مفهوم القومية والوطنية وأقسامها

4 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 16 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 31/08/2007

مفهوم القومية والوطنية وأقسامها
حوار مع العلامة الكردي الأستاذ ملا عبد الله ملا رشيد الغرزي
الساكن : بمدينة القامشلي

حاوره: بندى دلوفين

س: ما تعريف القومية وأقسامها؟ وحكم الإسلام فيها ؟ القومية: مصدر صناعي، بإضافة ياء النسبة وتاء التأنيث إلى القوم، والقوم في المصدر قام ثم غلب على الرجال دون النساء.
وقوم كل رجل: شيعته وعشيرته.
والقومية اصطلاحاً: مبدأ سياسي اجتماعي، يفضل معه صاحبه كل ما يتعلق بأمته، على سواه مما يتعلق بغيرها، أو هو: عقيدة، تصوّر وعياً جديداً، يمجد فيه الإنسان جماعة محدودة، من الناس يضمها إطار جغرافي ثابت، ويجمعها تراث مشترك، وتنتمي إلى أصول عرقية واحدة.
* أو القومية: جمع قوم تتفق مصالحهم، وشؤون حياتهم مع بعضهم، كأنهم يقومون قومة واحدة، ضد ما يهدد واقعهم .
والذي نشر القومية العنصرية، هو الفرنسي الماسوني قرصو سنة 1765
ليكون لليهود مدخلاً..للاستيلاء على فلسطين، وإزالة الدولة العثمانية، فبدءوا بفكرة إيقاظ القومية الطورانية، والغلو في تمجيدها، فنشأت في تركيا جمعية الاتحاد والترقي، وهي جمعية يهودية وماسونية، فزرعت في نفوس الأتراك القومية التركية، وسمع بها العرب فنادوا بالقومية العربية، ثم نشأت وترعرعت الأفكار القومية في كل دولة، وكان نصيب الكرد منها مؤخراً !!
وقد أصبح لكل دولة شعاراتها ورموزها وهكذا..وابتعدت كل واحدة عن الأخرى.. ابتعاداً شديداً ..
وخالفت قول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء: 92].
س: ما أهداف الغرب من نشر القومية بين المسلمين ؟ الأهداف الغربية الصهيونية من تصدير فكرة القومية إلى العالم الإسلامي:
1 - إضعاف العقيدة الإسلامية والعمل على استبدالها بأفكار وضعية.2 - القضاء على الخلافة العثمانية، لأنها: أ- كانت رمز الوحدة السياسية والعقائدية للمسلمين.ب - ولأنها حجر عثرة في وجه المطامع الغربية السياسية والاقتصادية التي تتطلع إلى السيطرة على خيرات البلاد الإسلامية واستغلالها.ج - ولأنها رفضت إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فقد وقف السلطان عبد الحميد - رحمه الله تعالى - بكل إباء، رغم العروض المغرية من قبل هرتزل "مؤسس الصهيونية" بأنْ يملأ خزانته الخاصة ذهباً، وأنْ يُحَدِّث الجيش العثماني، ويملأ خزانة الدولة ذهباً، - كان ذلك في الأعوام 1896، 1900، 1902 - فما كان من السلطان سوى أن طرد هرتزلمن مجلسه.3 - تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات متناحرة يسهل حكمها وتوجيهها
س: لسماحة الشيخ أحمد كفتارو رأي في القومية فما هو ؟ سُئل فضيلة الشيخ أحمد كفتارو عما إذا كان يوجد ثمة خلاف بين الدين والقومية، أجاب بالنفي وقال: في رأيي لا يوجد تناقض بين الدين بمعناه الحق والقومية، لأنّ كلمة قومية تعني جماعة من الناس يستوطنون أرضاً تسودها لغة واحدة.
أما الدين وخاصة الإسلام فهو يجسد مبادئ وتعاليم وقواعد وأنظمة وإنشاء دولة، لا تعرف قوانينها التمييز في المعاملة بين مواطن ومواطن، في الحقوق والواجبات، دولة يتمتع فيها جميع المواطنين بنفس الحقوق، ويتشاطرون نفس المسؤوليات ثم قال: إن الإسلام لا ينظر إلى القومية إلا كاسم يطلق على جماعة، تماماً كما يطلق الاسم على الشخص الفرد .(1)
س: هل الإسلام يقرّ القومية العاطفية ؟
القومية العاطفية هي:
سمة إنسانية، والتي تعبر عن كيفية تعامل الإنسان مع المحيط الذي يعيش فيه، وهذه العاطفة هي فطرة الله، التي فطر الناس عليها وهي مبنية على عقيدةٍ توجهها، نحو إصلاح المجتمع وحماية مصالحه الاستراتيجية، من كافة المغرضين.
والجدير بالذكر، أن الإسلام أقرّ العاطفة القومية ولم يحجبها، ولكن بشروط وهي: إبقاءها في إطارها الشمولي الإسلامي، والتعامل مع أفراد المجتمع، وفق منظور مبني على المعارف الإسلامية، ويجب أن تتخذ المواقف في ضوء هذا الحديث العظيم..!
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: « أُنصرْ أخاكَ ظالماً أو مظلوماً.فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره ؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره »(2)
بمعنى آخر يجب عدم تفضيل مشركي قومك، على مسلمين من أقوام أخر، من هنا يظهر الخط الفاصل، بين العاطفة القومية والقومية قال الله تعالى:
﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾[المجادلة: 22].

