حسني كدو : سوريا.....الكورد....جنيف 2..والادارة الذاتية

2014-02-22

أخيرا وبعد مخاض عسير انعقد  مؤتمر جنيف2  ،ولكن دون ما كان يتصوره أو يأمله جميع أطياف الشعب السوري عامة والكردي بشكل خاص،  فالمعارضة السورية مقسمة وغير حاضرة كلها ، وكذلك كرد روشافا وبعد ما جرى ضدهم  من هجمات للكتائب الظلامية ، ومن داعش وإستشهاد أكثر من   500 شاب وشابة من وحدات حماية الشعب ، و نزوح  شبه قسري ل 500000 شخص إلى إقليم كردستان العراق ،

وبعد محادثات ماراثونية ، و مد وجزر في هولير 1 و هولير 2 وبرعاية واهتمام مباشر من السروك مسعود البارزاني ،تفاءل الكورد بأضعف الإيمان ، وهما فتح معبر سيمالكا و حضور جنيف 2 بوفد كردي واحد و بورقة واحدة حتى لا تفقد القضية الكردية مصداقيتها ، وتذهب ريحها و لا تتجزأ ، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
لقد ذهب المجلس الوطني الكوردي ،( وليس كله ) تحت مظلة الإئتلاف الذي بدوره انتكس بعد أن أعلن المجلس الوطني السوري انسحابه من الائتلاف ، والصور الأولية من انعقاد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف2 لا تبشر بالخير كرديا (على الأقل)و تشير وبوضوح إلى ضحالة الوفد الكوردي الذي كان من المفروض وحسب وثيقة العهد الموقع بين الطرفين  و حسب البروتوكول  والأعراف أن يجلس رئيس الوفد الكردي خلف الجرباء ولكن لا رئيس الوفد الكردي  ولا أعضاءه ظهروا في كل الصور التي بثت ولوقت طويل  ، واستغرب كيف لم ينتبه رئيس الوفد الكردي لهذا الشيء؟  وأين حنكته ودهاءه السياسي المعروف عنه ؟ وهل كان ترتيب جلوس وفد المعارضة بهذا الشكل  صدفة ؟  ام رتب له  ؟هذه من ناحية ، أما من الناحية الثانية فلقد أهمل الجرباء الكورد ، وعن  قصد وعنصرية عندما أشاد بعموم فئات الشعب السوري ، منوها بالعلويين وبجمعة الشيخ صالح العلي ، وبالدروز وبجمعة سلطان باشا الأطرش ،  و بالمسيحين  ، ولكنه لم يأتي على ذكر الكورد وجمعة آزادي ، فهل هذه أيضا كانت صدفة ؟ والثالثة ثابتة كما يقولون  حيث بدأ الجرباء خطابه منوها بالطفلة الشهيدة هاجر من الرستن ، ثم بالطفل حمزة الخطيب من درعا ، والشهيد الشاب الناشط غياث مطر من داريا ، ولكنه وبكل عنصرية لم يأتي على ذكر عميد شهداء الكرد مشعل التمو ، فهل هذا كان  أيضا سهوا ؟  ناهيك عن عدم ذكره لهجمات داعش على الكورد في الجزيرة والمجازر في تل ابيض وتل حاصل وعران .(إن بعض الظن إثم )لذا على الوفد الكردي في جنيف2 أن يكون يقظا ،ساهرا ،حريصا على كل شاردة و واردة  لتثبيت النقاط التي  تم الاتفاق عليه مع الائتلاف الوطني السوري ، واستغلال الموقف الروسي الذي يطالب بضم الكورد و حزب الاتحاد الديمقراطي وهيئة التنسيق إلى المباحثات ..
أما النظام فهو الأخر وعلى لسان رئيس الديبلوماسية السورية ، وليد المعلم  ، حاول أن يظهر في المظهر القوي المتماسك المدافع عن الشعب السوري و الوطن السوري،  ومارس تشبيحه وبكل جدارة على بانكي مون  ،وخاطب كيري وزير خارجية أمريكا بالاسم  قائلا ، سيد كيري  ! لا أحد يستطيع ان يملي إملاءاته على سوريا ، وهاجم الغرب والخليج بدعمه للارهاب والقاعدة في سوريا وبأنهم مسؤولين عن دمار سوريا وإراقة دماء السوريين ، وهو بدوره ذكر مأسي جميع المدن السورية ماعدا المنطقة الكوردية و ما تعرضت له من قبل داعش و أخواتها .
أما دول العالم ، فلقد أصرت جميعها ، أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريا ، لذا فلا بد لجميع الأطراف من الجلوس على طاولة المفاوضات وحل مشاكلها بالحوار والتفاهم ، فلا المعارضة جامعة ، وبطانتها ليست واحدة، ولا تستطع أن تهزم النظام ، ولا النظام يستطع أن يهزمها ، والكل دفع ضريبة كبيرة ولم  يعدا قادرين  على الاستمرار ، بل ستتحول سوريا إلى شبيه بالصومال وأفغانستان وعندها لن يجد السوري مكانا يؤويه وسيكون وبالا على العالم أجمع .
لقد ساهم الجميع في هدر الدم السوري وهدم بلاده ،  وتخريب نسيجه الوطني والاجتماعي وتدمير البنية التحتية له ، والمسؤولية الأخلاقية تقع على عاتق جميع هذه الدول ، والغرب بشكل خاص ، هذه  الدول التي سمحت للنظام وللجماعات المسلحة بأن تمارس جميع انواع الدمار والقتل والتخريب والتدمير بما فيه الأسلحة الكيماوية  و المحرمة الدولية والتي تشير الكثير من التقارير الى علم أمريكا و الروس المسبق لإستخدامها.
أما على أرض روشافا ، وما إدراك ما روشافا ، شعبه صنديد  مضحي ، وشبابه مستعد للتضحية والفداء  ،وبالرغم من إنشاء المجلسين ، وإنشاء الهيئة الكردية العليا ، وتكاتف الشعب حولهم والتصفيق لهم  ،و بالرغم من الأخطار المحدقة بهم ، نراهم  ضربوا بهذه المكتسبات عرض الحائط ، وهكذا انقسم الشعب الواحد وفي ظروف نحن بأمس الحاجة الى الوحدة، فهناك جماعات وتيارات و أحزاب تتناحر فيما بينها ليلا ونهارا، وتحاول أن تتحد ، وهم  قوة لا تستهان بهم ، وفي الجهة المقابلة ، هناك حزب ب ي د  وهؤلاء قوة على الأرض تقاتل و تستميت في سبيل معتقداتها بغض النظر عن  صوابها أو خطأها بالنسبة للخصوم ،وهي تعمل ليل نهار وعلى جميع الأصعدة التعليمية والشبابية والثقافية واللغوية والمالية و الإعلامية والعسكرية والتدريبية  وفي جميع أماكن تواجدها ، وتحارب جماعات داعش وأخواتها وطردتهم من سري كانية وأماكن أخرى ولكن تلاقت مصالحها  مع مصالح النظام على الأرض  وتعمل حسب هذه المصالح ، بينما الطرف الأخر  والذي لا يملك قوة عسكرية على الأرض ترى أن ب ي د تستفرد بكل القوى وبكل المقدرات لذلك لم تشترك معها في الإدارة الذاتية التي أراها منسجمة مع الفكر الذي كان ينادي به القائد عبد الله أوجلان في التسعينات (فيدرالية الشرق الأوسط) وهو بعيد عن الفكر القومي الكردي  بمعناه القومي الضيق ، لذلك فان الإدارة الذاتية هي دون الطموح القومي لدى قسم كبير من أبناء الشعب الكردي ، ولهذا خلت اسم الكردية منها ، لان القومية بمعناها الحرفي قد لا تكون موجودة في فكر و قاموس القائد الأسير عبد الله أوجلان .
أن محادثات جنيف 2 ستكون طويلة وصعبة وشاقة ،  وقد تكون بداية  النهاية للنفق المؤلم والمظلم  ، وقد تفشل ، فالنظام وحلفاءه لن يتنازلوا بسهولة ، بل سيدافعون عن مصالحهم حتى الرمق الأخير ،  وسيخلطون الأوراق تحت جميع المسميات ، والنظام له حلفاءه  داخل سوريا و خارجها ، مثلما له خصومه ،و هو  ورقة رابحة لدى الكثير من الغرب .

