إدريس سالم : الدبلوماسيّة والرومانسيّة في حياة الروح

 لم أرَ حياةَ الروح

إلا أنّني أعلمُ أنّها مَلاك
لم أسمعْ صوتَها
ومتخمّرٌ لسماعها
إلا أنّني أعلمُ أنّها عصفورةٌ لا تُرنِّمُ إلا الشفاء
فملائكُ البشرِ ملائكٌ إلهية، نورانية
إلا ملاكي، فملاكي من البشر
تدعى "سلام"، ملاكي سلام
سلام..
عيناك تجعلُني أتفكّرُ طويلاً...
بكلّ عينٍٍ لونُها أخضر
فلو خُيّرْتُ خمورَ الكون
بغير عينيك لن أسكر
فأنا البديعُ في كلّ شيء
فاقتربي لأتيهَ بك، وأتوهَ فيك 
ودبلوماسيٌّ في سياسة الانحناء
فأنا حتّى الآن لم أنحني لأيّ حوّاء
 
مذبوحٌ في روضة شفتيك الزهريتين
ودمي ينسعبُ في صدرك
الصدرُ الذي يتآنثُ منه رومانسيتيّ، ودبلوماسيتيّ
في فراشك كطفلٍ صغيرٍ نائمٍ أستحسر
في عذريتك المريمية أتقدَّس
في الماء الذي تغسلين به قدميك أتوضَّأ
وفي عينيك بلونهما الأخضر
أحسُّ بأنّي سأتلصّصُ فيهما فنَّ اللصوصية
لك حوَّاسي الخمس!
بحاسّة الشمّ: سأشمُّ عطرَ جسدك
وأكونَ عطّاراً
وبالذوق: سأتذوَّقُ المذيَّ في شفتيك
وأستنضَّهُ شيئاً فشيئاً!
لأكونَ مُتذوِّقاً
بحاسّة البصر: سأستمتعُ، وأمتِّعُ ناظريَّ
من حُسنك، وهبرزيتك
وأكونَ واحياً، وبصيراً لمستقبلك
وأرسمُكِ صورةً لا تُباعُ حتى بالمليارات،
ولا من كلّ النقود، الدراهم والدنانير
وأكونَ لك رسَّاماً
وباللمس: سألمسُ خدودَك، وجنتيك،
خُصَل شَعرك المُسترسِل، وتلبُّكَك
الشاماتِ المرسومة على ظهرك
وأراقصُكِ ويداي، ماذا أفعلُ بيداي؟!
اليدُ اليُمنى سأضعُها في خصرك الجذَّاب
واليُسرى ملفوفةٌ حولَ عنقك المُدبَّج
بطوقٍ من ورود الياسمين
رقصة أمامَ نورِ السراج
بعيداً عن الفوضى، وضجيجِ التمرُّدِ، والعصيان!
وأكونَ راقصاً
وبالسمع: سأسمعُ أغانيك
بحسيسِك الهادئ الدافئ
لأكونَ مُوسيقياً، ومُوسيقاراً، ومُستمعاً
وأسردَ ما تبقّى فيك أدباً خالداً
فكوني فعلَ مضارع
لأكونَ فعلَ أمر
 
حقّقْ ما في نفسي يا الله، وما أشاء 
أنْ أراها وهي لابسةٌ الإتْب
وأسمعَ صوتَها
فأنا لم أكنْ أتصوّرُ أنَّ الملائكةَ تتكلّم
وأنْ أبكيَ في حضنها حتى لو كنتُ رجلاً
وألا ترضعُني إلا طُهرَاً، وحبَّاً
وأتّحدَ معها روحاً في روح
وجسداً في جسد
فالنأيُ يتنهَّدُني كأوتوقراطيٍّ جبَّار
حقّقْ ما في نفسي يا الله، وما أشاء 
أنْ أكونَ نزيلَ منزلها لسبع ليالٍ
حارسَاً يحميها
لتنامَ، وتهدهدَ في نومها
ساقياً يسقيها عندمَا تؤوم
وأكونَ نسَّاجاً أنسجُ من أجراس كلماتي
السلامَ.. الراحةَ الأبديةَ.. الأمانَ.. والحنان
الحنان الأبويّ الذي لم تذوقْ طعمَه
حقّقْ ما في نفسي يا الله، وما أشاء 
أنْ أجالسَها.. أغازلَها.. أحاورَها.. أمازحَها.. ألاعبَها..
ألاطفَها.. أزاعلَها... وكلّ شيء
أقبِّلَ كفَّتي يديّها 
كأميرٍ، وأميرةٍ في عرشيّ القرآن، والإنجيل!
حقّقْ ما في نفسي يا الله، وما أشاء 
أنْ أكونَ آلكاً من أجلها
آلكاً يؤدّي ألُوكَته
بحقّ هذه الإنسانة
التي تكمنُ الإنسانيةُ فيها
الإنسانة التي تعبدُ كلَّ الإلاهيات.. 
إلاهيات الإله
بدبلوماسيةٍ، ورومانسيةٍ صادقة، ومتأمِّلة
فأهلاً وسهلاً بك يا سلام
في حضرة جمهورية كايا
الشابُّ الكرديُّ الذي أَحبَّك أنتِ، ومدينتُك قامشلي   
 
اشهدي يا قامشلي
أنّني أستولدُ منك حبيبتي 
وفي رحمِ أنوثتك ولّديها
وأرضعيها من نهديك
فإنْ كانتْ كلُّ الفتياتِ التي تنجبينها 
كملاكي "سلام"
فتوالدي، وتوالدي، وتوالدي...
إلى أنْ تتلقَّبي بأمّ البنات
وأوصليني ببساط الريح
إلى سين السلام
ولام اللقاء
وألف الأمان
وميم المُراهق
فكم من حمدُ لله أنّني الآنَ لستُ من الندامى!
وكم من حمدُ لله أنّني أحبُّك يا قامشلي 
عُذراً...!!
أحبُّك يا سلام 
 
انتهت القصيدة
 
الإهداء: 
القصيدة مُهداة إلى الأخت، والصديقة، والرائعة بكلّ شيء بإيمانها وعقيدتها وتمسّكها بمبادئ الأدب، والأخلاق، والإيمان: (سلام رمضان)، جعلها الله لي ملاكاً
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.