تبني مصطلح كوردستان سوريا في الوقت الحالي مكلف سياسياً

2012-04-23

عمر كوجري: مواليد ديريك 1968 –  مجاز في اللغة العربية وآدابها- كاتب وصحفي  كردي سوري

حوار خاص لجريدة آزادي

تبني مصطلح كوردستان سوريا في الوقت الحالي مكلف سياسياً.. أؤيد عودة الكتلة الكوردية إلى المجلس الوطني السوري وأي تلكؤ لن يصب مستقبلاً في المصلحة الكردية

كيف ترى دور الأدب والشعر في الثورة السورية ؟ وهل له أي تأثير  يذكر في مجريات الثورة في المناطق الكوردية ؟
في كل الثورات، وفي الحراك العام لكل الشعوب لعب الأدب دوراً كبيراً في الوقوف إلى جانب المستضعفين والفقراء والثوار، ربما الكثير مما كتب مزال حبيس الأدراج لهذا السبب أو ذاك، لكن ثمة كم كبير من الأدب والشعر والأغاني سطرت، وأذيعت، ومن المؤكد أن الأدب لا يمكن أن يكون مرآة عاكسة مباشرة وفورية للوضع العام في البلد، لأنه يفقد بذلك معالم جماله، ومسوغات ديمومته كأدب، كتب ليبقى، لا ليرصد حدثاً ويمضي، ورغم ذلك لا يمكن النفي بأن المناطق الكردية كانت بعيدة عن هذا التأثير.

 

كيف ترى المشهد الثقافي الكوردي ولا سيما بعد حدوث حالة الشقاق بين المثقفين والصحفيين الكورد كما وصفته في إحدى كتاباتك ؟ وهل يمكن ردم الشقاق الحاصل في صفوف المثقفين ؟

يحزنني حقيقة هذا الشقاق، ونحن الذين كنا دائماً نلوم السياسيين وأحزابنا على تشرذمهم وتشتتهم وقعنا في المصيدة ذاتها، بل كنا أكثر سوءاً منهم، فأسلحة الساسة ليست بقوة وعنفوان أسلحة المثقفين، وأثبتنا لأنفسنا قبل أي كان إننا لا نستحق أن نكون صوت وصدى شعبنا السوري – الكردي العظيم، وكل الرهانات فشلت على تجاوزنا لاختلافاتنا وخلافاتنا الصغيرة.
نعم يمكن رد الشقاق، لكن نوايا العديد منا ليست متبرئة باتجاه إصلاح ذات البين، نحن مشغولون كما أسلافنا بحروبنا القبلية الصغيرة والتافهة، ودائماً نحفر الخنادق لبعضنا البعض، ونوهم أنفسنا أننا حفرناها للخصوم والأعداء، هذا الردم يكون بنكراننا لذواتنا ومصالحنا ومكتسباتنا الشخصية الآنية، وهذه المصالح الفردانية بالنهاية أكثر من تافهة.

اقترحت في إحدى كتاباتك بان يتم بناء رؤية المثقفين على الجسم الموجود منذ عام 2004  والمقصود به -  رابطة الكتاب والمثقفين الكورد في سوريا – كبديل للتشظيات والانشقاقات الحاصلة , كيف تقنع الوسط الثقافي بصحة وصوابية هذا الحل ؟

نعم، ربما مازلت على رأيي، ولكن هذا الرأي بالنهاية ليس محصناً لا يأتيه الباطل لا من  أمام ولا من خلف، فالجسم موجود وبالإمكان البناء عليه كما قلت في مقالة سابقة، ولكن هذا الجسم بالنهاية ليس مقدساً، وغير قابل للتحوير أو التطوير، ولا شيء ثابتاً في النهاية، قلت هذا لأن التشكيل الموجود طالما هو موجود فمن السهل التحرك، ومن السهل البناء عليه، لأن الوقت لا يمر في مصلحة الكرد كسياسيين وتنظيمات أو كمثقفين، وإذا ظللنا هكذا ندور في دوائر مغلقة سيتجاوزنا الزمن، وسيتجاوزنا هذا الحراك، ولن نجر وقتئذ غير أذيال الخيبة والريبة أيضاً.

يبدو إنك تحفظت على انسحاب الكتل الكوردية  من المجلس الوطني السوري , هل يمكنك أن تطلعنا على أبرز تلك التحفظات ؟

الحديث يطول، وقد حاولت ملامسته مطولاً، وأبديت رأيي الذي خالفني فيه العديد من الأصدقاء والأحبة، وأعود فأقول إن الكرد بالغوا في مطالبهم، والاجتماع المنعقد كان للم شمل المعارضة السورية عموماً، لا لتشرذمها، وخروج مجموعة المجلس الوطني الكردي السوري وفعاليات أخرى أضر بالكرد برأيي ولم ينفعهم، ويبدو أننا سننتظر كثيراً حتى نقرأ ما وراء السطور وما بين الكلمات، نحن شعب يملك ثقافة شفاهية، والشفاهية عادة ما  تقرأ الوقائع براهنيتها الفجة دون تمحيص، وتعقل ومرونة.. هذا رأيي قد أكون على خطأ.  

