حوار أدبي مع القاص أياد خضير الشمري

2013-11-13

حوار أدبي مع القاص أياد خضير الشمري في منتصف السبعينات كانت بدايته في دخول عالم القصة و الرواية نشر كم هائل من القصص القصيرة في مختلف الصحف العراقية و الآن ازداد نشاطه أكثر و أكثر بعد عام ألفين و ثلاثة و تمكنت أنا من إجراء هذا الحوار القصير.

# أستاذ أياد ممكن أن نعرف متى كانت بدايتك .. ؟؟
ج-- كانت البداية في عام 1972 بداية تشكيل شخصيتي الثقافية ورؤيتي المعرفية فكنت في هذا العام قد بدأت بالقراءة النهمة والعميقة للكثير من النتاج الثقافي وخصوصاً النتاج الأدبي والمعرفي للمدرسة الوجودية واستمرت هذه المرحلة المهمة في حياتي إلى العام 1975 وقد ألقت بظلالها وآثارها على توجهاتي وكانت لها بعض الآثار السلبية ولكن بفضل تنوع قراءاتي وإطلاعي الموسع على الأدب الواقعي بعد عام 1975وكما تعرف ثراء هذا المذهب الأدبي وغناه الفكري والمعرفي فقد ساعدني في تهذيب النزعة الوجودية العارمة رغم ما فيها من التزام وعمق تجاه قضايا الإنسان وآلامه من هذه التفاعلية بين الاتجاهين تبلورت شخصيتي الأدبية فأستطيع القول بأني وجودي الرؤية واقعي الموقف وهذا ما يتجلى في نتاجي الأدبي بعد مرحلة التكوين ظهرت أول قصة لي بعنوان الحاجز نشرت في جريدة الراصد من العام 1977 لتكون نتيجة لهذه المخاضات المعرفية بين الوجودية العارمة والواقعية الهادفة.
# ما هو جديدك الإبداعي في مجال القصة أو الرواية .. ؟؟
ج-- الجديد هو مجموعة قصصيّة بعنوان (شباك ممزقة ) معدّة للنشر تتكون من 22 قصة قصيرة متعددة المناهج والتوجهات فمنها القصة الواقعية ومنها ما يركز على عنصر الحادثة فيشرحها تشريحاً سرديا وأخرى ترتكز في بنائها على الشخصية الفاعلة فترسم بدقة ووصفية عالية ولا نغفل القصة ذات الطابع الشعري التي تظهر صراع الذات ومشاعر الشخصية .. وأيضاً روايتي المعدة للنشر ( إشراقات لن تغيب ) التي أرّخت أحداث فترة جوهرية ومهمّة في تاريخ العراق المعاصر بعيداً عن الميول والاتجاهات فكانت عملاً بانورامياً يحمل في طيّاته صوراً حيّة لمفردات الحياة وذاكرة المدن فهي رواية تسجيلية مركبة من تفاعل رواية الحدث القائمة على غلبة العنصر المكاني والرواية الدرامية التي تقوم على غلبة العنصر الزماني بتوازن بين قيمة الحدث ودور الشخصية في النسيج الروائي
# ممكن أن تحدثنا عن نتاجك الأدبي الذي أصدرته في الفترة الأخيرة .. ؟؟
ج -- أصدرت مجموعة قصصية صدرت عن دار الرند في سوريا بعنوان (النهايات) تحتوي على 21قصة قصيرة متنوعة الموضوعات والاتجاهات وقد نالت استحسان النقاد فلقد كتب عليها بعض الدراسات النقدية تناولت جوانب أسلوبية وفكرية احتوتها قصص هذه المجموعة أما آخر إصداراتي فهي رواية (الأجنحة البيضاء) والتي كانت خلاصة تجربة حياتية وموقف وطني إزاء قضايا الوطن والشعب وكانت تسجّل تفاصيل الحياة ما بعد 2003 والمنعطفات المهمة كتظاهرات 25 شباط وواقع المثقف العراقي والمشاكل الاجتماعية والصراعات الإنسانية على مستوى الشخصية أو مابين الشخصية والمحيط لهذا لقيت هذه الرواية أصداءً واسعة فقد كتب عليها ستة نقاد ونالت الدراسات النقدية استحسان القراء لأنها سلطت الضوء على جوانب مهمة في هذه الرواية التي اتفق جميع النقاد على قيمة مهمة حملتها الرواية ألا وهي الدالة الوطنية والحرفة الفنية من حيث بناء الشكل أسلوبياً ونجاحه في تجسيد المضامين الفكرية والأهداف الإنسانية ضمن النسيج الروائي ...