لذا فإن الإدارة الذاتية الديمقراطية ضرورة ملحة  لكل مناطق سوريا،ولأبناء الجزيرة والمنطقة الكردية بشكل خاص ، وهي بداية التكوين لإنشاء دولة ديمقراطية لامركزية ، وهي كفيلة بترميم ما تم هدمه من قبل النظام البعثيي العنصري، وهي ضرورية لإشراك كافة مكونات المنطقة ضد داعش و مثيلاتها ، كما إنها  أيضا ضرورية لجلب  السلم الأهلي والرخاء الاجتماعي  والازدهار الاقتصادي  لكل سوريا وللمنطقة الكردية ، نظرا لما عانته  هذه المنطقة من تهميش وإهمال مقصود من قبل السلطة المركزية ، وما طبق بحق الكرد من إجراءات عنصرية واستثنائية  أثرت بدورها على جميع سكان المنطقة من اشوريين وعرب ومسيحيين وغيرهم وجعلت منها منطقة نائية بالرغم من أنها سلة الغذاء و مهد الثروات الطبيعية والحيوانية لكل سوريا ، ولكن هذه الإدارة ستبقى ناقصة وغير كاملة لان قسم كبير من الشعب الكردي وأيناء الجزيرة غير متمثلين فيها ، بالرغم إن المكون الكردي بأمس الحاجة للتكاتف والوحدة ولا يمكن لطرف واحد أن يستأثر بالوطن و بمقدراته و بجميع القرارات ويجب ان يكون الباب مفتوحا أمام الجميع للدخول فيه و تقويته وتصحيح مساره  .
23-3-2013