لقاء خاص مع عضو المكتب التنفيذي لاتحاد القوى الديمقراطي في سوريا "سعيد وادي"

2012-08-28

في لقاءٍ خاص مع عضو المكتب التنفيذي لاتحاد القوى الديمقراطي في سوريا
"سعيد وادي" يُصرّح لاتحاد الصّحفيين الكُرد: «المجلس الوطني الكُردي يتلقى تعليماته من الطالباني والمالكي، والآخران على اتصال مع"طهران"»
    
حوار: فريد إدوار وليلى سارة

منذ بداية الثّورة السّوريّة رفعوا شعار إسقاط نظام الأسد في تظاهراتهم الإسبوعية بمدينة قامشلو؛ لكن لم يجدوا من يقف إلى جانبهم من قياديي الأحزاب الكُردية الأخرى (بحسب قولهم)، حاولوا كثيراً توحيد رؤى الشارع الكُردي وموقفه من الثورة السورية، لكن دون جدوى، لذلك أداروا ظهورهم للمجلس الوطني الكُردي الذي خذلهم (كما يقولون) وانضووا تحت راية اتحادٍ خاصٍ بهم عُرِفَ باسم اتحاد القوى الديمقراطي في سوريا. ما هي هذه الحركات والتيارات، وما مطالبهم، وما الخلافات التي حالت دون انضمامهم للمجلس الوطني الكُردي، وهل هم مُقتنعون أساساً بخطاب هذا المجلس؟؟ كل هذه التساؤلات إلى جانب أسئلةٍ أخرى وضعناها على طاولة الحوار عبر اللقاء الذي أجريناه مع السيد "محمد سعيد وادي" عضو المكتب التنفيذي لاتحاد القوى الديمقراطي الكُردي في سوريا.

** بدايةً نود الوقوف عند اللقاء التأسيسي الذي أُطلق عليه لقاء "مشعل تمو" المُنعقد في 22 كانون الأول 2011م واعتبرتم خلاله أن اتحاد القوى مُمثّل للعديد من القوى السياسية والشبابية، ما حقيقة هذه القوى التي تتحدّثون عنها؟
*«أولاً سأوضّح أن تأسيسنا لاتحاد القوى جاء رداً على الخطاب الكُردي الذي بات مُفلساً، لغياب الجدية في الموقف تجاه الثورة السورية، وكان لِزاماً علينا ألا نمسك العصا من المنتصف ونبقى في موقف المُتفرّج، فكان إعلان تأسيس هذا الاتحاد الذي ضمّ في صفوفه العديد من الشخصيات المستقلة والتيارات الأخرى هو الحل إضافة لحضورٍ قوي للتنسيقيات الشبابية، أما مكوناته فهي: 1- حزب السلام الديمقراطي الكُردي 2- حزب الاتحاد الشعبي الكُردي 3- حزب الطليعي الكُردستاني 4- حزب الديمقراطي الكُردستاني 5- حزب النهضة الإسلامي 6- تيار المستقبل الكُردي 7- كوادر من حزب البارتي الديمقراطي، أما التنسيقيات فهي: 1- حركة شمس الحرية 2- تنسيقية درباسية مشعل 3- أحرار مشعل تمو في كوباني 4- اتحاد الشباب الوطني الكُردي في حلب 5- تجمّع شباب الكُرد في قامشلو 6- كله تربس بيه 7- مجلس المستقلين الكُرد في كوباني».
** في اللقاء التشاوري الذي عُقِدَ يوم 15 أيلول 2011م كان الهدف منه إيجاد قوة سياسية على الأرض تُمثّل وتدافع عن حقوق الكُرد في المنطقة، لكن لم يتمخّض عنه سوى الكثير من الانقسامات، ما الذي حدث بالضبط بعد ذلك اللقاء؟
*«كان الهدف من اللقاء هو الوقوف عند ثلاثة نقاط هامة، النقطة الأولى موقف الكُرد من الثورة السورية، والثانية وضع الكُرد السوريين وحقوقهم، أما النقطة الأخيرة فكانت حول موقف الأحزاب الكُردية من الحراك الشبابي الكُردي. تجاوز عدد المُشاركين يومها مائة شخصية البعض منهم منتسب لأحزاب والبعض الآخر مستقل، أولى نقاط الخلاف كانت حول تسمية الجِراك الشعبي هل هو ثورة أم انتفاضة وما موقف الكًرد منه؟ وتتطرّقنا أيضاً إلى وجوب تحديد ما إذا كان الكُرد موالين أم مُعارضين لنظام الحكم في سورية، لكن بعد سجالٍ طويل بين الشخصيات المُشاركة تم الاتفاق على تأجيل الموضوع باعتبار الكُرد بطبيعتهم مُعارضون باستثناء البعض منهم.
