سورة الانشراح مرة اخرى

3 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 15 سنة 10 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2007

هذه مقالة لعفراء جلبي بنت الدكتور خالص جلبي انقلها لانها روعة

فإذا فرغت فانصب
عفراء جلبي

لو أن كائنا فضائيا جاء وقال لك عندي مفتاح السعادة والسرور واليسر وتحقيق الذات، ألن تشعر بأنك محظوظ لأنك كنت مخصوصا بهذا السر الكوني.

هذا ما تفعله سورة الشرح في القرآن، وهي سورة كان لها مكانة خاصة عند جلال الدين الرومي. والعالم حاليا يحتفل بذكرى ميلاد الشاعر والفيلسوف الذي ولد في مدينة بلخ (حاليا في أفغانستان) قبل ثمانمائة عام. وهو الشاعر الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة بعد كل هذه القرون.

قال الرومي إن أردت أن تعرف الفرق بين موسى ومحمد فستجدها في سورة الشرح، حيث قال موسى، "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري" بينما قال الله تعالى لمحمد "ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك. ورفعنا لك ذكرك. فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا."

وهنا نجد أن نبيا دعى وعبر القرون، وعبر الكون الساحق، يستجاب لنبي آخر في إشارة جميلة إلى الجو القرآني الذي يخلق تواصلا وانسجاما وتكاملا عبر القرون في الرسالة النبوية. ونجد أيضا روح اليقين في سورة الشرح. فهي سورة بصيغة الماضي. والقرآن يعطينا أدوات الماضي حتى يخلق يقينا لغويا داخل اللاوعي. فالإنسان الذي يدعو "أعطني السعادة" يدعو من منطلق المحتاج الذي لم تصله السعادة، بينما الذي يقول "الحمد لك على السعادة" يرسل رسالة مختلفة لباطن عقله. وصيغة الماضي تتكرر كثيرا في الدعاء في القرآن ليزداد شعور اليقين عند المؤمن، والله يقول إني عند ظن عبدي بي. والرسول ص أوصانا: ادعو الله وأنت موقن.

سورة الشرح رغم أنها خاطبت الجيل الأول من المسلمين إلا أن لها بعدا خاصا بعصرناا. فنحن موعدين بالانشراح أو السعادة كما يقول المفسرون، ورفع المشاكل من ظهورنا وتحقيق أحلامنا، ولكن بشرطين. يقول الله: "فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب." أكثر المفسرين دمجوا هذين الأمرين، على أساس أنها حث على العبادة عند الفراغ. ولكن إن نحن دققنا في العبارتين لوجدنا أنهما ليستا تكرارا لبعضهما. بل إن الأولى تطلب شيئا، والثانية شيئا آخر. الأولى تطلب أن "ننصب" عندما نفرغ. أي أن نجهد أجسادنا عندما نفرغ من أعمالنا. وهي آية عبقرية تخص العصور اللاحقة التي نعيشها نحن الآن، لأنه لم يأت على الجنس البشري وقت صار فيه العمل راحة وجلوس بينما الترفيه هو الرياضة والنصب. هل تلاحظون دقة التعبير الآن؟ الآية تقول "فإذا فرغت." أي عندما تفرغ من أعمالك ومشاغلك ويبقى عندك فراغ فانصب. والنصب كلمة خاصة بالجسد، وهي درجة من الإرهاق الذي يضع الجسد خارج قدرته. أي ادفع جسدك نحو حافة امكاناته. والآية الثانية تقول "وإلى ربك فارغب." وهنا أيضا نجد دقة في التعبير، لأنها آية تشير إلى العبادة، ولكن بكلمة صغيرة أعطانا الله مفتاح العبادة، بل الحياة أيضا. وهي "الرغبة." والرغبة في معظم لغات العالم تعكس أعلى درجات الحب، والتفاعل والحماس والاندفاغ. أي أن نكون في حالة "رغبة" مع الرب. وأن تكون كل حياتنا للرب، وأن نكون كلنا رغبة فيه. قمة الاختصار لمفهوم عميق وعظيم. ونجد صداه في كلمات رابعة العدوية التي قالت: "كلي في كلك راغب."

وهكذا نجد مفتاحين للسعادة. أولهما التحدي الجسدي، والآخر حالة الحب مع الله والكون والحياة. وعندها يقول الله فإن مع العسر يسرا، وتتكرر مرتين. وعن هذا قال الرسول (ص) أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين." ودقة التعبير القرآني أن اليسر جاءت نكرة بينما العسر بلام التعريف. وهذا يجعل العسر واحدا، واليسر مثنى. وجاءت بصيغة الإخبار، أي أنها سنة كونية. القانون الذي يحكم الحياة. أن الله يشرح الصدور، وأنه حتى مع العسر فإن هناك طاقات من اليسر جمعية.

وهو تحدي إلهي لنا جميعا. التحدي الأول صرنا أخيرا نفهمه في عصرنا الذي بدأ بتزايد يجلس وراء الكمبيوتر والسيارة. والثانية فهمها الرومي تماما حيث قال ما كانت السماء لتصفو لو لم تكن في حالة حب، وما كان النهر ليجري ولصمت إن لم يكن في حالة حب، وما كان لشيء أن ينمو لو لم يكن في حالة حب.

afrajalabi@yahoo.com

User offline. Last seen 14 سنة 34 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 01/01/2007

((والثانية فهمها الرومي تماما حيث قال ما كانت السماء لتصفو لو لم تكن في حالة حب، وما كان النهر ليجري ولصمت إن لم يكن في حالة حب، وما كان لشيء أن ينمو لو لم يكن في حالة حب.
))
وأنا أضيف ما لنا أن نعيش بسعادة أن لم نكن في حالة حب
كل الشكر لك أخي العزيز khorsheed76
أقبلني أخا لك في الله :)

User offline. Last seen 15 سنة 10 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2007

اتشرف بك وباخوتك
شكرا لك روج

User offline. Last seen 15 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 29/07/2006

بارك الله فيك أخي في الله خورشيد
جاري التحميل............................................