دراسة تستعرض حقيقة الترسانة الكيميائية لنظام الأسد، وتشكك بتنفيذ اتفاق "التفكيك"

نشر موقع التجمع الوطني الحر دراسة عن الوقت اللازم علمياً لتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية في سوريا، ومدى إمكانية تطبيق الاتفاق الأمريكي الروسي الذي حدد منتصف العام القادم موعدا لانتهاء عمليات تدمير الترسانة.

واستعرضت الدراسة بدايات نشوء الترسانة الكيميائية أماكن توزعها وقربها من المحافظات الاستراتيجية في سوريا وأسباب تواجدها، وحقيقة مهمتها والقيّمين عليها.
وفنّدت الدراسة الكثير من البنود الشائكة لجهة إمكانية تطبيقها بالموعد المحدد وبالطريقة اللازمة، مؤكدة استحالة ذلك.
ويقول تقرير "التجمع" إن سوريا تعتبر واحدة من سبع دول في العالم لم توقع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ولكنها عضو في بروتوكول جنيف عام 1925م الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب، ولكن حتى اليوم لم تكشف سوريا عن مخزونها الكيميائي نوعاً وكماً ومكاناً.
كانت حجة النظام السوري في تطويره للأسلحة الكيميائية هو التوازن الاستراتيجي مع السلاح النووي الاسرائيلي.
بدأ النظام السوري بشكل فعلي بتطوير تراسانته الكيميائية في بداية الثمانينات وذلك بعد الأحداث المروعة والشهيرة ضد الاسلاميين السنة بحجة محاربة الإخوان المسلمين بداية الثمانينات وبعد قصف وتدمير مدينة حماه السورية. لم يعترف النظام السوري بوجود الأسلحة الكيميائية لديه إلا في 23/7/2012م وذالك بتصريح عام وعلني للناطق باسم الخارجية السورية.
تشير الدراسات المستقلة أن مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية حوالي عشرة آلاف طن والتقديرات الاستخباراتية القادمة من الداخل السوري ومن طرف حزب الله اللبناني حليف النظام السوري تقدر هذا المخزون بثلاثين ألف طن موزعة على حوالي 49 موقعا في سوريا بشكل شبه متجانس على الأرض السورية وقريبة من المحافظات الكبرى والمواقع الاستراتيجية.
يصنع الخبراء السوريون مدعومين من الخبراء الإيرانيين والروس عناصر الأسلحة الكيميائية التالية: السارين والتابون و vx وأنواع غاز الخردل وتخزن موادها النهائية / ما قبل الاستخدام النهائي للسلاح الكيميائي/بطرق غير آمنة لأنها تفتقر لمقومات المعرفة العلمية الأساسية في التخزين وبالتالي هي من أكبر الأخطار على مستخدميها أو ناقليها أو مناطق جوارها.

