نور الدين عمر : اسباب الدعم الدولي للكورد؟

2015-04-06

في أواسط آذار من عام 2011 بدأت المظاهرات السلمية في سورية بعد اعتقال قوات النظام لأطفال درعا و بتأثير الثورات في كل من تونس و مصر و ليبيا و ما عاناه الشعب السوري بكل قوميات و طوائفه من نظام البعثي المتسلط تطورت تلك المظاهرات السلمية لتشمل الكثير من محافظات و المناطق السورية
لكن النظام تصد لتلك المظاهرات بالأسلحة و ارتكب المجازر و الفظائع و اعتقل العشرات الالاف من المدنيين بحجة المشاركة في المظاهرات ،و بدل أن يلجأ النظام إلى حل سياسي ينقذ سوريا من الدمار و يحقق مطاليب الشعب في الحرية و الكرامة لجأ إلى القتل و المجازر و الاعتقالات العشوائية و التعذيب مما فتح المجال لكل التدخلات الدولية و الإقليمية و انتشرت العشرات من المجموعات المسلحة تحت مسميات دينية و طائفية لمحاربة النظام و فتح النظام المجال لتلك المجموعات لتنشر في المناطق السورية العديدة لكي يثبت النظام للعالم أن حربه ليس ضد الشعب السوري المسالم بل ضد الإرهاب و المجموعات المسلحة .
 
في البداية استخدمت كافة المجموعات المسلحة اسم الجيش الحر و تحركت و نفذت عملياتها العسكرية تحت هذا المسمى و لكنها مع الايام بدأت تظهر استقلالها عن الجيش الحر و تشكلت مختلف المجالس العسكرية و الجيوش و القوات و الفصائل و الحركات و الجبهات التي كانت بمعظمها تنظيمات إسلامية و سلفية متطرفة و استطعت تلك المجموعات المتطرفة أن تحكم سيطرتها على معظم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بعد أن قضت على المجموعات المعتدلة او التي ادعت الاعتدال و التي ظلت ضعيفة لافتقارها إلى قيادات و اتكالها على المساعدات الخارجية و بذلك أصبحت المجموعات المتطرفة و الإرهابية مسيطرة على معظم المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام.
أصبحت الثورة السورية التي بدأت بالمظاهرات السلمية حرب أهلية حقيقة تحت زعامات طائفية ترتكب فيها المجازر بحق الأبرياء و لم يتوان النظام و تلك المجموعات المتطرفة في الضرب على أوتار الطائفية و بررت اعمالها العدائية و مجازرها بحجج لا يمت بصلة للإنسانية .فقتل الأبرياء تحت التعذيب و الذبح و النحر و التدمير و الحرق كانت أدوات تلك الحرب الأهلية البشعة و التي لا يعترف بها لا النظام و لا تلك المجموعات فهم مقتنعين بأن حربهم عادلة ،فالنظام يرى أن حربه هي ضد الإرهاب و المجموعات المسلحة ترى أنها تقود ثورة ضد نظام او أنها تجاهد لرفع راية الإسلام ، و بنتيجة الذي يتضرر هو الشعب السوري بكل طوائفه و قومياته.
في بداية الثورة شارك الكورد بالمظاهرات السلمية في معظم المدن و البلدات الكوردية و كان مظاهرات الكورد من أعظم و أنظم المظاهرات في الثورة السورية، لكن مع تحول الثورة من مظاهرات سلمية إلى عمليات عسكرية في معظم المناطق السورية، بدأ الكورد بتشكيل مجموعات عسكرية لدفاع عن مناطقهم ضد كافة التهديدات .
 
