التنوير و الخبز

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 13 سنة 10 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/04/2007

بعد ان جاهدت نفسي على تجاوز محنتي و رويتها بيرة و زودتها بكلمات و جملا من قصص غارسيا ماركيز و كتب نتشيه و بعد ان لففت لفافة تبغ فاخرة قررت اشعالها على ذكرى من نكست بالعهد قررت ان اكتب لكم شيئا .
اليوم سنتحدث عن التنوير و علاقته بالفقر هاته العلاقة العضوية الغريبة الغاية في العجائبية فهي بقدر ما تجمعهم تفرقهم في آن .
الفقير ذلك الكائن القلق على قوته الباحث عن لقمة عيشه في بلده الذي يحرص على بقائه كما هو. الفقير ذلك الكائن الوجودي ببطاقة تعريفيه العدمي في قيمته العبثي في مصيره . الفقير ذلك الكائن المقهور المحروم الممسوحة كرامته في الخراء المنكل به المتكل عليه في تنظيف قذارة الأغنياء .
الفقير ذلك الكائن الذي يخصص بلده نصف ميزانيته السنوية للامن الذي يحرس على بقائه في فقره يحرص على التنكيل به و مسح كل شيئ فيه يحرس على اذاقته الذل في وطنه يحرص على استغلاله و قمعه و قتله وجوديا و تركه يعيش عدميا يحرص على امن الآخرين منه يحرص على تطويقه و حصاره في احياء مزابلية كي لا يخرج منها و يزعج بمنظره القذر دوي الاحاسيس المرهفة.
هل تنتظرون من هذا الشخص ان يفكر ان يكتب ادبا او شعرا فكرا او رواية ان يرسم او ان يتغنى عن السعادة و صوت بطنه يغني على ايقاعات سمفونية الجوع هل تنتظرون منه ان يحب ان يحاور و ان يناقش و ان يقبل بهذا الآخر الذي ان لم ينظر اليه نظرة احتقار ينظر اليه بشفقة هل تنتظرون منه ان يعيش او يواكب الحضارة و يمشي معها ان يلبس ان ينتج و يستهلك ان يحترم يتنور و يتعلمن .
الذي استطاع اشباع غرائزه و الحفاظ على كرامته يستطيع ان يكتب و يفكر ان يحلم و يعيش ان يحدد اهدافا و يحققها ان يحس ان يتأمل و يجد الوقت الكافي لذلك ان يرسم و يحب و يحترم .لكن هل المحروم يستطيع هذا ؟
كلما راج الفقر و اخوانه اصبحت المعرفة عملة نادرة و تراجعت الرفاهية او الاشباع و حل مكانهم الحرمان و غاص المجتمع في وحل الجريمة و العنف و الفساد البذيئ و ليس الفساد الراقي و تراجع دور المثقف و التقافة ليحل دور رجال السلطة الاوفياء لهراواتهم المخلصين لارباب رزقهم .
كلما راج الفقر و اخوانه اصبحت مطالب الطبقات الاجتماعية المتقعرة صغيرة للغاية فكيف لفاقد كرامة مرغما و فاقد لقوت يومه قهرا ان يطالب بالمعرفة .
كلما راج الفقر و اخوانه كثر الدهماء و الغوغاء و قل العقلاء .
ان من ينظر لواقعنا ( اقصد هنا المنتمين لطبقتنا الرافضين لواقعنا و ليس من ذكرهم مهدي عامل هنا :ان رفض الواقع الاجتماعي من موقع الطبقة المسيطرة لايقود الا الى تابده والحفاظ عليه) هذا الواقع البئيس المريض من ينظر الى الشباب المعطلين المهانين المذلين من قبل سلطتهم على الحدود كمهربين او مُذلين من قبل ارباب عملهم في المصانع الحقيرة او الاوراش . ان نظر الى الغلابة و المساكين في طوابير ينتظرون ان يتصدق عليهم من سلبهم كل شيئ بضع رغيفات سوداوات ببساطة ان النظر الى واقعنا يشيب الولدان .
عندما تصبح كل مطالب ما يسمى بالمواطن هو الحصول على قطعة خبز تسقط كل المطالب الاخرى و تتجرجر الثقافة و الفن و المعرفة في قذارة الحياة البئيسة .
اين التنوير من كل هذا ما محله في دوامة البئس التي نعيشها ما موقعه في حياة الحرمان و الذل مالذي سيغيره التنوير في واقعنا المعيش مالذي سيزيده هل ان تنورنا ستتساوى فرصتنا في الارتقاء طبقيا مع الطبقات العليا هل ستعاد كرامتنا المهدورة هل سنسترجع احساسنا بالعيش كمواطنين بكل ما تحمله هاته الكلمة من حقوق .
اتعرفون اجتاحتني رغبة في التوقف عن الكتابة سنتوسع اكثرفي الموضوع ان لقيت من يتجاوب مع الامر و في النهاية استغفر الله لي و لكم و لجميع المسلمين و لا يسعنا الى ان نردد وراء ابي ذر الغفاري عليه رضى الله و رضوانه (عجبت لامرئ لايملك قوت يومه ولا يخرج شاهرا سيفه على الناس ).
قبل ان اذهب اريد ان احكي لكم قصة وقعت في العهود الغابرة ايام داريوس عظيم الفرس قبل ان يقرر اجتياح اليونان انذاك كان يرسل رسلا الى القرى التي سيجتاحها و حدث ان ارسل رسلا الى قرية ما فقتل اهل القرية رسله و قرروا ان يرسلوا له رجلين من الشجعان للرد على رسالته و في طريقهما مرا على مدينة خاضعة لحكم داريوس فاستقبلهم حاكمها استقبالا كبيرا و احتفى بهم و حدثهم عن النعم التي كسبها جراء استسلامه لداريوس حدثهم عن الهدوء و الراحة عن النظام عن كل ما تحلم به الغوغاء لكنهم ردوا عليه ردا لم يكن يتوقعه قائلين : لدينا الحرية و لن نقايضها بكل متع الارض .
يقال و الله اعلم ان هذه القرية هي المذكورة في فيلم 300 .

User offline. Last seen 10 سنة 51 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/02/2008

شكرا اخي رامان على هذه المعلومات القيمة