*تشكيك بالتفكيك :
بعد التهديد الأمريكي بضرب سوريا بسبب استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية في الغوطة الدمشقية وقَّعت الأمم المتحدة مع النظام السوري وتحت إشراف روسي/أمريكي اتفاقية لنزع السلاح الكيميائي السوري وقد أعلن أن هذا العمل يحتاج إلى حوالي العامين ويحتاج إلى حوالي مليار دولار أمريكي.
وبالفعل بدأت اللجنة الخاصة بالعمل، فهل يا ترى هناك أسباب علمية تؤكد أن مثل هذه اللجنة قادرة فعلاً بقدرتها وعددها على إزالة السلاح الكيميائي السوري وهل يحتاج إتلاف السلاح هذه المدة الزمنية وهذا المبلغ من المال.
وأخيرا هل تستطيع فرق التفتيش رغم الثناء الحسن منها ومن القيادات الغربية على تعاون النظام السوري معها على تفكيك هذه الترسانة برمتها أم تلميع للمجتمع الدولي فقط. سوف نحاول الإجابة على هذه التساؤلات بعد عرض تاريخي بسيط لتاريخ السلاح الكيميائي السوري ونشأته. يمكن لأي مراقب أو مواطن سوري عادي أو حتى أميّ أن يلاحظ أن:
1) إن المراقب لتاريخ تطور تصنيع السلاح الكيميائي السوري يلاحظ أن النظام لم يبدأ بالعمل بالمشروع إلا بعد أحداث حماه الدموية التي قتل فيها نظام الأسد الأب أكثر من ستين ألف مسلم سني في حماه (وتدمير المدينة على أهلها) ناهيك عن الآلاف التي قتلت في بقية المحافظات السورية السنية أو تحت التعذيب في سجون الأسد الأب والابن.
2) عند انطلاق الحركة الاحتجاجية في الثمانيات كاد نظام الأسد الأب أن ينهار لسببين: المعارضة الشديدة من من الأغلبية السنية والخيانات الكبيرة التي تعرض لها من المقربين من عائلته وأولها خيانة أخية الشقيق رفعت الأسد الذي نفي إلى فرنسا بعد سرقة الاقتصاد السوري برمته ومحاولته الانقلاب على أخيه بعد ثبوت مرض حافظ الأسد بسرطان الدم.
3) لم ينقذ الأسد الأب من الثورة آنذاك ومن تورطه في دماء السوريين إلا اتفاقية الدفاع المشترك مع الاتحاد السوفيتي السابق، ومدتها عشرة سنوات حيث أرسلت موسكو الخبراء العسكريين والأمنين لإدارة الأزمة السورية. وبدأت بمساعدة الأسد في مشروعه الكيميائي.
4) أول وأهم عمل قام به الأسد الأب بعد انتهاء أزمته مع الأغلبية هو البدء بإنتاج السلاح الكيميائي بالتعاون مع الروس رغم عدم وجود أي تهديد إسرائيلي لسوريا منذ بداية حكم آل الأسد.
5) بدأ العمل في هذا المشروع بشكل مكثف وبقيت أسراره لفترة كبيرة بيد الضباط المقربين من الأسد ومن الطائفة حصراً. تطور موضوع تصنيع السلاح الكيمياوي من صناعة مركبات الخردل والسارين وأخيرا غازات الأعصابVX وزمرتها والتي تصنف الأكثر فتكا بين الأسلحة الكيميائية.
6) بنظرة عامة على المواقع المكانية للسلاح الكيميائي السوري قبل بدء الثورة السورية عام 2011 نلاحظ أنها موزعة بشكل متجانس حول المدن التي من الممكن أن تسبب خطراً على نظام الأسد في حال تحركها شعبيا أو عسكريا.
7) منذ بدء المشروع الكيميائي لم تذكر لنا حكومة أو وسيلة إعلامية ولا حتى أي ضابط سوري تسريبات أو معلومات أن نظام الأسد قام بتجربة واحدة في مجال تركيب السلاح الكيميائي على الصواريخ البالستية التي من الممكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي. ولكنه قام عشرات المرات بتجربة أسلحته الكيميائية، وذلك برشها من الطائرات على الكثير من الحيوانات لاختبار فعاليتها وتفاعلها مع الوسط والرياح و…..، فيا ترى هل تستطيع الطائرات السورية الوصول إلى العمق الإسرائيلي ورش المواد الكيميائية هناك ؟!!!
قامت إسرائيل بعشرات الاعتداءات على المنشآت السورية منذ بدء المشروع الكيميائي وحتى الآن ولم يتم قصف موقع واحد من مواقع العمل الكيميائية مع أن أماكنها معروفة للسوريين حتى بائع الدخان في الشارع يعرف عن أماكن هذه الأسلحة.
9) لماذا بقيت أسرار المشروع الكيميائي السوري بيد طائفة واحد فقط هي طائفة الأسد ولا يطلع على أسرار هذا المشروع من الطوائف الأخرى الا عدد محدود جدا وفي الحالات الضرورية فقط كالخبرات التي تفتقدها الطائفة.
من خلال ما تقدم يمكن الجزم بأن هذا السلاح الكيميائي ـ ومنذ بداية العمل به وحتى اليوم ـ ليس موجها ضد إسرائيل أو غيرها أبداً وإنما ضد الشعب السوري وخاصة الأكثرية السنية في سوريا.

* أجزاء المشروع الكيميائي السوري:
يتألف المشروع الكيميائي السوري من ثلاثة أجزاء أساسية، وفي حال فشل أحدها يمكن للجزئين الآخرين إعادة بناء الجزء المنهار وهي كالتالي:
1) تركيب الجذور الكيميائية المشكِّلة للسلاح وتحضيرها صناعياً حتى الوصول إلى المادتين الأخيرتين واللتين بخلطهما معاً نحصل على السلاح الكيميائي. وتم ذلك إما بأخذ الخبرات والوصفات مباشرة من روسيا وكوريا الشمالية ثم من إيران، او بإجراء أبحاث في مركز البحوث والدراسات العلمية ومعامل الدفاع.
2) حاملات السلاح الكيميائي ومنها الصواريخ والطائرات والقذائف… وكلها مستوردة من الدول الثلاثة (روسيا، كوريا الشمالية، إيران).
3) الأجهزة والمختبرات والعقول اللازمة لتركيب السلاح الكيميائي على حاملاته ومعايرة كمية السائل الكيميائي مع كمية المادة المتفجرة للحصول على أفضل رذاذ فعال. لم تتم هذه الخطوة أبداً إلا من خلال الرش من الطائرات وكأَنّ السلاح الكيميائي مبيد حشري.

