الشاعر ملا أحمد پالو

2007-06-17

ديرام شماسالعظماء ، في الحياةِ يموتون وفي الموتِ يعيشون ، إنهُم أصدقاء الذاكرة الأبدية ، ملامحهُم تظهرُ في كلماتهم البيضاءِ كالثلجِ ، مهما غابوا عن أعيننا لايغيبون عن ذاكرتنا ، إنهُم الراحلّون أبداً خلف الأزرق ، وإنهُم الباقون أبداً حتى بقاءَ الأزرق ، الموت ليس دائماً النهاية للمرءِ فموتُ العظماءُ هو بدايتهُم ؟ بدايةُ التعرف عليهم وإعطائهُم حقوقهُم ، وتذكيرهُم ، والكّتابةُ  عنهُم ، وتقَّديم الجوائز لهُم . عظماء مابعدَ الموت ، وبالتأكيد هُم عظماء قبل موتهم أيظاً ، ولكّننا مع الأسف كما يقول الناقد الروسي لوباناشافيسكي: "لا نعرف قيمة العظماء إلاّ عندما يموتون". لانعرِفُ قيمةُ عظمائنا إلاّ عندما يموتون ؟ وأحياناً مع الأسف لانعرفُ قيمتهُم حتى عندما يموتون ، إننا مصابيين بِمرض " عدم تقّدير المبدعين " قبيل موته لانتذكره بعدَ أن يموتُ المبدع ويتركُ إبداعه ، الإبداعُ الخالد ، الإبداعُ الذي يدقُ نواقيسه في كل الأزمان الآتية ، نعود لنتذكره بعد فوات الآوان ! ونبكّي عليه ونقولُ عنه إنهُ كانَ مبدِعاً إنهُ باقياً في قلوبنا وذكراه سوف لن تزولُ من ذاكِّرتنا ، " المبدع يجب أن يكّرم في الحياة والموت معاً " .تعاريج يختفي خلفها ألفُ قصة وقصة ، شجن يرتسمُ على الوجه الكّهل ، عين مليئة بالحسرات المشنوقة والأحلام المحروقة والأماني المقشرة كحبةُ الكّستناء ، شاعراً قلبهُ بحر فكرهُ بحر قصائده بحر " إنهُ البحر الذي لايعرفُ حدود الإبداع والعطاء ، كلّ مفردة من مفردات قلبه ونسج خياله تحملُ أطنان مِن الألم ، وكلّ قصيدة كتِبت بأصابعه المترِعة بالهموم ، بحر وكلّ بحر طافح بالإبداع ، وكلّ إبداع ليسَ لهُ حدود ، إنهُ بِلاحدود ، إنهُ الفنانُ الذي نقشَ الجرح الذي يبكّي منذُ أزمان نائية ، نقش الحزنُ الكّردي على لوحات السّرمدية ، كتب قصائد لاتنسى ، قصائد خالدة ، قصائد تزغرد كلّ يوم ، بِفرحها وحزنها وشجنها وآلمها وسوادها وبياضها وعمقها وجرحها ، كتب أشعار تشدو كالبلابل فوق أغصانِ الذاكرة ، تحرِكُ المشاعر تتغلغلُ في الأعماق وتأخذُ أجمل الأمكِّنِة في الأعماق ، " إنها القصائدُ التي لاتنسى وكلّ ما لاينتسى إنهُ جزء من الروح ، صدى كلماته قوّية ، معانيها تتسلقُ النجوم والأقمار ، وتفرِشُ ذهبه على كّافة الأجزاء ، وتفرِشُ خضاره على كّافةُ الأجزاء ، " إنها قصائد تنبِضُ كالقلب ونبضها لايتوقف أبداً إنها نبضات أبدية خالِدة نبضات تقوى كلما يمرُ الزمانُ ،إنهُ الشاعر الأخضر أحمد محمد مصطفى ( ملا أحمد ‌پالو ) في العام 1920 . م . ولِد في كردستان الشمالية " كردستان تركيا " في قرية تعرف بأسم sêra çûr " سره جور " التابِعة لمدينة Palo " پالو " توفيّ والدهُ وهو لايزالُ صغيراً وبعدها بحوالي ثلاث سنوات من الألمُ الثقيل توفيت والدتهُ أيظاً مما ترك أثراً بالغاً في نفس الشاعر وهو الذي كانَ يبلغُ مِن العمرِ أنذاك حوالي ثمانية أعوام طرّية ؟ تذوق كلّ أنواع الحرمان والحزن والآسى والشجن في أيامه الأستثنائية أنذاك ، هاجر من " كردستان الشمالية إِلى شقيقتها الغربية التي تتألمُ مثلها أيظاً بسبب كرديتها ، وسكن هُناك ليبدأ حياته من جديد ؟ في العام 1973 قصدَ قريةُ " خزنة " ( xizne ) واتمم هُناك تعليمه في حجر الفقهاء ، وفي العام 1946 ، حيثُ تزوجَ ، وبعدها بدأت مسيرته الأدبية السّامية تظهر وتتعالى وبدأ كتابةُ الشِعر وتدوين الذات المكّان الألم الحب السّرمدي وبدأ إبداعه يصرخُ ويرفعُ صوته الرخيم ، وبدأ أصابعه المترِعة بالشجن عن أفراز آلامهاككلّ الشُعراء من أبناءَ جيله كانت مواضيع كتاباته الكّثيرة عن " الوطن الحلمُ الأكبر لجلّ الشُعراء الكورد وكّما يظهر في ديوانه المطبوع باللغة الكردية (Dewr û Gera Kurdistanê).هو التشبث بالقصيدة الوطنية القومية ، إن القصيدة الوطنية ، القومية ، والمطالبة برفع الظلم عن كاهل الشعب الكّردي والمقاومة من أجل التحرير والخلاص من الاستبداد والطغاة ، تصادِفُ جلّ قصائد الشعراء الكورد ، إنهُ سبيل لابد للشاعر الكردي أن يسير عليه أن يمشي عليه أن يحملُ الجِراحات من على أطراف طرقاته المرشوشة ببهارات الرحيل و بنعناع الوداع الأخير بملح اللاعودة ، وأن يداويها وأن يقطب الجِراحات بغرزات أحياناً لاتنتهي ؟ ويبقى هذا السبيل له مكّانة خاصة لدى الشاعر الكردي ، " إنهُ سبيل آلمه وجرحه الذي ينزِفُ منذُ أزمان بعيدة للغاية " ويبحثُ عن دوائه في بحر القصائد الشعرية ، وقَّد كتب الشاعر الكبير الراحل ملا أحمد پالو الشِعرّ الكّلاسيكي بِلغة شعرية سامية وشفافة وذو معنىً كبير وعمق لايحّد وصدى صخبُ الحزنُ يدوي بقوة منه ، وصدى الحرمان والشجن والألمُ الثقيل يصدرُ من خلف نوافِذ قصائده التي غالباً ماتكونُ " زجاجها مكسور ، مكّسور كأحلام الكورد كأمانيهُم كأبتساماتهم كدموعهُم ، قصائده المنسدِلة ببؤس شديد وشوق ليس لهُ مدى ، قصائد تعبرُ عن مايجري في خاطره ويجولُ في تفكيره ومايخيطه ماكّينةُ خياله القوّي خياله الشاسع الواسع ، خياله الكبير" كتبَ قصائد لاتعرِفُ الرقاد بل تعرِفُ السّهر السّرمدي .." لغته الكّردية القوّية "كتبَ بِلغة كردية قوية للغاية من حيثُ أستخدام مفردات كثيرة ، مفردات جزء ليس بقليل منها نصيبها النسيان وقَّد يكّونُ النسيانُ الدائمي ؟ في زمننا هذا ، تسلق أعلى قمم اللغة الكردية ، ركض في كل أتجاهات اللغة ومعهُ حقائبه ليملئها مفرداتاً ويرشُها على صفحات بيضاء ، ليصنع منها " قصائد مرتدية القلبُ ويرتديها القلبُ " إنهُ بحر في اللغةُ الكردية " هكّذا يقول عنهُ رفيق دربه العَلَّامة والفقيه الكردستاني الملا عبد الله ملا رشيد ، ليسَ فحسب أشعاره المبدعة توقفك وتجعلُك أن تتأملها بل لغته الكردية الصافية الأصيلة أيظاً ، تجعلُكَ توقف وتسألُ نفسك وتقول لكم إن لغة هذا الشاعر قوّية للغاية " أنهُ كتب بِلغة كردية عالية " إنهُ المبدع في الشِعر وفي اللغة معاً ، كان مواطناً في عالم اللُغة الكردية " مواطناً لايكّتفي من النظر إِلى جمالها اللامحدود ولايرتوي من عذوبتها وحلاوتها وتلمسها وأستخدامها بأناقة ولطافة وجمال حدوده غير معروف ، أعمالهُ المطبوعّة :فقط طبِع له ديوان شِعري واحد Dewr û Gera Kurdistanêعند إطلاعي على ديوانه الوحيد المطبوع الصادر عام 1994 دون ذكر مكّان الصدور . مع الأسف كانت تحملُ أخطاء كبيرة وكثير من الناحية اللغوية ، أخطاء إملائية وكِّتابية وأخطاء في بعض العناوين " فثمةُ عنوان لقصيدة بشكل آخر في الفهرست أي لايطابق العنوان الموجودة أعلى القصيدة ، ويبدو لي إن الديوان قَّد طبِعَ على عجل فحتى الخطوط لم تكّن متناسقة " بأختصار يمكّنُني القّول " إنهُ طبع على عجل وبأسراع " ولم يأخذ حقه الذي كان يجب أن يأخذه !أعمالهُ غير المطبوعةّ :كّما يبين لنّا في بحث قام به مشكّوراً الأستاذ الدكتور علاء الدين جنكو بالتعاون مع مؤسسة سما وذكر إن الأعمال الغير مطبوعة لهُ الموجدة من دادوينه سبعة ‘ ويقال انه كتب أكثر من هذا العدد حيث ضاع الكثير منها ‘ أما الباقية منها:: 1- برينا نشتماني . ( birîna neştimanî )2-جفينا نه مرا . ( civîna nemira )3-جفينا نه مرا ئوو شؤرة شه ن كورد . ( civîna nrmira û şoreşên krda ( 4- بير ئوو باوة ري . ( bîr û bawerî )5- بةهلةوي ئوو جفينداري ( behlewî û civîndarî ( مسر حية شعرية 6- با غي ئه فيني . ( baxê evînî (7- باغي نشتماني ( baxê neştimanî ( كما وضع كتا باً في قواعد اللغة الكردية . وألف قاموسان كبيران : أ حدهما : قاموس كردي تر كي وهو مو جود . قال ملا عبد الله ملا رشيد : ( رأيت عند الملا أحمد پالو قاموساً كردي كردي من تأ ليفه ‘ وكان كبيراً في حجمه وزاخراً با لمصطلحات والكلمات الكردية في 9 . 5 . 1991 م كان آخر يوم في حياة أحد الشعراء الكردّ الكبار ، كان يوماً خاسراً للأمة الكّوردية برحيل شاعرها الكّلاسيكّي الكّبير " الملا أحمد پالو " .الذي غمض عينيه للأبد وصعدَ روحهُ للأزرق في رحلّة سّرمدية ، وترك خلفه أعمال ذهبية ، ونتاجات أدبية قيمة ولها مكّانة خاصة ومميّزة في المكّتبة الكردّية وفي القلوب الكردّية إلى مالانهاية ، *****بحث عن حياة الشاعر ملا احمد بالو قام بأعداده الدكتور علاء الدين جنكو مشكوراً بالتعاون مع مؤسسة سما للثقافة والفنون*ديوان الشاعر الوحيد المطبوع " باللغة الكّردية " Dewr û Gera Kurdistanê* بالو لقبهُ . نسبة إلى منطقة پالو في كردستان تركيا .



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.