حوار مع الكاتب و عضو اتحاد الطلبة و الشباب الكردستاني شفان إبراهيم

2014-05-18

شفان إبراهيم : الحركة الكردية لا تؤسس لمرحلة التطور الذاتي ولا الموضوعي سواء على صعيد التنظيمات, أو على الصعيد الفردي , و لا تزال حتى هذه اللحظة أسير النزعة التفردية في الفعل والقرار, وهذا ما يُعيق التئام شمله
 
حاوره – عماد يوسف AKA.NEWS
– نريدك أن تعرف القراء على نفسك ؟
شفان إبراهيم, من مواليد 1/1/1984 قامشلو, أنهيت دراستي في المراحل الثلاث في قامشلو, التحقت بجامعة حلب كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الفلسفة في عام 2001 وتقدمت  إلى  الماجستير في نهاية عام 2010 وأتممت الدراسة نهاية عام 2013 في الجامعة الإسلامية بخلدة في بيروت برسالتي المعنونة المواطنة والعولمة جدل الخصوصة والكونية بمعدل 80% وتقدير جيد جدا .
 
– قدمت في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها رسالة ماجستير في الفلسفة  .. 
كيف تمت التحضيرات للرسالة  .... و ما شعورك بعد استحقاقك لها ؟
بصراحة لقد تأخرت قليلاً في أتمام الدراسات العليا, بسبب الوعود المتكررة من وزارة التربية بالبدء بدبلوم الدراسات العليا, ودبلوم التأهيل التربوي في الجامعة الافتراضية في قامشلو, ثم تم وعدنا بالتسجيل في فروع جامعات الفرات في محافظة الحسكة, وفي كل مرة كنا نقوم بالتسجيل وتقديم الأوراق المطلوبة ودوماً كانت النتيجة لا شيء, بخصوص التحضيرات, فكلكم على دراية وعلم بالأوضاع الأمنية والخدمية في قامشلو منذ ثلاث سنوات, وانعدام لأي مقومات الحياة الطبيعية, مع ذلك وبفضل توفيقي من الله و امتلاكي للإرادة التي كانت دوما تدفع بي للاستمرار, فما كنت أشاهده دوما في الطريق الواصل بين قامشلو  إلى  بيروت عبر الطريق البري من الرقة  إلى  حمص  إلى  معبر المصنع الحدودي في طرطوس كافي لتشيب الوليد, حقيقة عانيت كثير بسبب عدم توفر المراجع المطلوبة في قامشلو, إضافة  إلى  صعوبة التواصل مع المشرف بسبب الظروف الراهنة,  ولعلها من بين ابرز الأسباب التي أخرت البحث بضع أشهر, والتزامي بالتدريس في مدارس ريف قامشلو كل ذلك وغيره لم يقف عائقاً أمام إصراري للمضي قدماً نحو تحقيق هدفي وحلمي, حقيقة كانت لحظة إعلان النتيجة عبارة عن شريط سينمائي يمر أمام عيناي لخصت فيه جميع مراحل دراستي في الدراسات العليا, لا يستطيع أحد توصيف  الإحساس بذلك الشعور إلا من انتظر حلمه سنين طويلة وناله بعد جهد 
 
– حضرتك أحد المشتغلين في الحقل الثقافي الكوردي و عاينت تشرذمها و تشتتها .. كيف تنظر  إلى  الحركة الثقافية الكردية في سوريا ؟
في حقيقة الأمر ولنكن صريحين, أثبتنا نحن المشتغلين في الحقلين الثقافي والكتابي, إننا لا نقل أنانية من التنظيمات السياسية, لا يستطيع أي كاتب أو مثقف أن يوصف الحالة الثقافية الكوردية سوى بجملة واحدة؛ إن الذين ينظرون  إلى  أنفسهم على أنهم هم حماة الشأن الثقافي, هم أنفسهم من أجهضوا أي بارقة أمل في حلحلة جبل التراكمات الجليدية بين أغلب المثقفين. وهي تراكمات سببها الأنانية دون أن ننسى التدخلات الحزبية, في الواقع هناك اختراق للبنية الثقافية الكوردية من جهات مختلفة, هدفها اختزال أي عمل ثقافي في اتجاه أحادي البعد, للحفاظ على البنى التقليدية للحالة الثقافية القائمة على " مثقفي البلاط" من جهة, ومن جهة أخرى للحفاظ على رتم دام لسنوات. في الواقع لا يمكن إنكار دور قسم كبير من الكتاب والمثقفين الكورد في الحفاظ على هوية ووجود الثقافة الكوردية واللغة الكوردية, لكن هم أنفسهم اليوم يُشوهون تاريخهم, ما نرغبه من هؤلاء الحفاظ على تلك الحالة, نحن الشباب المشتغلين في الثقافة والكتابة لا نبحث سوى عن آلية للم شمل الجميع تحت شعار حماية الوجود الثقافي والفكري الكوردي .
 
