ليس الإنسان حيواناً عاقلاً/ هجار عمر

2008-09-02

في هذا السياق، كيف يكون الحيوان تعريفاً؟ ثمة خلل في التعريف، فإذا كان الحيوان كائناً حياً، فإن النبات بدوره هو هكذا، كما أن التعريف بالإنسان من خلال كائن حي يشمله ويتجاوزه، لا يخلو من مفارقة العلاقة المتحوَّلةدون الدخول في إشكالية العلاقة، وخلفيتها، فإن مناسبة الحديث ذات صلة، بتلك التوجهات الفلسفية الطابع( المابعد حداثية)، وكذلك الفنية والأدبية، والتي باتت تمنح الحيوان تدريجياً قيمة لافتة، مشيرة صراحة أو ضمناً، إلي أن الإنسان، وكما هو مستخلص، لم يعد يستحق تعريف أرسطو. أفلام ومسلسلات تلفزيونية مختلفة عن الحيوان النجم( القرد، الذئب، الكلب، الدب، الديناصور، الحصان، الدلفين....الخ)، وذلك من منظور احتجاجي، كون الإنسان فقد صلته بالتعريف الذي يتميز به، وهو العقل، وأن أوجه الدمار، وخصوصاً في مضمار تلوث البيئة، ترتد إلي ذلك العقل البراغماتيكي المرعب، والذي من شأنه أن يودي بنفسه، أي يكون الإنسان نفسه منذوراً للفناء. ثمة جانب من الحقيقة، ولكنه لا يعدو أن يكون اعترافاً بالاسم الجديد، وحرباً عليه تباعاً، حيث أن الذي يقوم بهذه العملية: فناً وكتابة، منطلقاً من ذات العقل في اختلافه! إن رؤية ال... حيوانيته”، وبات الجدير بقيادة الكون، وتمثيل الإنسان بالذات ! إن لامعقول العقل، يرتد إلي العقل، وليس إلي خارجه، والحديث عن الحيوان بإعجاب فني، أدبي، سينمائي، يستحيل إحداث تغيير في جيناته، التقديم له، وإسلاس القياد له، ليكون في وسعه بعدئذ إنقاذ الكون والبشرية مما يتهددهما ! ثمة حدوث فراغ هائل، ربما ناجم عن هذا العقل الأدائي المريع، عن إساءته البالغة إلي هويته، والدور المتحوَّل له، ينجم عنه ما ليس لصالح العقل بالذات، لأن المضيَّ في هذا التسفيه الملحوظ للعقل، انحدار حتي بالقيم المتبقية، نحو هاوية عدمية، وتخلَّ عن طاقة الإرادة المتبقية، وهي متنورة عقلياً، وكذلك، فإن من شأن هذا” الفلتان” أن يواجهنا بضروب من الفوضي( الشواش، كما يحلو لبعضهم تسميته)، توسع الهوة بين الإنسان وسلفه، بينه وبين ما هو عليه، في زمان ومكان مختلفين، لا بل بينه وبين الكائنات الأخري، ولكل كائن منزلته في الطبيعة، ويكون إسقاط أية قيمة خارج نطاقها المحدّد لها، تبريراً لحصول المزيد من البلبلة، والصراعات المميتة! أي يكون الجاري تهرباً من مسؤولية الدمار الحاصل هنا وهناك، تعميماً للخطأ، وعدم حصر الجرم المرتبط بسياسة عقلية معينة: مجتمعاً وثقافة وتمثيلاً، فيكون المتحصّل متجاوزاً للواقع، وقفزاً في فراغ آخر: ميتافيزيقي الطابع، هو عبء علي اسمه، وعلي من يعمل بموجبه! إن من أولويات القول ، التركيز علي الإنسان، وحتي تاريخه، لا بديل له، من منظور القوي العقلية، وتسلم خلافة الأرض، حتي في المدي المستقبلي القريب، علي أن الإنسان وليس الحيوان، هو الممثل الوحيد لملَكة العقل، وأن سلسلة الاختلالات البنيوية، أو الوظيفية، أو الذرائعية، لا تجعل العقل واحداً، لئلا يتساوي الكل في الجرم الواقع، إنما تشدد علي تنوع رؤي العقل والقوانين الناظمة لها، وما يعمل وفقاً له، إلي درجة أن الغريزة ذاتها تكون حاضرة في الداخل، ليتسني للإنسان رؤية محيطة، وبني جنسه، وكذلك بقية الكائنات الأخري، وحتي الجمادات، وما هو خفي، بصورة أكثر مرونة، وتعقلاً لذاته وموقعها، وعلاقاته المتنوعة، بمن سبقوه، ومضوا، ومن سيأتون من بعده، من خلال الذاكرة المفتوحة، وهي شأن عقلي محض! جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3055 - التاريخ 24/7/2008

KNA


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.