ديوان الحلاج

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 14 سنة 15 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 06/12/2008

القسم الأول
حلاّجيات

القصيدة الأولى: التلبية

لبّيكَ لبّيكَ يا سرّي و نجوائـــي لبّيك لبّيك يا قصدي و معنائـي
أدعوك بلْ أنت تدعوني إليك فهـلْ ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيّائـــي
يا عين عين وجودي يا مدى هممي يا منطقي و عباراتي و إعيائـي
يا كلّ كلّي يا سمعي و يا بصري يا جملتي و تباعيضي و أجزائي
يا كلّ كـلّي و كلّ الكـلّ ملتبس و كل كـلّك ملبوس بمعنائــي
يا من به عُلقَتْ روحي فقد تلفت وجدا فصرتَ رهينا تحت أهوائي
أبكي على شجني من فرقتي وطني طوعاً و يسعدني بالنوح أعدائـي
أدنو فيبعدني خوف فيقلقنــي شوق تمكّن في مكنون أحشائـي
فكيف أصنع في حبّ كَلِفْتُ به مولاي قد ملّ من سقمي أطبّائـي
قالوا تداوَ به منه فقلت لهـم يا قوم هل يتداوى الداء بالدائـي
حبّي لمولاي أضناني و أسقمني فكيف أشكو إلى مولاي مولائـي
اّني لأرمقه و القلب يعرفـه فما يترجم عنه غير ايمائـــي
يا ويحَ روحي من روحي فوا أسفي عليَّ منّي فإنّي اصل بلوائـــي
كانّني غَرق تبدو أناملــه تَغوثُّاً و هو في بحر من المـاء
وليس يَعْلَم ما لاقيت من احدٍ إلا الذي حلَّ منّي في سويدائـي
ذاك العليم بما لاقيت من دنفٍ و في مشيئِتِه موتي و إحيائــي
يا غاية السؤل و المأمول يا سكني يا عيش روحي يا ديني و دنيائي
قُلْ لي فَدَيْتُكَ يا سمعي و يا بصري لِمْ ذا اللجاجة في بُعدي و إقصائي
إِن كنتَ بالغيب عن عينيَّ مُحْتَجِباً فالقلب يرعاك في الأبعاد و النائي

***

القصيدة الثانية: جواب في حقيقة الإيمان

للعلم أهلٌ و للإيمان ترتيــــب و للعلـــــوم و أْهلِيها تجاريب
و العلم علمان منبوذ و مكتســب و البحر بحران مركوب و مرهوب
و الدهر يومان مذموم و ممتــدح و الناس اثنان ممنوح و مسلــوب
فاسَمعْ بقلبك ما يأتيك عن ثقـــةٍ و انظرْ بفهمك فالتمييز موهــوب
إني ارتقيتُ إلى طودٍ بلا قـــدمٍ له مَراقٍ على غيري مصاعيـــب
و خُضْتُ بحراً و لم يرسب به قدمي خاضَتْهُ روحي و قلبي منه مرغـوب
حَصْبَاؤُه جوهرٌ لم تَدْنُ منـه يــدٌ لكــنه بِيَدِ الأفهــام منهـــوب
شربتُ من مائــه رَياً بغير فــم و الماء قد كان بالأفواه مشـــروب
لأن روحي قديماً فيه قدْ عطشــتْ و الجسم [ما] ماسَهُ من قبل تركيــب
إنـي يتيمٌ و لي أبٌ أَلوُذ بــــه قلبــي لِغيْبَتِهِ ما عشـْــتُ مكروب
أعمى بَصيرٌ و إنـي أبْلَه فَطِــنٌ و لــي كلام إذا ما شئتُ مقلــوب
ذُوِ فَتَا عرفوا [ما] قد عرفت فَهْـمُ صَحْبِيَ ومن يُحْظ بالخيرات مصحوب
تعارفَتْ في قديم الذّر أَنْفُسهـــم فأشرقَتْ شمسهم و الدهــر غربيـب

***

القصيدة الثالثة: جواب إلى شبلي

يا موضع الناظر من ناظـري و يا مكان السرّ من خاطـري
يا جملة الكلّ التي كلهــــا أحبّ من بعضي و من سائري
تراك ترثي للذي قلبــــه مُعَلَق في مخلبي طائــــر
مدَلَهٌ حيرانُ مستوحـــشٌ يهرب من قفر إلى آخـــر
يسري و ما يدري و أسراره تسري كلمح البارق النائــر
كسرعة الوهم لِمَنْ وهمه على دقيق الغامض الغابـر
في لجّ بحر الفكر تجري به لطائف من قدرة القـــادر

***

القصيدة الرابعة: مراحل على الطريق

سكوتٌ ثم صمتٌ ثم خَرْسُ و عِلْمٌ ثم وَجْدٌ ثم رَمْـــس
و طينٌ ثم نارٌ ثم نـــورٌ و بردٌ ثم ظلّ ثم شمـــس
و حَزْنٌ ثم سهل ثم قَفْـٌـر و نهر ثم بَحْرٌ ثم يَبْــــس
و سكر ثم صَحْوٌ ثم شوقٌ و قرب ثم وفر ثم أُنْــــس
و قَبْضٌ ثم بسط ثم مَحْوٌ و فرق ثم جمع ثم طَمْـــس
و أَخْذٌ ثم ردّ ثم جـذبٌ و وصف ثم كشف ثم لبــس
عبارات لأقوامٍ تسـاوتْ لديهم هذه الدنيا و فِلْــــس
و أصوات وراء الباب لكن عبارات الورى في القرب همس
وآخر ما يَؤول إليه عَبْـٌد إذا بلغ المدَى حظّ و نفـــس
لأنّ الخلق خدّام الأمانـي و حقّ الحقّ في التحقيق قُـدْس

***

القصيدة الخامسة: الأهوال أمانات عند أهلها

مَن سارروه فأبدى كلّما ستـروا و لم يراع اتّصالاً كان غَشَّاشـا
إذا النفوس أذاعت سرّ ما علمت فكل ما خلت من عقلها حاشـا
من لم يصن سرّ مولاه و سيّـده لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا
و عاقبوه على ما كان من زَلَـَل و أبدلوه مكان الأُنْس ايحاشــا
و جانبوه فلم يصلح لِقُرْبِهِـــم لمّا رأوه على الأسرار نبَّاشــا
من أطلعوه على سرّ فنمَّ بـــه فذاك مثل يبين الناس طيّاشــا
هم أهل السرِّ و للأسرار قد خُلقوا لا يصبرون على ما كان فحَّاشا
لا يقبلون مذيعاً في مجالسهــم و لا يحبّون سِتْراً كان وَشْواشا
لا يصطفون مضيفاً بعْض سرّهم حاشا جلالهم من ذلِكم حاشـا
فَكُنْ لهم و بهم في كلّ نائبــةٍ إليهم ما بقي الدهر هشَّاشــا

***

القصيدة السادسة: ناي (في وصف فقد حاله)

أَنْعَى إليك نفوساً طاح شاهدُها فيما وراء الحيثِ يَلْقَى شاهد القِدَم
أنْعي إليك قلوباً طالما هَطَلَتْ سحائبُ الوحي فيها أبْحُر الحكـم
أنعي إليك لسان الحق مُذ زمن أودى و تذكاره في الوهم كالعـدم
أنعي إليك بيانا تستكين له أقوال كل فصيح ٍمِقْوَل فهـــم
أنعي إليك أشارات العقول معاً لم يبق منهنّ إلا دارس الرمــم
أنعي و حُبِّك أخلاقاً لِطائفةٍ كانت مطاياهم من مكمد الكظـم
مَضَى الجميع فلا عين و لا أثـُر مُضِيَّ عادٍ و فـُقـْدانَ الأُلى إِرَم
و خَلّفوا معشراً يجرون لبستهم أعْمى من البهم بلْ أعمى من النعم

