ومضات/ غسان جان كير

2008-09-10

نكتة لابد منها : يحكى أن شخصاً اسمه ( جبر ) ذهب إلى إحدى الدول التي تحترم حق الإنسان في العيش الكريم, وأثناء زيارته لإحدى المقابر لاحظ أن معظم شواهد القبور مكتوب عليها يوم أو يومان أو ثلاثة أيام . فتساءل جبر إن كان طاعونا قد ألم بهذه المدينة ليموت معظم سكانها عن هذا العمر القصير . فكان جواب مرافقه: بأن هذه الأرقام إنما تدل على على أيام الشقاء والتعاسة التي قضاها الميت طوال سنوات عمره . فما كان من جبر إلا أن يُطالب بأن تُكتب على شاهدة قبره هذه العبارة ( جبر من رحم أمه للقبر ) دلالة على شقائه طوال العمر . تُراودني منذ مدة طويلة . فكرة أن أتخلى عن مفاهيمي عن الكون والحياة , لأتبنى فكرة خلود الأرواح لِما يُشبه حالنا حال جبر في طغيان الشقاء على سنوات عُمرنا , نحن الذين نُشبّه لحظات السعادة خلال العمر المديد   ب ( وميض البرق ) بدءاً من ليلة خَلقنا , يأتي فيها الأب إلى البيت وقد أجهده العمل وتكاليف الحياة , تتنازعه رغبتان , أحداهما هوىً ورغبة أو بالتحديد حاجة جنسية يريد إشباعها , وأُخرى تتمثل برغبته في الاستسلام للنوم , لتكون الطامة الكبرى أن يختار كِلا الرغبتين بما يعني ذلك أن يُشبع حاجته الجنسية بأسرع وقت ممكن ليتحول إلى حاجته للنوم كي يستيقظ صباحاً ( كالحصان ) . كل ذلك يحدث دون أن يفكر بمسؤوليته كخالق أو مُبدع لإنسان , أو على الأقل أن يتناقش مع شريكته في الخَلق , وتصوراتهما عن لون العينين المأمولين مثلاً , أو طول القامة , أو مُستوى الذكاء أو سماحة الوجه ...... , إلى آخر قائمة التصورات التي تُميز الإنسان عن الحيوان . و تستدعيها أية عملية خَلق , فما بالك بخَلق إنسان .بيدَ أن كُل ما تجود به قريحته العاطفية , في تلك العجالة ,ليست سوى هذه المقولة المتداولة كثيراً, لدى الكثيرين مثله , في سؤال ينم عن طلب لابد أن يُنفذ ( ما رأيكِ أن نصنع طفلاً ) فتجيبه الزوجة بالإيجاب على الفور , ليس رغبة منها وقد هدها التعب أيضا , ولكن مخافة أن تُتهم بالنشوز أو عقوق حق الزوج , ومن ثم استبدالها بأُخرى .لهذا فلا عجب أن نرى أكثرنا ابعد ما نكون عن الجمال . ولتبدأ بعد الولادة , معركة قلة حيل الأم على الإرضاع , وهي التي تعاني سوء تغذية ابديّ , لتتجه الأنظار إلى مُرضعة أُخرى قد حباها الله حليبا كثيرا ,فان لم يكتفي الوليد بحاجته من الحليب فإلى أُخرى , ثم أُخرى.... ومن بيت لبيت في الحَر والقَر .  فشكراً لتلك المُرضعات ( لوجه الله ) وقد عرفن نظام ( السوسيال ) من قَبل اكتشافات ماركس حتى . ثم تأتي مرحلة الطفولة , وأية تنشئة تُرتجى من أسرة مقهورة .في مجتمع مقهور , لينتج عنهما طفل مقهور أيضا , تصدمه الممنوعات أينما ولى وجهه ( حاذر أن تنظر للبئر كي لا يسحبك الغول بعكازه إلى أسفل البئر – استبدلنا الاسم ب الغول كي لا نُزيد قهراً على قهر لإخوان لنا , وهذا تنبيه للكُتاب -)  دون أن يفكر احدهم بمرافقتنا إلى البئر لإشباع حاجتنا في حُب المعرفة , أو رعبنا من صوت مُكبرات الجامع تعلن عن ضياع طفل , واستذكارنا لنصائح الأهل بضرورة عدم الابتعاد عن البيت , وأسئلة كثيرة نتلقى عنها زجراً , أو إجابات سخيفة لا تمتُ إلى المنطق في أحسن الحالات .أو العاب اختص بها أولاد الذوات , وفاكهة – أثمرت لهم – تُزيد بَشرة وجوههم إشراقا على إشراق مُتّقنٌ خَلقه. فشكراً لعلب السردين الفارغة , التي نتخيلها سيارات شاحنة من نوع ( مرسيدس , فولفو , فيات ) نملؤها من ربيع ومضاتنا , وهو التراب .وشكراً  للأوراق التي تلف وتضم السجائر نلمها من الطرقات , نتخذها أوراقا نقدية نشتري بها من بعضنا البعض تلك السيارات , التي جمعناها من الطُرقات أيضا .شكراً لها جميعاً , قد كانت دوافع مُثيرة للابتكار ( وتشغيل المخ ) وتعويضا عن نقص الذكاء الناتج عن نُدرة اللحم , وقد أثبتت الدراسات العلاقة بين تناول اللحم ومستوى الذكاء .  فإذا ما دخلنا مرحلة الشباب , وما تتميز به هذه المرحلة من حدّة الحماس والسعي إلى التغيير والإيمان القوي  ب ( يد الله مع الجماعة ) لتستهلك السياسة وهموم الفقراء و المقهورين معظم سنوات هذه المرحلة ( مُجبرٌ أخاك لا بطلُ ) قد يكشفالله الستر عن البعض ( فيصبح في خَبر كانَ ) وقد يلقِ الله بستره على البعض الآخر فينجو من حياة تنعدم فيها الومضات كلياً , وما أشبهنا بخرافٍ تتناطح حباً ومداعبة . وراعٍ ساهٍ عن الذئاب يزجرنا دونهم .وقد يختار بعضنا حلا فردي كالهجرة إلى إحدى الجهات الأربع , أو الرضا بما يُخبّئه القدر , أو التبرك بالمنافقين والفاسدين والمرتشين ......وان كانت لنا ومضة في هذه المرحلة , فلن تتعدى نظرة ضاحكة تختزل آلاف الرسائل والعتاب وآلاف القُبل أيضا , من حبيبة , أو هكذا يُخيل لنا . فان تكلل الحب بالزواج , وبعد أيام – والتي تُسمى زوراً – شهر العسل , تبدأ النصائح تُتلى علينا , بأننا أصبحنا رجالاً ذوي مسؤوليات تُجاه طفلٍ سوف يحبو بعد سنة أو أكثر , إضافة إلى مسؤولياتنا تُجاه الذين خَلقونا – شهوة - وعوناً  لهم في سنوات وضعهم خارج الخدمة . وهكذا .........

KNA


Re: ومضات/ غسان جان كير

مع احترام الشديد لكتاباتك بس انت عم تحكي  باسلوب مبالغ كتير كتير
حولت الانسان لشي بشع كتير مع انو مو هيك ابدا 
انا من الريف السوري السيء كتير ومتخلف بس ما وصلت لهاي الدرجة اخي كريم
انا بحترم  الكتابات الجادة والواقعية بس انت كتاباتك بعيد كتير عن الوافع
مع احترامي الشديد الك  وشكرا  

ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.