عماد يوسف : معركة الموصل .. بداية النهاية لتنظيم داعش
2016-10-24
لا شك أن تنظيم داعش أصبح بالنسبة للعالم الحديث حصان طروادة الذي تلتف حوله كل المصالح و الاتفاقيات الدولية و الذي مهّد لظهوره و انتشاره و تضخم الأنا المتطرف لديه تخاذل المجتمع الدولي عن واجباته تجاه شعوب الشرق الأوسط و جعل جغرافيتها البشرية و الطبيعية بؤرة لصراع القوى الكبرى في تصفية حساباتهم المؤجلة منذ أيام الحرب الباردة
و توسع قطبي الثروة و النفوذ المتمثل بأمريكا و روسيا في إعادة الاعتبار لرسم خارطة فكرية قديمة متجددة من خلال فرض سياساتهم و نفوذهم الاستعماري بعد إحياء النزاعات الطائفية في منطقة تعاني من تظلم قومي و تناحر طائفي و استبداد أنظمة عسكرية بمصائر العباد .
و يمكننا أن نعزو البدء بمعركة الموصل لطرد التنظيم المتطرف منها و تأجيل معركة الرقة و عدم موازاة المعركتين في وقت واحد إلى التعقيد في الأزمة السورية و الصراع الروسي الأمريكي على سوريا و عدم بلوغهما إلى اتفاق حول القوى المشاركة في عملية استعادة الرقة مع عدم وجود جيش موحد للتوغل الميداني و المشاكل التنظيمية و الفكرية التي تعتبر السمة الرئيسة للقوى التي يتم إعدادها لمعركة الرقة سواء الفصائل التابعة للجيش الحر المدعومة من تركيا أو قوات سوريا الديمقراطية التي تعول عليها أمريكا , خاصة أن هاتين القوتين بينهما خلافات جسيمة و اشتباكات مستمرة في نقاط التلاقي فضلاً عن اعتراض كل من وحدات حماية الشعب القوة الرئيسة في قوات سوريا الديمقراطية و تركيا على مشاركة الآخر في المعركة .
بينما حظيت الاستعدادت لمعركة الموصل رغم تأخرها بالجاهزية التامة و توافق قوات الحكومة العراقية المشتركة مع بيشمركة إقليم كوردستان في حصار الموصل و الهجوم عليها مع اتفاق شبه مبدئي على مرحلة ما بعد استعادتها , إضافة إلى رغبة الإدارة الأمريكية بتحقيق انجاز و لو كان جزئياً على الإرهاب المتمثل بداعش قبل نهاية الفترة الرئاسية لأوباما نظراً للانتقادات الكثيرة الموجهة للإدارة الحالية بسبب اللين الذي أظهرته أمام روسيا في إطلاق يدها و قوتها العسكرية في سوريا ناهيك عن عدم وجود جدية لديها في ايجاد حلول سياسية يتوقف بموجبه الحرب الدائرة في سورية منذ خمس سنوات و تميز موقفها بضبط النفس و إنهاك المعسكر الروسي الإيراني من خلال إطالة أمد الأزمة .
و تعتبر الموصل المعقل الأخير لتنظيم داعش في العراق و باستعادتها قد يكون النهاية الحتمية له و يتقلص نفوذه إلى الرقة السورية إلا أن معركة الموصل ستكون شديدة التعقيد بسبب اعتماد التنظيم الإرهابي على المفخخات و العمليات الانتحارية و استخدام المدنيين دروعاً بشرية لتفادي الضربات الجوية و سيحاول الاستماتة ما أمكنه ذلك كونه يدرك أن طول خط الدفاع يكسبه قوة و قدرة أكبر على التصدي و يشتت القوى المهاجمة فضلاً عن انهيار معنويات جنوده حال طردهم من الموصل .
عندما نستقرىء ناحية ما من معضلتنا التي باتت مصدر در المكاسب والغايات لكثير من الجهات ، نضطر إلى ذكر من تسبب بإيجاد هذا الإرهاب المنظّم وذلك بآيادِ هي من بيئتنا في الأغلب , فمما داعش وغيره من ( روبوتات ) إلا صناعة خارقة في الدقة ، وحدها الشعوب المغلوبة على أمرها تكون عرضة لهجماتها وذلك بإيعاز وسيطرة مباشرة من صانعها الذي فاق بحدة تخطيطه كل تخطيط آخر ؟!
لا أعلم إن كانت هذه الحملة العسكرية أو غيرها ستفيد في القضاء على داعش ، وهناك في المقابل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلاً عن النزاعات والطائفية التي وفرت لكل ذلك أرضية خصبة ، وخلقت لهم حواضن متعددة , لا ننس أن نذكّر مرة أخرى أن محاربة داعش في بقعة دون أخرى قد ترجعنا لنقطة البداية. إذن والحال هذا لا بد من قطع دابر هذه الآفة التي أتت على الأخضر واليابس ,ولا خلاص دون تلافي تلك الأزمات الآنفة الذكر ومن ثمَّ تجفيف المنابع ؛ وهذه الأخيرة لن تجيء دون عقل رشيد وحكمة وتكاتف وإخلاص ...