***

القصيدة السابعة

أشار لحظي بعين علِــم بخالصٍ من خِفّي وَهْم
و لائحٌ لاح في ضميـري أدقّ من فهم وهم همّي
و خضتُ في لجّ بحر فكري أمُرُّ فيه كمرّ سهـــم
و طار قلبي بريش شوقـي مركّب في جناح عزمي
إلى الذي عن سُئلتُ عنـه رمزت رمزاً و لم اسمّي
حتّى إذا جُزْتُ كل حــدّ في فلوات الدنّو أَهْمِـي
نظرت إذ ذاك في سَجَـالٍ فما تجاوزتُ حدّ رَسْمي
فجئتُ مستسلما إليــه حدّ قيادي بكفّ سلْمـي
قد وسم الحبّ منه قلبي بميسم الشوق أي وسـم
و غاب عنّي شهود ذاتي بالقرب حتّى نسيتُ اسمي

***

القصيدة الثامنة

لم يبق بيني و بين الحقّ تِبْيَانـي و لا دليل و لا آيات برهــان
هذا تجلّى طلوع الحقّ ِ نائــرةً قد أَزْهَرَتْ في تلأليها بسلطـان
كان الدليل له منه إليه بــــه مِن شاهدِ الحقّ ِبل عِلماً بِتِبْيـان
كان الدليل له منه به و لــــه حقـًّا وجدناه في تنزيل فـُرقان
لا يستدلُّ على الباري بصنعتــه و أَنْتُمُ حَدَثٌ يـُنْـبـِي بأزمـان
هذا وجودي و تصريحي و معتقدي هذا تـَوَحـُّدُ توحيدي و إيماني
هذا عبارة أهل الانفراد بـــه ذوي المعارف في سرّ و إعلان
هذا وجودُ وجودِ الواجدينَ لـه بني التجانـُس ِأصحابي وخُلَّاني

***

القصيدة التاسعة

عجبتُ منك و منـّـي يا مُنـْيـَةَ المُتـَمَنّـِي
أدنيتـَني منك حتـّـى ظننتُ أنـّك أنـّــي
وغبتُ في الوجد حتـّى أفنيتنـَي بك عنـّــي
يا نعمتي في حياتــي و راحتي بعد دفنـــي
ما لي بغيرك أُنــسٌ من حيث خوفي وأمنـي
يا من رياض معانيـهْ قد حّويْـت كل فنـّـي
وإن تمنيْت شيْــــاً فأنت كل التمنـّـــي

***

القصيدة العاشرة

أُقْتُلُوني يا ثقاتـــي إنّ في قتـْلي حياتــــي
و مماتـي في حياتـي و حياتي في مماتـي
أنّ عنـدي محْو ذاتـي من أجّل المكرمـات
و بقائـي في صفاتـي من قبيح السّيّئــات
سَئِمَتْ نفسـي حياتـي في الرسوم الباليـات
فاقتلونـي واحرقونـي بعظامـي الفانيــات
ثم مـرّوا برفاتـــي في القبور الدارسـات
تجدوا سـرّ حبيبــي في طوايا الباقيــات
إننـي شيـخ كبيــر في علوّ الدارجــات
ثم إنـّي صرتُ طفـلا في حجور المرضعات
ساكنـاً في لحد قبــر في أراضٍ سبَخــات
وَلدَتْ أُمّــي أباهـا أنَّ ذا من عجبـاتـي
فبناتـــي بَعْـدَ أنْ كـ ـن بناتـي أخواتــــي
ليس من فعل زمــان لا و لا فعل الزنــات
فاجمعوا الأجزاء جمعاً من جسـورٍ نيــرات
من هـواء ثم نــار ثم من ماء فـــرات
فازْرعوا الكلّ بأرض ٍ تـُرْبُها تـرب مـوات
وتعاهـدها بســقي من كـؤوس دائـرات
من جـوار ٍساقيـات و سـواق ٍجاريــات
فإذا أتممت سبعـــا أنبتـَتْ خير نبــات

***

القصيدة الحادية عشر

يا طالما غِبْنا عن أشباح النظـر بنقطَة ٍتحْكِي ضياءُها القمـرْ
من سمسم و شيرج و أحــرف و ياسمين في جبين قد سطر
تمشوا و نمشي و نرى أشخاصكم و أنتم لا ترونـَّا يا دبــر

***

مقطعات

(1)

و أيّ أرض تخلو منك حتّى تعالوا يطلبونك في السمـاء
تراهم ينظرون إليك جهـراً وهم لا يبصرون من العماء

***

(2)

إلى كم أنت في بحر الخطايــا تبارز من يراك و لا تـــراه
وسمتـُك سمت ذي ورع ٍتـِقّي ٍ و فعْلك فعل متـّبع هـــواه
فيـا من بات يخلو بالمعاصـي وعين الله شــاهدة تـــراه
أتطمع أن تنــال العفو ممّــا عصمتَ و أنت لم تطلب رضاه
فـَتـُبْ قبل الممات وقبل يـوم يلاقي العبد ما كسـبت يــداه
أتفرح بالذنـوب والخطـايــا و تنسـاه و لا أحد ســـواه

***

(3)

كانـت لقلبي أهواءٌ مفرّقــة فاستجمعَتْ مـُذْ راءَتـْك العين أهوائي
فصار يحسدني من كنت احسده وصرتُ مولى الورى مُذْ صرتَ مولائي
ما لامني فيك أحبابي و أعدائي إلّـا لغفلتهم عن عظـم بلوائــــي
تركتُ للناس دنياهم و دينهـم شغلاً بحبـّك يا ديني و دنيائــــي
أشعلتَ في كبدي نارين واحدة بين الضلوع و أخرى بين أحشائــي

***

(4)

إذا دهمَتـْك خيول البعـــاد ونادى الاياس بقطع الرجـا
فخُذْ في شمالك ترس الخضوع و شـُدّ اليمين بسيف البكـا
و نَـفْسَـك نَفْسَك كُنْ خائفـاً على حذر من كمين الجفـا
فإن جاء الهجر في ظلمـــة فسِرْ في مشاعل نور لصفا
فقـُلْ للحبيب ترى ذلـّــتي فجُدْ لي بعفوك قبل اللقــا
فـَوَ الحُبِّ لا تنثنِي راجعــاً عن الحِبِّ إلّا بِعَوْض ِالمنـا

***

(5)

سبحان من اظهر ناسوتـُهُ سـّر سنا لاهوتِه الثاقـب
ثم بـدا في خلقه ظاهـراً في صورة الآكل و الشارب
حتـّى لقد عَايـَنَهُ خَلْقـُه كلحْظِة الحاجب بالحاجـب

***

(6)

كتبتُ ولم أكـُتبْ إليك و إنـّما كتبتُ على روحي بغير كتابِ
و ذلك أنّ الروح لا فرق بينها و بين مُحِبـيِّها بِفَصْلِ خطابِ
و كلّ كتابٍ صادر منك وارد إليك بلا ردّ الجواب جـواب

***

(7)

أُريدُك لا أريدك للثواب و لكنـّي أريـدك للعقـاب
فكلّ مآربي قد نِلْتُ منها سوى ملذوذِ وجدي بالعَذَاب

***

(8)

كَفَى حَزَناً أنّي أُناديـك دائمـــا كأنـّي بعيدٌ أو كأنـّك غائب
و أَطْلُبُ منك الفضل من غير رغبةٍ فلم أر قبلي زاهدا فيك راغب

***

(9)

طَلَعَتْ شمس من أحبّ بلَيّلٍ فـ ـاستنارت فما عليها من غروب
عن شمس النهار تطلع باليلـ ـلِ وشمس القلوب ليس تغيـب

***

(10)