س: كم قسم للقومية ؟
القومية تنقسم إلى خمسة أقسام:
حسب العلة الغائية والنتيجة المقصودة فإن للوسائل حكم المقاصد .
الأولى: قومية الدفاع
وتعني: الدفاع عن حقوق قوم، والمحافظة عليها وتوحيدها، كي يتمكنوا من إدارة شؤونهم بأنفسهم، التي هم أحق وأعرف بها، فهي وسيلة للخير، واستهداف إلى إعانة قومه، ليخرجهم من كبوتهم، وتبعيتهم المشينة، لحكام من المستعلين أو وكلائهم، فلا شك أن هذه، من أولى الواجبات، حيث تمنع الظلم وتحقق العدل قال تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾[الشعراء: 214](1)
وعن عباد بن كثير الشامي، عن امرأة منهم يقال لها فسيلة قالت: سمعت أبي يقول سألت النبي r فقلت يا رسول الله: أمن العصبية أن يحب الرجل قومه ؟ قال: «لا، ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم »(2)
وحدثنا أيوب بن سويد ..عن سراقة بن مالك ابن جعشم المدلجي قال: «خطبنا رسول الله r فقال: خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم ».(3)
وفي رواية « خيركم الدافع عن قومه ما لم يأثم » (4) أي ما لم يقع بسبب الدفاع في التعدي كما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون﴾[المائدة: 8](1)
وقال:﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾[ النساء: 58]
والثانية: قومية المجد
وهي: التي تستهدف إلى مجد قوم، وترفعه عن التبعية، بذكر تاريخه وعظمائه، فإن الناس مجبولون على تأييد سلفهم، في المجد والعظمة، والتنزه عن السفاسف والرذائل، فهذه تأخذ بأيدي القوم، وتخرجهم من الأسافل إلى الأعالي، فحبذا بها، حيث ترشد إلى كل خير، وتحجب كلَّ شر ورذيلة..فالإسلام يأمر بهذه ويهدف إليه، قال تعالى:
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾[إبراهيم: 5]
والثالثة: قومية العزة
التي: تهدف إلى عزة قومه، وإخراجه من الذل والمهانة، وتحرير بلاده من الغاصبين عن طريق العلم والوحدة والمحبة والاتفاق وعدم الخضوع والاستسلام للعدو الحاقد وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه...فهذا جائز لقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾[المنافقون: 8]وقال: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾[النساء: 141]فهذه القوميات الثلاثة من صميم الدين وأهدافه.
والرابعة: قومية جاهلية
وهي: تهدف إلى إحياء تراث الجاهلية، التي حرمها الإسلام، في العقائد، والمفاخر، والأعمال التافهة، ونصرة جماعته الظالمة، والانجرار إلى العدوان، وسلب حقوق المستضعفين، وتقليد الأعداء في عاداتهم الجاهلية المسيئة، فهي مطية الظلم والفساد، ﴿ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾[البقرة: 205]
وهذا القسم يتعامل أصحابها معها، كأنها عقيدة فكرية سياسية، إما لجهلهم بالإسلام، أو أن لهم مقاصد سياسية وراء ذلك ...!ولهذا لا يعتبرها الإسلام جزءاً من كيانه ..!
عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله r: « من قُتل تحت راية عميّة يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقِتْلةٌ جاهلية » (1) وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: قال النبي r: « من أعان قومه على ظلمٍ فهو كالبعير المتردّي ينزِع بِذَنبه» (2)
وعن أبي بن كعب ..سمعت رسول الله r يقول: « من تعزّى (3) بعزاء الجاهلية فأعضّوه ولا تكنوا » (4) و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله r: « من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه » .(5)
وعن جبير بن مطعم أن رسول الله r قال: « ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا، من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية »(6)
