حسني كدو : خاطرة في نهاية 2013

2013-12-31

سألني صديق هل ندم السورين على القيام بالثورة ؟ هل كانوا يتوقعون هذه الشراسة والإجرام من النظام الذي صفقوا له سنين طويلة ؟ هل يستحق الشعب السوري كل هذه العذابات و المعاناة ؟ لماذا غض الجميع الطرف عن الحدث السوري ، بل لماذا ساهم الكل بتدمير الوطن السوري ؟ هل السوريون خطر على العالم ؟

ثلاث سنوات مرت , والسوريين كانوا يحلمون بنهاية سريعة لمأساة وطنهم ؟ البداية كانت من درعا , أطفال وشباب من رحم حزب البعث ، تمردوا على الظلم ، عشقوا الحرية و غنوا لها ، لم يكن يدركون أو يعتقدون أن رئيسهم الشاب المثقف ، الذي هتفوا باسمه و صفقوا له كما صفقوا لوالده من قبل سيكون بكل هذه القسوة و الإنكار لحقوقهم ومطالبهم . لم يكن يعتقدون بأن الشاب المثقف الذي درس في الغرب ينتمي إلى فصائل و عناصر مؤسسة (مزرعة الحيوان ، مقال سابق لي ).

العدوى انتقلت بسرعة البرق إلى جميع المدن السورية ،عامودا الصغيرة بحجمها كانت بعد درعا ، جل السورين كانوا تواقين للحرية و كان ينتظرون لمن يحركهم ، شرارة 2004 في قامشلوا لم تحركهم بسبب عدم وجود إعلام داعم لها ، وبسبب أفكار و أراء خاطئة توارثوها السوريين من حزبهم القائد ، بينما شرارة البائع المتجول البوعزيزي التونسي ،أوقدت شرارة الحرية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن ، جماهير متعطشة لنسمات الحرية انطلقت بالملاين ، لم تصمد هذه الأنظمة في وجهها طويلا .

تفاءل السوريين الذين كانوا في قرارة أنفسهم ينتظرون بفارغ الصبر لنتائج هذه الثورات ، صفقوا للثوار ولسلمية الثورة ، أرادوها ثورة بيضاء ترد لسوريا وجهها الحضاري الديمقراطي كما كان في أيام الاستقلال ، حناجر وأصوات جميلة اقتلعت وهي تغني للثورة و تطالب برحيل النظام و أعوانه .

ثلاثة أعوام كارثية مرت على الشعب السوري ، لكنهم أصروا أكثر من الأول على انتزاع حريتهم وكرامتهم ، الكلفة كانت باهظة ، والثورة السلمية الجميلة التي كنا نحلم بها لم تعد موجودة إلا في أماكن وعقول قلة من الذين يؤمنون بسلمية الوصول بسوريا وطن لكل السوريين من دون تسلط فئة على أخرى أو جماعة على أخرى.

سنودع بعض ساعات قليلة عاما ثالثا من القتل والدمار والمعاناة ، عاما كنا نأمل أن يكون عام الخلاص من النظام ومن الجماعات التكفيرية الذين عاثوا الفساد وزرعوا ثقافة بعيدة عن سوريا وشعبها . السوريين لن يحتفلوا بالعام الجديد للسنة الثالثة ،لان قلوبهم حزينة على ما جرى لبلدهم من دمار وقتل وتشريد.

سنودع عامنا الثالث على التوالي وشعبنا السوري ذاق جميع صنوف الموت وعذاباته، الموت بالكيماوي وبقطع الرؤوس ، وتحت الثلوج والبراميل المتفجرة ، سنودع عاما كان أشد فتكا وأكثر دجلا و نفاقا وفشلا ، جنيف2 لن يأتي بجديد ، و قد يعقد و يطول من عمر الأزمة وعذاباتها .

أما كورديا و في روشافا سنودع عامنا الثالث وخلافتنا تكاد تراوح مكانها ، هولير 2 برعاية السروك البارزاني و وساطة ليلى زانا وبايدمير لم تلبي مطالب شعبها ، ولكنها بداية وأساس لحل جميع المشكلات والعقد المعلقة ، نأمل أن يحمل معه عامنا المقبل 2014 الحل لجميع طموحات وآمال شعبنا في روشافا، جيش واحد تحت قيادة موحدة ، وإدارة واحدة تدير المنطقة ولا تفرق بين مكوناتها عرقيا او دينيا .

نودع 2013 ونستقبل 2014 ونأمل أن يكون عام خلاص الكرد و الشعوب جميعا من الظلم والاستبداد ،عاما نحتفل بكردستان العراق المستقل ، وعام نحتفل بولادة كردستان الجنوبية وعام نحتفل بولادة كردستان أيران، وعاما يتحرر فيه جميع الشعوب من الظلم والاضطهاد و العنصرية .
ساعات قليلة نودع أحبة ، شهداء فقدناهم في سبيل كرامة الوطن وعزته ضد طغاة اتخذوا مسميات عدة باطلة لا أساس لها .

سويعات قليلة نودع عاما و نستقبل عاما جديدا والسوريين يتشبثون بمقاومة الموت ، وسوريا لم تعد البلد التي كنا نتوق إليه ، لكنها لم تعد سورية الأسد بكل تأكيد، المهمة أصبحت أكثر صعوبة وتعقيدا أمام السوريين الشرفاء الذين قاموا بثورة ضد الظلم و الاستبداد ، بثورة تؤمن بسوريا لكل السوريين ، وعلينا كسوريين حتى نبني وطننا أن نتخلى عن جميع عقدنا و أوهامنا التي توارثناه عن النظام و ممارساته الشمولية العنصرية ، علينا أن نعترف بالفسيفساء السوري الجميل وأن نتجرد من العقلية التسلطية الدينية والعرقية و الطائفية حتى نبني وطنا شفافا ، شامخا ينعم فيه أجيالنا القادمة بالحرية والديمقراطية ، وبدولة تسودها العدل والمساواة والحرية ، وبالتأكيد سوريا المستقبل ستكون مختلفة .



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.