رأَيتُ ربّي بعين قلبِ فقلتُ من أنت قال أنت
فليس للأين منك أينٌ و ليس أين بحيثُ أنت
و ليس للوهم منك وهمٌ فيعلم الوهم أين أنت
أنت الذي حُزْتَ كل أين بنحو لا أينَ فأينَ أنت
و في فنائي فنا فنائي و في فنائي وجدت أنت

***

(11)

لي حبيبٌ أزور في الخلـوات حاضر غائب عن اللحظات
ما تراني أصغي إليه بسمــع ٍ كي أعي ما يقول من كلمات
كلمات من غير شكل ولا نطق و لا مثل نغمة الأصــوات
فكأنّـي مخاطب كنت إيــًّاه على خاطري بذاتي لذاتــي
حاضـر غائب قريب بعيــدٌ وهو لم تحوه رسوم الصفات
هو أدل من الضمير إلى الوهم و أخفى من لائح الخطـرات

***

(12)

سرّ السرائر مَطْــوِيٌّ بـِاثـْبَات ِ في جانب الأُفْق ِمن نور بـِطيَّات
فكيف والكيف معروف بظاهــره فالغيب باطنه للذاتِ بالـــذات
تـَاهَ الخلائقُ في عمياءَ مظلمــةٍ قصدا و لم يعرفوا غير الإشارات
بالظنّ و الوهم نحو الحقّ مطلبهـم نحوَ الهواء يناجون السمــاوات
و الــربّ بينهم في كـل منقـلب مُحِلَّ حالاتهم في كل ساعــات
و ما خلوا منه طرف عين لو علموا و ما خلا منهم في كل أوقــات

***

(13)

فما لي بُعْدٌ بَعْدَ بُعْدِكَ بَعْدَمــــــا تـَيَقـَّنْتُ أنّ القرب والبُعد واحد
وإنّي وإن أُهْجِرتُ فـَالهَجْرُ صاحبـي وكيف يصحّ الهجر والحُبّ واجد
لك الحمد في التوفيق في محض ِخالصٍ لعبدٍ زكـّي ٍما لغيرك ساجــد

***

(14)

لا تـَلمنّي فاللوم منـّي بعيـد وأَجِرْ سيـّدي فإنـّي وحيد
إنّ في الوعد وَعْدك الحقّ حقاً إنّ في البدء بدء أمري شديد
مَن أراد الكتاب هذا خطابـي فاقرؤُا وأعلموا بأنّي شهيـد

***

(15) و (16)

قد تصبّرتُ و هل يصـ ـبرُ قلبي عــن فؤادي
مازجَتْ روحُك روحي في دنـّوٍ وبعــادي
فأنا أنت كمــا أنـّ ـك أنـّـي و مـــرادي

أنتم ملكتم فؤادي فهِمْت في كلّ وادي
ودقّ على فؤادي فقد عدمت رقادي
أنا غريبا وحيدا بكم يطول إِنفرادي

***

(17)

حقيقة الحقّ مُسْتـنِـيَر صارخه بالنبا خبيــر
حقيقة الحقّ ِقد تجلـَّتْ مَطْلب من رامها عسير

***

(18)

أنت المُوَلـِّهُ لي لا الذكر ولَّهنـي حاشا لقلبي أَنْ يَعْلَق به ذِكَـرى
الذكر واسطةٌ تـُخْفِيك عن نظري إذا توشـَّحَهُ من خاطري فكري

***

(19)

مواجِيدُ حَقّ ٍأَوْجَدَ الحـــقُّ كـُلَّها و إِنْ عجزَتْ عنْها فهوم الاكابر
وما الوجد إلا خطرة ثم نظـــرة تـُنَشـّي لهيبا بين تلك السرائر
إذا سكن الحقُّ السريرةَ ضُوعفـتْ ثلاثة أحوال لأهل البصائـــر
فحالٌ تـُبيدُ السرَّ عن كنْه ِوجِــدِه وتـُحْضِرُهُ بالوجد في حال حائر
و حالٌ به زُمَّتْ قوى السرّ فآنـْثنَتْ إلى مُنـْظِرِ أفناه عن كلّ ناظر

***

(20)

الاحتمال الأول
إذا بلغ الصبُّ الكمال من الفَتَى ويذهل عن وصل الحبيب من السُّكر
فيشهد صدْقاً حيث أشهده الهوى بأنّ صلاة العاشقين من الكفـــر

الاحتمال الثاني
إذا بلغ الصبُّ الكمال من الهوى وغاب عن المذكور في سطوة الذكر
فشاهد حقـّاً حين يشهده الهوى بأنّ صلاة العارفين من الكفـــر

***

(21)

عَقـُدْ النبوّة مِصْباح من النــور مُعَلَّقُ الوَحي في مشكاة تأمــور
بالله يُنْـفَخُ نَفْـخ الروح في جَلَدِي بخاطري نَفْخَ اسرافيلَ في الصور
إذا تجلّى لطــوري أن يُكـَلّمني رَأَيْتُ في غيبتي موسى على الطور

***

(22)

لأَنوار نور الدين في الخلق أنوارُ و للسرّ في سرّ المسرّين أسرار
وللكون في الأكوان كون مُكَـوّن ٍ يكنُّ له قلبي و يهدي و يختـار
تأمّلْ بعين العقل ما أنا واصـف فللعقل ِأسماع وُعَاة و أبصـار

***

(23)

سكنتَ قلبي و فيه منك أســــرار فليَهْنِك الدار بلْ فليهنك الجـارُ
ما فيه غيرك من سرٍّ عَلِمْتُ بـــه فأنْظُرْ بعينك هل في الدار ديّار
و ليلة الهجر ِإنْ طالتْ و إن قَصُرَتْ فمؤنسي أملٌ فيه وتذكـــار
إنّي لراض ٍبما يرضيك من تلفــي يا قاتلي و لِمَا تختار اختــار

***
(24)

الحبّ ما دام مكتوماً على خطــرٍ وغاية الأمْنِ أن تدنو من الحـــذر
و أطيب الحبّ ما نمّ الحديث بــه كالنارِ لا تأتِ نفعاً و هي في الحجـر
من بعْدِ ما حضر السحاب و اجتمعا الأعوانُ و امتطّ أسمى صاحب الخبر
أرجُو لنفسي براء من محبّتكـــم إذا تبرّأت من سَمعي ومن بصــري

***

(25)

غِبْتَ و ما غبتَ عن ضميري و صرْتَ فرحتي و سروري
وانفصل الفصل بافتـــراق فصار في غيبتي حضوري
فأنت في سرّ غيبِ همّـــي أخفى من الوهم في ضميري
تؤنسني بالنهار حقــــاً وأنت عند الدجى سميري

***

(26)

يا شمس يا بدر يا نهار أنت لنا جنـّة و نـار
تَجنُّبُ الإثِم فيك ثم إثمٌ وخاصّية العار فيك عار
يخلعُ فيك العذار قـومٌ وكيف من لا له عـذار

***

(27)

أحرف أربع بها هام قلبي و تلاشت بها همومي و فكري
ألِفٌ تألف الخلائق بالصنـْـ ـع ِولامٌ على الملامة تجـري
ثمّ لامٌ زيادة في المعانـي ثمَّ هاءٌ أهيمُ بهـا أتــدري

***

(28) و(29)
لماذا رفض الشيطان السجود لآدم

الاحتمال الأول
جحودي فيك تقديس و عقلي فيك تهويـس
و مـــا آدم إلاك و من في البين إبليس

الاحتمال الثاني
جُنُوني لك تقديـس و ظنّي فيك تهويـس
و قد حيّرني حِـبٌّ وطرْفٌ فيه تقويــس
و قد دلّ دليل الحُبّ أن القرب تَـلْبيــس
فـمــن آدم إلاك ومن في البين إبليـس

***

(30)

