عن كرات متجمدة تهطل عقب عواصف رعدية, وبرد العجوز عبارة عن أيام باردة تعتبر نحساً، وهي سبعة أيام في آخر الشتاء، و لذلك سميت الأيام تلك عجوزاً، لأن الشتاء يكون قد شارف على الرحيل، وهناك تفسيرلت أخرى للاسم لا مجال للخوض فيها.
17ـ بوخين أو بوغين بالباء العجمية غذاء متخذ من اللحم والبرغل والسمن الحيواني, وفي الهدية الحميدية بوخين السويق الدقيق الذي يخرج بعد النخل من طحين الحبوب. ويعتبر بوخين من أعياد اليزيدية أيضاً. ويقول محمد يور داشبندي أن أكثر من ينتاول هذا الطعام هم اليزيديون.

ــــــ

انتهى الجزء الثالث من كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم لـ ملا محمود بايزيدي

هذا هو الجزء الذي حصلت عليه من كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم .. وأظن أن الكتاب كاملا يعد للنشر في وقت لاحق ..
وأظن أنني بتقديم هذا الجزء إلى رواد كوليلك .. قدمت فكرة عن التاريخ الاجتماعي للأكراد (وهو أحد اهتماماتي)

و لي بعض الملاحظات أدونها في ختام هذا العرض :
أولا ـ أن الكتاب لم يؤلفه مستشرق أو دارس غريب .ولم يكتبه زائر قضى رحلة ترفيهية في كردستان ..وإنما ألفه شخص من الأكراد أنفسهم .. وبالتالي فهو أصدق في التعريف بعادات هذا الشعب ..
ثانيا ـ المؤلف ملا محمود يتبين من سيرة حياته أنه اجتماعي وذو خلطة جيدة مع الأكراد الرحل والحضر .. وهو ما يزيد المعلومات التي يقدمها موثوقية ..
ثالثا ـ مؤلف الكتاب عاش قبل حوالي قرنين من الزمان .. أي أنه بعيد كل البعد عن أية مصالح حزبية أو نزعات عصبية .. وكل هذه الأمور تزيد من موثوقية هذا الكتاب ..

وملاحظة بالنسبة للمترجم ..
مع أنني ممتن وأقدر الجهد العظيم الذي بذلاه في ترجمة هذا الكتاب كل من السيدين محسن سيدا و جان دوست ..
غير أنني من خلال مطالعاتي المتواضعة لمواضيع أخرى قدمها محسن سيدا .. أجد أنه في كثير من الأحيان يقحم رأيه الشخصي اقحاما فجا في الوثيقة التاريخية ويؤول كثيرا من المواقف والأحداث بناء على آرائه الشخصية .. ومثل هذا الأمر يعتبر في علم التحقيقات من السلبيات التي قد تفقد الوثيقة التاريخية بعض قيمتها ..
ولذلك فأنا أقرأ الوثيقة التاريخية بشغف ولكنني أقرأ تعليقات السيد محسن سيدا بتحفظ ..

أدعو الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه خير الشعب الكردي ..
ولكل من قرأ معي هذه المعلومات عن تاريخ الأكراد وعاداتهم أشكر له اهتمامه ومروره
ولموقع تيريز.كوم كل الشكر لأنني نقلت عنهم هذا الجزء