سافر....لا تسافر

7 ردود [اخر رد]
مشترك منذ تاريخ: 17/12/2008

التقى الصديقان س (سافر) ول (لا تسافر) وكالعادة بدأ النقاش الذي لم يصل بهم إلى أية نتيجة منذ شهور طويلة

س: علينا أن نتوصل إلى قرار اليوم... فالأيام تمر ونحن لم نصل إلى أي قرار بعد...

ل: اعتقد أن الأمر أوضح من أن نتناقش فيه أنت تعلم تماما أن السفر عملية تؤدي بصاحبها إلى الابتعاد عن واقعه ... والافتراق عن هموم شعبه وقضاياهم... فالانسان الذي لا يعيش المعاناة لن يستطيع الشعور بحقيقة هذه المعاناة مهما ادعى العكس وكم من شاب مفعم بالحيوية خسرتهم أوطانهم ولم يعودوا إلا بعد أن بلغوا من العمر عتيا..

س: ولكن إن هي إلا سنوات قليلة وتعود أقوى وانفع لوطنك.... تعود محملا بخبرتك عن مجتمعات جديدة .. تعود وقد صرت تملك منزلا وحياة كريمة تعيشها دون أن تكون لقمة العيش هاجسك اليومي...

ل: ولكن ما الذي يضمن ألا تغيرك الأيام فتعود غريبا عن أهلك وأصدقائك ... عندها ستخسر كل شيء..

س: الحياة الحديثة وفرت لنا سبل الاتصال التي تستطيع أن تتجاوز عن طريقها هذه المشكلة.... بالعكس أنت بحاجة للحظات صفاء روحي في الغربة بعيدا عن طواحين الأحداث تعيد فيها حساباتك وتراجع فيها شريط أيامك...

ل: تعلم تماما أن الصفاء الروحي لا يتأتى إلا من خلال مطارق الحياة الحقيقية ولا تنافسها في ذلك أيام العزلة في المغترب... ثم أهلك الذين فارقتهم سنوات التعليم الطويلة هل ستجعلهم يعدون الأيام مرة أخرى..

س: أهلك يعلمون مقدار حبك لهم ويعلمون أنك تقوم بهذا رغما عنك ... وربما استطعت ان تخفف عنهم بعض العبء أما في الوطن فستبقى عبئا عليهم لسنين... وستنتظر سنين طويلة حتى تفرحهم يوما بمنزلك الخاص...

ل: وأصدقاؤك الذين قضيتم معا أجمل الأيام وتعاهدتم على المضي معا في رحلة الصعاب..كيف ستنفذون عهودكم وقد تشتتم في أصقاع الأرض..

س: في الحقيقة هذا أكثر ما يؤرقني.. ولكن ربما كان من الخير لنا أن نفسح المجال لبعضنا وربما ساعدتنا المعطيات الجديدة على أن نتعرف على جوانب جديدة من شخصياتنا...

ل: وأبناؤك كيف ستعوض عن طفولتهم المفقودة في الغربة؟؟ هل من شيء في الدنيا يعادل ذكريات الطفولة بين الأهل وفي أحضان القرية والحارة .. الخال والخالات والعم والعمات والجد والجدة هل من شيء سيعوض كل هذا...

س: لا أنكر أن هذا الجانب سيبقى مبتورا مهما حاولنا تعويضه ولكن لكل طريق تضحياته... فإما أن تضحي ببعض من هذا أو أن تضحي بسنين طويلة لا يعلمها إلا الله محاولا لملمة نفسك بين العمل والبيت والواجبات الإجتماعية وهموم توفير حد أدنى من الحياة الكريمة لأطفالك هؤلاء...

ل: يبدو أننا لن نتوصل إلى القرار بسهولة ...ففي كل يوم ندور في الدوامة نفسها والتساؤلات نفسها والهواجس نفسها.....اعتقد أنه آن الأوان لاتخاذ القرار...

بعد قليل يتكلم ل بلهجة شجية لا تخلو من بعض الألم وقد اغرورقت عيناه بالدمع:
لقد قررت البقاء ... إن لي ربا لن ينساني ... وسوف يرزقني الحياة الكريمة... نعم سأبقى وسأصمد ... ولن أساهم في المزيد من استنزاف الطاقات...سأحاول المرة تلو المرة ولن أيأس... سأكون اللبنة الأولى في البناء الكبير....

ينظر إليه س متأثرا ويرد:
أتمنى لك التوفيق فيما اخترت يا أخي ... أما أنا فساسافر ولكن هاك عهودي:
-لن انسى أصدقائي... وسأحاول ما استطعت أن اتجاوز حاجز المسافة بيننا
-لن أنسى قضيتي... وسأعمل لها بكل السبل التي تتاح لي في غربتي
-لن أنسى أهلي وتعبهم وسأحاول أن أعود إليهم باسرع ما استطيع
-سأبذل من نفسي لك يا أسرتي الصغيرة حتى أعوضك الحضن الدافئ الذي اقتلعتك منه
-سأستفيد من كل ما يحيط بي حتى استطيع أن أعود أصلب عودا وأقوى وأنفع لقضيتي..

