نوبات من الآلام

في مشفى البيروني

كم كنت خائفاً
نوبات من الآلام كانت تحركُ روحي
كم تضرعت كثيراً إلى الرب
كم توسلته ُ بأن يباركَ لكِ بحياة مديدة
كنتُ أبكي كطفلٍ رضيع يا أمي
لا أستطيع أن أمحي ذلك المشهد من ذاكرتي
عندما خرجت من غرفة الطب النووي
وهرعت خائفة نحوي وأنتِ مذعورة بكل قواكِ
وقلتِ: لماذا لم تخبروني الحقيقة ؟
لماذا أخفيتم عني مرضي الخبيث هذا ؟
آه يا أمي ؛ الحقيقة000
لكن الحقيقة تحمل في طياتها ما يؤلمنا جميعا
بكينا معاً يا أمي لم أتمالك نفسي
وتمنيت حينها بأن تتم أخر اللحظات في حياتي
لن أنسى دموعكِ المنهمرة وأنت خائفة مذعورة
كانت اللحظات قاسية جداً
كنت أفكر بأنني كيف سأمنحها الأمل
وقلبي مكدس بالآلام و خالٍ من الآمال
كان الوقت يلقي تعويذة
إنتهينا من جلستها الكيمياوية
وعند حلول المساء أدخلتها إلى غرفتها
تمددت على سريرها؛ لم تعطني المجال بالتكلم معها
لأنها نامت فوراً ؛بينما كنت جالساً على كرسي جنبها
أتمعن وجهها البريء
كنت أعيش حينها في ثورة من الأفكار
توسلت إلى الله بأن يشفيكِ

إلا أنتِ يا أمي000
فأنتِ معبدي الوحيد في هذا العالم
يعجز اللسان و الكتابة عن مدحكِ يا أمي
إليكِ كل إيماني
سأجعل من صلاتي جسراً متيناً لكِ
إنظري إلى الكون كل القلوب يكنون محبة لكِ
الملائكة تدعو لكِ بالرحمةِ
دفء حنانكِ يجمع بين فكري و روحي
أرض أحلامي تزدهر من رحمتكِ
منحتِ العطر لكل ورودي الملونة
أرجوكِ أمي ؛ إمسحي بيديكِ الطاهرة عناء وجهي

حل َ الصباح ؛ نظرت إليَ بامتعان
- سألتها ما بكِ يا أماه ؟
لما تنظرين إليَ هكذا؟
قالت :لما عيناكَ محمرتان ؛ ألم تنم يا عزيزي؟
-بل نمتُ يا أمي
قالت : لا تخف يا بني هذا ما كتب الله لي
- أمي كوني قوية كما أعرفكِ ؛ أخبرتني طبيبتكِ
بأن هناك أمل كبير لشفاءكِ
- أنا أؤمن بالقدر يابني؛ فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
- ستتجاوزين هذا المرض يا أمي ؛ وستعودين بإذن الله
إلى أبناؤكِ الذين يحبونكِ أكثر من أنفسهم

وتتالت الأيام و الشهور و السنين التي ملأها الله بالرحمة
وقبل شهرين أخبرتني الطبيبة بأن أمي تماثلت إلى الشفاء
أدمعت عينايَ من الفرح
لقد كان تضرعنا إلى الله وقدرته فوق كل شيء
الله هو الشافي؛ عادت الألوان إلى ربيعي الذي كان
قد تحول إلى صحراء من الخيبة
وعادت والدتنا إلى أبناءها بسلام
الحمد لله وألف شكرٍ على سلامتكِ يا أمي0

عبود سعدي

2-10-2008