ان مسالة الدين الاسلامي والنقاش في حيثياتها ومكنوناتها باتت تاخذ الكثير من المناحي والاتجاهات والتي تكون في بعض جوانبها ومواقفها خطرة على الجانب الفكري وكذلك على الجانب الانساني للشخص المسلم وهذا هو احد الاسباب الكثيرة لنشوء الافكار الاصولية المتشددة , ان الموضوع الذي سنتناوله الان هو بمثابة حلقة حوارية جادة وهادفة حول كتاب للاستاذ ابراهيم محمود والذي يحمل عنوان " الجنس في القرآن " , ولست هنا لكي ادين او ادافع عن موقف الكاتب الذي احترمه جدا وله باع طويل في الكتابة , ولكن لا نستطيع ان ننكر ان هناك الكثيرين ممن لا يتقبلون وجهة النظر الاخرى وهذه مشكلة كبرى تعاني منها مجتمعاتنا المريضة , وعلينا خلق وعي لتقبل الاخر مهما كان وكيفما كان , وارجو من كافة الاعضاء النقاش البناء والمتمدن من اجل ان تعم الفائدة على الجميع ...................

كتب عدنان عجيل :

في الشرق الاوسط يبدو الثالوث المقد س ( الدين ، الجنس ، السلطة ) صعب الاختراق اوالاقتراب منه وان أي حديث او كتابة اومكاشفة لاي قطب من هذه الأقطاب لن يكون سهلاً لان الدخول في هذا الثالوث قد يؤدي إلى الاقصاء على الصعيد الديني والسياسي والاجتماعي وحتى المعرفي والى حد التغييب النهائي وسفك الدم .
والكاتب إبراهيم محمود يدرك مخاطر هذا الثالوث ولكن اخلاصه للبعد المعرفي ورغبته في مقاربة الحقائق وكشفها دفعه إلى اختراق هذه الاقانيم .
كتابه " الجنس في القرآن " يضعنا إمام معالم وحقائق كانت مجهولة لنا على الصعيد ا لديني الاسلامي ، سنحاول إن نقف مع الكاتب على اهم المسائل التي اثارها الكتاب :
1 – يبدأ الكاتب إبراهيم محمود بالتركيز على اهمية دور الجنس في حياة الموجود البشري ، هذا الفعل الوجودي الذي هو اساس كينونتنا به نكون وبدونه نعدم ، الجنس هذا المقموع فينا وهو محرك كل فعل انساني ، " بقدر ما ننفيه نؤكده " الليبيدو الذي طالما اشار اليه( فرويد ) في دراساته مؤكداً اهميته على صعيد السلوك الانساني واعتباره اساس الوجود ، الجنس هو رغبة غريزية وكبتها تؤدي إلى حدوث خلل في توازن العضوية واضطراب سلوكي ، ومن موقع اهمية الفعل الجنسي يطرح الكاتب تساؤلاته الفلسفية المبنية على منطق العقل الناقد والشك المنهجي . لماذا ربط الناس بين الجنس والخطيئة ؟ لماذا هذا التهجم على الجنس واعتباره جريمة وفساد وفجور يجب الجهاد ضده ؟ الايعود هذا إلى نقص معرفي لدينا تجاه هذا الفعل الوجودي الذي به نحافظ على استمراريتنا وبقائنا ؟ إلا يمكن إن يكون التصوف هو حالة من التصعيد بالدافع الجنسي ؟ هذه التساؤلات هي دعوة إلى فك العقل من قيوده وإقحامه في دائرة الشك ، فالتساؤل والشك هما الخطوة الأولى لمعرفة الحقيقة .
2 – يرى الكاتب بان مدوني التاريخ الإسلامي جعلوا من الإسلام فوق أنساني واعتبروه طفرة ونقلة مفاجئة في حين إن القرآن يعلن عن بشريته وانه هدى للناس ، لقد جعلوا من الإسلام عصياً على الفهم ، فكل ما سبق الإسلام بنظرهم هو سلبي ومشوه ولا يستحق النظر فيه ، كما إن تفسير النص القرآني مازال مثار جدال واختلاف وتأويلات بين المفسرين ، فا لمفسرون الذين حاولوا التستر على شهواتهم سخروا النص لإغراضهم الشهوانية وبالأخص فيما يتعلق بمسألة النكاح والزواج والتمتع بالأنثى . ولعل كتابه ( صائد الوهم ) عن الطبري وتفسيره للقرآن خير تجسيد عن هذه الحالة .
3 – لا وجود لمفردة الجنس في القرآن، لماذا يخلوا النص القرآني من هذه المفردة ؟ هل هذا الغياب دليل على غياب البديل ؟ إذا كان الجنس كمفردة لغوية غائباً في النص القرآني فهناك مفاهيم أخرى تنوب منابه ( الزنا ، النكاح ، الهجن ، الحرث ، الفرج ) النكاح تشير إلى علاقة جنسية مشرعنة وموافق عليها أخلاقيا ، إما الزنا فهو اتصال جنسي غير مشرعن .
نقول فلان رجل نكحه ( كثير النكاح ) إلا يدل هذا على انه جنسي ، فقد ورد في القرآن كلمة نكاح ثلاث وعشرين مرة ، والجنس داخل في النكاح والنكاح مرتبط بالفرج ، النكاح هو التمتع الشرعي بالفرج ، والنكاح كما يقرأه المسلم يخلق إثارة جنسية لأنه فعل ذكوري يتم ممارسته على مسرح الجسد الأنثوي ، الدعوة إلى النكاح هو خطاب جنسي بالدرجة الأولى .
