ان البناء الروحي للانسان يتألف من عقل وعاطفة

العقل يعتمد دائما على اساس المنطق بينما العاطفة لا شأن لها بالمنطق

العقل ام العاطفة ؟؟

هذا الصراع القديم قدم الانسان نفسه

ايهما اولى بالسيادة والقيادة

على سبيل المثال هذه القصة تطرح هذا الموضوع و تأخذ بيد القارئ لتجعله يكتشف بنفسه خطأ او صواب رأيه

مجموعة من الأطفال يلعبون بالقرب من مسارين مختلفين لسكة القطار أحدهما معطل والآخر لا يزال يعمل

وكان هناك طفل واحد يلعب على المسار المعطل ومجموعة اخرى من الأطفال يلعبون على المسار غير المعطل

فجأة ترى القطار قادم مسرعاً وأنت بجانب محول المسار بإمكانك تغيير المسار فورا

ورأيت الأطفال ورأيت القطار قادم وليس لديك سوى ثوانٍ معدودة. وتقرر في أي مسار يمكنك تسيير القطار

القطار يسري بشكل طبيعي على المسار غير المعطل لكن بإمكانك تغيير مساره كون التجمع الأكبر للأطفال هناك والمسار المعطل يلعب عليه طفل واحد

ماذا تفعل ؟؟

هل تغير مسار القطار أم تتركه كما هو؟؟؟
الغالبية كما هو متوقع ستختار أن تضحي بطفل واحد في سبيل حماية البقية..لعدة أسباب منها تعودنا على أن الفرد أقل قيمة من الجماعة..ولأن العاطفة ستجعلنا نفكر بأنه من الأفضل أن تحزن أسرة واحدة على أن يصبح لدينا مأتم في كل منزل..لكن هل هذا قرار عاقل وعادل؟؟؟ ألم يعرف أولئك بأنهم كانوا ابتداء يلعبون في المكان الخطأ؟ ماذنب الطفل الذي التزم بالقوانين بأن يلقى حتفه حماية لمجموعة مستهترة؟ ثم ألا يمكن أن يترتب على إنحراف المسار ضحايا اخرين لا ذنب لهم هم ركاب القطار؟ وهكذا فإن مشاعرنا قد تخدعنا لأول وهلة..والقرارات المتسرعة قد توردنا المهالك..بدرجة لا تقل عن تلك التي يوردنا إياها التردد أيضاً..
والإنقياد الأعمى وراء العاطفة قد يكون مقبولاً على المستوى الإنساني في حالاتٍ خاصة فإنه ليس كذلك على مستوى الإدارة والقيادة..فالقوانين والنظم يجب أن توضع لتثبت الأوضاع الصحيحة..وتحمي الناس الشرفاء..لا لتبرر جرائم وحماقات المستهترين..ولا يعني اتفاق مجموعة من الناس على رأي ما واعتيادهم فعله وشيوعه أنه هو الصحيح..وأعتقد أننا نستطيع أن نلمح مواقف مشابهة في بلادنا..فهناك مجموعات تقف معارضة لكل إصلاح ولكل خطوة تغيير دون سند أو حجة..ولأنها تعرف أنها لا تملك أوراق فوز حقيقية..فهي تلجأ لورقة (الجوكر) الرابحة في مجتمعاتنا المحافظة وهي اللعب على عواطف الناس ومشاعرهم وخوفهم من التغيير والمجهول..وبسبب ذلك تتعطل مصالح ويتأخر البناء ويعاني من ذلك الطبقات الأضعف في المجتمع..لأن صاحب القرار في هذه الحالة قرر أن يضحي بالطفل (الذي كان حق في ابتعاده عن موقع الخطر) ظناً منه أن الأولى احترام رأي الأغلبية ( أو أصحاب الصوت العالي ) ..وهذا ليس الفعل الصواب دائماً..
لا شك أن حياتنا دون عواطف وبالاعتماد على العقل وحده ستغدو جافة وباهتة..فقليل من العواطف ومن الإعتبارات الإنسانية مطلوبٌ في كل وقت وكل مكان..فالعاطفة لا بد أن تظل موجودة فبدونها لا نكون بشراً ..وإنما ليكن العقل هو من يقودها..خاصة حين يتعلق الأمر بمستقبل أمة وتاريخ وطن