و التعصب من العصبية، وهو المحاماة والمدافعة، والعصبية: أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته، والتألب معهم على من يناوئهم، ظالمين كانوا أو مظلومين، وقد تعصبوا عليهم إذا تجمعوا، فإذا تجمعوا على فريق آخر، قيل تعصبوا، والعصبي: هو الذي يغضب لعصبته ويحامي عنهم ..ويعين قومه على الظلم ..
( وجعل مشايخنا المقتولين في العصبية، في حكم أهل البغي ) (1)
والعصبية والحمية الجاهلية، هي حالة الانغلاق القومي، والعشائري والفئوي وتحيز الإنسان إلى قومه وعشيرته وفئته في حق أو باطل، وهي حالة معاكسة لحالة (الأمة الواحدة) التي يدعو إليها القرآن من ناحيتين، في الانفتاح أولاً، وفي اتخاذ التقوى والحق مقياساً ثانياً، وهذه هي حالة ( الحمية الجاهلية ) المذمومة في النصوص الإسلامية كما ذكرنا ..
والخامسة: قومية عدوانية
وهي: تهدف إلى استعباد الآخرين بالقوة، والاستعلاء والكبر واحتقار جميع الشعوب والعداوة لهم ..وهذه القومية هي قومية الغرب، التي تدعوا إلى محو القوميات، وقومية الظلمة الذين يقولون: لا يوجد في دولنا وخريطتنا مواطنون سوانا، وسوانا ليس لهم حقوق، ولا لغة ولا وجود ..
فهذه قومية جاهلية، وينبغي علينا محاربة تلك القومية العفنة، بالمبادئ الإسلامية النيرة، التي تمحو ظلام الجاهلية وظلمها ...(2)
وإلى هؤلاء أشارت الآية العظيمة، التي بينت أعمالهم الظالمة فقال تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾[القصص: 4]وتفسير ذكر العلو في الأرض، باستضعاف الخلق بذبح الولدان والمقاومين، وسبي النساء ومن هو مثل النساء، وإذا تحكم الشخص في هذين الأمرين، فما ظنك بما دونهما، لأن النفوس لا تطمئن على هذا الظلم، والقلوب لا تقر على هذا الجور ...
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[الحجرات: 11]
وقال مؤسس العنصرية والعصبية إبليس: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾[الأعراف: 12]فقال الله له: ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾[الحجر: 34]فالذي يسخرُ من الناس ويستعبدهم، ويفضّل أصله الطيني على غيره من الأقوام، فهو من أعوان إبليس، ومصيره كمصير إبليس وهو الخروج من الجنة، ومن رحمة المولى، والبقاء في لعنة التاريخ إلى يوم القيامة..!!! فهاتان القوميتان تناقضان الإسلام لبنة لبنة !!؟
فإذاً القومية التي تؤدي إلى عزة قوم، وإلى المجد والتعاون، في المصلحة العامة، فهي التي تقبلها العقول والقلوب السليمة، وتأمر بها جميع الديانات السماوية، وهي خير محض يجب على كل مؤمن وذي قلب سليم أن يصرف جميع إمكانياته، في مؤازرتها وتمحيصها من شوائب ذوي الأغراض الدنيئة.
والقسم الرابع والخامس:
اللتان تبارزان كل فضيلة وإنسانية شريفة، واللتان تهدمان كيان الأمم، حيث توجهان إلى الفساد والرذيلة، وقتل الأبرياء ونهب الأموال، بالقومية الجاهلية والعدوانية، فهذه قومية محرمة في الشريعة الإسلامية، وهي صنم من أصنام الجاهلية، كما كنت أقولها مراراً ..
وهذه القومية نادى بها الفراعنة وطبقوها ...!!
وخالفوا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء: 92]وخالفوا قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[الحجرات: 13]وخالفوا قوله: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾[الرحمن: 1].
إذاً، فالمسلمون إخوة في جماعة واحدة..!
وقد خطب رسول الله المسلمين بمنى أيام التشريق فقال:
«يا أيها الناس ألاّ إن ربكم واحد، ألا إنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلاّ بالتقوى، ألا هل بلغت؟ قالوا نعم..قال: وليبلغ الشاهد الغائب »(1)
وقد وضع الإسلام نظاماً، يقوم على أساسٍ، يكون التفاضل فيه بالجهد والعمل الصالح ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾[الحجرات: 13].