وشُكّلت لجنة من بعض المُستقلين للتنسيق مع باقي الأحزاب الكُردية، التي تخلّفت عن الحضور، من أجل عقد مؤتمر وطني موحّد يضم كافة الأحزاب والتيارات والحركات الكُردية لإيجاد موقف واضح موحّد حيال الثورة، كما تم الاتفاق على عقد لقاءٍ آخر لتقريب الرؤى.
ما حصل أن تلك اللجنة لم تتوصّل لنتيجة إيجابية مع مسؤولي تلك الأحزاب الذين عارضوا رفع شعار إسقاط النظام في التظاهرات، أما التّصرّف الذي أجهض اللقاء التشاوري هو إعلانهم عن تأسيس مجلس وطني دون إبلاغنا أو حتى إرسال دعوة لحضور اجتماع اللجنة التحضيرية، وقد مثّل من كل حزب /8/ شخصيات إضافة إلى بعض التنسيقيات الشبابية وبعض الأشخاص المُستقلين، ونتيجة حالة الإقصاء التي مارستها تلك الأحزاب بحق الكثير من الوطنيين؛ قدّم بعض مُمثلي الحركات الشبابية استقالتهم وبعد الضغط على تلك الأحزاب المؤسِّسة للمجلس تم دعوة الأحزاب الستة المتبقية على أن تكون حصتهم /10/ مقاعد فقط، رأينا أن هذا التصرف إجحافٌ بحقنا خاصةً إذا تمت المقارنة بين تعداد المنتسبين لأحزابنا وبين المنتسبين لأحزاب المجلس، ومع ذلك لم نقاطعهم بل طالبناهم بإبراز وثيقة العمل وأوضحنا بأننا سننضم إليهم في حال توافقت تطلعاتنا مع بنود الوثيقة، لكنهم رفضوا الاستجابة لمطلبنا بحجة أن تدوين الوثيقة ستكون من ضمن أعمال المؤتمر. حينما لم نتوصل إلى نتيجة عرضنا عليهم رأينا بالشعارات التي لا بد أن تُرفع في التظاهرات وكان إسقاط النظام أولها ومسألة عدم الحوار من أولويات النقاط التي يجب تبنيها، لكن مسؤولي الأحزاب في المجلس الوطني رفضوا تبنّي ما ذكرناه واستبدلوها بمفرداتٍ أخرى مثل تغيير بنية النظام والموافقة على الحوار مع السلطة لكن ليس بشكل مُنفرد بل مع باقي أطراف المعارضة السورية».
** دعني أقاطعك هنا وأسأل عن رأيكم كاتحاد قوى بهيكلية المجلس الوطني الكُردي وبرنامج عمله خاصةً بعد مُضي أكثر من ثمانية أشهر على تأسيسه.
*«نحن كاتحاد قوى لا نرى أن هذا المجلس يعكس تطلّعات الكُرد السوريين ومصالحهم؛ فهو (أي المجلس) لا يملك قراراً كردياً مستقلاً، وبصراحة أكثر فإن قرارات هذا المجلس تصدر من جلال طالباني ونوري المالكي وهما يتلقيان القرارات من "طهران"، لهذا فالمجلس الوطني الكُردي قد تأسّس بتزكية من تلك الأطراف التي أشرتُ إليها وهي بالتأكيد لا تريد مصلحة الكُرد».
** بعد الإعلان عن تأسيس اتحاد القوى؛ هل حاولتم التقرب والاتصال مع المجلس الوطني الكُردي؟
*«نعم بالتأكيد؛ فرغم تعمُّد بعض الأطراف من داخل المجلس بإقصائنا، أجرينا اتصالات معهم وأبدينا موافقتنا على التفاوض لإيجاد صيغة مُشتركة بيننا من أجل توحيد الخطاب الكُردي، لكنهم رفضوا الاعتراف بنا كاتحاد وعرضوا علينا الانضمام إلى صفوف المجلس كأحزاب وليس ككتلةٍ واحدة (أي كاتحاد قوى) هنا كان جوابنا الرفض، بعدها حاولوا اختراق صفوف الاتحاد وعقد اتفاقات مُنفردة مع بعض الشخصيات لإضعاف بنيتنا، وبالفعل نجحوا في استغلال نقاط الضعف لدى عددٍ من الشخصيات وألحقوهم بالمجلس وعلى رأسهم السيد عبد الرحمن آلوجي».