حويتُ بكـُلّي كلّ حُبِّك يا قـُدْسي تكاشفني حتـّى كأنـّك في نفسـي
أُقلّب قلبي في سواك فــلا أرى سوى وحشتي منه و منك به أُنْسـي
فها أنا في حَبس الحياة مجمَّــع من الأنس فاقبضْني إليك من الحبْس

***

(31)

والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم إلا و أنت حديثي بين جلاســي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا إلا و أنت بقلبي بين وسواســـي
ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكـــأس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتـُكم سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس
ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا فغّنـني وأسفا من قلبك القاســـي
ما لي وللناس كم يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للنـــاس

***

(32)

يا نسيم الروح قولي للرشـا لم يزدني الـِورْد إلا عطشـا
لي حبيبٌ حبّه وسط الحشـا إن يشا يمشي على خدّي مشا
روحه روحي وروحي روحه إن يشا شئتُ وإن شئتُ يشـا

***

(33)

عجبتُ لكلّي كيف يحمله بعضـــي ومن ثقل بعضي ليس تحملني أرضــي
لئن كان في بسط من الأرض مَضْجَعٌ فبعضي على بسط من الأرض في قبضي

***

(34)

ما زلتُ أطفو في بحار الهوى يـرفـعـني المَـوْجُ و انحطُّ
فتارةً يـرفعـني مَـوْجُـهـا وتـارة أهــوى وانـغــطّ
حتّى إذا صيَّرني في الـهوى إلى مـكـان مـا لـه شــطّ
ناديتُ يا من لم أَبُـح بِاسمـه ولم أَخُـنْـهُ في الهــوى قطّ
تقيك نفسي السُّـوء من حاكم ما كان هذا بيننــا شــرط

***

(35)

مكانُك من قلبي هو القلب كـلّــه فليس لخلق ٍفي مكانك موضـــع
وحَطَّتْك روحي بين جلدي وأعظامي فكيف تراني إن فقدتك اصنـــع

***

(36)

إذا ذكرتك كاد الشوق يقلقني وغفلتي عنك أحزانٌ وأوجاع
وصار كلّي قلوباً فيك داعية للسقم فيها وللآلام إســراع

***

(37)

نديمي غير منسـوبٍ إلى شيءٍ من الحيـف
سقاني مثلما يشـرب كفعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكــأس دعا بالنطع و السيـف
كذا من يشرب الراح مع التِـّنين في الصيف

***
(38)

صَيَّرني الحقّ بالحقيقـةْ بالعهد والعقد والوثيقـةْ
شَاهَدََ سرّي بلا ضميري هذاك سرّي وذا الطريقةْ

***
(39)

وَحِّدْنِي واحدي بتوحيِد صِدْق ٍ مـا إلـيه من المسـالك طَرقُ
أنا الحقُّ و الحقُّ للحقِّ حـقٌّ لاَبِـسٌ ذاتَـهُ فما ثـمّ فَــرْقُ
قد تَجَلّتْ طوالعٌ زاهــراتٌ يتـشعشعْنَ في لـوامـع بَـرْقِ

***

(40)

ركوبُ الحقيقة للحقِّ حـقُّ ومعنى العبارة فيه تدقّ
رَكِبْتُ الوجودَ بعين الوجودِ وقلبي على قسوةٍ لا يَرِقّ

***
(41)

جبلتْ روحك في روحي كما تجبل العنبر بالمسك الفتقْ
فإذا مسَّـك شيءٌ مسَّـنــي فإذاً أنت أنا لا نفتــرقْ

***

(42)

دَخَلْتَ بناسوتي لديك على الخلق ولولاك لاهوتِي خَرجْتُ من الصِدْق
فإنّ لسان العلم للنطق و الهدى وإنّ لسان الغيب جلّ عن النطــق
ظهرتَ لقوم ٍوالتبستَ لفتيــةٍ فتاهوا وضلّوا واحتجبتَ عن الخلـق
فتظهر للألباب في الغرب تارة ً وطورا على الألباب تغرب في الشرق

***

(43)

فيك معنى يدعو النفوسَ إليك ودليل يدلّ منك عليْـك
لِـيَ قلـبٌ له إليك عيـونٌ ناظراتٌ وكلُّهُ في يدَيْك

***
(44)

هّمي بـه وَلٌَـه عـليـك يا من إشارتنا إليك
روحان ضمهما الهَوَى في مِدْحَتِك وفي لديـك

***

(45)

دُنْيَا تُخَادِعُنِي كأنّـي لستُ أعرف حالهـا
ذمّ الِإلـهُ حرامهــا وأنا اجتنبت حلالهـا
مدَّتْ إلـىَّ يمينهــا فرددْتها وشمالهــا
ورايتـُها محتاجــة فوهبتُ جملتها لهـا
ومتى عرفت وصالها حتـّى أخاف ملالها

***

(46)

عليـك يا نفـس بالتسلّــي العـزّ بالزهد و التخلّـي
عليـك بالطلْــعة التــي مشكاتها الكشف و التجلّي
قد قام بعضي ببعض بعضي و هام كلـي بكـلّ كلـي

***

(47)

مُزِجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة بالماء الزلال
فـإذا مسَّـك شيء مسّنــي فإذاً أنت أنا في كلّ حـال

***

(48)

نِعْمَ الإِعَانَةُ رَمْزٌ في خفا لُطُـف ٍ في بارق ٍلاحَ فيها من حُلَى خِـلـَلـِهْ
والحال يرمقني طوراً وأَرْمُـقـُه ُ إن شا يغشى على الإخوان من قـُلَـلِـهْ
حال إليه رأى به فيه بـِهـِمّتـه عن فيض بحرٍ من التمويه من مِـلَـِلـهْ
فالكـلّ يشهده كـُلّاً وأشهــده مع الحقيقة لا بالشخص من طـلـلـهْ

***

(49)

ثلاثة أحرف لا عُجْـمَ فيهـا ومعجومان ِوانقطع الكـلام
فمعجـومٌ يشاكـل واجديِـهِ ومتروكٌ يُصَـدّقـُهُ الأنـام
وباقي الحَرْف ِمرموزٌ مُعَمَّى فلا سفر ينـال و لا مقـام

***

(50)

تفكّرتُ في الأديان جدَّ تحقّق ٍ فألفيتها اصلاً له شُعَباً جّما
فلا تـَطْلُبَنْ للمرء ديناً فإنّه يُصَدُّ عن الأصل الوثيق وإنّما
يطالبه اصلٌ يعبِّر عنده جميعُ المعالي والمعاني فـَيَفْهَمَـا

***

(51)

يا لائمي في هواه كم تلوم فـَلَوْ عرَفْتَ منـه الـذي عنيت لـم تـَلُم ِ
للناس حجّ ولي حجّ إلى سـكني تُهْدَى الأضاحي وأُهْدِي مُهْجَتِي وَدَمِي
تطوف بالبيت قومٌ لا بجـارحة ٍ باللهِ طافوا فأغنـاهم عـن الحَــرَم ِ

***

(52)

بدا لك سـرٌّ طال عنـك اكتتامه ولاح صباحٌ كنت أنت ظلامه
وأنت حجاب القلب عن سرّ غيبه ولولاك لم يطبع عليه خاتمـه

***
(53)

هيكليّ الجسم نوريّ الصميم صمديّ الروح ديّـان عليـم
عـاد بالـروح إلى أربابها فبقي الهيكل في الترب رميم

(54)

قلبك شيء وفيه منك أسماء لا النور يدري به كلّا ولا الظلـم
ونور وجهك سرّ حين أشهده هذا هو الجود والإحسان والكرم
فخُذْ حديثي حِبِّي أنت تعلمه لا اللـوح يعلمه حقاً ولا القلـم

***

(55)