س و ل شخصيتان أصبحتا من الذاكرة بالنسبة للبعض لأن القرار صدر منذ فترة طويلة
ولكنهما لا تزالان تعيشان في كثير منا جنبا إلى جنب حتى بعد اتخاذ القرار...

User offline. Last seen 7 سنة 32 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحية عطرة لـ Ehmed-s, الغالي ..

حوار جميل وهادف بين (س) و(ل) .. وقد عايشت هذا الصراع النفسي فترة من الزمن طويلة .. ورغم قناعتي التامة بما يطرحه (ل) .. إلا أن الظروف التي تفوق قدرات الإنسان أحيانًا تجعله ينصاع كرهًا لرأي (س) .. ويعلم الله .. وبعد هذه السنين الطويلة من الغربة .. ورغم رغد العيش والتمدن المادي في بلاد الغربة .. إلا أنني لا أزال أميل إلى إلى صديقي (ل) .. لأنه الصوت الإنساني الصادق الذي يخاطب الإنسان في كينونته الإنسانية والاجتماعية..

نعم ربما أنجزنا بعض الطموحات المادية البسيطة في الغربة .. إلا أننا خسرنا الكثير الكثير من المعاني الإنسانية الرفيعة التي هي الأصل في الحياة.. فقد خسرنا القرب من الوالدين اللذين كنّا الأمل في حياتهما.. فهجرناهما بعد أن صارا بحاجة إلينا .. وربما ودّعا الحياة وانتقلا إلى الآخرة .. وآلاف الأميال تبعدنا عن بعض .. وكانا يعيشان على آمل اللقاء في يوم من الأيام ..

خسرنا الأهل .. خسرنا الجيران .. خسرنا الأصدقاء.. خسرنا شعبنا وقومنا الذين كانوا بأمس الحاجة إلى خدماتنا ووجودنا بينهم .. ولكننا - للأسف - خذلناهم .. تحت مسمّى الظروف والأحوال ... وووو ... لأننا في الحقيقة (أنانيون) .. لم نفكر بذلك كله .. وفضّلنا مصلحتنا الذاتية وراحتنا الشخصية على تلك المعاني الإنسانية الكبيرة والعظيمة ..

أنا أشعر بتأنيب داخلي .. حين أتذكر (مثلاً) أن والدي الذي كان بيننا من الحب والوئام ما يفوق التصور.. فارق الحياة ولم أكن بجواره ..
وهكذا الحال في سائر الأحوال الأخرى ..

فاعذرني يا صديقي (ل) أنني تركتك و سرت في طريق (س) تحت هذه المسميات الواهية.. وصدقّني أنني لا زلت مقتنعًا بما قلتَه لي .. وسأعود إليك لا محال .. وأعود إلى وطني .. وإلى أهلي وجيراني وخلاّني.. إن شاء الله تعالى ..

أثرت في نفوسنا الشجون يا أحمد ..

وتقبل أطيب التحايا والثنايا ..

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

سلمت يداك يا ممثل ( ل ) أحمد .. وقد أبكيتنا بأنينك يا ممثل ( س ) سوار .. صحيح أنهما أمران أحلاهما مر ونفس الظروف المحاصرة ل ( س ) كان يعانيها ( ل ) مع إيماننا بقدرة العقول المهاجرة على تقديم النفع ف (سيد قطب ) أحدث ثورة على المناهج التربوية في مصر وذلك بعد عودته من الغربة .. ونرجو من (س) ذلك . وقريبا سوف يعودون .. وقريبا .. وقريبا .. سباس أخي أحمد

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

مشترك منذ تاريخ: 17/12/2008

اشكركما صديقاي على الردود اللطيفة...
سوار كل يوم تكشف لنا كليلك جانبا جديدا من شخصيتك الأصيلة والمرهفة.. بعدين تضافرت الأدلة الكوليلكية على تواجدك قريبا في ربوع الوطن فما راح كتير اشفق عليك :lol:

صديقي عماد لام وسين لا يزالان يتعاركان في رأسي كلما دق الكوز بالجرة ... وقد كنت لاماً يوما ما ويبدو أنني سأخيب ظنك وأقول بأنني قد صرت سيناً...ولك كل الحب والتقدير..

User offline. Last seen 14 سنة 38 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 12/09/2007

سأناقش هذه الموضوع الحساس ببعض العصبية فلقد مللت وكرهت الصراع الدائر في رأسي كما أغلب شباب زمني!
""بعد قليل يتكلم ل بلهجة شجية لا تخلو من بعض الألم وقد اغرورقت عيناه بالدمع:
لقد قررت البقاء ... إن لي ربا لن ينساني ... وسوف يرزقني الحياة الكريمة...
نعم سأبقى وسأصمد ... ولن أساهم في المزيد من استنزاف الطاقات...سأحاول المرة تلو المرة ولن أيأس... سأكون اللبنة الأولى في البناء الكبير.... """

هذا هراء ! ، سأسأل ل لمن كل هذه التضحية؟،إن ولدت ومت في شقاء،ودون أن تلامس من أحلامك أي شيء،فليذهب البناء الكبير إلى الجحيم!!
عزيزي siwar07، لقد قررت أن تكون س وبعد أن حققت ما رجوته لماذا تندم؟اعتذارك غير مقبول بكل تأكيد!