و كانت التشكيلات العسكرية الكوردية التي سميت بوحدات حماية الشعب أكثر التشكيلات العسكرية تنظيما و اعتدالا في سوريا رغم أنها تشكيلات ذات طابع إيديولوجي و حزبي و لكنها استطاعت المحافظة على المناطق الكوردية بدون الدخول في صراعات طائفية و مذهبية و رغم أنها اتهمت كثيرا بأنها تتعاون مع النظام لكنها استطاعت أن تقف في موقع لا تنجر فيها الى الصراعات الطائفية و المذهبية و ازدادت عددها بدخول شباب و شابات الكورد إلى صفوفها و ازددت شعبيتها مع الايام في المناطق الكوردية لأنها كانت القوة الوحيدة التي كانت تحمي و تحافظ على ممتلكات المواطنيين من كافة الطوائف و الأعراق في المناطق الكوردية.
و في الوقت الذي كان تنظيم داعش يوسع من رقعة سيطرته و يقضي على فصائل المعارضة السورية واحدة تلو أخرى كان هذا التنظيم المتطرف يلاقي مقاومة من الوحدات الكوردية و رغم ذلك كان الغرب يميل إلى دعم المجموعات المعارضة السورية و لم يقدم اي دعم للوحدات الكوردية و لكن مع سيطرة تنظيم داعش على مركز محافظة نينوى و توسيع رقعة سيطرتها على مناطق عراقية أخرى و مهاجمة مناطق هولير و احتلالها لشنكال و ارتكاب مجازر بحق الكورد الايزيديين و أخيرا هجومها الدموي على مناطق كوباني و تفريغ المئات القرى من سكانها و تشريد المئات الالاف من سكان كوباني و ريفها و الأهم إبداء الوحدات الكوردية مقاومة عظيمة اتجاه هجمات داعش ،كل هذه الأحداث جعلت من من الغرب و المجتمع الدولي تغير نظرتها عن الكورد و القوات الكوردية ، و بدأت بتقديم الدعم و المساعدة للقوات الكورية و كان الضربات الجوية هو اهم ما قدم للكورد في معاركها مع التنظيم المتطرف .
 
و لأصحاب مقالات الخيار و فقوس نقول اي منطقة في سوريا افرغت من سكانها مثل منطقة كوباني ؟ و اي قوة معارضة حاربت و قاومت داعش كما قاومها وحدات حماية الشعب و خاصة في كوباني ؟ و اية قوة معتدلة و تحترم حقوق الانسان مثل القوات الكوردية ؟ و لذلك فالذين يحقدون على الكورد و مزعوجيين من الدعم الدولي لهم عليهم ان يدركون ان الغرب دعم قوة اثبتت انها قادرة على مجابهة داعش و هي ليست مثل الكثير من المجموعات التي لم تصمد ايام عديدة امام همجية داعش .
فالقوات الكوردية في جنوب و غربي كوردستان من الوحدات و البشمركه هي أولا ليست متطرفة و طائفية بعكس اغلب الفصائل الاخرى و خاصة
في سوريا حيث اصبحت معظم المجموعات و الفصائل تنظيمات مذهبية و طائفية بشكل علني .
 
لو كانت المعارضة السورية او الجناح المحسوب على الائتلاف و المجلس الوطني السوري صادقين و فعلا يريدون التغير كان عليهم الابتعاد عن المجموعات المتطرفة و لكن نجد عكس ذلك فهم يتهجمون ليلا و نهارا على الكورد و يدافعون عن تلك المجموعات المتطرفة بما فيها جبهة النصرة و الفصائل الدائرة في فلكها و مزعوجين من الدعم الدولي للكورد و يطالبون بالدعم الغربي لتلك المجموعات التي لا تعترف و لا تعلم من حقوق الإنسان و الحرية سوى النحر و الذبح .
اذا الدعم الدولي للكورد عبر الضربات الجوية و تقديم الاسلحة لم يأتي من الفراغ و له أسبابه و مثلما يعتبر الكورد في العراق القوة الأكثر اعتدالا فإن الكورد في سوريا كذلك يعتبرون أكثر اعتدالا من بين جميع القوى الموجودة على الأرض السورية .و في حال استطاع الكورد بجميع فصائله و تنظيماته الوطنية الوصول إلى صيغة تجمع صفوفهم و قواتهم السياسية و العسكرية فإنهم سيشكلون مركز و منطلق كافة التطورات و التغيرات في المنطقة ،و اهم خطوة عملية يمكن البدء به هو التعجيل بعقد المؤتمر الوطني الكوردستاني يشارك فيه كافة القوى و التنظيمات الوطنية الكوردستاني و دون إقصاء أحد .و هو مطلب الجماهير الكوردية فهل يحققها القيادات الكوردية لهم ؟!.
نورالدين عمر