آهٍ أنا أم أنْتَ؟ هَـذَيْـن ِإلهَيْــن ِ حاشاي حاشاي مِن إثبـات أثـنَـيْـن ِ
هــويةٌ لـك في لايئتي ابَــداً كـلّي على الكلّ تلبيسٌ بـِوَجْـهـَيْـن ِ
فـَأَيْنَ ذاتك عنّي حيث كنت أرى فـقد تـَبَيـّنَ ذاتـي حيت لا أيــن
وأَيْنَ وَجْهُـك مقصود بناظرتّـي في ناظـر القلب أم في ناظـر العيـن
بَيْنِـي وبَيْنـك أنّيٌ يُزاحِمُنِــي فارفعْ بـِأنـَّك أَنّـي مِـن الـبـيـن

***

(56)

ألا أبْـلـِغْ أحبّـائي بأنّــي ركبتُ البحر وانكَسرَ السفينةْ
على دين الصليب يكون موتي و لا البطحا أريد ولا المدينة

***
(57)

أنا مَن أهوى ومَن أهوى أنا نحن روحان ِحَلَلْـنا بدنا
فـإذا أبصرتـَني أبصرتـَهُ و إذا أبصرتـَهُ أبصرتـَنـا

***

(58)

يا غـافلاً لجهالـةٍ عن شأني هلّا عـرفـتَ حقيقتـي وبيانـي
أعِبـادة لِلَّهِ ستـّة أحــرف ٍ مِـن بينها حرفـان معجومــان
حرفان اصليّ وآخُـر شَكْلُـه في العجـم منسوب إلى إيـماني
فإذا بدا رأس الحروف أمامها حرفٌ يقـوم مقـام حرف ثـان
أبصرتَني بمكان موسى قائما في النور فوق الطور حين تراني

***
(59)

خاطَبنِي الحقّ من جناني فكان علمي عـلى لساني
قربّني منه بَعْـدَ بُعْــدٍ وخصَّني الله و اصطفاني

***

(60)

كـذا اجتباني وأَدناني وشرّفنــي والكـلّ بالكـلّ أوصاني وعرّفني
لم يبق في القلب والأحشاءِ جارحةٌ إلّا وأعْـرفه فـيـهـا ويعرفنـي

***

(61)

أنْتَ بين الشغاف والقلب تجري مثل جري الدموع من أجفاني
وتُحِلُّ الضميرَ جوفَ فــؤادي كحلول الأرواح فـي الأبدان
ليس من ســاكن ٍتَحَرَّكَ إلّا أنت حَرَّكْتَهُ خَفَّي المكــان
يا هـلالاً بدا لأربع عشـر ٍ لثمـان ٍوأربـع ٍو اثنــان

***
(62)

حَمَّلْتَ بالقلب ما لا يحمل البَدَنُ والقلب يحمل ما لا تحمل البُـدُن
يا ليتني كنتُ أدنى من يلوذ بكم عينـاً لانظركـم أم ليتنـي أُذن

***
(63)

بيَان بيان الحـقّ أنت بيانـه وكـل بيـان ٍأنت منـه لسانـهُ
أشرتُ إلى حقّ ٍبحق ٍوكل من أشـار إلى حقّ فأنْـتَ أَمـانـهُ
تشير بحقّ ِالحقّ والحق ناطقٌ وكـل لسـان ٍقـد أتـاك أوانـهُ
إذا كان نعْت الحقّ للحقّ بَيّنـاً فما بالُهُ في الناس يَخْفَـي مكانـه

***

(64)

رقَـيـبَـان ِمنّي شاهدَان ِلحُبِّــهِ واثنـان ِمنّـي شـاهـدَان ِتـرانـي
فما جـال في سرّي لغيرك خاطـر ولا قـال إلا فـي هـواك لسـانـي
فإِنْ رُمْتُ شرقاً أنت في الشرق شرقهُ وإن رمـتُ غرباً أنت نصب عيانـي
وإن رمتُ فوقاً أنت في الفوق فوقه وإن رمـتُ تحتا أنـت كـل مكـان
وأنـت محـلّ الكـلّ بـل لا محلّهُ وأنـت بكـلّ الكـلّ ليـس بـِفـان ِ
فقلبي وروحي والضمير وخاطري وتـرداد أنفـاسي وعقـد جنـانـي

***

(65)

أرجعْ إلى الله إنّ الغـايةَ الله فـلا إِلـهَ إذا بالغْتَ إلّا هــو
وإنّه لمَـعَ الخَلْق الذين لهـم في الميم والعين والتقديس معناه
معناه في شفَتي من حلّ معتقداً عن التهجّي إلى خلق ٍله فاهـوا
فإنْ تشكّ فدِبّرْ قول صاحبكم حتّى يقول بـِنَفْي ِالشكّ هذا هو
فالميـم يفتح أعلاه وأسفلـه والعيـن بفتـح أقصـاه وأدناه

***

(66)

من رامه بالعقل مسترشدا أسرحَهُ في حيرة تلهـو
قد شاب بالتلبيس أسرارهُ يقول في حيرته هَلْ هو

***

(67)

لستُ بالتوحيدِ ألهـو غير أنّي عنه أسْهـو
كيف أسهو كيف ألهو وصحيح أنّـني هـو

***

(68)

يا سـرّ سـرّي تدقّ حتّى تُخفي على وهم كل حّي ِ
وظـاهـرا باطناً تجـلّى في كلّ شيء لكل شـيء
لئن اعتذاري إليك جهـلٌ وعُظْم شكّي وفرط عيّ ِ
يا جملةَ الكلّ لسْتَ غيري فما اعتذاري إذاً إلــيّ ِ

***

(69)

اسمٌ مع الخلق قد تاهوا به وَلَهاً ليعلموا منه معنىً من معانيه
والله لا يصلوا منه إلى سبـبٍ حتّى يكون الذي أبداه يبديـه

***

يتامى

(1)

مثالُك في عيني وذكُرك في فمي ومَثـْواك في قلبي فأين تغيب

***

(2)

كفرت بدين الله والكفر واجب لديَّ وعـنـد المسلمين قبـح

***

(3)

فَقـُلْتُ اخلَّائي هي الشمسُ نورها قريبٌ ولكنْ في تناولها بُـعْـدٌ

***

(4)

قد كنتُ في نعمة الهوى بطراً فأدركَتْني عقـوبة البطـر

***
(5)

شرطُ المعارف محو الكلّ منك إذا بدا المريدُ بلحظٍ غير مطـّلع

***
(6)

ذِكْرُهُ ذكري وذكري ذِكْرُهُ هل يكونـَا الذاكران ِإلّا معَا

***
(7)

لا تُعِرّضْ بهذا فهذا بنانٌ قد خضبناه بدم العشّاق

***

القسم الثاني

آ – قصائد مستعارة من شعراء سابقين

1 – لعبد الصمد بن المضحل البصري
يا بديع الـدلّ و الغنج لك سلطانٌ على المهج
إن بيتـاً أنت سـاكنه غير محتاج إلى السُّرُج
وجهك المأمول حجّتنا يوم يأتي الناس بالحج

***

2 – لحسين بن الضحاك الخالي
تجاسرتُ فكاشفتـك لما غلب الصبر
وما أحسن في مثلك ما ينتهك الستـر
لئن عنـَّفني الناس ففي وجهك لي عذر
كانّ البدر محتـاج إلى وجهك يا بـدر

***

3 – لشعراء مجهولين

آ
دلالٌ يا حبيبي مستعــارْ دلال بعد أن شاب العـذار
ملكتَ وحرمة الخلوات قلباً لعبتَ به وقـرّ به القـرار
فلا عيـن يؤَرّقها اشتيـاقٌ ولا قلب يقـلّقه اِدِّكـــار
نزلتَ بمنزل الأعداء منّـي و تبتُ فما نزور ولا تـزار
كما ذهب الحمار بأُمِ عمروٍ فما رجعَتْ ولا رجع الحمار

