احمد خاني

لا يوجد ردود
صورة  sweet.heart's
User offline. Last seen 11 سنة 28 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/04/2010

كان واحد من علماء الاكراد الذين برعوا في علوم الفقه والفلسفة والتصوف والادب من آثاره ديوان شعر باللغة الكردية دون فيه أحداث هذه القصة.في مدينة بيازيد ,التي أخذت مكانها على صدر منطقة هكاري بكردستان تركيا . المضطجعة في أحضان الجبال الشاهقة , والمتزينة بأبهى حلة من السندس والياسمين , وبأشجار الصنوبر والسنديان , أضافت الحياة الى قائمة المشردين طفلا آخر , مشردا جديدا زاد في صفوف الفقراء الجائعين , هو أحمد خاني . نعم .. ولد أحمد جائعا , عاريا كغيره من أبناء الفقراء , حتى ان أحدا لم يبالي به فيدون يوم مولده , مما أدى الى اختلاف كبير من قبل من جاء بعده في تحديد ذلك اليوم الذي شهدت شمسه ولادة طفل غير عادي , سوف يغدو شاعرا كبيرا , وعبقريا فذا وصوتا من أصوات الحق ينادي بحرية شعبه . ولكن ما اتفق عليه المؤرخون هو 1650 م .
كغيره من أبناء عصره , تلقى خاني علومه الإبتدائية في الكتاتيب والجوامع , على أيدي شيوخ زمانه , ثم في المدارس التي كانت متوفرة أنذآك في المدن الكبيرة, مثل تبريز وبدليس , حيث ظهرت فيه علائم النبوغ مبكرة , وهو لم يتجاوز الربيع الرابع عشر من عمره . وسعيا وراء المزيد من العلم , زار مدنا كثيرة , وتجول فيها , وأقام في مرابعها ردحا من الزمن , مثل الآستانة-استانبول- ودمشق . كما زار مصر أيضا , فاطلع على علوم عصره . وتلقفها فجمع بين الأدب ولا سيما الشعر , وبين الفقه والتصوف , فذاعت شهرته مقرونة بالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة في الأمور الأدبية والفلسفية والدينية .
في هذه الفترة من التاريخ كانت كردستان ملعبا من ملاعب الصراع بين الدولة العثمانية , والدولة الصفوية , اللتين قسمتاها بينهما إثر معركة جالديران الشهيرة 1514 م , وراحت كل منهما تحاول أن تضم اليها الإمارات الكردية . فكانت الدماء الكردية تراق مدرارا على الرغم من انه لم يكن للأكراد في كل ذلك أي شأن وطني أو إنساني , بل كانت الخسارة تحصدهم من الطرفين في كلتا الحالتين . وكان خاني يتأمل هذا الوضع المتردي ويقلبه على كل اوجهه , عسى أن يجد فيه بعضا مما يستحق أن تراق , من أجل الوصول إليه , هذه الدماء , ولكن أنى له ذلك !! ليس في كل ذلك شيئ مما يخص الأكراد في أمور حياتهم , بل عليهم الطامة , وضياع البلاد , ولعل ذلك الواقع المر , بل ولادته في خضمه , ثم تأمله فيه وتفاعله معه وإنفعاله به كان من أهم عوامل تكوينه الفكري .
كانت اللغات العربية والتركية والفارسية بالإضافة الى اللغة الكردية هي اللغات السائدة في المنطقة . فإنكب خاني عليها جميعا , وغرف من معينها إلى أن أتقنها كلها . ثم التفت للأطفال , فجسد حبه لهم من خلال تعليمهم وتلقينهم مبادئ اللغتين الكردية والعربية , فوضع قاموسه الكردي - العربي , الذي خصهم به , حتى انه أسماه ( الربيع الجديد للصغار ) وراح يفتح المدارس , ويتطوع للتعليم فيها بنفسه دون مقابل مجسدا بذلك حبه للعلم .
وعلى الرغم من تمكنه من اللغات العربية والفارسية والتركية , تراه قد آثر أن يكتب مؤلفاته باللغة الكردية , ليؤكد بذلك مساهمة الأكراد في بناء الحضارة الإنسانية . فخلف من بعده أروع ما كتب في الأدب الكردي . مبدعا الشعر القصصي في هذا الأدب وذلك من خلال ( ممي آلان ) و (ممو زين ) ديوانه الذائع الصيت الآن في الشرق والغرب , والمنتشر بين الآداب العالمية .
ويبدو أن المدينة التي انجبته قد استاثرت به طيلة حياته , ولم تستغن عنه إلا لبعض الوقت وآثرت أن يوارى في ثراها , فاختطفته يد المنون وتوفي - رحمه الله - في مدينة بيازيد مسقط راسه سنة 1708 م .

إن لبطلي هذه القصة المؤثرة قبرين معرفين في جزيرة ابن عمر . وقد أقيم عليهما , فيما بعد , مدرسة كبيرة لطلاب العلوم الشرعية . والقبران جاثمان هناك لكل من يريد رؤية الحب الذي نبت في الأرض , وأينع في السماء .