– كتبت الكثير عن القضية الكردية و واقعها و خطابها .. ما هي الرسالة التي تريد أن توصلها للشعب الكردي في سوريا ؟
لا حل ولا فائدة سوى في وحدة الصف الكوردي, وضرورة الاهتمام بالطاقات الشابة الواعدة التي تعبت واجتهدت لتطوير نفسها, ولن يتمكن أي فصيل سياسي من إدارة كوردستان سوريا مهما كانت قوته العسكرية أو التنظيمية أو الجماهيرية, ما لم يكن على وفاق وتواصل وعمل مشترك مع باقي التنظيمات السياسية والثقافية والشبابية, دون أن ننسى أهمية و لزومية امتلاك خطاب وبرنامج سياسي واضح وصريح, إضافة  إلى  ضرورة القطيعة مع الماضي والبدء بخلق حالة نهضوية قوامها المثقفين والكتاب والأكاديميين .
 
– حضرتك من المؤسسين لاتحاد الطلبة و الشباب الديمقراطي – روج آفا و تشغل عضو اللجنة التنفيذية و مسؤول فرع شرقي قامشلو و من المعلوم للجميع أنها الجناح الشبابي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي .
ما هو هدفكم من بناء هذه المنظمة .. ؟  و ما الأنشطة التي تقومون بها بعيدا عن ستار الحزب ؟
في واقع الأمر نحن مؤسسة شبابية طلابية نسير على نهج البرزاني الخالد, وكل من يجد في نفسه أمكانية السير على نهج الكوردايتي, نهج البرزاني, نُرحب به كثيراً, وليس هناك أي فيتيو أو أي خطوط حمراء لانضمام أي شاب أو طالب  إلى  الاتحاد, بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الحزبي, إذا كُنا نرحب بانضمام شباب وطلبة المكون العربي والمكون المسيحي ( الأشوري, السرياني)  إلى  الإتحاد, فهل يمكن أن نمنع الكورد من الانضمام.
حقيقة لزام علينا نحن الشباب أن نكون على بينة مع بعضنا البعض, يجب أن نكون قوة ضاغطة على جميع أطراف الحركة الكوردية كي تكون موحدة في رؤيتها السياسية, لا أن نكون نحن أيضاً جزء من خلافاتها, أو نكون مشابيهن للبعض منهم في خلافاتهم, لابد لنا من البدء بتأسيس وتأهيل الأرضية المناسبة لخلق جيل واع ومرتبط بقضايا قوميته ووطنه, نحن نسعى  إلى  تلبية كافة متطلبات ورغبات الشباب والطلبة وخاصة في نواحي الفنون والرياضة والثقافة والموسيقى, وبناء بنيوية الفرد الكوردستاني كي يتمكن من مجاراة غيره في مختلف الشؤون, هناك قضايا حداثوية معاصرة أغفلتها الاحزاب الكوردية, الشباب الكوردي ليس اقل قيمة وقوة وثقافة عن غيره من شباب المجتمعات الأخرى, لكن الذي يحصل أنه في أي مجتمع أن رغب القائمون عليه تحديثه ونقله  إلى  طور أخر فإنهم يدعمون الفاشل كي ينجح, وليس يحاربون الناجح كي يفشل .
 
– الدعم المادي هو الأساس الذي تقوم به التنظيمات لاستمرار نشاطها و فتح مقراتها هنا و هناك ..
من أين تحصلون على التمويل اللازم للقيام بأعمالكم ؟
في الحقيقة يعتبر الجانب المادي والممول من المعوقات والصعوبات الرئيسية في تأسيس واستمرار وتطوير أي مؤسسة, إننا في اتحاد الطلبة الشباب الديمقراطي الكوردستاني-روج افا لدينا مصادر عدة للتمويل, منها الاشتراكات الشهرية, والتبرعات, إضافة  إلى  أننا سنقوم بأعداد مشاريع صغيرة كي نتمكن من إدارة وتدبير أحوالنا, عدا عن إننا في انتظار انعقاد المؤتمر الثالث للمجلس الوطني الكوردي في سوريا, وبعد الانتهاء من أعماله وتوزيعاته التنظيمية, سنطالب المجلس بتغطية نشاطاتنا المنوعة. 
 