ب
وبدا له من بعدما اندمل الهوى برقٌ تـَأَلَّـق موهناً لمعَـانُه
يبدو كحاشية الرداء ودونه صعب الذرى ممتنعا أركانه
فأتى لينظر كيف لاح فلم يطق نظرا إليه وصده أشجانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سمحت به أجفانه

3
وطائرٍ حَلَّ أرضَ الشام افـرده فَـقـْد الأليف لـه نطق بإضمار
بالفهِ كان قصراً صـار مسكنه في غيضَةِ الأَيكِ في أغصان أشجار
فضلّ يندب حتّى الصبح مُسْعِدَه يبغي الغريبَ ويُهوِى كـل صبّـار
في نطقه رقة تسليك عن حُرَقٍ فَيُسْليِك نَـوْحُهُ نطقـا بإضمــار

***
4 – لأبو العتاهية

آ
النفس للشيء الممنّع مُوْلعة والحادثات أصـولهـا متفرّعة
والنفس للشيء البعيد مُريدة والنفس للشيء القريب مُضيِّعة
كل يحاول حيلةً يرجو بها دفع المضّرة واجتلاب المنفعة

ب
وما وجدتُ لقلبي راحةً ابــدا وكيـف ذاك وقد هييتُ للكــدر
لقد ركبت على التغرير واعَجَبَـا ممّن يريد النجا في المسلك الخطر
كـأنّـنـي بين أمواج تقلّبُنــي مقلّب بين إِصعادٍ و منحــــدر
الحُزْن في مهجتي والنار في كبدي والدمع يشهد لي فاستشهدوا بصري

ج
الكأس سهّل الشكوى بمُنْتَابكم وما على الكأس من شرّابها درك
هبْني ادّعيتُ بأنّي مدنفٌ سَقِمٌ فما لمضْجع جنبي كـلّه حسـك
هجرٌ يسوء ووصلٌ لا أَسرُّ به مالي يدور بمـا لا أشتهي الفلك
فكلما زاد دمعي زادني قلقـاً كـأنـّـني شمعة تبكي فتنسبك

د
طلبتُ المستقَرَّ بكـل أرض فلم أرََ لي بأرضٍ مستقرَّا
أطعتُ مطامعي فاستعبدَتْني ولو أنّي قنعتُ لكنتُ حرَّا

[ فنِلْتُ من الزمان ونال منّي وكان مناله حلْواً ومُرَّا ]

تعوَّضْتُ مسّ الضرّ حتّى ألفتُه وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر

***

5 - لسهل التستري
قلـوب العارفين لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون
وألسنة بأسـرار تنـاجـي تغيب عن الكرام الكاتبين
وأجنحة تطير بغير ريـش ٍ إلى ملكوت ربّ العالمين
فأورثنا الشراب علوم غيبٍ تشفّ على علوم الأقدمين
شواهـدها عليها ناطقـات تبطل كل دعوى المدعين

***
6 - لجنيد البغدادي

آ
الوجد يُطرب من في الوجد راحته والوجد عند وجود الحقّ مفقــود
قد كان يوحشني وجدي و يؤنسني بروية الوجد من في الوجد موجود

ب
ما لي جَفِيْتَ وكنتُ لا أُخفي ودلائل الهجران لا تُخْفَـى
و أراك تخلطني وتشـربني ولقدْ عهدتك شاربي صرفا

ج
قد تَحَقَّقْتُ في سرّي فتناجاك لسانـي
فاجتمعنا بمعــان ٍ وافترقنا لمعـان
فلئن غَيَّبك العـزّة عن لحظ العيـان
فلقد صيّرك الوجدُ من الأحشاء دان ٍ

***
7 – لأبو الحسن النوري
كـادت سرائر سرّي أن تسرّ بما أوليتني مـن جميـل لا اسميــه
وصـاح بالسرّ سرٌّ منك يـرقيه كيـف السرور يسـر دون مبديـه
فظـل يلحظني سرّي لألحظـه والحـقّ يلحظني أن لا أخـلـيـه
وأقبل الوجد يفني الكل من صفتي وأقبـل الحـقّ يخفيني وأبـديـه

***

8 – لسمنون

آ
متى سهرَتْ عيني لغيرك أو بكـتْ فلا أعطيت ما مُنِّـيَـتْ وَتـَمَـنَّـتِ
وإن أُضْمَرَتْ يوماً سواك فلا رَعَتْ رياض المُنَى من وجْنَـتَـيْـك وجَنَّتِ

ب
لئن أمسيتُ في ثوبي عديـم لقد بليا على حرّ كريـم
فلا يحزنك إن أبصرتَ حالاً مغيّرة عن الحال القديـم
فلي نفسٌ ستتلف أو سترقـى لَعَمْرُ أبي إلى أمر جسيم

ج
أرسلتَ تسأل عنّي كيف كنتُ ومـا لقيتُ بعدك مـن هـمّ ومـن حزن
لا كنتُ إن كنتُ أدري كيف كنتُ ولا "لا كنتُ" إن كنت أدري كيف لم أكن

***

ب – قصائد مستعارة من شعراء لاحقين

1 – لأبي فراس الحمداني
وليتكَ تحلـو والحيـاة مريرةٌ وليتـَكَ ترضى فالأنام غضاب
وليتَ الذي بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمَين خــراب
وليتَ شرابي من ودادك صافيا وشربي من ماء المعين سراب
إذا صحّ منك الودّ فالكلّ هين وكل الذي فوق التراب تـراب

***

2 – لأبو نصر السرّاج
لا تَسْأمـنَّ مقالتـي يـا صاح وأقبل هدية ناصـح نصَّاح
ليس التصـوّف حيـلةً وتكلَّفـاً وتقشّفاً وتواجداً وصيــاح
ليس التصوّف كِــذبةً وتظالماً وجهـالةً ودعـابة ومِـزاح
بـلْ عفَّة ومُــرُوءَةً وفتـوَّةً وقنـاعةً وطهـارة وصلاح
وَقْفـاً وعِلمـا واقتدا وصفـا ورضا وصِدءقاً ووفا وسماح
متيقـّناً متصبّــراً متشمّـراً مستمطـرا مستقصّـدا سيّاح
متعـزّزا متحـرّزا متواضعـا متبـدّل الأشبـاح و الأرواح
تاء التقى صاد الصفا واء الوفاء فـاء الفتوّة فاغتنمْ يـا صاح
مـن قـام فيه بحقّـه و حقوقه وخـلا عن الحدثان والأشباح
تتشعشع الأنـوار من أسـراره كتشعشع المشكاة في المصباح

3 – لشاعر مجهول
أنت أنا بلا شــكّ فسُبْحانك سُبْحَانـي
فتوحيدك توحيـدي وعصيانك عصياني
واسخاطك اسخاطي وغفرانك غفرانـي
ولِمْ أُجْلَد يا ربّــي إذا قيل هو الزانـي

***

4 – لعين القضاة الحمداني
ألقاهُ في البحر مشدوداً وقال له إيَّاك إيَّاك أن تـَبـتـلَّ بالماء

***

5 – مدرسة ابن عربي
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائداً وأنا اعتقدتُ جميع ما عقدوه

***
ج - في لسان حال الحلاّج

1 – في الحبّ الإلهي والتوق إلى العذاب

1 - القزويني
حَنينُ المُريد بشوق مزيـد أنين المريض لفقد طبيـب
قد اشتدّ حال المريدين فيه لفقد الوصال و بُعْد الحبيب

***

2
الصـبَّ إِرْثِي مُحِبُّ نواله منك عُجْـبُ
عـذابه فيـك عَذبٌ وبُعده فيك قــرب
وأنت عندي كروحي بل أنت عندي أحبّ
فـأنـت للعين عين وأنـت للقلب قلب
حتّى من الحبّ أنّي بمـا يحبّ محـبّ

