مقدمة مم زين للدكتور البوطي النسخة القديمة والتي منعت

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 16 سنة 23 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 31/08/2007

ملاحظة: هذه هي مقدمة كتاب مم زين النسخة القديمة النادرة للدكتور البوطي والتي منعت في عهد صلاح جديد بسورية
اليكم هذه...
يقول الدكتور:

بين يدي هذا الكتاب
لعل هذه الصفحة التي أقدمها إلى المكتبة العربية من الأدب الكردي هي أول صفحة تلامس أعين القراء من تاريخ أدب هذا الشعب .. بل ولعل كثيراً منهم سيعجب إذ يرى أن للأكراد نصيباً وافراً كبقية الشعوب من تاريخ الأدب والحضارة !والحق أن لهم أن يعجبوا ..
ولهم أن لا يكون لديهم سبق اطلاع على مثل هذه الصفحات لهذه الأمة ؛ لا لأن تاريخها غير حافل بالأدب الرفيع الزاخر ، أو غير مزدهر بالحضارة واللغة الخالدة ، فذلك شيء لا يتأتى انكاره لمن بحث عن الحقيقة وأرهف سمعه إلى حديث التاريخ الحر الصحيح ، ولكن لأنها صفحات قد غشاها الظلام من حولها ، ولم يلتقطها التاريخ إلا وهي مطلية بالغبار المتكاثف ..
غبار عزّ على هذا الشعب حتى اليوم أن يجلوه عن حياته ، إنه غبار الاضطهاد والظلم اللذين أحاطا به منذ تاريخ طويل في سبيل تطلعه إلى بعض حقوقه وحريته التي يبغي أن يركن إلى فيئها ككل أمة تعيش على هذه الأرض .
لذا فقد يعز انتهاء صوت التاريخ إلى أذنك وهو يعرض إلى أدب هذا الشعب وحياته ، إلا من وراء عواصف وسحب ...
غير أن المعجزة التي أجلتْها الدنيا بأجمعها هي أن شيئاً من هذه العواصف التي أقيمت وأثيرت من حوله لم يقو على كتم صوت هذا الشعب أو خنقه ، وإنما قوي على شيء واحد فقط ، وهو أنه أثبت للعالم كله أن هذه الأمة تتمتع بجَلَدٍ لا يستخذي وصبر لا يضعف وإباء لا يتراجع . وحسبها ذلك دليلاً على أنها خلقت لتحيا .. ولن تموت!(1)