User offline. Last seen 16 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 31/08/2007

س: ما معنى التمييز العنصري؟
التمييز العنصري أو العرقي هو: التفريق بين جنس وجنس، أو عِرق وعرق، أو لون ولون بين الناس، أو هو تفضيل فئة من الناس على أخرى لكونها من جنس آخر أو من لون أسود أو من بلد آخر غير بلد تلك الفئة.
ويدخل في ذلك ممارسة هذا التمييز بسنّ القوانين ووضع الأنظمة التي تمكن صاحب اللون الأبيض، أو الرجل الأوربي من السيطرة على صاحب اللون الأسود، أو الأصفر أو التعالي على من لم يكن أبيض، أو أوربياً واعتبار أنها أجناس أدنى من جنسه بسبب اللون، أو الجنس أو البلد أو التخلف.
وقد اعتبر الميثاق العالمي والقانون الدولي الإنساني تفضيل أناس على آخرين بسبب المذهب السياسي نوعاً من التمييز العنصري، كما شجب منع أي إنسان من الاشتراك في الحياة العامة، أو تولي المناصب في أي دولة يعيش فيها أو منعه من التمتع بحقه الإنساني، واعتبره كذلك تمييزاً عنصرياً.(1) إن التمييز العنصري مرفوض ومحرم في كل الشرائع ولا فرق بين أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح والكل إخوة في الدين والوطن فقد قال عليه الصلاة والسلام: « الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى».
س: هل يجوز الحنين إلى الوطن ؟
إن كان الدعاةُ إلى الوطنية يريدون بها حبَّ هذه الأرض وأُلفتَها، والحنينَ إليها والانعطافَ نحوها..، فذلك أمرٌ مركوزٌ في فطرة النفوس من جِهَة، ومأمورٌ به في الإسلام من جهةٍ أخرى..
وإن حب الوطن شيء طبيعي وغريزي لدى الإنسان، ذلك أن قلب الإنسان يتعلق بالمكان الذي اعتاد عليه و ترعرع فيه و كانت له معه ذكريات جميلة، فهو يحن إلى البيت الذي ترعرع فيه، و يحبّ الحي أو القرية أو المدينة التي نشأ فيها، أو سكنها فترة من الزمن ..
فإن بلالاً، الذي ضحى بكل شيء في سبيل عقيدته ودينه، هو بلال الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى مكة في أبيات تسيل رقَّةً وتقطر حلاوةً:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً بوادٍ وحول إذخـر وجليل
وهل أردن يومًا ميــاه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
وعن بديح قال: « قدم أصيل الهذلي على رسول الله r من مكة ، فقال رسول الله r: يا أصيل، كيف تركت مكة ؟ « قال : يا رسول الله ، حسن أبطحها وانتشر سلمها ، وأعذق ثمارها ، وأحجر إذخرها، فقال رسول الله r : «ويها يا أصيل دع القلوب تقرّ قرارها» وفي رواية: «إيه يا أصيل، لا تحزنا»(1)
وأخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرني حميد أنه سمع أنساً y يقول: كان رسول الله r إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته، (2) وإن كانت دابة حركها، قال أبو عبد الله زاد الحارث بن عمير عن حميد: حركها من حبها.!! (3)
وفي الحديث دلالة على فضل المدينة، وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه (4) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله r لمكة: « ما أطيبك من بلدة وأحبّك إليّ ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك »(5)
وعن أبي حميد قال أقبلنا مع النبي r من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: « هذه طابة، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه » (6)
ألا يدل هذا على حُب الوطن والأرض؟ أم ماذا ؟!!

س: حبذا لو تذكر بعض الآيات عن الأنبياء في تحرير أقوامهم ؟

إن الأنبياء جاءوا ليحرروا أقوامهم من استعباد المتألهين إلى عبادة رب العالمين كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾[ابراهيم: 4]فهذا سيدنا نوح جاء ليحرر قومه قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾[الأعراف: 59].
وهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام جاء ليخلص قومه، من استعباد نمرود وأصنامه قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾[الزخرف: 26]
وجاء سيدنا موسى عليه السلام ليخلص قومه الإسرائيليين، من استعباد وجبروت فرعون، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا، أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ، إِلَى النُّورِ﴾[ابراهيم: 5]وذلك لأن فرعون أضلهم قال تعالى: ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾[طـه: 79]وقال: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ، إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾[الزخرف: 54]
وإليك هذه الثورة التي نادى بها سيدنا موسى لتحرير قومه في حواره مع فرعون، اقرأها بتمعن وتفكر !! قال تعالى:
﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِين َقَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائيلَ﴾[الشعراء: 2]
إن فرعون يذكّر سيدنا موسى ببعض إحسانه عليه، حتى يترك موسى حق قومه في الحرية والخلاص من العبودية، وحتى يترك مبدأه ودعوته العادلة، ليبقى فرعون على عرشه، يظلم من خلالها، ويقتل بأمرها ويبيد كل شيء من أجلها، ليسلم هو فقط !!!
حتى إن فرعون قال: ﴿ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾[الشعراء: 29](1) لكن سيدنا موسى ردّ على فرعون، بأن إحسانه منة يقابلها بقاء قومه في الاستعباد، والذل والمهانة، وهذا ما لا يرضي الله سبحانه!!
وعندما علم سيدنا موسى أن فرعون لا يجعل من عرشه منابر للحق والعدل ومساعدة للمظلومين المشردين، ولا يترك تألهه وجبورته، حينها قام بثورة ضده حتى أغرقه الله في النهر وأهلكه. قال تعالى : ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾[الأنفال:54].
فتفكر فيها.. فإياك أن تكون مثل فرعون متجبراً، بل كن كسيدنا موسى ليناً وحكيماً ومدافعاً ؟!
وإن سيدنا عيسى عليه السلام جاء ليخلص قومه من استعباد الروم. قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾[الصف: 6]
إلا سيد الكائنات وشمس الأنبياء، سيدنا محمد r فقد كانت دعوته لتحرير وإعزاز جميع القوميات، من الاستعباد والجاهلية، وإدخالهم إلى عبادة خالق العباد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء: 107]
وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾[سبأ: 28] وقال: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنعام: 90] وقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[الأعراف:158].
وجاء ليجعل الوحدة بين البشر جميعاً، ويهديهم إلى سواء السبيل، وليسعدهم في الدنيا والآخرة، حاملاً معه النور والقرآن قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد﴾[إبراهيم: 1].
فهذه هي حضارتنا وآثارنا التي نفتخر بهما، وانتمائنا الذي نعتز به، وكل من يعادي الإسلام ويفرق بين الأقوام، كالذي يفرق بين الأخوين الكردي والعربي، فهم في جاهلية وعصبية ممقوتة مذمومة، إنما جاء الإسلام للقضاء عليها ولحربها، فكل قومية تكون وسيلة للخير فهو خير، وكل قومية تدعوا إلى الفساد والتفرق، فهي شر( وللوسائل حكم المقاصد ) (1)
وعندما نرحل إلى الله ماذا تنفعنا العصبية والقومية العدوانية والجاهلية؟
ففي سنة 1970م قام الملا مصطفى البارزاني رحمه الله تعالى في حشد، فوق أربعة آلاف من الپيشمرگه والضيوف، وقرأ لهم سورة القارعة بتؤدة وقال: الموت أمامنا، وإذا مات المرء وكان جميع العرب والكرد موالين له، فإنهم لا ينفعونه بمثقال ذرة من الخير، ولا يدفعون عنه مثقال ذرة من العذاب والشر، فليحسب المرء حساب تلك الحفرة، مِنَ الناس من يحْرُم نفسه من دينه وأخلاقه بسبب القومية،
ثم مثل ببيت الملا الجزري:
هن ژنك ديرڤه تين قصدا كنشتى هن دكن
ني ژوانم ني ژڤانـم من درى خماري بـس

