اللغة الكوردية

2006-10-10

تنتمي اللغة الكردية إلى فصيلة اللغات الهندو-أوربية  . وكانت هذه اللغة تكتب قبل الاسلام من الشمال الى اليمين بابجدية مستقلة ، لها شبه عظيم بالأبجدية الآشورية والأرمنية . وقد تركت هذه الأبجدية بعد الاسلام اكتفاء بالأبجدية العربية التي هي لغة القرآن المبين . و أما الصلة التي تربط اللغة الكوردية بهذه المجموعة اللغوية ، فهي بالاضافة إلى وجود آلاف من المفردات الأفستية والبهلوية والفارسية القديمة في اللغة الكوردية، هي وجود القواعد اللغوية المتقاربة من حيث تصريف الأفعال وتركيب الجمل وكذلك من حيث التغيرات الدلالية وعلم الأصوات اللغوية، وحتى من ناحية تقسيم الكلام الدلالية وعلم الأصوات اللغوية، وحتى من ناحية تقسيم الكلام إلى مقاطع، إلا أن هذا الانتماء إلى هذه المجموعة اللغوية لا تعني بأية حال من الأحوال عدم استقلال اللغة الكوردية بين لغات العالم الحية؛ حيث بالرغم من وجود التشابهات الكثيرة بينها وبين لغات هذه المجموعة من النواحي المذكورة، إلا أن لها أصولها وقواعدها وتطوراتها ودلالاتها واشتقاقاتها الخاصة، وهي ليست فرعاً من أية لغة أخرى، حيث رغم القرابة اللغوية بينها وبين الفارسية الحالية مثلاً، إلا أنها لغة خاصة، حافظت على استقلاليتها، كما دلت جميع الدراسات الصوتية والأتنوغرافية والدراسات المقارنة التي قام بها العالمان الألمانيان ­"روديجر" و"بوت" عام 1840 حيث أثبتا نتيجة دراسات متواصلة في المقارنة اللغوية بين الكلمات الكوردية واللغات الايرانية، على أن الكوردية بقواعدها ومفرداتها وأصولها وأصواتها، لغة خاصة مستقلة رغم انتمائها إلى اللغات الايرانية. وأيد هذا الرأي، بعد ذلك، المستشرق الروسي "بيتر ليرخ" في أبحاثه القيمة التي نشرها بعنوان: "دراسات عن الكورد" باللغتين الروسية والالمانية عام 1857 و 1858 في سان بترسبورك ­ـ ليننغراد ـ ­ وكذلك بحثه القيم: ­ دراسات عن كورد ايران عام 1856 ­ بترسبورك ­ باللغة الروسية. وأيد هذا الرأي أيضاً مستشرقون بارزون، أمثال: رينان ، ودورن وارش ، وميولر ، وجابا. يقول الميجر ­ أدموندس الاخصائي في تأريخ الكورد في مقالة له نشرت في مجلة جمعية آسيا الوسطى العدد 11: "أصبح من الوضوح بمكان أن اللغة الكوردية، ليست عبارة عن لهجة فارسية محرفة مضطربة، بل إنها لغة آرية نقية معروفة لها مميزاتها الخاصة وتطوراتها القديمة. وكذلك فإن مينورسكي البحاثة المختص باللغات الشرقية، ينفي ذلك، ويعتقد أنه بينما تنتمي اللغة الفارسية إلى المجموعة الجنوبية الغربية، فإن اللغة الكوردية تنتمي إلى المجموعة الشمالية الغربية، وأنها تتصف بشخصية متميزة تماماً عن اللغة الفارسية، ويورد الدلائل اللغوية التي تثبت الفروق القائمة بين كل منها، وفي الفروق الجوهرية بين اللغة الكوردية والفارسية، يذكر العلامة توفيق وهبي ثلاثة فروق متتالية:-1ـ لاتعرف الفارسية الحديثة قاعدة التي كانت تستعمل لبنائي المتوسط والمجهول في الفارسية القديمة والافستية، كما أنها تركت حتى قاعدة بناء المجهول المتداولة في الفارسية المتوسطة التي كانت بدورها قد تركت قاعدة بنائي المتوسط والمجهول العائدة للفارسية القديمة. أما اللغة الكوردية فتحتفظ بقاعدة البناء المتوسط والمجهول التي لاتعود إلى الفارسية الحديثة، ولا اللغات الايرانية المتوسطة كالفرثية والفارسية، بل إلى العهد الهندي ­ الايراني، وكون هذه القاعدة على وشك الاهمال في الأفستية والفارسية القديمة، لدليل يثبت قدم الكوردية وأصالتها. 2ـ نبذت الفارسية الحديثة بناء المفعول في الأزمنة الماضية للأفعال المتعدية، الذي كان متداولاً في الفارسية المتوسطة والفرثية المتوسطة وفي الفارسية القديمة، أما اللغة الكوردية فتحتفظ ببناء المفعول في الأزمنة الماضية للأفعال المتعدية، وقد احتفظت بهذا الغرض بصنفين من الضمائر الشخصية. أـ الضمائر الملكية. ب ـ­ الضمائر الفاعلية. 