حسني كدو : حكاية طفلة إسمها كردستان

2013-08-26

 كردستان إسم وجغرافية منطقة قديمة قدم التاريخ ، فيها رست سفينة نوح على جبال جودي ومنها انطلقت البشرية الثانية ،وكردستان إسم فتاة  مدللة ،غاية في الغنج و الجمال والغنى ، عشاقها بالملايين ومهرها أنهار من الدماء ،هذه الطفلة الصغيرة نزحت مع اهلها أبان حرب الأنفال والكيماوي عليها ،ولكثرة سماعها لخطورة إسمها على دول الجوار ، أخفت إسمها وبدلته في نقطة عبور حدودية عندما سألها العسكري التركي " ما إسمك يافتاة ؟

وقفت الأميرة الصغيرة برهة والدموع في عينيها ، ثم قالت إسمي "شمال العراق " ثم مرت الايام والسنين ،وزهت كردستان واضحت كبيرة وجميلة الجميلات ،وقبلة للعشاق وعندما عبرت كردستان  الحدود ثانية ولكن بجواز سفر كوردي  ، لم يسألها موظف الحدود التركي عن إسمها ، إلتفت هي إليه ،منتقمة ، قائلة إسمي كوردستان .

كردستان الام  المهمشة ، المجزأة التي تكالب عليها الأصدقاء قبل الأعداء منذ بدء التاريخ والى يوما هذا ، لم تعرف الملل ، لم تقهر ، لم تتعب ، بقيت تناضل وتكافح ، تثور ضد مغتصبيها في جميع الأجزاء والإتجاهات . هامات وقامات ناضلت وقاتلت في سبيل الحفاظ على كرامتها وشرفها ، مجازر كبيرة لا مثيل لها ارتكبت ضدها، الأنفال والكيماوي لم تزعزع صمود برزان وبشمركتها ، بقيت كوردستان الأم والطفلة المدللة الحلم والأمل لكل كوردي وطني شريف .
حكاية كوردستان تختلف عن حكاية مثيلاتها من الشعوب والأمم الأخرى ، فهي محاطة بشعوب  عربستان وايرانستان وتركستان وهذه الشعوب لم تتحرر بعد من عقدها القومية و من نفسها ، تختلف مع بعضها البعض ، تتقاتل مع بعضها البعض ، ولكنها تتأمر معا ضدها ، تحبس أنفاسها ، تخنقها ،تمارس وتطبق عليه أنكى وأنجع أساليب الفناء والدمار، غير إنها تبقى عزيزة صامدة عفيفة،تجدد حيويتها وتنطلق من جديد بالرغم من نزفها المستمر.
هذه كوردستان وهي اليوم تدخل التاريخ بخطوات  حثيثة ،مدروسة ومحسوبة ، فهي التي ذاقت مرارة معركة جالديران و سايكس بيكو، وهي التي ذاقت تقسيمها وتقطيعها إلى أربع أجزاء ، وهي التي تنفست بهواء سيفر ولكن لوزان كانت لها بالمرصاد ، وهي نفسها التي ثكلت بجمهورية مهاباد ، ثم رثت وبكت انهيارها بخيانة حاميها الروس وإعدام قائدها قاضي محمد ، وهي نفسها التي شاهدت عودة وزير دفاعها وغضنفرها الى عرينها بعد سنوات في المنفى الروسي ، وها هي اليوم منارة وشعلة وعاصمة لجزء فعال ومهم يقودها قائدا  شهما ،شجاعا ، حكيما ، متزنا و عزيزا على قلب كل كوردي شريف .
واليوم تتجه أنظار الكورد قاطبة الى مهد رفيق درب قاضي محمد ، الى درب ومهد برزان وعاصمتها هولير ، بقلعتها الشامخة ، وبصورة صقرها الأبي الخالد مصطفى ، وقصيدة فطحل الشعراء ترن في الأذان 
بإسم الأمين المصطفى من أمة بحياته عند التخاصم تقسم .
سلم على الجبل الاشم وعنده من أبجديات الضحايا معجم .
ياموطن الابطال حيث تناثرت قصص الكفاح حديثها ،والأقدم .
 
 و هاهي الطفلة كوردستان قدنمت وكست عظامها وزينت نفسها بالوان زاهية وأصبحت أما ومنارة للجميع ، ولم تعد تخجل من إسمها أو تخاف على نفسها  ، بل أصبحت تقارع خصومها بكل قوة ومنعة ، وهي تستعد لتستقبل أبناءها من جميع الأجزاء بكل محبة و رحابة صدر،وكلنا أمل بأن ينعقد المؤتمر الوطني القومي الكوردي الذي طال إنتظاره منذ نصف قرن  ، وأن يجد حلولا لخلافات الكورد ومهاتراتهم ، ويضع حدا للمؤامرات التي تحاك ضد الكيان الكوردي من كل صوب و حدب .
نتمنى إنجاح المؤتمر ونتمنى من اللجنة التحضيرية أن تكون  وجدول أعمالها على مستوى الحدث ، وعلى مستوى الأنظار التي تتجه إليها وأن تكون إختيارها للشخصيات الوطنية الكوردية حسب الكفاءات وحسب السيرة القومية الوطنية لهذه الشخصيات ، وليس الواسطة والعائلة أوالالقاب التقليدية المزيفة ، فتجار القضية كثر ، والإنتهازيين والميكافيلين أكثر وكان لهم صولات وجولات في القاهرة والاردن  و لبنان وتركيا ، وبعضهم وقعوا مواثيق مع أعداء الكورد، وبعضهم بحثوا ولايزالون عن صفقات فوق دماء الكورد وجرحاتهم و مأسيهم .
 
ثانية ، نتمنى النجاح الكامل للمؤتمر ولجدول أعماله ،و نتمنى أن يكون شاملا لجميع فئات الشعب الكوردي من مثقفين و كتاب ، عمال و فلاحين ،علماء دين ، وجهاء وطنيين،أطباء ،مهندسين ،مدرسين ، مستقلين و نساء ، وكلنا ثقة بان رئاسة الإقليم ومن باب حرصها على الكورد وكوردستان والشخصيات الوطنية في اللجنة التحضيرية والمخلصين ضمن الأحزاب والمستقلين من الشرفاء لن يسمحوا للمرتزقة تجار القوميةبحضور المؤتمر أو وضع لمساتهم القذرة على نتائج المؤتمر الوطني القومي الكوردي المنتظر منذ عقود.
 
حسني كدو
25-8-2013
Hezni.gadoo@hotmail.com
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.