حزني كدو : حذاء الطنبوري ...... وليمونة الكوردي ..... والقضاء التركي

2012-08-23

هناك مثل انكليزي يقول: الحياة كالبحر لا تستطيع ان ترى فيها كل شيء والإنسان مهما بلغ به العلم والمعرفة والعمريظل يتعلم ويتعلم، ومن الحياة وتجاربها نتعلم الكثير من الثقافات والعادات والسلوكيات الجيدة منها والسيئة بنفس الوقت فمثلا في بعض دول امريكا اللاتينية
على الضيف أن يضع الشوكة والسكين بشكل متوازي على الصحن بعد الإنتهاء من الأكل كعلامة على حسن الضيافة وجودة الطبخ وهذا  امرا مقبولا وجيدا ،

و أن يقوم جيش دولة  ما بقصف مدنها وقراها وبلداتها لاكثر من عام بحجة عصابات مسلحة قد يبدوا مستهجنا او غريبا من الانسان بمعناه الحقيقي .وأن يكون لدى دولة ما تسعيرتين للكهرباء ,تسعيرة للمواطن وأخرى للمقيم الذي يعمل لديها يبدوا اكثرغرابة .وأن يناقش برلمان جديد في دول ثورات الربيع العربي مسألة الجماع بالزوجة الميتة جماع الوداع من عدمه أمرا غير معقولا وبشعا  ومهينا للمشاعر  والأحاسيس الإنسانية. وأن ترى اناسا يضربون على ظهورهم بسلاسل من الحديد حتى النزف أسفا وندما على افعال إرتكبها أجدادهم لآلاف من السنين حماقة وتخلفا ولكنه واقع .أما أن لا تستطيع شراء سيارة خاصة بك وبمالك ومن دون موافقة الكفيل في عصر العولمة امرا لا يصدق وغريبا لكنه واقع. .كل هذه الامور حاصلة وتحصل والكثير منا يعيشها يوميا ولا نستطيع ان نحرك ساكنا.
أما قصة عذاب الطنبوري وما جرى له من عقاب وغرامة  بسبب حذاءه اللعين الذي سبب كثير من المشاكل لاهل بغداد من قتل وإجهاض  وإنسداد للمجاري ... وغير ذلك  قد يرى البعض أنه رد فعل غير مبرر وقد يراه البعض عقوبة إلهية  وشيء من العدل، لان بخل الطنبوري كان فوق الوصف والخيال - والبخل من الصفات السيئة- ولكن كل ما تعرض له الطنبوري منذ زمن بعيد لا شيء يذكر  بالمقارنة مع العتال الكردي الذي قبض عليه متلبسا بأداة الجريمة (ليمونة )في جيبه. هذاالعتال  الذي كان يكد ليلا ونهارا ليسد حاجته وحاجة اهله رماه حظه العاثر  في قبضة الإستخبارات التركية .
إن الزائر العادي اليوم إلى تركيا ينبهر بأثارها القديمة الرومانية  كمعبد أيا صوفيا والإسلامية  كالمسجد الأزرق و بجمالها وطبيعتها وبحارها وشواطئها ومراكز اللهو العديدة المنتشرة على طول البلاد وعرضها وبحفلات الموضة المقامة سنوياً لكنه عندما يتعمق في هذا البلد يجد أموراً كثيرة لا يستطيع ان يصدقها فمثلا أن لون إشارات المرور المتفقة عليها عالميا  مختلفة في المدن الكردية  وذلك بسبب تطابق ألوانها مع ألوان علم القومية الكوردية . أما أن يعاقب كورديا أصم وأبكم وأمي بالسجن لخمسة وعشرين عاماً في هذا البلد الآسيو-أوربي, الشرق- أوسطي ,العلماني ,الديمقراطي, التعددي فقد لا يصدقه احد ولكم القصة حسب وكالة أنباء BBC NEWS اللندنية حيث
 طالب ممثل الادعاء التركي بأن يسجن رجل كوردي أصم وأخرس وأُمي لمدة خمسة وعشرين عاماً وذلك بتهمة دعم الإرهاب، حيث إستشهد ممثل الإدعاء بحيازة المتهم العتال محمد طاهر أيهان نصف ليمونة واعتبر حمله الليمون دليلاً على جاهزية الرجل للخوض في المظاهرات المناهضة للحكومة والمؤيدة لحقوق الكورد وذلك لأن المتهم بحمله الليمونة يؤكد على درايته لكيفية حماية نفسه في حال رُش المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع وقد اتهم  محمد أيهان بصنع دعاية لحزب PKK المحظور في تركيا .
والجدير بالذكر أن السيد محمد علي أيهان يعمل عتالاَ في سوق مدينة ميرسين وقد نفى هذه الاتهامات مستخدماً لغة الإشارة عند إتهامهم له في جنوب شرق مدينة اضنة مضيفاً إنه قد تم القاء القبض عليه بين مظاهرة مؤيدة للكورد.
ووفق قانون مكافحة الارهاب في تركيا يجرم كل من يظهر أي علامة لحزب العمال الكردستاني PKK المحظور والخارج عن القانون( من وجهة نظرهم )
مراسل BBC  جونثان هيد في اسطنبول قال ان السلطات القضائية التركية تدير في كثير من الأحيان عقوبات قاسية بمجرد أية شواهد ولو بسيطة . ومع ذلك ووفق للمعايير التركية قضية أيهان هي قضية غير عادية،  مضيفاَ أنه  إذا تمت إدانة أيهان فسيصدر حكماً بحقه لا يقل عن 25 عاماً بالسجن وذلك بحسب طلب المدعي العام التركي .
 وقد تم إعتقال المئات من الناشطين الكورد والصحفيين والسياسين تحت قانون مكافحة الأرهاب خلال الثمانية عشر شهراَ الماضية و تم إنتقاد قانون مكافحة الارهاب بشكل واسع من الاستشارية الأوربية بأن لها تأثير سلبي كبير على حرية التعبير عن الرأي و الكلام،  ويضيف مراسل ال BBC بأن الحكومة التركية تحاول ان تشجع المعتدلين الكورد وفق مزاجها وبإجراءات مثل فتح فصول اللغة الكوردية وذلك لعزل عناصر حزب العمال الكوردستاني غير إن هذه الإجراءات التعسفية للقضاء التركي قد تحد من الاعتدال الكوردي.
هذه صورة مصغرة من الديموقراطية التركية المفصلة على قياس العسكر (( الجونتا)) ويالها من ديموقراطية .
طبعا ردود الفعل على هذه القصة في الصحافة التركية بجميع أطيافها  كانت متباينة من تعاطف مع الحقوق البسيطة للكورد والضرب من حديد على طموحات PKK