أي لست شرقياً يخضع لليهود، ولا غربياً يخضع للرأسمال، إنما أنا عاشق الحقيقة المجردة وعليها أحيا وأموت اﻫ .
أفلا يأتي يوم نحيـى فيه حياة إسـلامية
يهتف كل الكون يغني لا شرقية ولا غربية
﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ﴾[مريم: 9]

وشكرا لكم واعتذر من الاطالة

User offline. Last seen 13 سنة 37 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 29/07/2006

أخي شكرا كتير على الموضوع
وللفائدة أقرأ ما نشره أخي خورشيد 76

User offline. Last seen 13 سنة 37 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 29/07/2006

وهذا ما كتبه الأخ:khorsheed76
القومية والإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين ...
يقول الله سبحانه وتعالى ( لقد من الله على المؤمنين ان بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلوا عليهم اياته ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
( لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )
ويقول والى عاد اخاهم هودا والى مدين اخاهم شعيبا والى ثمود اخاهم صالحا وهكذا ...( وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه )
( والوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله )

بداية لا بد ان اشرح معنى القومية ومقوماتها ومعنى الاسلام وطبيعة مقوماته ثم هل تصلح القومية كرابطة انسانية ام لا وابين من اين حدث الخلط ولماذا وساسرد حجج الذين يردون علينا في وجوب عدم العمل للقوم واخيرا ما هي خصوصية القضية الكردية ....

القومية جاءت من كلمة قوم والقوم تجمعهم اللغة والارض والعرق وكل هذه المقومات مفروضة على الانسان فانا اسمي فلان ولادخل لي بذلك وكذلك انا كردي ومن القامشلي من العشيرة الفلانية الفخذ الفلاني ...
كل هذه العناصر لا خيار لي فيها وبما انه ما يميز الانسان عن الحيوان وسائر المخلوقات هو حرية الارادة وتحمل الامانة لذلك يجب على اساس رابط رفيع يتناس وهذا التفضيل ليحقق انسانيته ...وهي ( مقومات القطيع كما يقول سيد قطب )

والاسلام هو رابط فكري وجداني مبني على قاعدة (لا اكراه ) يعتمد العقل وحرية الارادة هذا من الناحية الفكرية وهو رابط وجداني ينشا امة تتبع اماما
فالرابطة الفكرية وحدها لاتكفي لتوحيد المسلمين فهناك الكثير من المسلمين من اقصى اليمين الى اقصى الشمال تسالهم ما مرجعيتكم يفولون الكتاب والسنةمع ذلك يكونا متناحرين ... اذا هناك رباظ اقوى وهو تشخص المبدا في امام نتبعه كما يقول ( علي شريعتي )
متى بدا الخلط بين القومية والاسلام ولماذا ؟
حتى زمن قريب وبسبب جهود الاديان اخذت القومية موقعها الطبيعي كظاهرة وتنوع طبيعي كجزء من التنوع الذي خلقه الله على مستوى الافراد والجماعات
ليتعارف الناس وهذا يختلف نوعيا عن الرباط الفكري والوجداني ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم) فكانت القومية اداة والدين المبني على العقل والوجدان يستعمل هذه الادوات لصنع لوحة فنية او بناء جميلا او حديقة خلابة مستفيدا من تنوع هذه الادوات فتكون التجربة اعمق من خلال التعارف من موقع التميز فالهدف من التنوع القومي هو حدوث التعارف وتلاقح التجارب ولكنه ليس مقياسا للتكريم ولكنه التقوى
ولكي يحدث التعارف لا بد ان يكون هناك تميز لذلك فالاسلام يشجع الاقوام على التمسك بخصوصياتهم وعدم الانحلال في القوميات الاخرى لكي تتحقق سنة الله في التعارف ...
لذلك فانا اقول ان الاصل ان يتزوج الانسان من قومه وان يسمي ابناءه اسماءا تدل على اصله وهنك استثناءات فردية بما يخدم القاعدة العامة دون ان تكون هي القاعدة ...
وعظمة الاسلام تظهر عندما يجتمع افراد احدهم اسمه فرهاد والاخر محمد والثالث
بهشتي واخر جورج على مبدا واحد وقلب واحد وهنا نكون قد حققنا الهدف فاخذت القومية موقعها كظاهرة طبيعية وليس كاتجاه سياسي كما يقول محمد باقر الحكيم وكذلك برز عظمة المبدا الذي جمعهم ...