***

3
لقد أعجبني الوجد بمن أهواهُ والفقـدُ
فلا بعد ولا قرب ولا وصل ولا صدّ
ولا فوق ولا تحت ولا قبـل ولا بعـد
ولا عُرف ولا نكر ولا يـأس ولا وعد
فهذا منتهى سولي وهـو الواحد الفرد

***

4
العيـن تبصر من تهـواه وتفقده ونـاظر القلب لا يخلو مـن النظر
إن كان ليس معي فالذكر منه معي يراه قلبي وإن قد غاب عن بصري

***

5
أجريتُ فيك دموعي فالـدمع منك عليـك
و أنت غاية سـؤلي و الطرف وسنَى عليك
فإن فُنِي فيك بعضي حُفظـتُ منـك لديك

***
6
إذا هجرتَ فمـن لـي ومـن يجمّل كـلّي
ومـن لروحي وراحي يا أكثـري وأقـلّي
أَحَبَّـكَ البعض مـنـّي فقد ذهبت بكـــلّي
يا كـلّ كـلّي فكـنْ لي إنْ لم تكن لي فمن لي
يا كـل كـلّي و أهـلي عنـد انقطاعي وذلّي
ما لي سوى الروح خذها والـروح جهد المقلّ ِ

***

7
كل حبّ عـلى قلبٍ غير حبِّك حرام
أنت لي رَوْحٌ وراح وزهر ومـدام
وسـرور و همـوم وشفاء وسقـام
فعلـىَ كلّ هوى بْعدَ هوى فيك سلام

***

8
رماني بالصدود كمـا تراني وأَلْبَسَنِي الغرام وقد براني
ووقتي كـلّه حلـوٌ لـذيـذ إذا ما كان مولائي يـراني
رضيتُ بصنعه في كل حال ولستُ بكاره ما قد رمـاني
فيا من ليس يشهد مـا أراه لقد غيبت عن عين ترانـي

***

9
وقَصَّرْتُ عقلي بالهوية طاليا فعـاد ضعيفاً في المطالب هاريا
وكُنْتَ لربّ العالمين نصرةً فلا تَسْتَعْجِلْ أنْتَ في التطلّب جاريا
تحقُّقْ بأن الحقّ ليس بِمُدرِكٍ فمن يُدْعِيُهُ جاهلا ومـرائيـا
ولكنّه يبـدو مراراً فيختفي فيعرفه مـن كـان بالعلـم خاليا

***

10 - الحمداني
الله يعلمُ مـا فـي النفس جارحةٌ إلّا وذكـرك فيهـا نَيْـلُ ما فيهـا
ومـا تنفّستُ إلّا كنتَ مـع نَفَسِي تجري بك الروح منّي في مجاريها
إن كانت العين مُذ فارقْتَها نظرتْ إلـى سـواك فخانتهـا مـآقيهـا
أو كـانت النفس بعد البُعْد آلفة خـلقاً عـداك مـا نالت أمانيهـا

***

2 – في السكر الروحاني والعذاب

11
لم أُسْلِم النفْسَ للأسقام تـُتْلِفُها إلّا لعلمي بأنّ الموت يُحييهـا
ونظرةٌ منك يا سؤلي ويا أملي أشهى إلي من الدنيا وما فيها
نفْسُ المحبّ على الآلام صابرة لعـلَّ مُسْقمها يوماً يداويهـا

***

12
نظري بَـدْء علَّتي وَيْحَ قلبي وما جنا
يا معين الضنا علّى أَعِنِّي على الضنا

***

13
وحُرمة الوِدّ الذي لـم يكنْ يطمع في إفساده الدَهْرُ
مـا نالني عند هجوم البـلا بؤسٌ ولا مسّني الضرّ
ما قُدَّ لي عَضْوٌ ولا مفصل إلّا وفيه لـكـم ذِكْـر

***

14
سَقَوْني وقالوا لا تُغَنِّ ولو سقوا جبال حُنين ما سقيتُ لغنّـتِ
تمنَّتْ سُلَيْمَى أن أموت بحبّهـا وأسهل شيء عندنا ما تمنّت

***

15
سكرْتَ من المعنى الذي هو طيب ولـكنَّ سُكري بالمحّبة أَعْجَب
و مـا كـلّ سكران يُحَدّ بواجبٍ فـفي الحبّ سكران ولا يتأدّب
تقوم السكارى عن ثمانين جلدة صحاةً وسكران المحبّة يُصْلَب

***

16
كلّ بلاء علّي منّي فليتَني قد أخذتُ عنّي

***

17
لاحتْ على دكّة الخمّار أسـرار وأشرقت في وجـوه القوم أنوار
وطاف بالبيت ساق ٍلا شبيه لـه هـذا العقيق وهـذا الربع والدار
فاستيقظوا يا سكارى بعد رقدتكم واستغنموا الوقت إن الدهر غدّار
مـن باح بالسرّ كان القتل شيمته بين الرجال ولم يُؤخذ لـه ثـار

***

18
والله لـو حلـف العشّـاق أنّهـم موتى من الحبّ أو قتلى لما حنثوا
قومٌ إذا أهجروا من بعد ما وصلوا ماتـوا وإن عاد وصْل بعدهُ بُعثوا
ترى المحبّين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كـم لبثوا

***

19
مواجيد أهل الحق تصدق عن وجدي وأسرار أهل السر مكشوفة عندي

***

20
لِيَكُنْ صدرُك للأسرار حِصْناً لا يُـرام
إنّمـا ينطـقُ بالسـرّ و يُفْشيـه الّلئامُ

***

21
وما شرب العشّاق إلّا بَقيّتي وما وردوا في الحبّ إلّا على ورْدي

***

د – قصائد مكرّسة لموت الحلاّج

1 – لأبو الحسن علي مسفر السبتي: قصيدة حول الشهادة
قـُلْ لأخـوان رآوني ميّتـاً فبكوني إذ رآوني حَزَنَـا
أتظنـّون بأنّـي مـيْـتـكم لستُ ذاك الميت والله أنا
أنـا كنزٌ وحـجابي طلسـم من تراب قد تهيّا للفنــا
أنـا عصفور وهـذا قفصي كان سجني فأبيتُ السجنا
فاهدموا البيت فرضّوا قفصي وذروا الكـل دفينا بيننـا
وقميصي مزّقـوه رمـمـاً وذروا الطلسم بعدي وثنا
فاخلعوا الأجساد عن أنفسكم تبصروا الحقّ عياناً بيّنـا
مـا أرى نفسي إلّا أنـتـمُ واعتقادي أنكم أنتـم أنـا
عُنصر الأنفس شيء واحد وكذا الأجسام جسم عمّنـا

***

2 – للعز المقدسي

آ
أباحَتْ دمي إذ باح قلبي بحبّها وحلّ لها في حكمها ما استحلّت
أباحَتْ حمى لم يرعه الناس قبلها وحلّت تلاعاً لم تكن قبل حُلّت
و ما كنتُ ممّن يظهر السـرّ إنّما عروس هواها في ضميري تجلّت
فألقَـتْ على سـرّي أشعّة نورها فـلاح لجـلّاسي خفايـا طويّتي
وشـاهدتها فاستغرقتني حـيـرة فغابت بها عن كلّ كـلّي وجملتي
وحلّـت محـلّ الكـلّ منّي بكلها فإياي إيّـاهـا إذا مـا تبـدّت
ونمّتْ على سرّي فكانت هي التي عليهـا بهـا بين البـريّة نَـمَّتِ
إذا سَألَت من أنت قلت أنـا الذي بقائي إذا فـنـيت فيك هويّتي
أنا الحقّ في عشقي كما أن سيّدي هو الحـقّ في حسن بغير معية
فإن كنتُ في سكري شطحتُ فإنّني حكمـت بتمزيق الفؤاد المفتّت
ولا غروَ إن أصليت نار تحرّقـي فنار الـهوى للعاشقين أعدّتي
ومـن عجب الذيـن أحـبّـُهـم وقد أعلقوا أيدي الهوى بأعنّـة
سقوني وقالوا لا تُغنّ ولو سقـوا جبال حُنين ما سقوني لغـنَّت

