دلشاد مراد : واقع الصحافة الورقية (المطبوعة) في روج آفا

2014-05-10

يرى بعض من النخبة المثقفة الكوردية في روج آفا أن وسائل الإعلام الموجودة لا يرقى أن نسميها بالصحافة مقارنة بتلك الموجودة في معظم دول العالم وخاصة الأوروبية منها.
 
ربما ما يراه هؤلاء فيه شيء من الصواب, ولكنهم يقفزون فوق الواقع ولا يذكرون الأسباب الحقيقية التي تمنع تطور الصحافة في روج آفا.
 
وعلى الأغلب فأن معظم الذين يدلون برأيهم حول واقع الصحافة الكوردية لم يروا الواقع الذي يعيشه القائمين على الصحف والمجلات التي تصدر حالياً, أو لم يعايشوا تلك الصحف والمجلات على أرض الواقع, ولذلك يبقى آرائهم وتحليلاتهم ناقصة أو غير معبرة بما فيه الكفاية لحقيقة واقع الصحافة في روج آفا (غربي كوردستان).
 
أزمة الصحافة الورقية (المطبوعة):
 
تعاني الصحافة الورقية في روج آفا من أزمة حقيقية ومن مختلف الأوجه وهي ما تعيق عملها وتطورها, ولعل من أبرز مظاهر تلك الأزمة مايلي:
 
1-    الطباعة: تعاني روج آفا من عدم وجود المطابع الحديثة ودور النشر والتوزيع ولاسيما المطابع الخاصة بطباعة الصحف على وتيرة سريعة وعلى القياسات الكبيرة والأوراق الخاصة بالصحف (الرخيصة).
 
وتعاني الصحافة من التكلفة الكبيرة للطباعة, وذلك لأن المطابع الموجودة حالياً تستخدم أنواعاً ورقيةً غالية الثمن, ويسهم ارتفاع أسعار الورق والأحبار في زيادة تكلفة طباعة الصحف والمجلات.
 
كما تعاني الصحف من البطء في الدورة الطباعية ( فصحيفة روناهي على سبيل المثال تنتظر ثلاثة أيام على الأقل للانتهاء من طباعة عدد منها, وهذا سبب يؤول دون تطورها إلى صحيفة يومية).
 
2-    الكوادر: تعاني معظم المؤسسات الإعلامية من نقص في كوادرها وتشتكي من ضعف في المؤهلات الصحفية لكوادرها, وهذا ما يؤثر على نوعية المواضيع والمواد التي تحتويها الصحف والمجلات.
 
ولا ننسى أن عدد الدارسين الكرد في قسم الصحافة قليل جداً ومعظمهم لم يستفيدوا من دراستهم في الواقع العملي.
 
وقد كان النظام السوري يتعمد تهميش التعليم الصحفي خلال العقود الأربعة الأخيرة وذلك منعاً لظهور صحافة حرة مناوئة لها.
 
يضطر معظم المؤسسات الإعلامية لإدخال كوادر جديدة غير مؤهلة والعمل على تدريبهم في الواقع العملي وهذا الأمر له آثار إيجابية وأخرى سلبية, ولذلك نرى ضعفاً في أداء الرسالة الإعلامية لمعظم الصحف والمجلات الموجودة.
 
ويقوم اتحاد الإعلام الحر بفتح دورات تدريبية للإعلاميين العاملين في المؤسسات الإعلامية الموجودة في روج آفا, ولكن تلك الدورات ليست بالمستوى المطلوب ومعظمها خاصة بأساسيات الصحافة (دورات ابتدائية).
 
3-    التمويل: جميع الصحف والمجلات الموجودة في روج آفا تعاني من نقص في التمويل وهذا ما يؤثر على سير عملها.
 
فصحيفة نودم التي أسسها مسعود حامد سرعان ما توقفت بسبب فقدانه لمصدر الطباعة والتمويل, وانشق عنه رئيس تحرير الصحيفة ومعظم محرريها والعاملين فيها, حيث يعمل المنشقون على إصدار صحيفة جديدة باسم ( بويار – الحدث).
 
وتعاني مؤسسة روناهي من خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع تكلفة طباعة الصحيفة, ولا أبالغ إن قلت أن الخسائر الطباعية لصحيفة روناهي تقدر شهرياً ما بين 500- 600 ألف ل.س (بسبب الفارق الكبير بين سعر تكلفة الطباعة وسعر المبيع).
 
وقد ظهرت جريدة جديدة باسم (راستي) في نيسان 2014 لصاحبيه(جوان عيسى وأحمد عجة), حيث لا يعرف فيما إذا كانت تعاني من متاعب في التمويل.
 
4-    التوزيع: تعتبر روناهي الصحيفة الوحيدة التي توزع في كافة مناطق روج آفا, وقد نجحت روناهي في رفع عدد النسخ المطبوعة في مقاطعة الجزيرة من 1500 نسخة في ربيع 2013 إلى 4000 نسخة في ربيع 2014 أي بزيادة نسبتها 165% خلال فترة عام واحد.
 
ولعل أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو فتح مقرها الرسمي في مدينة قامشلو وتشكيل طاقم للعمل وشبكة لا بأس بها من المراسلين في المدن والبلدات الأخرى للمقاطعة.
 