• هناك رابط الدم ورابط العقيدة والاخير امتن بكثير من الاول لاته انساني والاول غريزي واذا تعارض رابط الدم مع رابط العقيدة يسقط رابط الدم لذلك كان اول من حارب المسلمون ابائهم وعمومتهم الذين واجهوهم واضطهدوهم في العقيدة فسقط رباط الدم ... وابعد من ذلك وهو عند وجود شخصين كلاهما يشترك برباط العقيدة ولكن احدهما يفوق صاحبه برابط الدم فمن البديهي ان تكون العلاقة مع الاول اعمق ولكن اذا كان اخ الدين غريب الدم يفوق على اخ الدين والدم في اخوته الدينية ولو بنسبة قليلة يكون اقرب واولى .....
فاولو الارحام بعضهم اولى ببعض في مجتمع العقيدة أي عندما يكون كتاب الله هو الحاكم لان هذه سنة طبيعية وتوزيع فطري للمسؤوليات دون تكلف او عناء بعد ان تكون ارضية المبدا والاسلام قد مهدت اما قبل ذلك فتكون الاخوة هي من نمط الاخوة المؤقتة التي اخى بها الرسول بين المهاجرين والانصار ريثما تستقر الامور وترجع الى طبيعتها ... طبعا هذا بعد تميز الصفوف أي بعد العهد المكي اما قبل ذلك فينطبق ما قلناه من قبل .....
*هذا هو الوضوح الذي تركته الاديان بعد جهود مضنية فلماذا حدث الخلط؟
لقد كان لاكثر من سبب :
احدها كان غربيا ...
عندما اضطهد الناس والعلماء باسم الدين المسيحي ثاروا عليه وتمردوا لكي تستمر عجلة التطور بالمسير فباتوا لادينيين بسبب هذا التمرد ولا بد من بديل فكانت القوميات والحركات القومية في القرن التاسع عشر بعد الثورة الفرنسية ...
وصدرت هذه الثورة الى دول الشرق الاوسط مع دخول الاستعمار بالرغم من ان المشكلة غير موجودة مع الدين الاسلامي فهو لا يضطهد الناس والعلماء وليس ضد التطور فنحن لسنا مضطرين ان نصبح لا دينيين لكي نتطور ...
ولكنهم صدروا الفكر واوحوا للناس ان الدين هو سبب التخلف ( لان دينهم كان تخلفا ) وان العلم غاية لانه خلصهم من ذلك التخلف وبما ان المجتمعات الشرقية كانت متخلفة فعلا قالوا لهم اترون انكم الان متخلفون كما كنا نحن من قبل واذا اردتم ان تصبحوا مثلنا متطورين يجب ان تتخلوا عن الدين وتتركوه وراء ظهوركم كما فعلنا وتواكبوا الحضارة وتتصبحوا متقدمين او قوميين او لا دينيين ملحدين ...مع ان تخلف المسلمين كان بسبب ابتعادهم عن الدين لا تمسكهم به فكان عكس ما قالوا تماما وهنا تعمق التخلف عندنا وتخلصوا منه عندهم ...
وهذه فكرة قاتلة كما يقول مالك بن نبي فالفكرة القاتلة هي فكرة مناسبة لواقع معين نقلت الى واقع اخر كما هي دون أي تغيير يناسب الظرف الجديد تماما مثل فكرة الديمقراطية الغربية ....
وهكذا حدث ما هو معروف من القوميات الى قومية عربية وتركية وفارسية وكان من الطبيعي كما يقول يوسف القرضاوي عندما نشات دولة تركية واخرى عربية وثالثة فارسية ان تصبح هناك دولة كردية ولكن هذا ما لم يحدث بسبب الحقد الذي يحمله الصليبيون على صلاح الدين ( عندما ضرب الجنرال غورو رجله بقبره وقال ها قد عدنا يا لاصلاح الدين .. وكذلك لانهم يعلمون ثورية احفاده فبتقسيمهم بين اربع دول ستظل المنطقة متوترة وسيظل الاكراد ورقة احتياطية يضغط بها الغرب متى شاؤوا....
ساعود الى مسالة الاكراد بعد قليل ....
عندما جائت هذه الفكرة القاتلة الى بيئة لا تناسبها حدثت امور غريبة ...
فالاسلام يحوي في داخلة عناصر هي من مقومات القومية ولا بد بحسب تجربتهم من هدم الدين لبناء القومية فكانت قومية مفككة للقومية كما يقول علي عزت بيكوفتش .. وكان الارتباط الكاريكاتوري بين الالحاد والقومية والذي كان مثل الرجل الذي نذر ان يبيع جمله بدرهم وهو يساوي مئة درهم اذا شفي ولده ولما حصل ذلك وندم الرجل على نذره ذهب الى احد الكهان فاحتال له وقال خذ سورا وضعه في عنق الجمل وقل الجمل بدرهم والجمل بمئة ولكني لا ابيعهما الا معا
فمان السنور هو الالحاد والجمل القومية ...
اذا حوربت اللغة العربية وهي من مقومات الدين والقومية معا وحورب القران وهو من دعائم الدين ويضمن حفاظ اللغة العربية ايضا فكانت معركة مضحكة لانك تحارب طواحين الهواء !!...

