ريناس سينو : فتح الطريق
تطرقت في مقالتي السابقة الى انشقاق مناف طلاس الهادئ والذي هو عبارة عن عملية مدبرة لاظهاره بمظهر البطل امام الشعب السوري, كما ذكرت عدة اسباب والتي تعتبر معايير كافية بنظر الذين خططوا للامر حتى تم اختياره لهذه المهمة.
وحتى ينجح ايمخطط سياسي لا بد ان يكون له مراحل متسلسلة متتابعة. في هذه الحالة المرحلة الاولى نجحت وهو انشقاق مناف طلاس, اما المرحلة التي تليها برائي هي عملية التفجير لخلية ادارة الازمة وتصفية اربع من ابرز قاداتها واربع اكثر دموية في تاريخ سوريا ولكن اذا دققنا في العملية وتاريخها وطريقة الاعلان عنها وماتبعتها من اجراءات على ارض المعركة يجعل المرء في حيرة من امره.
من وجهة نظري,أن التفجير الذي نسب الى الجيش الحر,هو عبارة عن سيناريو تم التخطيط له مسبقا, وذلكلتصفية بعض القيادات, حيث فيها الكثير من النقاط التي تثير الشك والريبة وهذه النقاط هي :
أولا : تاريخ الانفجار وهو نفس اليوم الذي كان فيه مجلس الامن مجتمعا لا بل في نفس الساعة التي يبدا فيها اجتماعات مجلس الامن عادة, اي الساعة الحادية عشرة صباحا, كما انه لا يوجد اي مبرر لاعلان النظام عن العملية بهذه السرعةسوى سبب بسيط ألا وهو أنه لا يريد احراج حليفتها روسيا امام المتربصين بها في الاجتماع.
ثانيا : غياب الشهود, حيث أكد لي العديد من الأصدقاء الذين يقطنون في المنطقة التي تم فيها الانفجاروفي المناطق القريبة منها, بانهم لم يسمعوا أي صوت للانفجار ولا حتى أصوات سياراتالاسعاف التي ادعت القنوات الاعلامية الناقلة للخبر منأنها تتجه لمكان وقوع التفجير, كما أنه لم يلاحظ أي استنفار أمني مفاجئ في المنطقة .
ثالثا : كلنا يعلم ان هذا النظام هو عبارة عن اللانظام أي عبارة عن عصابة تتحكم بمجموعة من المؤسسات المؤدلجة الخاضعة لسيطرة تامة له ومنها الاعلام, اذعودنا النظام على الكذب والتلفيق والتزوير وتزويدنا باخبار قديمة فاسدة منتهية الصلاحية. علنا كلنا نتذكرعندماتوفي حافظ الاسد, حيث تم الاعلان عن وفاته بعد عدة أيام من تاريخ وفاته الحقيقية وذلك بعد ان انتهوا من ترتيب الوضع لتهيئةبشار ليرث والده .
كما أن التلفزيون السوري كان مصدر المعلومات الوحيد للاعلام العربي والغربي واعلام الثورة, وحتى ان طريقة اعلان اسامي ضحايا الانفجاركانت بالتوالي.
رابعا : تعين وزير الدفاع الجديد بهذه السرعة,حيثأنه من المتعارف عليه بالنسبةلنظام الاسد هو بطئه في اتخاذ القرارات المصيرية وخاصة تلك التي تتعلق بالفئة الحاكمة,فلا يتم اتخاذ أي قرارا بدون موافقة جميع أعضاء هذه الفئة وبالاخص في هذه الظروف, اذ اننا نعلم انه توجد صراعات شخصية بين أعضاء هذه الفئة وبسبب تشابك مصالحهم مع بعضهم البعض, هم متماسكون امام اي خطر يهدد سيطرتهم على سوريا وهذه هي من اهم نقاط قوة النظام .
خامسا : البيان الذي صدر من قيادة القوات هو بيان متوازن ومدروس بعناية فائقة تؤكد على الذهنية الفكرية للنظام .
سادسا : تاخر الجيش الحر في تبني العملية هو من احدى الدلائل التي تبين ان التفجير ليس كم روج له .
سابعا : عدم بث الاعلام السوري اية صورة لمكان التفجير وهو الذي عودنا على التركيز على الانفجارات حتى يثبت للعالم رواياته الطوباوية عن وجود ارهابين في سوريا.