أشكرك جداً على إثارة هذه النقطة الأساسية التي تعبر عن معاناةٍ عظيمة
يعيشها الكثير الكثير،تقبل مروري،
لك ودّي.

مشترك منذ تاريخ: 17/12/2008

.

Quote:

هذا هراء ! ، سأسأل ل لمن كل هذه التضحية؟،إن ولدت ومت في شقاء،ودون أن تلامس من أحلامك أي شيء،فليذهب البناء الكبير إلى الجحيم!!

ل: نعم لقد بات وطني وطن الشقاء.... ولكنني لتغيير هذا سأبقى... وسألامس أحلامي التي تتجاوز وضعا ماديا مستقرا بكثير... كيف الوصول للأحلام بدون تضحيات... لست أرمي بنفسي في هاوية المجهول وأعي تماما أي ثمن سأدفع وأي جزاء سأتلقى...

شكرا لك أخي جانو... أرجو أن نساهم جميعا في طرح القضايا التي تهمنا ونتبادل هواجسنا حولها..
ولك أيضا ودي

صورة  Shirzad's
User offline. Last seen 12 سنة 9 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 12/08/2006

نية العودة تكبر وتكبر في قلوب المخلصين مع رفاهية العيش وتوفر المتطلبات المادية .. لوجود غايات راقية في مشروع حياتهم , إنهم يحبون أرضهم , يحبون أهلهم , يقدرون شعور الانتماء والمسؤولية , إنهم لا يرضون لأنفسهم الأنانية , إنهم يجمعون قوى طاقاتهم ويرتبون صفحات خبراتهم ليكونوا مشاعل منيرة في واقعهم الأصلي الموعود . – كما رأينا ذلك عند الغالي سوار -
بالمقابل يؤسفنا رؤية نمازج سلبية , وكأنهم ليسوا أبناء هذا الواقع فيعودوا وقد لعب بهم بذخ الزمن عوائد الدهر وشوههم ظروف الغربة وأعمتهم الماديات , وذلك لأنهم لم يكونوا مؤهلين بالأصل ليغتربوا , فليس كل شخص مؤهل للغربة !!

إني لا أرى مشكلة في السفر المؤقت كما عبر س

Quote:
س: ولكن إن هي إلا سنوات قليلة وتعود أقوى وانفع لوطنك.... تعود محملا بخبرتك عن مجتمعات جديدة .. تعود وقد صرت تملك منزلا وحياة كريمة تعيشها دون أن تكون لقمة العيش هاجسك اليومي...
بل أراه واجباً طارئاً في كثير من الأحيان ..
لكني أرى المشكلة في سفر الجهلة حيث الضياع بين جزئيات الغربة والانحلال في دوامة الظروف المغايرة , دون تذكر قيماً رفيعة , أو إدراك لمعاناة أهل وهموم شعب وقضايا أمة ؟!!

هذا الحوار المثمر بين ( أسافر ولا أسافر ) كشف لي الكثير من الحقائق القيمة التي كنت اجهلها .. وجعلني أدرك أبعاد السفر وعدمه .. مع تسلط الضوء على الكثير من الأفكار الجديرة بالأخذ بعين الاعتبار .. فلك مني أرقى التحيات وأسمى التمنيات أيها العزيز Ehmed-s,

~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~

لنحب كل الناس.. لنحب من يتفقون معنا لنتعاون معهم ، ونحب من يختلفون معنا لنتحاور معهم

User offline. Last seen 11 سنة 17 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 24/08/2007

موضوع جميل ورائع ومعبر : شكرا لك ايها (س) المؤقت والعائد يوما الى احضان بلده واحبته

لقد خلقنا من اجل الحياة لكي نحييها بقدراتنا وطاقاتنا التي منحها الله لنا من اجل الحصاد في المستقبل

ربما تكون الحياة في الغربة قد تساعدنا وتغنينا وتحقق لنا احلامنا ولكن هل سألنا انفسنا يوماً انها تساعدنا من دون ان نستهلك من طاقتنا ولو بنسبة 5% وطبعاً هذا غير منطقي في وجهة نظري

ساكون (ل) اعيش واستهلك كافة قدراتي من اجل تحقيق احلامي واحقق شيئاً لمجتمعي و ساواجه الواقع مهما كانت الظروف المحيطة من حولي

وفي المستقبل اموت على تراب وطني وباحضان والداي وارفع على ايادي احبتي واصدقائي وانا سعيد لانه رزقني الله محبة امتي واحبتي والحمدلله

( من يتقي الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )

واكرر جزيل الشكر للاخ احمد-س :wink:

اسف على الاطالة