والسبب الاخر ان الاكراد اضطهدوا من قبل العرب باسم الاسلام وكلما طالب الاكراد والاقوام المستضعفة بحقوقهم ورفع الظلم عنهم قيل لهم نحن اخوة في الدين وانتم بدعوتكم هذه تمزقون جسد الامة ثم نحن مضهدون مثلكم والمشكلة هي في الحكومات وليست فينا مع انهم في داخلهم فرحون لوضع هولاء المستضعفين فكانوا مثل رجلين سرق احدهما من الاخر واحتكموا الى رجل من بني جلدة السارق فقال للمسروق الا ترى الماء عندنا قليل وهناك مشاكل بيني وبين زوجتي فنحن سواسية فلا تتطالب بحقك الان ...
وكان الرابط دوما بين العروبة والاسلام وكانوا مطففين اذا اكتالوا على الناس يستوفون واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون ويبخسون الناس اشيائهم ...
وهكذا تراكمت الاحقاد التي لم يسمح لها ان تتنفس بسبب الوازع الديني المزيف حتى من علماء الاكراد انفسهم حتى طفح الكيل وتجاوزوا الدين وتمردوا عليه وحصل الاتجاه القومي بنفس السيناريو السابق ودخل الاكراد تحت لواء الشيوعية دون ان يعلموا منها الاالعنوان الذي سيخلصهم من الظلم ومن اضطهاد الاتراك والعرب والفرس ولذلك كانوا الوحيدين الذين تجد بينهم من يصلي وهو شيوعي ...وبدات الحملة ضد دين العرب الذين استغلونا بسببه سنين طويلة ..
ومرت حركة النكوص عن الدين بالماركسية ثم القومية الصرفة فالانسانية واحيرا الزرادشتية بعدان ياسوا من نزع الدين من بين الاكراد وبالتالي مانت محاولة وضع دين مكان اخر المهم اقصاء دين العرب الرجعي وما يكشف هذه النية هو المقارنة التي يجروها بين الاسلام والزرادشتية ففيها تحريم السرقة كما في الاسلام وصلاة كما في الاسلام وصيا ...الخ ( هكذا يقولون)...
اذا وجد الاكراد انفسهم وحيدين في الساحة وكل يبكي على موتاه فقال في نفسه الناس ليسوا بافضل مني وما املكه لا يملكونه فكان ما كان ...
كل هذا التاريخ الاسود من الصراع بين الدين والقومية الذي جعل بين الناس نوعا من الحساسية والارتباط الوهمي .. فكل من يتكلم عن القومية فهو لا ديني وكل متدين يجب الايتكلم عنها وان يكون امميا ( لا فرق بين عربي ولا عجمي الا بالتقوي ) هذا الشعار الذي يستعمل فقط لاستغلال وابتزاز الناس لا لتوطين العدل

