تخصصوا تتقدموا
إن الاستمرارية (المشروحة في الموضوع السابق) يمكن توظيفها في أحد أهم المبادئ التي يقوم عليها تقدم المجتمع .. إنه الاختصاص
في العادة نرى أن الطفل يميل الى شيء ما، كأن يحب الرسم، أو يحب أفلام الخيال العلمي أو قراءة القصص وتعلم الكلمات الجديدة..
أما أنا فكنت أحب أن أمارس كل شيء، فقد كنت سريعاً في التعلم. وكان يجذبني الرسم فأتعلم بعض الأمور بسرعة ثم انقطع وانتقل الى كتابة القصص. فاكتب قصة، بعدها أطالب بشراء الة موسيقية. فاشتريت آلة الأورغ، بعدها مللت وتعلمت البزق قليلا ولم أكمل، ثم توجهت الى البغلمة ثم العود، أخيرا أحسست أني أحب الكمان فاشتريت كمانا. وتوجهت الى البرمجة ثم تصميم الصور ثم الفيديو. والقائمة تطول أكثر..
بعد أن كبرت قليلا رأيت انني أتعلم من كل الشيء القليل واتركه دون اجادته.. وقد دار بيني وبين خالي (متين) حوار حينما قررت أن أتعلم اللغة الايطالية . فقال هل انت ممتاز في الانكليزية .. قلت: لا . قال اذا فانهي واتقن ما بدأت به ثم توجه الى غيره والافضل ان تتعلم وتتبحر فيما تتقنه.
وهذه هي فكرة الاختصاص..
فاعلم أن الانسان لا يستطيع حمل بطيختين في يد.
في برنامج تصميم الرسوم الثلاثية البعد يوجد البعض ممن يختص فقط في تصميم الرأس، ويوجد من يختص في الاضاءة.
ما النتائج؟؟
صديق لي ذهب الى ميونيخ للمشاركة في مسابقة عالمية في صنع لعبة في 48 ساعة فقط.. لقد أنجز فريق من عشرين شخصاً لعبة ثلاثية البعد من عدة مراحل وعزفو موسيقاها. وصمموا لها موقعا على الانترنت في مدة 48ساعة.
فكل عرف ماذا يعمل تماما اضافة الى مهارة أخرى سأذكرها في الموضوع القادم.
كل يعرف عمله بالضبط ويؤديه باتقان وليس مطلوبا منه غير مجال معين ومحدد تماما..
ما مشكلتنا ؟؟
هي أنه لا يوجد من يرشدنا بشكل جيد في صغرنا ، وعدم معرفتنا ما هو منحني التعلم؟؟
التعلم في البداية يكون سريعا، وبالتالي يبدو الامر ممتعا ومثيرا ولكن لا يلبث ان تتباطأ عملية التقدم بعد الوصول الى نقطة معينة، حينها يبدأ الملل يتسلل، وبما أننا لم نتعود المنهجية والاستمرارية، فإننا نتوقف ونتوجه الى شيء يحقق لنا المتعة، ولم نعرف أن هذا التباطؤ سينتهي في نقطة زمنية أخرى وتتسارع العملية مرة أخرى وترجع المتعة..
قالت لي احداهن، وهي فتاة من أم كندية:
كنت أحب تعلم البيانو حينما كنت في السادسة، وكان الموضوع مثيرا في مدرسة الموسيقا في البداية، لكن بعد فترة أحسست أني لا أتقدم (بسبب الوصول الى نقطة التباطؤ) فمللت وطلبت التوقف والانتقال الى آلة جديدة. ولكن أمي شرحتلي أن الملل طبيعي ومؤقت،. وبعد فترة أصبحت أمي تجبرني فأذهب الى المدرسة باكية. وبالفعل لم تدم المرحلة طويلا حينما بدأت بعزف ألحان معينة.. ثم بدأت المتعة من جديد.. وهكذا كان نفس المسلسل يعيد نفسه ( ملل ثم متعة). فأخذت أنا دور أمي حينما أمل، لأقنع نفسي أنها مرحلة مؤقتة..واستمر الموضوع ثمان سنوات حتى إجادتي لها وأنا الآن أشكر الهي مائة مرة أن أمي لم تطعني.