* تفكيك السلاح الكيميائي السوري:
لتفكيك السلاح الكيميائي لا بد من تفكيك البنود الثلاثة السابقة معاً. لأن ترك واحد منها سوف يعيد إنتاج السلاح الكيميائي بسرعة كبيرة جداً. وسوف نناقش كيفية تفكيك هذه العناصر واحداً تلو الآخر ولنحدد أكثرها أهمية والقدرات والوقت اللازمين لهذه العملية.
1) تتألف الأسلحة الكيميائية من مركبات عضوية شديدة الفعالية مرتبطة بمركبات لا عضوية مثل الفوسفور وغيره. وتصنيعها يصنف بانه من الخبرات السهلة والرخيصة للدول (ليست بكلفة ولا تعقيد الأسلحة النووية). من خلال العودة إلى المراجع المتعلقة بتحضير هذه المركبات وصيغ هذه المواد الكيميائية نلاحظ أن أكثر من 90% من هذه المواد تتخرب بإضافة القلويات المركزة إليها، حيث تتحول إلى شكل من أشكال المبيدات الحشرية والفطرية. مثلاً لتفكيك العناصر الكيميائية الفوسفورية بشكل عام ومنها السارين وغيره يكفي تفاعلها مع ماءات البوتاسيوم المركزة لنخرجها خارج نطاق الأسلحة الكيميائية الفتاكة.
2) يجب تعطيل القدرة العسكرية المخولة بحمل هذه الأسلحة وأهمها القدرة الجوية وما يتبعها (الطائرات والصواريخ القادرة على الحمل و…) لأنها المعدات الأساسية التي تمكن النظام من نقل واستعمال وتمويه السلاح الكيميائي وغيره.
3) تحييد الخبرات البشرية المحلية والخارجية والتي يمكن أن تساعد في تحضير السلاح الكيميائي أو تركيبه في حاملاته أو… والحل الأمثل لذلك هو نقلها خارج البلاد.
من وجهة النظر العلمية أهم عامل من عوامل تفكيك السلاح الكيميائي هو السيطرة على الخبرات وخاصة أن تصنيع المواد الداخلة في السلاح الكيميائي لا يحتاج لوقت وكلف مادية مرتفعة وسهل نسبياً، فإذا توفرت الخبرات اللازمة يمكن إعادة بناء الترسانة الكيميائية بسهولة كبيرة وخاص أن الخبرات البشرية مدربة مسبقاً.
بشكل عام أقل وقت يحتاجه المفتشون (إذا كان عدد المفتشين حوالي 30 شخصاً) لتخريب السلاح الكيميائي السوري وإبطال مفعول هذا السلاح هو شهر واحد فقط إذا وافق النظام على عمل المفتشين بحرية ويسر. ويحتاج تخريب حاملات السلاح إلى حوالي ثلاثة أشهر. أما تحييد الخبرات فإنه يحتاج لوقت كبير نسبيا لعدم توفر معلومات كافية عن الأشخاص ذوي الخبرة والذين ساعدوا أو يستطيعون مساعدة النظام على إنتاج هذه الأسلحة المدمرة، وهل هم ضد النظام وتصرفاته أم مع النظام إلى الآن وخاصة أن أغلبهم من طائفة رأس النظام.
إن عدد الخبراء (المفتشين) ونوعية خلفياتهم العلمية لا تبشر بالخير لأنها تفيد بأن مهمتهم تخريب المادة الكيميائية للسلاح الكيميائي فقط وليس لهم علاقة بتاتاً بحاملات السلاح الكيميائي أو بالخبرات المصنعة. ويمكن للقارئ مقارنة هذه اللجنة عدة وعددا وخبرات ومهام واللجان التي قامت بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية في عهد صدام حسين ويلاحظ مدى تفاهة واستهزاء العالم بقضية الشعب السوري ومصابه. مع العلم أن ترسانة النظام السوري من السلاح الكيميائي تفوق ترسانة العراق في عهد صدام بأكثر من مئتي ضعف. من خلال ما سبق يمكننا أن نلاحظ أن عملية التفكيك برمتها فاشلة وهي بشكل عام إما لإخراج الولايات المتحدة من تحت عار الخطوط الحمر فقط أو تلميع إعلامي للعالم المتحضر أمام الشعوب بعد مشاركتهم أو سكوتهم عن حرب الإبادة التي يشهدها الشعب السوري.
وأخيراً إنني أجزم أنه بعد خروج هؤلاء المفتشين (إن صدقوا في تخرييب مواد الأسلحة الكيميائية) بأسبوع واحد يمكن للنظام السوري تصنيع عشرة طن من غاز السارين إذا أراد ذلك.



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.