هل تؤيد عودة الكتلة الكوردية إلى المجلس الوطني السوري , ولاسيما بعد إصدار الأخيرة وثيقة خاصة بشأن رؤيتها لحل القضية الكوردية  ؟

طبعاً، وأي تلكؤ لن يصب مستقبلاً في المصلحة الكردية، وليس أمام الكرد والتنظيمات الكردية من  مسوّغ مقنع، فالوثيقة التي صدرت كملحق بعيد مؤتمر المعارضة التداولي جاءت ملبية للآمال وتصحيحاً لعثرة الوثيقة الأولى بشكل كبير، فماذا ينتظرون؟ هذا الانتظار.. هذا التردد يرمي بظلال الشك والريبة حول قوة القرار الكردي، ومن يتحكم بقوة هذا القرار؟؟ 

كيف ترى تصريحات  برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري الأخيرة حول نفيه لوجود كوردستان سوريا ورفضه لحل الفيدرالية التي بدأ قطاع مهم من الشعب الكوردي يطالب به في سوريا  ؟

دائماً أقول إن الدكتور برهان غليون مفكر وعالم اجتماع، وليس سياسياً، لهذا تراه يتخبط كثيراً في تصريحاته، تصريحات السياسيين دقيقة ومتوازنة أما المفكرون فربما يشتطون أحياناً في تفكيرهم.
لنكن صريحين، إذا جد الجد مَن مِن الأحزاب الكردية التي تعمل منذ أكثر من نصف قرن، لديها القدرة على تبني مصطلح" كردستان سوريا" وبالتالي حمل هذا الحامل السياسي الكثير التكلفة حالياً؟ شيء من التهلكة.
أنا أقرأ السياسة كفن للممكن " الأقل" حتى، هل يرضى شركاؤنا غداً بهذا المصطلح؟؟ نحن نتعامل مع شريحة من الشركاء كبيرة جداً مازالت تعيش في عزة الفورة القومية في أواخر خمسينيات وأوائل الستينيات القرن الماضي، وبالتالي سواء أكانت نظاماً قائماً أو معارضة، هذه العقلية، هذا التفكير لا يمحو بين ليلة وضحاها. يا صديقي حتى الأحزاب التي رفعت هذه الرافعة، هل يمكنك أن تعطيني وزنها الجماهيري، وقدرتها على تحريك بضع عشرات من الناس؟؟ هي واجهة.. برواظ براق، لكنه على أرض الواقع يفتقر للحس الواقعي.
لست مع تصريحات غليون غير المتوازنة، لكني في المقلب الآخر لست مع هذه الحرب المفتوحة عليه من قبل الكرد، وممثل الكتلة الكردية في المجلس الوطني الدكتور عبدالباسط سيدا سبق أن صرح بأن موقف غليون شخصي، ولا يمثل إرادة المجلس الوطني السوري.

كيف تقيم الأداء العملي للمجلس الوطني الكوردي من حيث تعامله مع الحركات الشبابية وهيئات المعارضة السورية ؟

رغم كل عثراته يظل المجلس الوطني الكردي وعاء هاماً ينبغي الحفاظ عليه، وتطوير آلياته، بما تتناسب مع حجم الآمال الكبيرة التي عقدها شعبنا الكردي عليه، ينبغي عليه التخلص وبسرعة من كل العوالق والمضي بسرعة نحو آفاق أرحب، وبخصوص تعامله مع الهيئات الشبابية أتصور أنه يعاني من انتفاء الروح الديناميكية، ولا يستطيع أن يجاري اندفاعة الشباب وحماسهم رغم ان فيها شباباً مستقلين واعين نجلهم ونقدرهم، لكن يبدو أن الآمال المعقودة على هذه الشريحة من " المستقلين" لم تكن قريبة من الواقع،

كيف تقيم أداء الحركات و التنسيقيات الشبابية الكوردية في نشاطاتهم الثورية من الناحيتين الميدانية والإعلامية ؟

حتى أكون منصفاً مع ذاتي بالدرجة الأولى لست على احتكاك مباشر معهم حتى أقيم أداءهم بموضوعية، ولم تتعود أخلاقي على إطلاق الأحكام التي تقترب من تخوم المطلقة أو حتى المحابية والمجانية، لكن بشكل عام أثبت شبابنا همة عالية، وحماسة كبيرة في نشاطهم، وهم وبصراحة أبهرونا نحن جيل الخيبات الكثيرات، وما كنا نتوقع منهم هذه الحيوية، وهذه الثقافة، لكن تظل هذه الأمور غير محمودة الخواتيم دائماً، وهذا طبيعي بسبب قلة خبرة هؤلاء الشباب الحياتية، والسياسية، ويجب علينا نحن الأكثر خبرة أن نمد لهم يد العون  والمشورة إن طلبوا وإلا سنفسد عليهم حياتهم وكذلك تطلعاتهم.. نحن جيل الخيبات والفشل واليأس، لا نصلح أن نقود هؤلاء الكبار في كل شيء!!   

 
حوار خاص لجريدة آزادي