لو أنها فعلت مثلي :oops: لكان لديها من كل بستان زهرة ولم تكن لتمتلك هذا البستان الرائع بعزفها الساحر.
ما الحل؟؟
اذا كنت قد بدأت بشي و اتخذت مسارك فإبدأ بمسيرة الاختصاص وطبق الاستمرارية ( التي تم شرحها في موضوع الاستمرار)
أما إذا لم تكن قد بدأت فـ:
استفت قلبك؟؟
فالعمل الذي نحبه هو العمل الذي يتطابق و امكاناتنا العقلية. ولكن مهلا. ان ما قد تحبه الان قد تكرهه في الليل.. اذا تريث و أبدأ أولا بالتأمل والتعمق. لتتعرف على نفسك أكثر .
- قد توجد مشكلة أخرى، أنه قد يوجد شيء مطابق لك ولكنك لم تتعرف عليه.. فهاهو صديق اجريت له تحليلا لذكاءاته العشر.. وسألته أتعرف برنامج ثري دي ماكس للتصميم ثلاثي البعد. قال : لا.. وحينما أريته التصاميم على الانترنت وكيف يتم تحريك الاجسام عبر الكمبيوتر.. كادت الدمعة أن تنزل من عينيه .. فقد وقع أخيرا على كنزه.
فمن الممكن لك أن تتصفح مواقع وتقرأ مختلف العروض فقد تجد كنزك ..
اذا ابحث ولا تجلس.
وأدعو من ربي أن يختص كل منا في شيء لنبدع .. ونحقق الفعالية الكبيرة في مجتمعنا وبالاستعانة بالتقنية التي سأذكرها في الموضوع القادم.
نذهب ..ونلف..ونعود....لنرى كل يومياتنا وطريقنا وحياتنا قد خطط لها الاسلام من قبل ...فعبارة رسول الله((من عمل منكم عملاْ فليتقنه))توجز كل ما كتبته عزيزي جوان
...التخطيط..الاصرار...العمل بدون ملل...المثابرة...حب العمل ..الرغبة...الطموح...هو اساس الاختصاص ...
لوعدنا للوراء قليلاْ سنجد هناك اناس امثلة للطموح والمثابرة ...يكفي ان نقول كمثال (ان يلماز غوني كان يخرج الأفلام من وراء القضبان)
ولا مانع من ان نقنع انفسنا اذا اغلقت الابواب امامنا بعبارة:أعرف كل شيء عن شيء وشيء عن كل شيء
نصيحة جيدة فشعوبنا هي التي تفهم في كل شيء وتأخد من كل شي القليل ويضيع العمر هباءَ في محاولة التعلم كل شي
بينما التخصص يجعلنا مبدعين في شيء خاص فينا نحبه ونتعلم المزيد عنه يوما بعد يوم بالمتابعة ..............
والمشكلة التي يجب أن تطرح ماهو الاختصاص الذي نحبه وهل نبقى العمر كله في البحث؟
كل الشكر jooan, على مواضيعك .............
metin, شكرا لمرورك.. واضافتك.
انا لسا نفسي تطلع يمين وشمال .. قبل فترة كنت بحب أدرس مع دراستي شغلة تانية..
بس ألغيت الأمر لضيق الوقت .. :mrgreen:
baranstan, من عمل منكم عملاْ فليتقنه .. هذا بالضبط ما نحتاج .. وان سرد بعض التجارب قد يجعل الحديث يثبت في الاذهات أكثر.
hiam, أشكر مرورك.. أما بالنسبة لتحديد الاختصاص فهناك مواقع متخصصة باللغة الالمانية فيها عدد كبير من الاسئلة لتحديد ما يتناسب وقدرات الناس..
قد ننقلها للعربية في يوم ما.

هذا أروع ما كتبت .... التعلم من التجربة ثم التعميم
الاختصاص الاختصاص ..... و الاستمرار الأستمرار ...... أو لا نجاح
و قديما قالوا سبع صنايع و البخت ضايع ... بلغة الاستهجان .... لكنهم في الحقيقة ذكروا سبب البخت الضايع .. و هو السبع صنايع
مبدع