*الان اين الصواب ولماذا يجب ان اعمل بين قومي اولا وكيف اوفق بين هذه الخصوصية وعالمية النظرة الاسلامية ؟
لنفترض بان هناك قرية لها عدة طرق تؤدي اليها احدها وعر عبر الجبال والاخر سهل ولكنه غير امن والثالث يمر من غابة كثيفة فيها متاهات كثيرة
قرر ثلاثة الذهاب الى هذه القرية الاول يحتاج الى تقوية جسده وتعرفه على الطرقات والثاني يحتاج الى التدرب على فنون القتال وان يصطحب معه الاسلحة المناسبة والثالث عليه ان يتعلم جغرافية ومتاهات المكان بدقة وان يصطحب معه دليلا .. الكل هدفهم واحد ولكل خصوصية الطريق التي تفرض عليه الاولويات
ليس من حق أي منهم ان يتهم صديقه بعدم الاخلاص فضلا عن الخيانة لانه ينظر الى طريقه الذي يسلكه انه الاوحد والعالمي وبالتالي من لم يسر فية ويعتمد الاولويات التي اعتمدها فهو خائن ( فاهل مكة ادرى بشعابها )...
اذا يقول الله سبحانه وتعالى والى مدين اخاهم والى ثمود والى عاد اخاهم
( اخاهم) أي واحد منهم يعرف همومهم ويعيشها فهو ادرى بها من غيره ولذلك فهو اولى بالمسؤولية منهم ...
عندما يكون الرسول من انفس الناس يعز عليه ما عنتوا يرئف بهم ويرحمهم يلتفون حوله بسرعة ويتغيرون بسرعة ...
فان تبدا من قومك امر لا بد منه لاكثر من سبب :
الاول انك ابن الواقع وادرى به من غيرك وبالتالي تعرف سلم الأولويات كما هو واقعيا وليس هذا فقط بل تتجاوز حيز الفكر الى الوجدان فتعيش هذه المشاكل لانها مشاكلك مع الناس فتتكلم من موقع المعاناة لا التنظير من برجك العاجي أي لا تتكلف تكلفا ولكن الامور طبيعية ..الانسان الذي لا يكون ابن الواقع اقصى ما يمكن ان يصل اليه هو فهم المشكلة لا ادراكها وعندما يدكها يدكها بشكل مبهم وليس دقيقا فاكل العصي ليس مثل عدها ...
السبب الثاني : هو ان الناس يعرفونك ويعرفون تاريخك وبالتالي لست مضطرا ان تمضي وقتا طويلا حتى تعرفهم على نفسك ونواياك وحتى تعرف مشاكلهم واولوياتهم ...( ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ) ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبل ..)

الان اذا جاء شخص من واقع اخر وحمل همومه معه الى واقع جديد سيفرض همومه عليهم وبالتاي سيبعدهم عن واقعهم وفي احسن الاحوال لن يفرض اهتماماته ولكنه لن يحدم اولوياتهم وقضيتهم لانه قد يفهمها ولكنه غالبا لن يدركها
فنكون كمن وضع الطبيب مان الاستاذ والاستاذ مكانه وقلنا لهما اعملا ( وهذا ما يحصل في الواقع لكي نلهي الناس عن مشاكله الواقعية بمشاكل خارجية
( الشيشان البوسنة افغانستان فلسطين ...الخ)
حتى القران عندما كان ابراهيم عليه السلام بين قومه تحدث عنه كداعية ولكنه حين هاجر مع لوط تحدث عنه كشخص وتحث عن لوط كداعية لانه كان صغيرا وعاش بين قوم حتى اصبح ( منهم ) .....
وعندما يقول الله وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه لا يعني فقط اللغة المجردة ولكن اللغة المرتبطة بالالفاظ التي هي مطية المعاني المبنية على التراث الفكري المرتبط بالواقع فلكل كلمة تاريخا عشته فرض علي معنى لهل فالانفال عند معظم المسلمين تذكر بسورة الانفال ولكنها تعني عند الاكراد ستة اشهر من الابادة المنظمة ل 4000 قرية كردية و182000 كردي ....
هناك مسالة اخيرة مرتبطة بالقضية الكردية وليس بالاكراد بشكل مباشر وهو ان هذا الشعب مظلوم والظلم والعدل لا دين لهما وبما انني مامور من الله بان ارفع الظلم اينما كان وبماان مهمتي الاولى بين شعبي لاني ( اخوهم ) و( منهم)
ولان الظلم حلقات ظلمي لنفسي ثم غيري ثم ظلم غيري لي ثم ظلم الاخرين للاخرين ..لابد ان اغير نفسي اولا وهم من نفسي ( من انفسهم ) ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) ولن اتجاوز حلقة حتى اكسر التي قبلها ...
فمثلنا كمثل المتسابق الذي هدفه خط النهاية واشواقه هناك ويظل على طول الطريق متعلقا به ولكن لا بد له ان يخطو خطوة بعد اخرى من البداية حتى النهاية ....
نحن نقبل القومية كظاهرة طبيعية وليس كاتجاه سياسي...
شعبنا مظلوم ولا بد ان نرفع الظلم عنه خاصة وان هذا الظلم هوم باسم الاسلام ..
ما لم نرفع الظلم عن انفسنا لن نستطيع ان نصدر العدل للناس وسيكون عملنا في مجتمعات اخرى هروبا من الفشل والعجز الذي نعانيه في واقعنا والذي يعكس ضعفنا الحقيقيالذي يتغطى بتصدير المشاكل للخارج وهي لا تكلفنا شيئا ولا ترتبط بمسؤولياتنا بشكل مباشر ....
( هذا بيان للناس ولينذروا به وليعلموا انه لا اله الا الله وليتذكر أولوا الالباب )

والحمد لله رب العالمين

User offline. Last seen 13 سنة 33 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/07/2006

منتديات الحسبة