تسخين من الموصل إلى الرقة .. إلى أوروبا قبل آب "اللّهاب"
2016-08-30
ليس هناك دخان أبيض ولا أسود لجولة جديدة من مفاوضات جنيف، هناك تصريحات للمبعوث ستيفان ديمستورا عن جولة جديدة أواخر آب – أغسطس، وهو تصريح أعقب لقاءه مع الثنائي لافروف – كيري في سويسرا.
الروس يمتدحون تعاونهم مع الأميركيين بشكل غير مسبوق، وكيري يتحدث عن خطة التعاون العسكري التي سيجري الكشف عن تفاصيلها لاحقاً.
الكل يتحدث عن تحركات على المستويين السياسي والعسكري في آب الذي ربما يزيد لهيبه هذه المرة، إذ تكشف الولايات المتحدة عن قاعدة عسكرية لها في الرميلان السورية، ما يعني أن التعقيدات أساسها صراع نفوذ بين راعيي السلاح والسياسة في البيت الأبيض والكرملين.
إلى العراق حيث يختلف إقليم كردستان مع الحكومة المركزية حول دور البيشمركة في المعركة المنتظرة على الموصل، ولبّ الخلاف هو السيطرة، إذ يصر الطرفان على بيع جلد الدّب قبل سلخه.
وتتحدث معلومات عن أن الخطوة التالية في سوريا ستكون إطلاق معركة ضد أهم معاقل تنظيم "الدولة" في الرقة.
إذن فالصفقة أساساً هي بين الأميركيين والروس، إذ تبدو في ظاهرها خلافات تقنية، إلا أنها خلافات على ملفات كبيرة، وتمتد إلى جغرافيا تمتد إلى عمق الشرق الأوروبي، وحتى وسط آسيا، لتدخل أيضاً الأوضاع في تركيا منعطفاً هاماً، فالأتراك والروس أعادوا تواصلهم من أوسع الأبواب وأدق الملفات، وعلى رأسها ملف "السيل الجنوبي" الخاص بالغاز، ما يعني أن دائرة الخلاف بين الطرفين ضاقت إلى مستوى إمكانية التوافق على حلّ في سوريا، وبناء على ذلك فإن أي مبادرة بهذا الاتجاه ستؤمن مصالح الطرفين، وحتى إن جاءت في المنتصف فهي ليست في مصلحة نظام الأسد، كما أنها ليست في مصبّ الفدرلة والتقسيم.
وكأن من يحرك السبطانات والمفخخات داخل وخارج سوريا، هو طرف عارف بكل هذه المجريات، وهو إما من الذين يجلسون على الطاولة دون أن ينالوا من الكعكة، أو من الذين يرون في وضع حدّ للمأساة السورية استعجالاً في انكشاف أدواتهم، أو تعرضّ مخالبهم للقصّ.
على المستوى الاستراتيجي ما تزال إيران وحزب الله أكبر المتضررين من تسويات محتملة، فالخطوة القادمة ستكون سحب الميليشيات، ومن ثم وضع التنظيمات الميليشيوية تحت المجهر.
على المستوى السطحي يبدو تنظيم "الدولة" الهدف الذي سيدفع ثمن هذه الفوضى، يرافقه نظام الأسد، إذ تفترض التطورات تخميداً لكل عوامل التوتير المستقبلية، وفي هذه الحالة يكون مفهوماً أن لدى بعض الأطراف رغبة في استمرار الصراع وسفك الدم أملاً أن ينتج الخراب الكلّي خلاصاً لها.
الأحداث المتفرقة من تفجيرات في بعض دول أوروبا يسارع تنظيم "الدولة" إلى تبنيها، تكشف أيضاً عن خيط رفيع من التشارك بين الأطراف المتضررة من أي تسوية.
المتوقع أن تكون هناك عملية إعادة ترميز كاملة للساحة، وهذا ما يفسر الحديث عن اتجاه جبهة "النصرة" لفك ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، كما يفسر محاولات النظام اليائسة مدعوماً بقوات من ميليشيا تمولها إيران لتغيير الوضع في حلب، وكذلك في محيط دمشق، وربما تحفّز هذه المحاولات تسخينا من قبل الفصائل المسلحة في الجنوب والوسط لتسخين مماثل بناء على توازنات محسوبة.
ليس هناك متسع من الوقت للجميع، خاصة إذا اتفق اللاعبان الكبيران (الولايات المتحدة وروسيا)، وحتى لو لم تنجح الجولة القادمة، إلا أن الوضع في سوريا بات جزءاً من اختبار التعاون بين هذين اللاعبين، وعادة ما تسبق السياسةَ والمفاوضات جولةٌ من الحرب، ولعل هذا ما ننتظره في آب "اللهّاب".