القضية الكردية في المحافل الدولية
من القرن التاسع عشر الى الحرب العالمية الثانية :
منذ نشوء الحركةالوطنية الكردية فان المسالة الكردية لكونها مسالةسياسية هامة في الشرق الاسلامي قد اصبحت لاول مرة في تاريخها القديم و المعاصر موضوعاً بالغ الأهمية في برامج الدول الغربية و الأوربية على السواء .وطالما عرفت القوى العظمى مثل روسيا القيصرية وفرنسا وبريطانيا أهمية القضية الكردية ولكي تثبت أقدامها في المنطقة فقد عملت على دعم الأتراك و الفرس و اتخذت خطوات في افشال ثورتين :ثورة بدرخان : (1843_1847) و ثورة الشيخ عبيدالله النهري(1880_1881)...
وفي اعقاب انهيار الأمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الاولى فقد بدأت المسالة الكردية تستحوذ اهتماماً أكثر من ذي قبل و التي كتب عنها المستشرق(لازاريف)....((برزت القضية الكردية كمسألة دولية مع بداية القرن التاسع عشر وفي أعقاب الحرب العالمية الاولى في القرن العشرين فقد استحوذت على اهتمام أكثر على الصعيد الدولي)).
وقد أكد السيد ادوارد غراي _قبل الحرب فاحدى رسائله بان بريطانيا و روسية القيصرية كانتا ستفضلان انهيار الامبراطورية العثمانية في حال مساندة الاتحاديين الاتراك للالمان . وفي اواخر شباط 1914 انضم الاتحاديون الاتراك الى الالمان واعلنوا الحرب ضد الحلفاء ولهذا فقد بدأ الانكليز العمليات العسكرية ضد الامبراطورية العثمانية في شهر تشرين الثانيمن نفس العام ..
وقد اتبع الحلفاء سياسة مزدوجةمنذ البداية فقد قدموا بشكل علني عهوداًللاممالرازحةتحت سيطرة الامراطوريةالعثمانية على اساس خلاص الشعوب المستضعفة والتي تعاني الظلم و القهر ولكن كانت تضمر سر احتلال بلدانها وتقسيم ثرواتها القومية فيما بينهم، وطوال هذه الحرب المدمرة ،فقد بذل كل من السيدين مارك سايكس وزير خارجية بريطانية ونظيره الفرنسي جورج بيكو جهوداًمكثفة للتحضير لخطة دولية لاحتلال وتقسيم الامبراطورية العثمانية وكردستان تركية وقد كانت روسية القيصرية تحتفظ بقواتها العسكرية في المنطقة آنذاك .ولذلك فقد ابى وزير الخارجية الروسي سيرغي سازانوف موافقة حكومته في مشاركة هذا المشروع الامبريالي استجابة لطلب كل من سايكس وبيكو اللذين عرضا عليه بان الحلفاءقد منحوا حكومته حقاً قانونياً لاحتلال جنوب شرق تركيا و التي تتضمن المقاطعات التالية وان ،تبليس ، ترابزون ،أرضوم و أورمية من كردستان الشمالية ..وفق اتفاقية سايكس _بيكو السيئة الصيت فقد تم احتلال كردستان تركية على الشكل التالي : المناطق الواقعة مابين النهرين و المنطقة الممتدة من خانقين في جنوب كردستان الى جنوب الكويت والتي هي ملونة باللون الاحمر على الخارطة التي صممها الحلفاء سراً،كان يشار بها الى السيطرة الفرنسية وتضمنت هذه المنطقة ولاية الموصل منطقة كيليكية وولاية أضنةوالمقصود بها المناطق التي الحقت الآن بالعراق وسورية ولبنان و المناطق الملونة بالاخضر كان يشار بها الى المناطق الروسية و التي كانت تشمل ولايات (وان،بدليس، ترابزون،أرضروم،وأورمية )..لذافقد اصبحت القضية الكرديةجزءاًهاماً من الهدف الاستراتيجي للحلفاء في الشرق الاسلامي في العقد الثاني من القرن العشرين ،وقدبقيت هذه الفكرة سرية حتى توقيع معاهدة مودرس لوقف اطلاق النار في عام 1918عندما بدأ الجيش البريطاني في نهاية عام 1917باحتلال و لاية خانقين واربيل وكركوك،فقد كان الانكليز مازالوا يزعمون بأن هدفهم كان تحرير الامم الصغيرة من نير الاحتلال العثماني وعندما انتهت الحرب كان الموصل غير محتلةوقتها...