# لكل إنسان مبدع نجد من يسانده فمن ساند الأستاذ أياد في صقل هوايته و انطلاقه .. ؟؟
ج-- قد لا أجافي الحقيقة إذا قلت أن أكثر من ساندني هو (الكتاب ) الذي يعده الشاعر العظيم أبو الطيب المتنبي (خير جليس) فالكتب التي قرأتها وانصهرت في عوالمها وتفاعلت معها كانت بحق هي الصديق والصاحب الذي أمدني بالكثير من الوعي وصقل موهبتي ومنحني دفقاً معرفياً هائلاً فقد تستغرب فأنا حين أبحر في عوالم تشيخوف كنت أشعر بأنه صديق لي يحاورني بما يكتب كذلك غوركي أو كافكا أو سارتر أو دوستوفسكي من هنا كانت انطلاقتي وأنا مدين لهذه القامات الإبداعية بالكثير كذلك بعض أصدقائي في مرحلة الشباب كانت لملاحظاتهم ونقاشنا المستمر أثر فيما وصلت إليه ...
# تأليف القصة القصيرة يعتبر صعب للغاية وأين برأيك تكمن صعوبة هذا الفن الإبداعي ؟؟
ج -- صعوبة تأليف القصة يكمن في عدّة معطيات منها ما هو شكلي أسلوبي ومنها ما هو مضموني فالقصة القصيرة هي عمل فني ينقل بأسلوب أدبي حادثة حياتية ذاتية كانت أم جمعية بأسلوب مكثّف وبلغة سردية أو حوارية عالية الصياغة تعتمد شدّ المتلقي وأيضاً البناء الفني من حيث عناصره المهمة كالشخصية وأبعادها والحدث وتأثيراته على الشخصية وعنصر الصراع الذي يكثّف حركية الحدث في القصة كل هذا ينصهر ضمن النسيج القصصي (الحبكة )التي هي بؤرة شد وتماسك العمل القصصي ولا نغفل (الذروة القصصية) التي هي مؤشر قمة خط تنامي الأحداث والتي يكون بعدها منحنى الأحداث يتجه صوب النهاية أو ما يعرف بالحل والتي تكون (الضربة) التي تضفي عنصر الإدهاش وانفتاح أفق التوقعات وهذه الضربة هي لحظة تنويرية في معظم الأحيان تكون كاسرة للتوقع وتختلف في قوتها ودهشتها من كاتب لآخر فمن كل هذه المعطيات يتجلى مدى صعوبة وحرفية بناء وإنتاج عمل قصصي يكون وفق معايير إبداعية وتكمن رداءة العمل القصصي في إغفالها أو بمعنى أدق عدم تمكن القاص من هذه الأدوات ...
# نجد أن القصة القصيرة الواقعية هي السائدة فلماذا لا يوجد اهتمام بالمجالات الأخرى للقصة القصيرة كالعاطفية أو الخيال العلمي أو غيرها .. ؟؟
ج -- هناك باعتقادي أسباب مهمة لهذا التوجه منها ما يرتبط بالمنظومة الاجتماعية وتكوين القاص ونشأته في البيئة الشرقية وما يعانيه القاص من مشكلات وما يواكب من أحداث تلقي بظلالها على نتاجه القصصي ومنها أن القاص الشرقي يتأثر بما يحيط به من أحداث مجتمعية كلها أسباب لشيوع القصة الواقعية ولا نغفل إنها تكون قريبة ليس من النخب الأدبية بل من طبقات المجتمع البسيطة مما يؤدي إلى نجاح مهمة القصد في الكتابة وهو المتلقي على الرغم من شيوع القصة الواقعية هناك الكثير من التوجهات القصصية فلا تخلو مجموعة قصصية من قصص ذات طابع رمزي أو شعري (عاطفي) أما الخيال العلمي فهو لا يتطابق منطقياً مع طبيعة المجتمعات الشرقية ومنظومتها المعرفية.
وبنائها الطبقي كون هذا النوع من القصص أقرب ما يكون لأدب الطفل أو في مجتمعات تعتمد المعرفة البحثية والفتوحات العلمية كأوروبا أو الولايات المتحدة أو اليابان ...