3ـ تركت الفارسية الحديثة استعمال ضمير الوصل، أما اللغة الكوردية فتحتفظ به. ولتوضيح بعض المسائل ننقل هنا خلاصة ما كتبه صاحب جغرافية ملطبرون منذ أكثر من مائة سنة في بيان معنى كلمة ـ ايران ، يران ، حسبما هو شائع في الشرق أو " ايرانة ، آريانة " ، كما هو معروف في الغرب ، وفي تطور اللغات " الايرانية=لآرية " التي استعملت بين الأمم الايرانية ذات المدنيات الكبيرة فقال:-" ان الأقدمين كانوا يفرقون بين الآريين والاسقوثيين " التتار " كما كانوا يميزون بين كلمت " توران وايران "، حيث وجد مكتوباً على مباني صخرية كلمة " آريانة " وهي عين اسم " آريان " الذي كان معروفاً لليونان . إلا أن بعض العلماء من اليونان لم يكونوا يطلقون هذا اللفظ إلا على شرقي ايران الحالية ، خراسان وأفغان ، ولكن هيرودوتس نص على عموم اطلاق لفظ ايران على جميع البلاد الواقعة بين نهر السند ، وبين وداي دجلة والفرات شرقيها وغربيها ، لأن أهل ميدية ايضاً كانوا يسمون آريين بلا شك ". وان أقدم لغات آريانة هذه هي لغتا الزند والبهلوان . أما اللغة الزندية فكانت لسان الكتب الايرانية القديمة المسماة بزنداوستا ، حيث كانت تسود هذه اللغة المناطق الشمالية من هضبة ايران ابتداء من غربي بخارى الى أذربيجان ، ولا تزال هذه اللغة مقدسة عند المجوس في هذه العصور الأخيرة كلغة السنسكريت التي هي مقدسة عند علماء الهنود . ويؤيد هذا بأن بين هاتين اللغتين القديمتين كثيراً من الأصول المشتركة. وأما اللغة البهلوية أي لغة الأبطال والمحاربين ، فالظاهر انها كانت مستعملة في العراق العجمي وميدية الكبرى وعند البرثة أيضاً " مقاطعة فارس " ، وذهب بعضهم الى ان هذه اللغة هي اللغة الوحيدة التي كانت تستعمل في قصور ودواوين الملوك الذين هم من نسل قيروش . نعم إن فيها كثيراً من الكلمات الكلدانية والآشورية بفعل الجوار والسلطان . ثم أن كتب المجوس ترجمت من القديم من الزندية الى البهلوية . وتوجد بهذه اللغات ايضاً كتابات منقوشة من عهد الساسانيين . وهذا دليل على انها كانت مستعملة في الدواوين بعدهم ايضاً ، إلا انهم رفضوا تدريجياً ابتداءً من سنة 211 الى سنة 632م استعمال لغة البهلويين الذين ورثوهم في المجد والحضارة . فذهبوا الى جبل البرثة وادخلوا في جميع البلاد الايرانية الخاضعة لهم حينذاك بأوامر ملكية وقوانين صريحة اللغة الفارسية أي لهجة اقليم فارس " مقاطعة شيراز الحالية " ، وحقاً أن هذا أسهل من البهلوية كما ان هذه اسهل من الزندية. ولما استولى العرب على البلاد الايرانية كلها وقضوا على دولة فارس بها في القرن السابع ميلادي، فقدت هذه اللغة بهجتها ورونقها . وفي سنة 977م في عهد الديالمة لما أرادوا احياء احدى اللغات الايرانية القديمة ذات المدنيات الزاهية ، وقع اختيارهم على أقربها اليهم عهداً وأحدثها نشوءاً وهي لغة فارس السابق ذكرها ، إلا أنهم وجدوها قد تغيرت احوالها واندسرت معالمها باختلاط كثير من الكلمات العربية وغيرها من اللغات المجاورة بها ، ولكن الشعراء وأرباب الخطابة والبيان انتخبوا من هذه اللغة وغيرها من اللغات الايرانية القديمة مثل الزندية والبهلوية ـ الكردية القديمة ، لهجة سهلة الألفاظ كثيرة المعاني عذبة الأصوات فسموها باللغة الفارسية الحديثة وهي الشائعة الآن في بلاد فارس.فيتخلص من هذا كله أن الأمة الكردية من أقدم الأمم الايرانية التي أسست حضارة زاهية في هضبة ايران الكبرى ، فأمتد سلطانها من وادي السند شرقاً الى وادي دجلة والفرات غرباً ، وأن لغتها الكردية سادت باسم اللغة البهلوية او البهلوانان ، أي لغة الأبطال والمحاربين ، في جميع الأمبراطورية الايرانية الأولى التي قضى عليها الاسكندر المكدوني ، حيث عقبتها بعد مدة يسيرة دولة ملوك الطوائف ، الذي يقال لهم في التواريخ الفارسية الاشكانيون ، وهم الذين كانوا يتنازعون السيادة الايرانية العليا حيناً من الدهر ، الى أن تغلب على الجميع ملك اقليم فارس ، فأسس امبراطورية فارس ثانية دعيت فيما بعد بالساسانية . وأصبحت كلمة فارس مترادفة مع كلمة ايران ، تطلق على كل ما هو ايراني قديماً كان أو حديثاً ، مما أدى الى وصف الامبراطورية الايرانية الأولى ايضاً بالفارسية مع أنها كردية بهلوية . لأن الأمة الفارسية مع عراقتها في الحضارة الايرانية والمجد الفارسي أحدث عهداً من شقيقتها الأمة الكردية التي سبقتها في تأسيس الحضارة الايرانية الأولى. هذا وقد كتب أكثر الأدباء والعلماء الأكراد مؤلفاتهم بعد الاسلام في الفنون والعلوم بغير لغتهم، كافارسية والعربية والتركية أخيراً. ومع هذا هناك عدد غير قليل منهم لم ينسوا لغتهم الوطنية ايضاً من ثمار قرائحهم ونتائج افكارهم فخلفوا لنا مخطوطات كردية كبيرة في مختلف الفنون والمعارف. ارسل المقال من قبل : rojava

MAS


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.