وفي الواقع كانت مدينة الموصل تحظى بأهتمام خاص في جدول سياق السياسةالبريطانية وفق الفقرة السابعة من أتفاقية و قف اطلاق النارفأن الحلفاء كانوا يحتفظون بحق احتلال اي جزء استراتيجي من الامبراطورية العثمانية ووفقاً لذلك فأن الانكليز احتلوا الموصل و المنطقة المجاورة في عام 1918وكان هذا الاحتلال بمثابة الخطوة الاولى لفصل كردستان الجنوبية من اجزاء كردستان الاخرى وقدكان الحلفاء منشغلون بتاسيسمنظمة دولية ليحافظوا على مصالحهم في المشرق لذلك فقد اسسوا عصبة الامم المتحدة في كانون الثاني عام 1919وقبل ذلك بأسبوع كان الحلفاء قداعلنواعن نيتهم في عقد مؤتمر دولي للسلام في باريس وليناقشوا القضايا الهامة في الشرق الاوسط بمافي ذلك القضية الكردية والجدير بالذكر ان السيد شريف باشا كان قد لعب دوراًكبيراً في أصال القضية الكردية الى المحافل الدولية وخاصة مؤتمر السلام في باريس عندما سلم مذكرتين وخارطة كردستانالى لجنة المؤتمر العليا والى بوغوص نوبار الممثل الارمني الى المؤتمر وقداسفرت مداولاته عن معاهدة سيفر في11شباط1920 وقد كانت هذه المعاهدة الدولية الخامسة التي نجح بها المؤتمر وكانت المعاهدة مؤلفة من ثلاثة عشر جزءاً واربعة وثلاثون بنداً انجزتها خمسة لجان وان البنود/62/63/64/من الجزء الثالث كانت تتعلق بكردستان ووفقاً لهذه البنود كان سيمنح لجزء من كردستان استقلاله وفق ثلاث شروط:
الاول_:الخط الوهمي الواقع شرق الفرات وجنوب ارمينيا سيعطى حكماًذاتياً محلياً ومن ثم الاستقلال في غضون سنة واحدة ،كان في هذه المرة التركيزعلى مصالح الحلفاء وليس مصالح الاكراد..
الثاني_ :فان سكان المناطق المذكورة اعلاه سيطالبون بانفسهم بالانفصال عن تركيا وفي ذلك الوقت كانت السلطات الكردية منقسمة الى مجموعتين او ثلاث :مجموعة تتالف من الاقطاعيين الاكراد وزعماء القبائل وبعض الموظفين السابقين في الامبراطورية العثمانية وكان تحت تاثير القائد التركي الديماغوجي مصطفى كمال وبناء على طلبه فقد ارسلوا برقيات الى المؤتمر والى وودرولسن رئيس امريكا معلنين رفضهم للاستقلال مؤكدين على الاخوة الكردية التركية بدلاُمن ذلك ..ومجموعة اخرى مثل الجمعية الكردستانية التقدمية و التي كانت تضم بعض الشخصيات الاجتماعية الرفيعة المستوى مثل الشيخ عبد القادر شمزيني وأمين علي بدرخان ،رفضوا ايضاً الانفصال عن الدولة العثمانية .وكانت مجموعةاخرى قليلة العدد دعت الى الاستقلال ولكنها لم تستطع ان تلعب دوراًفعالاً.
الثالث_:وهو انه لا يجوز اتخاذ اية خطوة او اجراء يتعلق بالاكراد دون موافقة الامم الفقرة 64 من ميثاق عصبة الامم . وفي الحقيقة فان استقلال كردستان ما كان ليعلن حتى ولو توحدت كلمة الاكراد في جبهة واحدة .حيث ان الحلفاء ما كانوا ليقبلوا بذلك في آب1918،عندما اعلنت معاهدة سيفر كان قد تقرر احتلال كردستان الشمالية من قبل الحلفاء بعد سحب القوات الروسية منها مباشرة بعيد ثورة اوكتوبر نتيجة لصلح بريست ليتوفيتش في آذار 1918 والتي اعقبت اتفاقية وقف النار بين الاتحاد السوفياتي و الدولة العثمانية في كانون الاول 1917 .أما الانكليز الذين كانوا ينفذون سياسةغريبة فقد اولوا اهتماماًخاصاً لكردستان الجنوبية (ولاية الموصل )وقد بذلوا جهوداًمستمرة فيها لياخذوا تلك المنطقة من الفرنسيين وفي مؤتمر سان ريمو 1920 تمكن ليود جورج رئيس الوزراء البريطاني من اقناع نظيره الفرنسي كليمنصو للتخلي عن هذه المنطقة لصالح بريطانيا و بالتالي فقداصبحت كردستان الجنوبية تحت رحمة السياسة البريطانية ومصالحها..

..........................................................................................................
و سيكون هناك تتمةللموضوع في الردود انشاء الله.قريباً..
..................................................................................................