ابراهيم شتلو : رسالة حب

2015-04-01

كان بعض الشباب يضطر إلى التطوع في الجيش السوري بعد إتمامهم للخدمة الإلزامية نظرا لضيق ذات اليد ، وفقط بدافع ضمان المورد المعيشي. وبعد مرور مايزيد على نصف القرن ، وإطمئناني على أمن الرقيب العسكري كلين وبأنه لن ينال عقوبة الإعدام نظرا لمفارقته الحياة بعد أن كنت قد قطعت على نفسي العهد بعدم البوح بأمر نصرته لنضال الشعب الكردي لأي كائن كان وأحتفظ لنفسي فقط بسر علاقته الحزبية التنظيمية بي. 
كان العسكريون المتطوعون حكما أعضاء في حزب البعث العربي الإشتراكي الحاكم ، وكان إشتراك عضوية الحزب يقتطع تلقائيا من راتبهم الشهري. في أوائل الستينات – لم أعد أذكر السنة بالضبط – زرته في بيته البسيط والذي كان يسكنه بالإيجار في حارة قسطل حرامي كعادتي في أحد أيام الجمعة ، وبعد الترحيب الحار والصميمي المعتاد وبينما كنت أروي له آخر الأخبار عن بطولات البيش مه ركه والقائد البارزاني بحماس وإعتزاز ونحن نحتسي الشاي قدم لي مطبوعة باللغة العربية تحمل إسم : المناضل. فأمسكتها وتمعنت فيها بدقة لأقرأ تحت عنوان كلمة المناضل وبحروف صغيرة : نشرة داخلية خاصة بأعضاء الحزب.ونجحت من إقناعه بأنني سوف أعيد إليه هذه النسخة بعد أن أقرأها وأنقل نصها بخط يدي في بيتي. وبالفعل دسستها بإتقان بين ثيابي وقمت بعرضها على مسؤولي الحزبي – البارتي الديمقراطي الكردي – وبعد جهد كبير تمكنا من تصوير صفحات محتويات العدد المذكور الذي تضمن دراسة محمد طلب هلال عن مشروع الحزام العربي الذي إقترح بتسميته : مزارع الدولة  مجازا تسترا على حقيقة دوافعه العنصرية. وكان يعود الفضل لحصول البارتي على النسخة الأصلية للمشروع لإخلاص الرقيب الأول كلين ونجاحي في كسب ثقته. 
 
في هذا العدد من مجلة المناضل نشرت دراسة رئيس شعبة الأمن السياسي في محافظة الحسكة المدعو: الملازم الأول محمد طلب هلال حول الدواعي الإقتصادية والقومية والأمنية الملحة لتنفيذ مشروع إخلاء المنطقة الكردية الواقعة على طول الحدود السورية التركية من سكانها الأكراد وإسكان عرب المناطق الجنوبية والشرقية القاحلة محلهم مستندا في دراسته هذه على تقارير أمنية ومعلومات جمعها من خلال عمله كمدير للشعبة السياسية  في محافظة الحسكة كمبرر لمشروعه وبعد أن شرح مميزات الشريط الحدودي الذي يسكنه الأكراد لكونه يقع ضمن خط العرض الذي تزيد معدل هطول الأمطار فيه على 350 مم ولخصوبة أراضيه ، ولمجاورة سكانه الأكراد لكردستان العراق شرقا ولكردستان تركيا شمالا علاوة على علاقات القرابة والروابط العشائرية التي تربطهم بأكراد الدولتين المجاورتين ومن جملة المؤشرات الخطرة للوجود الكردي  والأدلة على عدم ولاء الأكراد للنظام السوري التي أوردها محمد طلب هلال في دراسته رسالة غرامية يذكر أنها تم العثور عليها في جيب تلميذ في مدرسة إعدادية في القامشلي بعد إعتقاله نظرا لنشاطه القومي الكردي ، إذ يقول: قمنا بتفتيش بيته فلم نعثر فيه على أية نشرات أو مطبوعات ، إلا أنه وبعد تفتبش ثيابه قبل التحقيق معه عثرنا في جيبه على رسالة مكتوبة بخط اليد إعترف التلميذ بأنها بخط يده وبأنه كتبها ليرسلها لفتاة كردية يحبها.
 
وينقل محمد طلب هلال نص رسالة الفتى الكردي المعتقل إلى حبيبته ضمن دراسته العنصرية عن مشروع الحزام العربي و كانت رسالة الحب الوثيقة الوحيدة ضمن جميع إدعاءاته الباطلة ومبرراته الزائفة الحاقدة التي أوردها كدليل منه على مدى تعلق الإنسان الكردي بقوميته التي اعتبرها طلب هلال أكثر خطورة من إسرائيل على عروبة سوريا: 
 
حبيبتي
أقسم لك بكل ما أملك بأنني أحبك ، فإن لم تصدقيني فإنني أقسم لك بحياتي بأنني أحبك،
وإن لم تصدقيني فإنني أقسم لك بالله بأنني أحبك ، وإن لم تصدقيني فإنني أقسم لك بزعيمنا البارزاني بأنني أحبك
وإن لم تصدقيني فإنني أقسم لك بوطننا كردستان الغالية بأنني أحبك...!
وبسبب رسالة الحب هذه إنتزعت جنسية ماءتي ألف كردي ، وأسقطت عنهم حقوقهم المدنية ، وأصبحوا أجانبا في وطنهم وهم من أبناء جلدة الرقيب الأول كلين العضو في حزب البعث العربي الإشتراكي ، فهل من أمرأكثرعجبا من هذا ياعروبيون؟
إبراهيم شتلو / 28 مارس 2015