حزني كدو : ايران تركيا و الكرد

2012-08-11

كما كان متوقعا, بدأت هجمات حزب العمال الكردستاني  تزداد مع فصل الصيف, و لكن هذا الصيف يبدو ساخنا و مختلفا جدا عن سابقاتها, فنحن نتلقى الكثير من أخبار الصراع من داخل تركيا ومن الحدود مع العراق  والمدن . فالقادة الأتراك يعملون على عدة مسارات ,تارة ينادون بالسلم , وطائرتهم تقصف مواقع الكريلا الأبطال بلا هوادة, والكريلا يلقنونهم الدرس تلو الدرس وفي جميع المواقع.

ففي الوقت الحاضر , بدأنا نشهد تطورات كبيرة على الساحة الاقليمية , السورية والكوردية بشكل خاص.فبعد اأكثر من عام على الثورة السورية التي بدأت سلمية, ثم تحولت الى صراع مسلح دامي بفعل سياسة النظام الأمنية واستخدامها لكافة أنواع الأسلحة الثقيلة , وتدمير البنية التحتية للمدن الثائرة بشكل منهجي و مدروس ومنظم حتى تخلق فجوات  زمنية عميقة بين مختلف مناطق الصراع ,والتي ستظهر فيما بعد ,وستكون نتائج هذا الدمار كارثيا , ماديا , اجتماعيا و نفسيا.
ان الحرب  او الصراع الدائر الأن في سوريا ,لم يعد بين الثوار  الذين ثاروا ضد الظلم والاستبداد والتفرقة , ضد نظام جائر استأثر بجميع اوجه الحياةفي سوريا ,بل تعدى ذلك الى حرب بالوكالة , فروسيا و حزب الله وايران بالأضافة الى النظام السوري متمرسين ولهم خبرة طويلة في الحرب بالوكالة . فسوريا حكمت لبنان وكانت تدير الحرب بالوكالة ( كانت توظف جهات أخرى تحارب بدلا منها كحزب الله وجماعة أحمد جبريل و غيرهم ¸وفعلت ذلك في العراق , وفي أماكن أخرى)
ففي تركيا , التي هددت , و رسمت خطوط حمراء , وبمناطق أمنة , وسلمت البطل حسين هرموش, وصبت الزيت على النار  في الأزمة السورية وكل ذلك بالكلام فقط على الاقل حتى الأن .بدأت تشعر بقشعريرة  وغنغرينا تدب في جسدها المريض ,فبحثت , وشخصت مرضها بسرعة وساعدها بذلك خبث ودهاء النظام السوري ,المتمرس في دفع فوبيا الكورد عند الأتراك , الذين بنوا علاقات جيدة مع أكراد العراق , وضربوا بعرض الحائط ما كان متفقا و متعارفا بين الدول التي تحيط بكردستان  العراق ولو لحين, فوطدت علاقاتها مع كردستان العراق داخليا , تجاريا , اجتماعيا وحتى سياسيا اذ أوفدت وزير خارجيتها الى كوردستان العراق واعطت اشارات مزدوجة للكورد السوريين ولمجلسيها و بأنها لن تقف ضد الحقوق المشروعة لكورد سوريا , بل زادت على ذلك في انها ستتبنى خطة الصفر اي السلام مع حزب العمال الكوردستاني بمساعدة السروك مسعود البرازاني الذي برهن اكثر من مرة بأنه اللاعب االماهر والحريص على المصلحة الكردية.
اما في ايران وبغداد , الذين كانوا ولايزالون يراقبون الساحة التركية والكردية  وهم يرون بام اعينهم  شبكة الرادارات الأمريكية داخل تركيا , ومشروع  مد خط انبوب النفط الكوردي الى البحر الأبيض المتوسط  عبر تركيا , والذي يعني تدفق ملاين الدولارات الأمريكية على الكورد ,وعلى الشركات الأمريكية والتركية ,والذي سيساهم في خلق ربيع كوردي محتمل .كل هذا يحدث وأيران التي كانت ترى نفسها اللاعب الأهم والأمهر على الساحة الكوردية العراقية  نتيجة التراث التاريخي والجغرافي –السياسي  من ادارة الشاه مرورا بجمهورية الملالي سوف لن تسكت وتقف مكتوفة الأيدي سيما وهي ترى حليفها الأهم تنهار من قبل الجبهة المغايرة لها تقليديا, والتي تفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها .وهنا يظهر دور بيضة القبان المارد الكوردي كوردستانيا , عربيا , ايرانيا و تركيا .
والسؤال الذي يطرح  نفسه  , اليس من حق الكورد في اماكن تواجدهم الاستفادة من هذه التناقضات ؟ ألم يكن الكورد طيلة القرن المنصرم من ضحايا هذه الحكومات والأنظمة التي أذاقتهم صنوف الويلات والعذاب والى يومناهذا؟ اليس من حق حزب العمال الكوردستاني الذي يدافع عن حقوق وكرامة الشعب الكوردي في كوردستان تركيا  بملاينه الكثيرة من تلقي الدعم العسكري والمادي من هذه القوى المتصارعة فيما بينها؟ وهل من الأخلاق اتهامها بانها تقوم بحرب بالوكالة ؟وفي نفس الوقت أليس من حق حكومة كوردستان العراق ان تصون مكتسباتها وتدافع عن كيانها  ضد خزعبلات المالكي , الذي حرك قواته باتجاه كوردستان؟أليس من حق أكراد سوريا أن يدافعوا عن حقوقهم المشروعة  دستوريا وضمن الوطن السوري الواحد ؟ أليس من حق الكورد السوريين ان يكونوا مواطنين من الدرجة  الأولى ؟ لماذا هذه الحملة  والأنكار و الحقد على الكورد في سوريا  من قبل بعض اعضاء المعارضة كالمالح والبشير والدغيم ؟ الم يطالب الكورد  اخوانهم السوريين  بتشكيل لجان مشتركة لحماية الموسسات الانتاجية والخدمية ؟اليس من واجب الأحزاب الكوردية السورية عامة ان لا يعطوا اية ذريعة للتدخل الخارجي في شوؤنها؟ أليس السلم الأهلي مسوؤلية الكورد والعرب والمسيحيين  ؟ بأي حق تسمح تركيا او ايران التدخل في الشؤون السورية ؟ والسؤال الأخلاقي هو أليس من حق الوطن السوري على الشعب السوري و على جميع أبناءه الأنخراط في الثورة ووقف هذا القتل الأعمى والمضي بالبلاد الى المجهول والى ويلات الحرب الأهلية.