** من ضمن ما جاء في البلاغ الصادر عن مكتبكم التنفيذي يوم 22 كانون الأول 2011م الحوار مع كل القوى السياسية الكُردية الموجودة خارج الاتحاد، ما طبيعة التعاون بينكم وبين المجلسين الآخرين (الوطني الكُردي وغرب كُردستان)؟
*«بالنسبة لمجلس غرب كُردستان لا توجد أية علاقات تواصل أو تعاون إطلاقاً، أما بخصوص المجلس الوطني الكُردي فليس لدينا أية تحفّظات على مُمثلي الأحزاب المنضوية تحت راية المجلس، لكن مركز اتخاذ القرار خاطئ وليس سليم ومرتبط بأجندات خارجية، بدليل أن مُمثلي تلك الأحزاب لم يساندوا أو يدعموا الحركات الشبابية بداية انطلاق الثورة وظلّلوا يُرددون عبارة أنه لو خرج /23/ مليون سوري إلى الشارع لن نكون من ضمنهم؛ فكيف سنثق بهؤلاء الذين هم أنفسهم يُمثلون المجلس الوطني الكُردي؟».
** المعذرة؛  ألا ترى أنه يوجد تناقض في كلامكم؟ فقبل قليل ذكرتم أن المشكلة في مركز القرار وليس في الشخصيات أو مُمثلي الأحزاب، ثم عدت وأشرت إلى أنهم (أي ممثلي الأحزاب في المجلس) لم يكونوا سنداً للشباب الكُرد الثائر، أليس من المفترض أن تكون مشكلة المجلس في هؤلاء الساسة أيضاً؟
*«لا أستطيع التعمق في كثير من الأمور أو حتى نبش دفاتر الماضي، لكن مشكلتنا مع المجلسين هو أننا كاتحاد قوى نعترف بوجودهم أما هم فلا يعترفون بنا، مع كل ما يحصل نحاول دائماً كسر حاجز الجليد بيننا لكن دون جدوى، وبالنسبة لموقف المجلس الوطني الكُردي من الثورة فلا يزال غير واضح حتى اللحظة بل ربما يساهم في الكثير من الأحايين  بإحداث شرخ في الشارع ».
** هذا كلام جيد؛ لكن يا سيدي أنتم أيضاً قد تشاركون في انقسام الشارع الكُردي بعض الشيء، بدليل أنكم تحدثتم في بلاغكم الصادر عن المجلس التنفيذي في 22 كانون الأول الماضي عن تولي اتحاد القوى مع المجلس السوري لتسيير المرحلة الانتقالية من أجل ضمان أمن المناطق الكُردية ولم تتحدثوا عن المجلسين الآخرين (الكُردي- غرب كردستان) فأين دورهما في هذه المعادلة؟
*«استبعد أن يكون لمجلس غرب كُردستان دور في رسم مستقبل الكُرد مع أنه لدي هواجس بأن مرحلة ما بعد النظام ستكون مرحلة تأسيس بالنسبة لهم، أما نحن فسندخل مرحلة تصفية حسابات أما المجلس الوطني الكُردي فأتوقع أنه سيركب الموجة».
** كلامكم هذا يدفعني إلى السؤال عن رأيكم باتفاقية "هولير" الموقّعة بين المجلسين، ومَنْ المستفيد؟
*«بدون شك الرابح الأكبر هو الـ /PYD/ والسبب هو أنه في المرحلة التي سبقت هذه الاتفاقية طرح نفسه كحزب واحد مقابل /4/ أحزاب في الطرف الآخر، لكن هذه الأحزاب رفضت؛ أما اليوم فقد وُقّعِت الاتفاقية باسم حزب واحد مقابل /16/ حزب في الجانب المقابل، والسبب الثاني فقد انتزع الـ /PYD/ اعتراف إقليمي على أنه قوة رئيسية في كُردستان سورية».
** تتحدثون دائماً عن وحدة الصف الكُردي والابتعاد عن كل ما من شأنه بث التفرقة بين الكُرد؛ فلماذا نراكم تُغرّدون خارج السرب في التظاهرات الإسبوعية؟ ألا يُعد هذا التصرف تناقضاً لخطابكم الموثّق في لوائحكم التنفيذية؟
*«كلا ليس تناقضاً ولسنا نحن من يُفرّق الشارع الكُردي، فمنذ بداية الثورة خرجنا للتظاهر من أمام جامع "قاسمو" ثم أتوا الإخوة في المجلس الوطني الكُردي وأبدوا استعدادهم للانضمام إلينا لكنهم اشترطوا التوجّه إلى دوّار "الهلالية" بدلاً من الاعتصام أمام الجامع، لكننا رفضنا عرضهم واعتبرنا أن الاعتصام أفضل من المسير في الشارع العام، كذلك ظهرت نقطة خلاف أخرى ففي بداية الثورة رفعنا علم الاستقلال أثناء التظاهر، في حين أن المجلس كان يُعارض ذلك ويكتفي برفع علم إقليم كُردستان، ومضت الأمور كما هي ولم نتفق على صيغة محددة للخروج في التظاهرات رغم كثير من المحاولات لتوحيد الشارع».