كل هذه الاسباب تدفعنا للتشكيك بالعملية التي تم الاعلان عنها وتجعلنا نقف محتارين عن سبب التضخيم والتهويل الذي شهده الاعلام وحتى السياسيين السوريين بدأوا من مواقعهم في الفنادق بتوجيه نداءات الى الجيش الحر للنزول بكثافة الى ساحة المعركة, وكانت النتيجة هي مئات الشهداء كل يوم نتيجة لما حدث.
هناك عدة سيناريوهات يتم تداولها في الاوساط السياسية والثورية وحتى الشعبية السورية بخصوص عملية الانفجار لخلية ادارة الازمة, وأول هذه السيناريوهات هو أن هؤلاء ماتوا منذعملية اختراق الجيش الحر لهذه الخلية قبل شهرين وتم القضاء عليهم عن طريق تسميم الطعام مستندين في ذلك الى تشابه الاسماء ولكن باعتقادي ان هذا السيناريو هو ضعيف لسببين:
أولاالجيش الحر تبنى العملية الجديدة وانكر العملية الاولى (التسميم) .
ثانيا اعلان النظام عن العملية وهو عكس ما تعودنا عليه من النظام في المراحل السابقة اي انه غير مضطر للاعلان وكان بامكانه الانكار وحتى تلفيق بعض الفيديوهات واعلانها كاثباتات .
السيناريو الآخرهو أنه عملية انقلاب, أي أن بشار وأخاه ماهرقاما بتصفيتهم قبل تنفيذهم لعملية الانقلاب وهذا أيضا ضعيف لأن الأسماء المذكورة هي الأكثر تورطا في سفك دماء السوريين وأيضا هيأكثر الجنرالات المخلصين للنظامومصيرهم مرتبط ببقاء النظام .
هناك سيناريو آخر وهو أنه عبارة عن عملية انشقاق داخلية قام بتنفيذها أحد الحراس الشخصيين لأحد أعضاء الخلية وهذا السيناريو قد يكون واردا ولكن لا توجد أيةأدلة ملموسة تدل على أن هذا الانشقاق حدث.
ولكن ماذا لو أن هذه العملية هي عبارة عن تصفية الشهود على جرائم بشار وأخيه ماهر وأركان نظامه الاخرين.
وماذا اذا كانت هذه العملية هي عبارة عن فتح الطريق أمام مناف لاستلام المؤسسة العسكرية, اذأن اخطر شي يواجه تعيين مناف هو وجود جنرالات لهم تاريخ ووزن داخل النظام السوري ولهم مؤيدين ورجال داخل المؤسسة العسكرية وهم يقودون اغلب القوات العسكرية ميدانيا ومن عملية تدقيق بسيطة للأسماء التي تم الاعلان عنها نرى أن معظمهم من القادة العسكريين وليسوا رؤساء الأفرع الأمنية, كما أنهم من السنة وواحد مسيحي أي أنهم ليسوا علويين, هنا وبعيدا عن الطائفيةالا أن هذه منألاعيب النظام. وهناك احتمال كبير أن هؤلاء كانوا من المعارضين لأي انتقال سلمي للسلطة في سوريا نظرا الى تاريخهم الحافل بالجرائم والتي ترتقي الى جرائم ضد الانسانية لذلك تطلب عملية الاستئصال هذه, حتى يتم تعبيد الطريق لاستلام السلطة شخص يضمن حماية العلويين ويضمن عدم دخول سوريا الى دوامة العنف والحرب الأهلية ويضمن الحفاظ على مصالح الدول الكبرى والحفاظ على التوازنات الاقليمية والدولية.ففي العراق كان يوجد نظام سني وتم استبداله بنظام شيعي مع وجود بيضة القبان وهم الكورد, وفي سوريا سيتم استبدال النظام العلوي بنظام سني فالدول العظمى ليست بهذا الغباء حتى تضع نظامين سنيين في دولتين لهما أهمية استراتيجةوهما عبارة عن بوابة للسيطرة على المنطقة أي أن هذه العملية هي انتصار للحلف السني الامريكي الغربي على الحلف الشيعي الايراني السوري مع ابقاء الدول المنتصرة على مصالح روسيا في الساحل السوري .
ريناس 23/7/2012