الإنفصالية.

بالعودة الى قصة  حذاء الطنبوري .....وليمونة الكوردي ....والقضاء التركي  فلقد نطق القضاء التركي حكمه العادل واصدرت محكمة الجنايات حكمها الصادر في يوم الخميس في مدينة (أضنة )التركية بالسجن 8 سنوات و اربعة اشهر على محمد طاهر ألهان البالغ من العمر 37 عام (.متزوج وله ستة أولاد ) وذلك بتهمة  الدعاية لمنظمة ارهابية ومقاومة الشرطة  خلال المظاهرات .
أما الأدلة ضد حارس السوق (محمد طاهر ألهان) الذي كان يعمل في ميرسن فكانت حيازته ليمونة في جيبه حيث يستخدم الليمون من قبل الأكراد للحماية من الغازات. وهذا كان دليلا قويا للشرطة على ادانته.
محامي محمد ألهان صرح بانه تأثر كثير بهذا الحكم الجائر ليس فقط لان الهان أصم وأبكم بل هو يعيل اسرة مكونة من سبعة أشخاص بالأضافة كونه امي لا يعرف القراءة والكتابة و ان التهم الموجه الى موكله منافية للمنطق والعقل البشري اذا لا يمكن لا شخص بمكانة ألهان الجسدية والعقلية  المعوقة من تقديم الدعاية لمنظمة ارهابية .
جدير بالذكر ان المحكمة طالبت بمحاكمة محمد علي الهان لمدة ( 25 ) عام ولكم ايها السادة ان تحكموا في هذه القضية التي حدثت في بلد تدعي الديمقراطية.