– يقال : التسابق في بناء و إنشاء المنظمات المستقلة شكليا و المنضوية تحت جناح الأحزاب فعلياً آفة موجودة في الحركة الكردية في سوريا , و هو شكل آخر من الصراع و الهيمنة على الشارع بين الأحزاب الكردية ..
كيف تنظر  إلى  طريقة بناء المؤسسات الحزبية  ... و ما تأثيرها على الشارع الكردي ؟
في الواقع آلية وطريقة بناء أي مؤسسة أهم من المؤسسة ذاتها, لأنها تعتبر المفتاح والمدماك للدخول في جوهر وصلب المؤسسة, هناك العديد من المؤسسات والمنظمات التي بُنيت على أسس معينة وكانت أهدافها المضمرة والمخفية مختلفة في جوهرها عن الأساس المبني عليه, وهذا ما ينعكس سلباً على الشارع الكوردي, ففي بدايات الثورة السورية كثرت التنسيقيات والتنظيمات والحركات, منها ما كان واضح المعالم, ومنها ما كانت وللأسف تخضع لأجندات معينة, في المجمل أي أجندة غير كوردية في المناطق الكوردية برأي يعتبر مخالفاً للكوردايتي.
في الواقع ونتيجة انحراف الثورة عن أهدافها والتدخلات والأجندات الخارجية, أصبحت سورية بكاملها عرضة للغزو الثقافي والفكري والسياسي, ومآل ذلك انحراف الفكر الشبابي معه, لذا فإننا في اتحاد الطلبة نجد أنه من صميم واجباتنا حماية الشاب الكوردستاني من خطر الانزلاق نحو متاهات خطرة لا يمكنه الارتداد عنه لاحقاً. نحن تأسسنا بطريقة وآلية وأهداف واضحة, وبنظامنا الداخلي الذي يجلي الغمامة عن أعين كل من يتساءل عن سبب وجودنا, قلناها علناً دون استحياء...نحن على نهج البرزاني الخالد نهج الكوردايتي .
 
– تجسدت خلافات الكورد على الأرض بخلافات سياسية و فكرية في كيفية حل القضية الكردية في سوريا المستقبل و طريقة المطالبة بها و تحقيقها ... 
ما هو تقييمكم للحركة الكردية ... و ما هي المعوقات التي تعترضها لتوحيد خطابها ؟
في الواقع لو أردنا تقييم الحركة الكوردية لابد لنا من الوقف على كيفية وظرفية تأسيس الحركة الكوردية, ومعالجتها ضممن السياق التاريخ الذي نشا فيه. بكل تأكيد لا يمكن إنكار أن الممثل الشرعي للشعب الكوردي في سورية هي الحركة السياسية الوطنية الكوردية, لكن أغلب القيادات اليوم لا تنظر  إلى  نفسها هذا المنظار, وتصرفاتها وردات فعلها خير دليل على ذلك. ولا يمكن إنكار أهمية وجود التنظيمات السياسية الحزبية منذ عام 1957 في سويا, والتضحيات والقرابين التي قدمتها بعض الأحزاب والشخصيات في سبيل الحق الكوردي ودفاعاً عن الوجود الكوردي في المنطقة. عانت هذه الحركة الكثير من الضغوطات والإشكاليات التي خُلقت لها, وخلقتها لنفسها, مع ذلك الحركة الكوردية, وبدقيق الكلمة, في الماضي ورغم الظروف والإمكانيات والحالة الدولية وغياب وسائل الميديا, ونظراً لكثرة المضحين والمفكرين فيها, ربما هي أفضل حالاً اليوم من التنظيمات السياسية الموجودة في الساحة الكوردية, قياساً على الظرف الراهن والوسائل المتاحة والطفرة الرقمية.
على العموم لنكن صريحين هنا, الحركة الكوردية على خلاف مع المثقفين, والمفكرين, والكتاب, والشعراء, والشباب, تنظيمات المرأة, مع الشخصيات الوطنية المستقلة, وفي النهاية الحركة الكوردية ليست على وفاق ووئام مع بعضها البعض, وهذا يدل على أنها هي السبب في زرع الشروخ والتباعد بين مختلف تيارات وقطاعات ومنظمات المجتمع الكوردي. 
الحركة الكوردية لا تزال حتى هذه اللحظة أسير النزعة التفردية في الفعل والقرار, وهذا ما يُعيق التئام شمله, بكل تأكيد من الاستحالة بمكان أن تتوحد جل الأحزاب الكوردية, لكن يمكن الإقدام على خطوات توحيدية بين مجموعة من الأحزاب الكوردية.
بتصوري الأمل الوحيد في الخروج من حالة المقت السياسي الكوردي هي في إفساح المجال للجيل الشاب ذوي الإمكانيات والقدرات والكفاءات, وإيلاء حملة الشهادات أهمية في تبوء مراكز تتناسب  وإمكانياتهم وتجهيز الباقي للفترة المقبلة, بصراحة من يرغب في حكم مناطقه عليه أولا وقبل كل شيء أن يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرى تحتوي بين صفوفها من يمتلك صفات القيادة. لكن ما يثير الدهشة أن الحركة الكوردية لا تهتم لا بالدراسات ولا بالبحوث ولا بالإمكانيات الشخصية أو الجماعية, ولا تؤسس لمرحلة التطور الذاتي ولا الموضوعي سواء على صعيد التنظيمات, أو على الصعيد الفردي, وما نعانيه اليوم هي من مخرجات عقود طويلة من الاستمرار في حالة اللا استقرار الحزبي .