# من خلال متابعتي لنتاجك الأدبي وجدت أن لديك ملكة نقدية تجلت في ما تنشر من دراسات أو مقالات نقدية كيف تكونت هذه الملكة أستاذ أياد .. ؟
ج -- كما هو معروف أن النقد الأدبي هو فن أيضاً يعتمد على الذائقة والموهبة تتأتى لإنسان دون آخر وتصقل هذه الموهبة بالدربة والمعرفة والثقافة الواسعة وأنا رغم موهبتي القصصية لكنني لدي رؤية وملكة نقدية وأعمالي تخضع لمعياري النقدي فتمر ضمن مؤشر التحليل النقدي والتقويم الفني قبل أن تنشر فأعمالي قد مرت ببسترة نقدية تزيل منها الكثير من الشوائب وتجدني كثيراً ما أمزق بعض ما أكتب و لا أنشر إلا ما يكون قد نال التقويم النقدي والرضا ومع نقدي المستمر وتشذيبي لما أكتب فلقد صدرت لي دراسات نقدية عدّة تناولت دراسة نتاج أدبي لمجموعة من الأدباء المبدعين سواءٌ كان شعراً أم نثراً وقد نشرت جميعها في الصفحات الثقافية للصحف والمجلات العراقية والدولية وعلى بعض المجلات والصحف الإلكترونية كان آخرها دراستي المهمة على ديوان الشاعر المبدع جواد الحطاب (بروفايل للريح .. رسم جانبي للمطر) ودراسة على ديوان الشاعر حسن البصام (وشم على جبين نخلة ) وعن ديوان الشاعر قاسم محمد مجيد الساعدي (مدونة مفلس) أما الأعمال القصصية والروائية فلي دراسة على روايتي الأديب الراحل رحمن سلمان (النبوءة وأكفان حريرية ) وأيضاً على مجموعتي القاص علي السباعي (الزمن الراقص وزليخات يوسف ) وهناك الكثير من الدراسات لا يسع المقام لذكرها.
# ما رأي النقاد بنتاجك الروائي والقصصي أستاذ أياد ؟
ج -- كما ذكرت آنفاً أن نتاجي الأدبي نال اهتمام النقاد من خلال الدراسات على عملي الروائي الأجنحة البيضاء وهذا يدلل أن العمل الأدبي الذي يحظى باهتمام النقاد يكون ذا قيمة جيدة ويكون حافز للكاتب أن يبدع أكثر وكان النقاد الستة الذي كتبوا على روايتي قد استحسنوها و أضاءوا جوانب مهمة في العمل كما كانت هناك دراسات نقدية تناولت بعض قصصي القصيرة مثل قصة (شباك ممزقة ) أو قصة (الحدس) أو ما تناول مجموعتي القصصية (النهايات ) فلقد كان في مجمله نقدٌ بناءٌ من خلال الإشارات القيمة التي رصدوها حول أعمالي ويبقى هناك شيءٌ مهم أن العمل الأدبي لا ينال الإجماع الكامل فهناك من ينطلق من موقف شخصي أو اختلاف فكري فيما يكتب من نقد حول الأعمال الأدبية ويبقى لكل ناقد وجهة نظره تجاه العمل الأدبي.
# لو سألناك أستاذ أياد ما هي قراءتك للمشهد الثقافي في العراق فماذا سوف تجيبني .. ؟؟
ج -- المشهد الثقافي في العراق هو مرآة عاكسة للمخاضات التي يمر بها المجتمع العراقي فأنا أرى أن الحراك الثقافي يمر بحالة بلورة وتكوين رغم الفوضى التي تلوح في ثناياه فمن هذه الفوضى نجد بعض الطارئين أو من تنقصهم الموهبة والرصيد الثقافي فأصبحت هناك فوضى المطبوعات على جميع الأصعدة فكما هناك برز الشعر الرديء الذي لا ينبع من غنى التجربة وعمق المعرفة ظهرت أقلام تكتب القصة أو الرواية وهي تفتقر غلى الكثير من مقومات العمل الإبداعي من حيث المتن الحكائي والروائي أو الحرفة والموهبة وما يرعب أكثر هو ظهور أقلام نقدية تجتر بعض المقالات المترجمة من دون الغوص والمعرفة العميقة والثقافة العالية فتجد ناقداً لا يعرف أساسيات قواعد اللغة العربية وآخر لم يدرس أبعاد علم اللغة والبلاغة والأسلوب فيكون أشبة ببغاء يردد ما يقرأ من كتب مترجمة ويشكل قوالب جاهزة مجرد أن يغير العناوين والأسماء لتكون قوالب متكررة بل الأدهى من ذلك أن بعض الدراسات النقدية تحتاج إلى شرح وتوضيح وهذا يجافي مهمة النقد الذي هو يضيء جوانب العمل الأدبي لكن على الرغم من ذلك هناك قامات إبداعية تغني المشهد الثقافي بما ترفد به من نتاج يستحق القراءة والإعجاب وتركت بصمات إبداعية مضيئة شعراً ونثراً ونقداً وفي كل مجالات الثقافة كالتشكيل والموسيقى وغيرها من الفنون.
شكرا أستاذ إياد على هذه المعلومات الرائعة و المختصرة
حسين علي غالب



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.