***

ب
هيهاتَ مــا قتلـوه كلّا ولا صـلـبـوه
لكنهم حيـن غابـوا عن وجـده شبّهـوه
أحبابه حين غـاروا عليه قـد غَيّبــوه
سقوه صرفاً وراموا كتمان مـا أوعـدوه
فمـا أطـاق ثبوتـا لثقل مـا حّملــوه
فتـاهَ سكـراً ونادى أنا الذي أفــردوه
يا لائمي كيف أخفي وفي الحبّ ما أظهروه
أم كيف يكتـم قلباً بالشوق قد مزّقـوه

***

3 – لعلي الششتري

آ – (مستوحاة من قصيدة لابن عربي)
شهدت حقيقتي وعظيم شأني مقدسة عن إدراك العياني
فقال مترجما عنــي لساني أنا القرآن والسبع المثاني
وروح الروح لا روح الأواني
أنا فـي مستوى عرشي قـديـم لِذِي أَنّيّتي العـظـمى نـديـم
وفـي بلـوى محبّتكـم أهـيـم فـؤادي عنـد معلومي مقيـم
يناجيه وغَيْركم لساني
سترت حقيقتي عـن كـل فهـم بما أظهرت من وسم ورسـم
فإن تطلب ترى صفتي مع اسمي فلا تنظر بطرفك نحو جسمي
وَعَدِّ عن نعيم بالمغاني
وللطِّلَسْـِم فـي العينَيِنْ كـسِّـرْ وحـقّـقْ سرّ معنـائي وحـرِّرْ
وللمسجـور مـن بحري فبحّـرْ وغصْ في بحر ذات الذات تبصرْ
عجايب ليس تبدو للعيان
فـإن شـاهدتني فـي كـل ذات باسمـآي عيانـا في صفاتـي
ستفهـم مـا خفي فـي الكاينات وأسـرار تـرآت مبـهـمـات
مستَّرةً بأرواح المعاني
فعند شهـودك الأسـرار منهـا فلا تك غائبا فـي الكون عنهـا
ووَحّـدْ واتّحـدْ كيمـا تكُنْهــا فمـن فهـم الإشارة فليصنْهـا
و إلا سوف يُقتل بالسنان
فمـن أَوْرَى زناد الحـق رُدَّتْ حقيقتـه وعنـه البـاب سُـدّتْ
وكعبتـه بفـاس الشرع هُـدّتْ كحـلّاج المحـبّـة إذ تـبـدّتْ
له شمس الحقيقة بالتداني
فلـمـا إن دنـا منهـا تدلّـى وبالاسـم العظيم قـد تجلّـى
تـوحّد عنـد ذاك و مـا تولّى فقـال أنـا هو الحقّ الذي لا
يُغيّر ذاتَه مرُّ الزمان

***

ب – قصيدة في الإسناد
أرى طالباً منّا الزيادة لا الحُسْنى بفكر رمى سهماً فعدّا به عَدنا
فنحـن كدود القزّ يحصرنا الذي صُنعنا بدفع الحر سجناً لنا منّا
وتـيـمَّ أرباب الهرامس كلّهـم وحسبك من سقراط أسكنه الدنا
وجـرّد أمثـال العوالم كـلهـا وأبدى لأفلاطون في المثل الحسنا
وهام أرسطو أو مشى من هيامه وبثّ الذي ألقى إليه وما ضنّـا
وكان لذي القرنَيْن عوناً على الذي تبدا به وهو الذي طلب العينـا
ويفحص عن أسباب ما قد سمعتم وبالبحث عَطّى عين إذ ردّه عينا
وذَّوق للحلاج طعـم اتـّـحاده فقال أنـا مـن لا يحيط بـه معْنى
فقيل له أرجع عن مقالك قـال لا شربت مُداماً كلّ من ذاقها غـنّـى
وانطـق للشبلي بالوحـدة التي أشار بها لمّا محا عنده الكـونـا
وأظهر منه الغافقي لما جنـى وكشط عن طواره الغيم والدجنـا
وبيّن أسرار العبودية التـي عن أعرابهم لم يرفع اللبس واللحنا
كشفنا غطاء من تداخل سرّها فأصبح ظهرا ما رأيتم له بطنـا
هدانا لدين الحقّ من قد تولهَتْ لـعـزته ألـبابـنـا وله هُدنا
فمن كان يبغي السير للجانب الذي تقـدّس يأتي الآن يأخذه عـنّـا

***

4 – يافي
سلامٌ على قومٍ شموس هدىً غدا بهم في الهوى سكر إلى حشرهم غدا
أدار عليهم كـأس راح محبّــةٍ جمالٌ سقى الأحباب لـمـا لهم بـدا
به هام بعضٌ في الُّرّءىِ وبعضهم به وله ظنّوا حـبـوبـاً فَـقُـيِّـدا
وبعض من الأكوان بانَ وبعضهم به جـاوز الإسكارُ حدّاً فَـعَـرْبَـدَا
فسلّ عليه الشرع سيفاً حمى به حدوداً فرا الحلّاج مـاض ٍمـردَّدا
فمات شهيداً عندكم من محقق وكم عندكم يخرج عن القوم ملحدا
ولكن فتى بسطام موقى بحاله حمى عن عنايات عزيزاً ممجَّــدا

***

5 – حريفش مكّي: قصة الحلاّج

الخمرُ دِنّي ودِن الخمر ريحانـي ومجلس الذكر تسبيحي وعيدانـي
ما يشرب الخمر إلّا من يكن بَطَلٌ ويطلق النوم لم تغمض له أجفاني
طلّقتُ نومي ولم اسلا حلاوتـه حتّى بقي جفن عيني ساهراً فاني
أنا الحسين أنا الحلّاج يا فقَـراء ذوبّتُ سندانَهم من عظم برهـاني
أنا الذي شاع ذكري بالملا الأعلى حلجتُ قطني بتقـواي وإيمـاني
الباز الأشهبْ أتى نحوي صافحني والأولياء أتت مـن أرض جيلانِ
شربت من خمرة عن بكرة مُزِجَت شِبه العروس انجلت في وسط بستانِ
ابن الرفاعي رقا وقتاً بها وعلا وابن أدهم سيّبْ مُلكـه الفـانـي
افتوا علّي وقالوا قد طغى و بغى حاشا من البغي لكن صرتُ ربّانـي
طَلْع المؤذّنْ يوذّنْ قلت ما حكيتْ انّي سمعت لديِك العرش بـآذاني
من خاض بحر الهوى من غير معرفة يبلعه الحوتُ يبقى يـونس الثانـي
من خاض بحر الهوى يُخْرِجُ جواهرها ألا ينادي عليه يا بطّـال كسلاني
من باع دُرّاً إلى الفحام ضَـيَّـعْهُ الدر ينباعُ بالقسطاس يا أخواني
لا تَخْدَعَنَّ قليل الأصـل تظّـلمه وأغلـظْ عليـه طوعـاً بإذعـان
أنّ الحديدَ تـذيب النـار قـوّتـه و لو سكبتَ عليه البحـر ما لانِ
يا طالب النصرَ من أعداك مُتْ كَمداً كطالب الشُهْـدَ من أنياب ثعبانِ
يا قـارئ العلم بيـن الجاهلين خَطـأ كواقد الشمع في قاعات عميان
يا واضع السرّ مع مـن ليس يكْتمـه كواضع الريح في أكمام عريانِ
من باح بالسرّ كـان القتـل شيمته بين الرجال ويُضحى اليوم خجلانِ
شدّوا وثـاقي وقـالوا اقتلونّ لــه حلّاج حلّاج أنت في البلدْ زانـي
واللهِ واللهِ والـرحـمن خـالقنــا لولا يقولوا دعـا