ولو استمرت هذه الزيادة بنفس النسبة لأصبح عدد النسخ المطبوعة في مقاطعة الجزيرة لوحدها في عام 2020 أي بعد سبع سنوات( حوالي 100 ألف نسخة).
 
مع العلم أن هناك نواح لم تصل إليها روناهي بسبب ظروف الثورة والحرب أو لعدم وجود موزعين, كما أن عملية المتابعة في قسم التوزيع في الصحيفة ضعيفة.
 
ولو تم سد هاتين الثغرتين في صحيفة روناهي لتضاعفت عدد النسخ الموزعة والمطبوعة.
 
صحيفة نودم كانت توزيعها ضمن مدينة قامشلو فقط ولفئة محدودة جداً.
 
وكذلك راستي أيضاً توزع حالياً في قامشلو ولفئة محدودة. و لا يعرف لحتى الآن إن كانت لديها خطة لتوزيع الصحيفة في مختلف مناطق روج آفا.
 
يعتمد روناهي في توزيعها على الجمهور المقرب من خطها السياسي بالإضافة  لقسم من الفئات المحايدة ولها أيضاً اشتراكات من الفئات الاكاديمية والتجارية وكذلك في المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.
 
بينما كانت نودم تعتمد على اشتراكات النشطاء والكتاب في توزيعها ولم تكن توزع بين جماهير الشعب, لذلك لم يكن لديها أي تأثير على الشارع الكردي, وإن كانت تباع في المكتبات إلا أن شرائها كانت معدومة بسبب ارتفاع سعرها وتردي المواضيع المنشورة.
 
جميع المجلات (صوت كردستان وصوت الحياة...) لا تزال توزع فقط بين الجمهور المقرب من خطها الايديولوجي ولم تبدأ بعد ببيعها في الأسواق.
 
5-    المحتوى: تدني المستوى الصحفي لكوادر الصحف والمجلات وعدم وجود التمويل الكافي وتباعد فترات الصدور أثرت على نوعية المواضيع والمواد التي تنشر في تلك الصحف والمجلات.
 
وإن كانت المواضيع المنشورة في روناهي تعتبر الأفضل مقارنة مع جميع الصحف والمجلات الاخرى وحتى كافة وسائل الاعلام الموجودة، لكنها لم تصل الى  المستوى المطلوب أو المستوى الاحترافي كما عبر عنه أحدهم.
 
6-    الدورية: حافظت روناهي على الصدور بشكل أسبوعي وقد صدر قرار على المستوى العلوي للإدارة بإصدارها يومياً إلا أن هناك سببين يمنعان من ذلك هما: عدم وجود المطابع الحديثة وعدم وجود شبكة كافية من أطقم العمل.
 
يبدو ت روناهي أناااااأن روناهي مصممة على تطوير نفسها وبدأت بالفعل بزيادة عدد كوادرها وبدأت بتشكيل أقسام لها (الأرشفة، الإخراج، التحرير، التوزيع، العلاقات العامة) وإن كان هذا التطوير يبدو بطيئاً ولكنها تسير على خط موزون.
 
صحيفة نودم النصف شهرية وبسبب طباعتها من خارج روج آفا كانت تخلق لها مشاكل من ناحية إصدار أعدادها بشكل دوري, فكانت تضطر الى إصدار عددين ضمن عدد واحد وهكذا حتى اضطرت للتوقف.
 
صحيفة راستي أيضاً تطبع خارج روج آفا ولذلك قد يخلق لها مشاكل عديدة.
 
7-    سعر البيع: إن تحديد سعر البيع لأي صحيفة يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على جماهيرية الصحيفة.
 
روناهي الأسبوعية حافظت على تحديد سعرها بـ 25 ليرة وهو سعر لا بأس به وإن ظهر خلال فترة ما اختلافات في وجهات النظر لدى العاملين فيها حول رفع سعرها أو الحفاظ على السعر المحدد وذلك بسبب الخسائر الكبيرة التي تمنى بها الصحيفة، وقد بدأت عدة مكتبات في قامشلو وخارجها ببيع نسخ من الصحيفة ( 10-50نسخة).
 
نودم النصف الشهرية حددت سعرها بـ 50 ليرة ولذلك لم تباع جماهيرياً.
 
راستي الأسبوعية حددت سعرها بمائة ليرة سورية وهي لم تباع جماهيرياً بعد، فهي في بداية الطريق ولا يعرف إن كانت بهذا السعر ستنجح بالبيع ؟!!
 
الخطوات العملية الأساسية التي تؤدي لتطوير الصحافة الورقية في روج آفا:
 
-         وجود مطابع حديثة ودور نشر وتوزيع.
 
-         الاستقرار السياسي.
 
-         توفر كوادر خبيرة ومؤهلة وتأهيل العاملين الموجودين في المؤسسات الإعلامية.
 
-         وضع المؤسسات لسياسات وخطط عمل دائمة ومركزية حكيمة تحاكي الواقع الموجود.
 
-         قوننة الحرية الاعلامية وحرية حصول الصحافي على المعلومات اللازمة.
 
-         المحتوى المناسب ونشر المواضيع التي تثير هموم واهتمامات العامة في روج آفا.