حسني كدو : زمن الحمائم و الحكمة

2013-10-22

ثورات الربيع العربي وما آلت اليه في كل من ليبيا وتونس ومصر واليمن وما ستؤول اليه في سوريا أفضت الى تغيرات شكلية وأخرى حقيقية في بنية بعض الأنظمة للدول الاقليمية والى تغيرات في سيكولوجية بعض الدول التي كانت ولا تزال رائدة في مجال حقوق الانسان في نظر دول العالم الثالث ، وخير مثال على ذلك الانتخابات الايرانية التي ينظر الكثيرين اليها على انها شكلية ولكنها في الواقع تغيرات قد تكون جوهرية .

إن إنتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني غير المتوقع ومن ثم إختيارفريق الحمائم وعلى رأسهم جواد ظريف (الذي درس في جامعة كولورادو وقدم إطروحته لنيل الدكتوراة حول عدم منفعة و جدوى السلاح النووي ) مهندسا للسياسة الخارجية الايرانية ورئيسا للبرنامج الايراني النووي بدلا من شلة المحافظين المتشددين انصار احمدي نجاد أكبر دليل على تبديل الذئاب بالحمائم .
لم يمض جواد ظريف كثيرا من الوقت في مكتبه المؤثث برتابة بسيطة ، حتى بادر الى الإجتماع مع مهندس السياسة الأمريكية جون كيري ومجموعة خمسة زائد واحد بالإضافة الى المانيا لإستئناف المفاوضات المتوقفة بشأن برنامج ايران النووي ،لقد كانت المفاوضات إنفراجا دراماتيكيا بعد الزوبعة الهجومية السحرية للرئيس حسن روحاني ،الذي هاجم اسرائيل التي تملك ترسانة نووية غير معلنة ،وتغض العالم الطرف عبها ، وحذرها من اي تهديد لمنشأتها النووية أو أي هجوم عليها ستجعل من منطقة الشرق الأسط منطقة حرب ضررس ، خاصة جراء ما يحدث في سوريا بين الشيعة المدعومين من ايران والعراق و النظام السوري وبين السنة و من خلفها السعودية ودول الخليج ، وإن المنطقة أقرب الى حرب أقليمية منذ الحرب العالمية الثانية.
ما تأمل ايران من الحوار أبعد بكثير من مسالة برنامجها النووي ،كونها الداعم والحليف الرئيس للنظام السوري ، وهناك الالاف من عناصر قوات الحرس الثوري الايراني التي تقاتل في سوريا لدعم نظام الاسد ،بل الأكثر من ذلك القوات الايرانية هي التي تتحكم في كثير من العمليات العسكرية ، وترى ايران بارقة امل وطوق النجاة لها ولحليفها نظام الاسد في حماس الامم المتحدة لتدمير ترسانة النظام السوري من السلاح الكيماوي وبالتالي الجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف2، وهي تلح وتشيد بتعاون النظام مع هيئة المفتشين ، وبنفس الوقت تخطط وتقاتل مع النظام لكسب المزيد من الارض على جبهات القتال في ريف دمشق والقلمون وريف حمص وبنفس الوقت ومن خلال الد يبلوماسية الهادئة و المرنة وبدعم من روسيا والصين تحاول ان تحضر جنيف2 وتكون جزء من الحل وليس جزء من المشكلة على قاعدة لا غالب ولامغلوب مقابل الاستقرار والسلام ومع بقاء دعامة بنية النظام الرئيسية في سوريا و بقدر من اللامركزية الادارية والسياسية وقد تكون من دون وجود دور لعائلة الاسد .
على مدى العقدين الماضيين ، بذلت الديبلوماسية الخارجية الامريكية و معها السعودية جهودا كبيرة لفطام سوريا عن المدار و المسارالايراني ، ولكن هذه الجهود بائت بالفشل ، ويا لسخرية القدر ، هذه الديبلوماسية تعمل الان على سياسة العكس والتى قد تمثل فرصة محيرة في مقابل إنهاء ايران دعمها لنظام الاسد والتخلي عن إنتاج اليوناريوم عالي التخصيب وبالمقابل تقوم امريكا وحلفاءها بالتخلي عن العقوبات المفروضة على ايران ، والافراج عن الاصول المالية الايرانية المجمدة العملاقة ، وعودة ايران الى الحظيرة الدولية ، و بالتالي المجتمع العالمي و الدولي وهذا يقضي على كل أمل اسرائيلي بضربة إستباقية لبرنامج ايران النووي ، ومن ثم إنهاء الصراع الدموي العنيف في سوريا وبناء دولة ديمقراطية لكل السوريين دون إستثناء لأية طائفة أو قومية .لقد حان الوقت لقطاف ثمار هذه اللحظة التاريخية الحرجة بالنسبة لجميع الفرقاء و تجنيب المنطقة نحو الانزلاق الخطير و المدمر، والرابح الأكبرعلى المدى القريب هو الشعب السوري بعمومه .

21-10-2013
حسني كدو



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.