4 – ماهي المرأة المطلوبة في عملية النكاح ؟ وبتعبير اشمل أيهما أفضل في إطار الممارسة الجنسية ، البكر أم الثيب ؟ ولماذا تفضيل البكر على الثيب ؟ يقول الرسول "ص " : ( عليكم بالأبكار فأنهن أعذب أفواها وانتق أرحاما واسخن إقبالا ) .
5 – هل يمكن انصاف الانثى وتحقيق العدالة والمساواة في حال تعدد الزوجات ؟ إلا تعبر امتلاك اكثر من انثى او زوجة على غياب الحب إمام الفعل الذكوري الشهواني ؟ إن تعدد الزوجات وامتلاك السبايا والجواري والسرائر هو افصاح على امتلاك الجسد الأنثوي لافراغ شهوة الرجل وهنا يتقدم الفعل الجنسي الشبقي على عاطفة الحب وتتحول المرأة إلى سلعة او إلى مجرد وعاء من واجب الرجل املاءه " وانكحو ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .... ولن تستطيعوا إن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ... " كيف يمكن إن نفهم هذه التعددية القائمة على غياب العدل بعيداً عن منطق الشهوة والرغبة في امتلاك الجسد الأنثوي ! ؟ " لغة القرآن تبدو في جوهرها رجولية وتبدو المرأة حاضرة في النص القرآني كجسد كشهوة ورغبة تحتاج إلى ضبط وانضباط " ويقول علي كرم الله وجهه : ( القرآن لا ينطق إنما ينطق به الرجال ) . إن مشكلة الجنس لعبت دوراً كبيراً في الإسلام وذلك عبر اكتساب ود الرجل واستقطابه واغرائه على حساب تهميش المرأة وتحويلها إلى جسد يمارس عليها الرجل فنون فحولته ، عن صفوان بن سليم عن النبي قال : ( أتاني جبريل بقدر فأكلت منها، فاعطيت قوة اربعين رجلاً في الجماع ) . وعن الحسن قال : ( قال النبي ما احببت من عيش الدنيا إلا الطيب والنساء ) . وإذا كان النبي وعبر النص القرآني يدرك عدم امكانية تحقيق العدالة في حال تعدد الزوجات فمالذي يبرر له هذه التعددية ؟ أليس ما يفعله المسلم في هذا الاطار هو الاقتداء بسنة الرسول ( ص ) ؟ .
6 – ما علاقة المرأة بالشيطان ؟ كيف نفهم التحالف بينهما ؟ ( لا تخلون بامرأة فايما رجل خلا بامرأة كان الشيطان ثالثهما ) المرأة كالشيطان كلاهما يحملان دلالة جنسية شهوانية موشومة بصفة الاغراء والاغواء ومازلنا حتى اليوم ننسب الاحتلام الليلي إلى فعل شيطاني حيث يباغتنا الشيطان مقتحماً فراشنا في هيئة امرأة مغرية نفرغ من خلالها رغبتنا الجنسية ، متجاهلين بان هذا الاحتلام هو تنفيس لرغبة مكبوتة تريد الافصاح عن ذاتها بهدف اعادة التوازن إلى العضوية وازالة التوتر الناجم عن الكبت الجنسي .
7 – يؤكد الكاتب بان التراث الجنسي الأسطوري بقية حاضراً في النص القرآني فالقرآن لم يحدث قطيعة كلية ونهائية مع الماضي ، فالطواف حول الكعبة قبل الإسلام كان ذو معنى ديني جنسي وكأنه امتداد لطقوس الجنس المقدس عند السومريين " أليس تقديس الصفا والمروة وعرفات والطواف أشباه عراة حول الكعبة حتى الآن هو تأكيد لاشعوري على الارتباط بالأولين وتذكّرهم ومن ثم تصعيد بالجنس ... " . وفي كتابه ( الضلع الأعوج ) يوضح هذا التداخل بشكل مفصل .
8 – وفي فصل ( الجنس في بعده الأخروي ) يضعنا الكاتب إمام تساؤلات مشروعة معرفياً وإذا كان المعري في ( رسالة الغفران ) دعانا إلى زيارة الجنة فان إبراهيم محمود يجدد هذه الدعوة وبجواز إسلامي مختوم بالسنة النبوية والنص القرآني ، الحديث النبوي والقرآن يؤكدان على بكورة نساء الجنة وجمالهن وعلى قدرة الرجل الجنسية ، يقول النبي (ص ) : ( من صفات الرجل في الجنة إن الرجل من أهل الجنة ليعطي قوة مئة رجل في الأكل ، والشرب ، والشهوة والجماع ) . ( وان الرجل ليفضّن في الغداة الواحدة مائة عذراء وأنهن يرجعن إبكارا بعد ذلك ) . ( لكل رجل في الجنة اثنتان وسبعون من حور العين ) . ماالغاية من الحديث عن هذا الكم الهائل من النساء الجميلات في الجنة ؟ لعل امتلاك هذا العدد الكبير من النساء الجميلات هو مكافئة جنسية يمنح للرجل ا لمؤمن على وقوفه مع الرحمن ضد الشيطان ، ومرة أخرى تتحول المرأة إلى مجرد جسد لإمتاع الرجل وخاضع لرغباته النساء في الجنة مجردات من كل تفكير وبعد أنساني ، إنهن شبقيات ، مثيرات ، جاهزات كما يريدهن الرجل . " الجنة محكومة بسلطة الرجل ورغباته الشهرية " .

..................................