** عذراً على المقاطعة، طالما أنتم حريصون  إلى هذا الحد على وحدة الشارع الكُردي، فلماذا لا تتنازلون قليلاً وتنضمون إليهم حتى يُسجل لكم هذا الموقف الإيجابي مستقبلاً؟
*«كلامك صحيح، لكن بشرط أن يكون موقف الطرف الآخر صائباً ومُماثلاً لمواقفنا ولو بعض الشيء، لأننا وللأسف لا نزال نشكُّ بالخطاب الذي يتبناه المجلس الكُردي تجاه الثورة السورية ونعتبر موقفه هذا غير جدي أبداً وسيعكس سلباً على مستقبل الكُرد في سورية بعد رحيل نظام الأسد، لأنه بات واضحاً لجميع أطراف المعارضة  السورية أن الكُرد ليسوا شركاء فاعلين في الثورة وباعتقادي أنهم لن ينالوا نصيبهم من ثمارها بعد سقوط النظام».
** هل أفهم من كلامكم أن وضع الكُرد سيبقى على حاله إن لم نقُل أسوء من الماضي؟
*«بالتأكيد لن يبقَ الكُرد تحت نيل الاضطهاد والظلم كما في مرحلة الأسد، لكن بسبب الشعارات التي يرفعها الآن بعض مسؤولي الأحزاب مثل السيد "عبد الحميد درويش" و"عبد الحكيم بشار"، كحق الكُرد في تقرير المصير، ستجعل من الكُرد طرفاً مُحايداً من الثورة، الأمر الذي سيدفع بالمعارضة السورية النظر إلى الكُرد كأعداء لها وليسوا كشركاء لأن مثل تلك الشعارات سابقة لأوانها ويكفي في هذه المرحلة الاعتراف الدستوري بوجود الكُرد كشريك أساسي في سورية؛ بعد تحقيق ذلك يمكن الحديث عن أمور أكثر فائدة للكُرد وتجربة إقليم كُردستان "العراق" خير برهان».
 ** مضى على اختطاف رئيس اتحاد القوى السيد "جميل عمر" أكثر من شهر، مَنْ برأيكم وراء هذه العملية وما هو السبب وما الإجراءات التي اتخذتموها حيال الموضوع؟
*«بقناعاتنا إن الطريقة التي اُختطِف وفقها "أبو عادل" تُشبه إلى حدٍّ قريب أسلوب الـ /PYD/ أما سبب اختطافه فليس هو المستهدف؛ بل الاتحاد ككل من أجل إضعافه ثم إخراجه من الساحة السياسية، وبالنسبة للإجراءات التي قمنا بها فقد تم الاتصال بكوادر من الـ /PYD/ عن طريق بعض الوسطاء ووعدوا بإعادته لمنزله؛ لكن لم يفوا بوعدهم، حاولنا مراجعة السلطات السورية لمعرفة أي شيء عن الموضوع لكن دون جدوى، أخيراً تواصلنا مع حكومة إقليم كُردستان أثناء عقد اتفاقية "هولير" لإيجاد حلٍ للمشكلة لكن لم يتغير شيء وحتى الآن ليس لدينا أية فكرة عن مكان تواجده».
** وهل تعيينكم للسيد "زردشت مصطفى" خلفاً لـ"جميل عمر" إشارة إلى تخلّيكم عن خدمات الأخير ورضيتم بالأمر الواقع حول غيابه؟
*«بالتأكيد لن نتخلى عن أي عضوٍ في الاتحاد مهما حدث بغض النظر عن منصبه الإداري؛ لكن هذا الاتحاد لديه برنامج سياسي وبرنامج عمل ميداني بحاجة إلى استمرارية ولا يجوز أن يبقى دون رئيس؛ ومن الطبيعي أن يتعرض أي شخص في الاتحاد إلى الاعتقال أو الاختطاف أو حتى الاستشهاد ذات يوم؛ فهذا لا يعني أن الاتحاد سينتهي بغياب أحد أعضاءه؛ على العكس تماماً فإنه يقوى أكثر من السابق لأنه يُدرك أن كل الدسائس التي تُحاك ضده دليلٌ على جدية وصواب خطابه السياسي».
في ختام هذا اللقاء نشكركم باسم اتحاد الصحفيين الكُرد السوريين على حُسن الاستضافة أملاً في عودة السيد "أبو عادل" إليكم قريباً حتى يُكمل مشواره السياسي في صفوف اتحاد القوى هذا الاتحاد الذي نتمنى أن يُترجم خطابه السياسي على أرض الواقع في مصلحة الكُرد جميعاً.