ستحيا سعيدة ، متعاونة مع جيرانها من الأمة العربية ، في ظلال من العدالة والإخاء والتناصر ، تجمعهم مبادئ مشتركة وأهداف واحدة .
وبعد فهذه (( عيِّنة )) من تاريخ الأدب الكردي انتقيتها من بين صفحات مكدسة كثيرة صفّت في مكتبته الخالدة ، الخالدة رغم ما منيت به من الإهمال ، وتقادم عليه من الغبار ، هذه المكتبة التي لو أتيح لأربابها أن يستريحوا ويفرغوا لها لتدفقت منها إلى الأدب العربي بل والعالمي ثروة زاخرة لا تنضب . انتقيت منها هذه العينة هدية إلى الذين حرموا من الاطلاع على تاريخ هذا الشعب ، وعز عليهم أن يلمسوا شيئاً من آدابه وعاداته وحضارته .
وهديتي هذه قصة .. قصة تعتبر أعظم مأساة عاطفية في تاريخ الأدب الكردي واقعية من أول فصل فيها إلى آخر فصل ، ليس للخيال فيها من شأن سوى إحياء ما أهمله التاريخ أو تساقط منه عند نقلها مما لا يقوى وحده على ضبطه وتصويره ؛ اتخذت مستقرها في قلب هذه الأمة وفي أجمل بقعة من بقاعها ، تترجم لك صورة حياتها ، وتكشف عن مقدار ما أفاض الله في نفسها من عزة وشهامة ، ووفاء ومراس وقوة ، إلى جانب ما أودع فيها أيضاً من رقة عذبة متناهية ، وعاطفة غريبة ملتهبة .
ولقد سجل هذه القصة وخلدها الشاعر والأديب الكردي الكبير (( الشيخ أحمد الخاني )) (2) المتوفي عام 1653م في سِفر من شعره القصصي البديع . ألبسها فيه لباساً سحرياً من البيان الذي آتاه الله فيضاً زاخراً منه .
وهذه التحفة التي هي في الواقع أروع ما خلده الأدب الكردي ، وإن لم تكن قد ترجمت إلى العربية قبل اليوم غير أنني لست أول من نقلها من الكردية ، فقد ترجمت قبل اليوم إلى اللغة الفرنسية كما ترجم إليها غير ذلك أيضاً من الأدب الكردي (3) ترجمها الأديب الفرنسي ( روجه لسكو ) في عام 1942،
واتخذت إذ ذاك مكاناً مرموقاً بين الأدب الفرنسي . وقد تتلمذ هذا الأديب في تعلمه اللغة الكردية على المرحوم ( جلادت بك ) نجل آخر أمير من أمراء جزيرة ابن عمر المرحوم ( بدرخان باشا ).
هذا وقد حاولت جاهداً أن أكون دقيقاً في نقل صورة صادقة عن أسلوب الشاعر الكردي مخلد هذه التحفة خصوصاً عند التخيلات والأحاديث التصويرية لكي تقف بالقارئ على مقدار ما سمى أدب هذه اللغة وبيانها من الروعة والإشراق !
وإن كنت قد زدت أو تصرفت في الترجمة في شيء ، فليس يعدو ذلك ما يقتضيه بسط النصوص الشعرية إلى أسلوب نثري يتراآى فيه سبك القصة وروحها مما لا يتأتى توفره في الشعر بدقة .
ثم إن هذه القصة قد اشتهرت على ألسنة كثير من عوام الأكراد على نحو آخر غير النحو الذي يقصه علينا هذا الشاعر الجليل وهي على الشكل الذي يتحدث به هؤلاء العوام لا تزيد على أسطورة خيالية ليس لها نصيب من الواقع .
وقد نشر أديب عراقي لمحة خاطفة عن هذه الأسطورة في مجلة الرسالة عدد 484 عام 1942 واقتبس منها الأستاذ الشاعر ( بدوي الجبل ) تمثيلية شعرية جمعها في وريقات معدودة .
أما الفاجعة الكردية المدونة الواقعية المسماة بـ ( مم زين ) فهي كما يقصها علينا هذا الشاعر الذي يرويها لنا كتاريخ إلى جانب ما يتحفنا بها كشعر وأدب .
من كتاب ( مم زين ) للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ص 5 مطبعة الترقي بدمشق1377ﻫ 1957م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي: من تعليقات الأستاذ البوطي وفي عهد تأليفه للكتاب
(1) هذه الأمة تبلغ ما يقارب 13 مليون نسمة ، تسكن في منطقة فسيحة هامة متصلة متماسكة لا يفصلها عن بعضها
أيما فاصل اقليمي ، يطلق عليها حالياً اسم (( منطقة كردستان )) وهي مقتسمة اليوم بين الحكومات الثلاث : العراق وايران وتركيا .
ويوجد أيضاً أشتات متفرقة من الأكراد في جهات من روسيا ، كما يوجد منهم عدد بسيط في شمال سوريا أيضاً .
(2) هذا الشاعر يعد من أعظم أدباء الأكراد وشعرائهم ، وله مؤلفات وددواين كثيرة معظمها باللغة الكردية ، وبعضها باللغة الفارسية والتركية وله من بين تأليفه قاموس ( كردي- عربي ) وأعظم أثر له هو ديوانه في هذه القصة التي تعتبر أعظم تحفة خلدها للأدب الكردي .
(3) مما ترجم أيضاً إلى اللغة الفرنسية ديوان ذلك الشاعر الجليل المعروف بـ (ملاي جزري ) الذي عاش في النصف من القرن السادس وقد طبع هذا الديوان في برلين سنة 1322ﻫ 1904م وتوجد نسخة منه في مكتبة الأب انسطاسي في بغداد وشعره يسمو إلى درجة عجيبة في الرقة ويتوهج باحساسات ملتهبة من صور العشق الشديد وآلامه ويقول بعضهم إن سبب هذه الروعة العاطفية الحية في شعره هو أنه عشق أميرة كردية وأمضى حياته مكتنفة باليأس والآلام ولكن الواقع أن هذا الشاعر تجردت روحه لاحساسات تصوفية سامية تدل على ذلك قصائده التي تصور في روعة أسمى مراتب العشق المثالي .[/font][/font]

User offline. Last seen 13 سنة 30 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 29/07/2006

بارك الله بك أخي النورسي :|
وشكرا